عرض مشاركة مفردة
  #20  
قديم 12-10-2001, 11:53 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

ثانيا- ورد في تعقيبك : ( وأخطأ كذلك في فهمه للحرية وللتفرد في الحكم، وما ذكره عن (المرأة) غريب عما كتبته ).

1- بالنسبة للحرية ما ورد في تعقيبي هو :
( مسألة الحرية في الاسلام أفردت لها مساحة واسعة في موضعك، وكذلك العدالة ، ولأن الحرية وكذلك العدالة مصطلحان يختلف مفهومهما باختلاف وجهة النظر في الحياة كان لا بد من بيان وجود فرق واختلاف كبير بين مدلول الحرية التي جاء بها الاسلام وبين الحريات العامة التي جاء بها الغرب ، وكذلك وجود فرق بين العدالة في المفهوم الاسلامي والعدالة في المفهوم الغربي ) .

فما قلته في تعقيبي هو أنه يجب بيان وجود فرق بين مفهوم الحرية في الاسلام وبين مفهومها في الحضارة الغربية ، فلم أقل ان مفهومك للحرية هو نفس المفهوم الغربي ، أنت لم تبين وجود فرق وأنا قمت ببيانه حتى لا يحصل خلط في الأذهان بين المفهومين، وهذا البيان واجب لأن المصطلح الغربي موجود ، والدعاية الواسعة التي تهدف للتأثير في الرأي العام في العالم الاسلامي إنما هو للمفهوم الغربي، فطرح الحرية والقول بأن الاسلام ينادي بالحرية من دون بيان وجود فرق بين المفهوم الغربي والمفهوم الاسلامي يؤدي إلى الخلط، والحيطة واجبة. فما هو الخطأ في أن أقوم ببيان وجود فرق واختلاف بين المفهومين ؟!

ورد في تعقيبي أيضا : ( وكل ما أسميته حرية في الاسلام باستثناء الحرية التي هي مقابل نظام الرق لا يسمى في الاسلام حرية بل هي أحكام شرعية لا تخرج عن الأحكام الشرعية الخمسة والتي هي الواجب والمندوب والمكروه والحرام والمباح . ووصف الحرية بالواعية أو بالمسؤولة أو بالبارة أو بالصحيحة الملتزمة ، وكذلك القول بالحرية ضمن الضوابط الشرعية يتناقض مع وصف الحرية لأن الحرية تنفي وجود قيود، فإذا وجدت قيود على حرية الانسان انتفت حريته ).

فأنت في موضوعك قد تحدثت عن الحرية في الاسلام، وقمت باطلاق وصف الحرية على بعض الأحكام الشرعية ، ووصفت الحرية بالواعية وبالبارة .. إلخ وقمت أنا بنقد ذلك كله فإما أن يكون انتقادي خطأ أو يكون صوابا، فإذا كان خطأ فالأولى أن تقوم ببيان وجه الخطأ حتى يتضح الصواب لا أن تكتفي بالقول بأن فهمي للحرية خطأ.

وأيضا ورد في تعقيبي ما نصه : ( وأما قولك ( وقمة الحرية - في التصوّر الإسلامي - قمة العبودية لله، ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى، كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ). فيناقض بعضه بعضا ، لأن العلاقة بين الحرية والعبودية لله تعالى بحسب تشبيهك ( ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى ) يحتم أن تقول : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما ارتقيت بدرجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما هبطت في درجات حريتك )، وهذا هو الصحيح ، إذا ارتفعت واحدة هبطت الأخرى ، لأنك إذا تمسكت بعبوديتك لله تعالى ازددت تمسكا بأوامره ونواهيه، بمعنى أن القيود على تصرفاتك تزداد كلما ازددت طاعة لله تعالى وازياد القيود نقصان في درجة الحرية والعكس صحيح. فقولك : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ) خطأ فوق أنه يتناقض مع التشبيه بكفتي الميزان ).

السؤال هنا هو : أين الخطأ في كل ما ورد في هذه الفقرة ؟


2- أما بالنسبة للتفرد في الحكم ، فما وردت في موضوعك هذا نصه : ( وما من شك بأن التفرد والاستبداد كارثة على الشعوب، والاستبداد يضيق بالنقد والنصح والحسبة، والتفرّد يغتال المواهب، ويقضي على الإبداع، ويزرع الرعب حتى يصبح المواطن خائفاً من أقرب المقربين إليه، لا يأمن من نفسه على نفسه، ولهذا صار الحكم الفردي عاراً على أصحابه، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري، وأي حياة هذه بدون حرية واعية، وشورى ناضجة، وسلطان يحفظ للإنسان كرامته؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُودّع منها) ).

فأنت هنا قد ربطت بين الحكم الفردي والاستبداد ، ثم قلت أن الحكم الفردي أصبح عارا على أصحابه ، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري. وهذا خطأ ، فقمت بتصويب مفهومك عن الحكم الفردي وعن الاستبداد، من حيث أن الحكم الفردي الذي تهاجمه موجود في الاسلام ، ومن حيث أن الربط بين الحكم الفردي والاستبداد خطأ، فقد ورد في تعقيبي ما نصه :

( شكل الحكم في الاسلام ليس استبداديا ولا ديموقراطيا، إذ هو شكل فريد لا يشبه أي نظام ولا يشبهه أي نظام. والقيادة في الاسلام فردية وليست جماعية ، قال صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلا أمروا احدهم ) فالرئاسة أو الامارة أو القيادة في الاسلام فردية وليست جماعية. وكون القيادة فردية لا يعني أن الحكم في الاسلام ديكتاتوري، فالفردية لا تساوي الديكتاتورية، والذي يرفض الديموقراطية لا يعني بالضرورة أنه ينادي بالديكتاتورية، فالاسلام يتناقض مع الديموقراطية كما يتناقض مع الديكتاتورية، فهو نظام فريد ) .

فالأولى بك ان لا تكتفي بالقول ان فهمي للحكم الفردي خطأ ، بل الصواب هو ان تبين وجه الخطأ في كل ما ورد في ردي على موضوعك بخصوص ما قلته أنت عن الحكم الفردي. فبإمكان اي واحد ان يصف افكار غيره بأنها خطأ من دون أن يبين وجه الخطأ فيها ، لكن هذا لا يكفي لنقض الفكر، وليس هو أيضا الطريقة الصحيحة في تمحيص الأفكار لأجل اخذ الصواب وترك الخطأ، والارتقاء لا يمكن أن يحصل إلا بدوام البحث والتنقيب عن الحقائق .


3- أما قولك ( وما ذكره عن (المرأة) غريب عما كتبته ).
ما ورد في تعقيبي هو نقض لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة من حيث أنها فكرة غربية ، وخيالية غير قابلة للتطبيق، ومن حيث أن التشريع الاسلامي لم يأخذ مسألة المساواة او عدم المساواة في الاعتبار في تشريع الأحكام . وهذا داخل في صلب ما كتبته أنت ، فأنت قد قلت ما نصه : ( وكرّم المرأة وساواها بالرجل في القيمة الإنسانية والتكليف الشرعي والشخصية القانونية المستقلة ).
فهل ما ورد في تعقيبي غريب عما كتبته أنت ، ألا يفهم من منطوق ما كتبته أنت أن الاسلام ساوى بين الرجل والمرأة ؟!
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله