الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #51  
قديم 04-09-2006, 11:55 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

[size="5"]-157-

الفصل الثاني
الخميني بين التطرف والاعتدال

وفيه الأبحاث التالية :
_ الخميني ومصادره في التلقي .
_ الخميني والقرآن .
_ الخميني والصحابة .
_ الخميني وأعداء الأمة .
_ الخميني والحكومات الإسلامية .
_ الخميني وقضاة المسلمين .
_ الخميني والنواصب .
_ الخميني وعقيدة التولي والتبري .
_ الخميني والإمامة .
_ الخميني والغلو في الأئمة .
الخميني والنيابة عن الإمام المعصوم .
_ تعطيل الجهاد الإسلامي .
_ صلاة الجمعة .
_ المشاهد والقبور عند الخميني .
_ احتفاؤه بعيد النيروز .
_ شذوذاته الفقهية .


-159-

تمهيد
لم يكن هناك حاجة الى العودة الى الحديث عن عقيدة الرافضة والثورة الايرانية بعد صدور رسالتنا السابقة .. لولا أن هناك نغمة تتكرر على أفواه بعض الاسلاميين ، وأخذت هذه النغمة مساحة عريضة بل شكلت موقفا واتجاها معينا ، وأصبح هذا الاتجاه ينطلق من ولاء وقبول حزبي ولا يصدر عن وعي وتصور لعقيدة وطائفة الشيعة ، ويقول أصحاب هذا الاتجاه :

إن الحركة الشيعية المعاصرة ممثلة بقائدها الخميني حركة اسلامية معتدلة قد بعدت من الاتجاه الشيعي المغالي المعهود ، ونأت عن الطائفية والمذهبية فهي ترفع علم الاسلام ، وتعلن الجمهورية الاسلامية ، وتنص في دستورها على تطبيق الكتاب والسنة .. وأن أعضاء هذه الحركة هم ممن تربوا على كتب الحركة الاسلامية السنية الحديثة ، والخميني من رواد الحركة الاسلامية المعاصرة .

وقد استفحل هذا الاتجاه حينما أعلن قائد من قادة الحركة الاسلامية قبل وفاته بقليل فقال:
إن الخميني قائد اسلامي وعلى كل مسلم تأييده .

فلهذا الأمر وغيره رأيت أن أقوم بدراسة موضوعية لما كتبه الخميني لنرى وجه الحقيقة وسط خضم العواطف المتعطشة لصوت الاسلام تمثله دولة .. والتي هبت لتأييد الخميني بدون ترو ووزن للأمور حينما رفع اسم الاسلام في عالم كافر شرس . وقد يقول قائل :

لماذا ركزتم على الخميني ودولته دون غيره .


-160-

أليس هذا تجريح شخصي ؟ .

وأقول في الجواب على هذا السؤال ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
(( ... وقال بعضهم لأحمد بن حنبل أنه يثقل على أن أقول فلان كذا وفلان كذا .. فقال:
اذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة والعبادات المخالفة للكتاب والسنة .. فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع . فقال :

اذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه .. واذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين وهذا أفضل . فتبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله اذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشريعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع هؤلاء لفسد الدين ، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب .. فإن هؤلاء اذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"1" .

(1) مجموعة الرسائل والمسائل ، ج4 ، ص110 .


-161-

المبحث الأول

الخميني ومصادره في التلقي
لا يختلف الخميني عن غيره من الشيعة في رجوعه الى المصادر الشيعية في مقام الاستدلال . وهذه قضية بديهية ولولا أننا وجدنا من يشكك بها لما احتجنا الى الوقوف عندها .

فالخميني في كتبه يرجع الى ( نهج البلاغة ) وهو عندهم من الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، كما يرجع الى كتاب (الكافي) وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة أو أوثق .. فقد ذكروا أن الكليني صاحب الكافي كان معاصرا لوكلاء المهدي الغائب وسفرائه الأربعة .

وقال الحر العاملي صاحب كتاب (الوسائل) : ( إن الأصول والكتب التي كانت منابع اطلاعات الكليني قطعية الاعتبار لأن باب العلم واستعلام حال تلك الكتب بوسيلة سفراء القائم المهدي كان مفتوحا عليه لكونهم معهم في بلد واحد بغداد ) .

وفي الكافي هذا من الكفريات والضلالات الشيء الكثير كالأحاديث الواردة فيه بنقض القرآن وتحريفه وأن الأئمة يوحى إليهم وأنهم يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء ، وأنهم اذا شاؤوا أن يعلموا علموا وأنهم يعلمون متى يموتون ولا يموتون إلا باختيار منهم ، وفيه تكفير الصحابة الثلاثة . وقال المصنفون الشيعة أن عقيدة الكليني في القرآن أنه ناقص ومحرف .

ويرجع الخميني أيضا الى الكتب الشيعية التالية :

-162-

(من لا يحضره الفقيه ، معاني الأخبار ، المجالس ، عيون أخبار الرضا ، علل الشرائع ، تحفة العقول ، وسائل الشيعة ، مستدرك الوسائل ) وغيرها من كتب الشيعة المعتبرة عندهم ولا مجال للحديث عن هذه الكتب ومؤلفيها وما تضمنته من أباطيل وضلالات . وغرضنا أن نقوا أن هذه المصادر يرجع إليها الخميني كسائر الشيعة عموما دون أي اختلاف بينه وبينهم .

وبقي هنا أن نضيف جملة حقائق مهمة تتعلق بمصادر التلقي وتقتضي التحضير بالذكر :
أولا:
يتلقى الخميني معلوماته عن كتاب مستدرك الوسائل ويترحم على مؤلفه ، فيقول مثلا عن بعض الأحاديث التي ينقلها عنه :
( وقد رواه المرحوم النوري في مستدرك الوسائل ) والنوري هذا الذي يتلقى عنه الخميني الأحاديث المقدسة عندهم ويترحم عليه المجوسي المعاصر صاحب كتاب ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ) والذي طبع سنة 1298 . وكتابه هذا يحظى بالقبول لدى الشيعة كلهم وليس الخميني وحده فقد قالوا :

وأصبح في الاعتبار كسائر المجاميع الحديثة المتأخرة ، ومؤلفه ينال التقدير والثناء من الشيعة عموما وليس من الخميني وحده ، ولقد قالوا عنه :
(( أنه من أعظم علماء الشيعة وكبار رجال القرن )) .

ثانيا :
تلقيه عن ( حكايات الرقاع ) ذلك أن الشيعة يعتقدون أن إمامهم الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري لما غاب سنة 260 لم يغب غيبة كاملة بل كان على صلة سرية


-163-

ببعض الشيعة وهم الذين يسمون بالسفراء والأبواب وعددهم أربعة وهم :

عثمان بن سعيد ، وبعده ابنه محمد ، ويليه السنوبختي ، ورابعهم وآخرهم السمري وبموته انتهت صلة الامام السرية والتي امتدت سبعين عاما وتسمى بالغيبة الصغرى ، وخلال هذه الغيبة كان السائلون يتوجهون بأسئلتهم للامام المزعوم بوضعها في ثقب شجرة ليلا ويقوم هؤلاء الأبواب بدور الوسيط لإيصال الجواب النبوي من صاحب الزمان الى صاحب السؤال .. تلك هي حكايات الرقاع وما يسمى بالتوقيعات الصادرة عن الامام المهدي الغائب ، فالخميني في كتاب ( الحكومة الاسلامية ) يستند الى حديث من أحاديث الرقاع . يقول في صفحة 76 ( الرواية الثالثة توقيع صدر عن الامام الثاني عشر القائم المهدي عليه السلام عن اسحق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي . فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام ) أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك ... إلخ .

قال الألوسي عن هذه الرقاع :
( الرقاع المزورة التي لا يشك عاقل أنها افتراء على الله تعالى ولا يصدق بها إلا من أعمى الله بصره وبصيرته والعجب من الرافضة أنهم سموا صاحب الرقاع بالصدوق .. ولا يخفى عليك أن هذا من قبيل تسمية الشيء بضده .. وهو وإن كان يظهر الاسلام غير أنه كافر في نفس الأمر وكان يزعم أنه يكتب مسألة في رقعة فيضعها في ثقب شجرة ليلا فيكتب الجواب عليها صاحب الزمان . وهذه الرقاع عند الرافضة من أقوى دلائلهم وأوثق حججهم فتبا لقوم أثبتوا أحكام دينهم بمثل هذه الترهات واستنبطوا الحلال والحرام في نظائر هذه الخزعبلات .

-164-

ومع ذلك يقولون نحن أتباع أهل البيت ، كلا بل هم أتباع الشياطين وأهل البيت بريئون منهم "2" ) .

ثالثا :
يحيل الخميني في كتابه ( الحكومة الاسلامية ) عند ذكره لأحد الأحاديث الى كتابه ( دعائم الاسلام ) وهذا هو الكتاب الأكبر للإسماعيلية _ الباطنية الغلاة _ ومؤلفه هو القاضي النعمان بن محمد بن منصور بن حبان المتوفى سنة 363 . وقد ذكر الشيعة في الرجال أنه ليس بإمامي _ أي ليس من الإمامة _ .

قال الشيعي الامامي بن شهراشوب المتوفى سنة 588 ( القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي"3" ) فعلى هذا نقول أن هناك صلة وثيقة تربط الخميني وشيعته الذين يسمون أنفسهم بالجعفرية وبالإمامية وبالشيعة مع الإسماعيلية الغلاة .

وقد جاء في ( دائرة المعارف ) عن انفتاح الشيعة الإمامية على الغلاة هذا القول :
( على أن الحدود لم تقفل تماما أمام الغلاة .. يدل على ذلك التقدير الذي دام طويلا للكتاب الأكبر للإسماعيلية وهو كتاب ( دعائم الاسلام )"4" .

وقد اعترف بهذه الصلة الرافضي محمد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية بلبنان فقال :


(2) محمود شكري الألوسي ، مخطوطة باسم ( غياهب الجهالات ) .
(3) معالم العلماء ، ص139 المطبعة الحيدرية في النجف .
(4) دائرة المعارف ، ج14 ، ص72 .

-165-

(إن الاثني عشرية والإسماعيلية وإن اختلفوا من جهات فإنهم يلتقون في هذه الشعائر وخاصة في تدريس علوم آل البيت وللثقة فيها وحمل الناس عليها"5" ) .