عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 28-01-2005, 04:53 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

من الصعوبة بمكان أن يقبل المعجبون في بن لادن بأنه عند الحديث عن الأنبياء والصحابة فإنه يتصاغر أمامهم الآلاف من جنس بن لادن مهما قدموا من تضحيات وسجلوا من مواقف، فلا شيء من عالمنا اليوم يضاهي مكانة الصحابة وجهادهم وفي تراثنا شواهد تلقم حجرا في فم كل مندفع، فابن لادن لو كان أفضل أهل الأرض اليوم وأصبح هاديا مهديا وأنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد ولا نصيف أسامة بن زيد حبّ رسول الله وابن حبّ رسول الله عندما عاتبه النبي على قتل من قال لا إله إلا الله حتى تمنى أسامة أنه أسلم من يومه، وابن لادن لن يبلغ مد ولا نصيف خالد بن الوليد الذي تبرأ من فعله رسول الله بعد قتله للأسرى وهو الذي أسماه سيف الله المسلول، ولما سئل عبد الله بن المبارك أيهما أفضل عمر بن عبد العزيز أم معاوية قال : لغبار أنف معاوية في غزوة مع رسول الله خير من عمر بن عبد العزيز على عدله وزهده وجهاده، ولم يمنع هذا من وصف فئة معاوية بالفئة الباغية، وقبل ذلك اعتراض عمر بن الخطاب على صلاة رسول الله على زعيم المنافقين عبد الله بن أبي لينزل القران مؤيدا لعمر (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) فمن يكون بن لادن أو فلان أو فلان اليوم حتى لا يخضع لمثل هذه القواعد العظيمة العادلة التي استسلم لها أفضل البشر وسيدهم في الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

بعيدا عن الطوفان العاطفي ، هذا هو الوضع الطبيعي لمثل بن لادن اليوم بشر خطاء، هذا لو بقى مجاهدا فاضلا سلم منه مجتمعنا وكان مقاتلا مغمورا في الثغور، حربا على أعداء الله سلما لأوليائه، فكيف وقد نال مجتمعنا منه ما لا علاقة له بأعدائه الذي يقاتلهم ويقاتلونه، وحتى أخاطب المغالين فيه بالمنطق وبالموعظة الحسنة أقول لهم تنزلا: لنفترض جدلا أن بن لادن هذا صحابيا لم يتخلف عن كل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم!و لنفترض أيضا أنه في منزلة مرارة بن الربيع و كعب بن مالك وهلال بن أمية الثلاثة البدريين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك (هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة) أوفي منزلة الصحابيين حسان بن ثابت ومسطح (جلدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك ) ولنعرض ما دعا إليه بن لادن (وحاله حال الصحابي فرضا) على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لنحكم عليه، طبعا لا خلاف حول جهاد الرجل ومجاهدته للعدو المحتل في أفغانستان، وله الحق أن يدافع عن نفسه ضد العدوان الأمريكي عليه، ولكن ما مصلحته مصلحة تنظيمه عندما يزج مجتمعا آمنا كالمجتمع السعودي في مستنقع الفتنة وسفك الدماء؟ ألم يحرض علنا على استهداف المنشآت النفطية السعودية بصوته مباشرة؟ ألم يصدر بيان منسوب لتنظيمه تناقلته وسائل الإعلام يؤكد استهداف حياة وزير الداخلية ومساعده ورجال الطوارئ؟ ألم تكن دعواته للتفجير والقتل صريحة معلنة تجمع بين التربص بقتل المسلم وإتلاف المصالح وإهلاك الحرث والنسل والإفساد في الأرض؟ أين المستند الشرعي الذي اعتمد عليه لتوريط مجتمع مسلم مسالم لا يجهله؟ وتحريض مباشر كهذا: لماذا لم ينتفض المجتمع قاطبة للإنكار عليه؟ لماذا لم تلاق هذه الدعوات رغم حدتها وخطورتها المباشرة ،الاستنكار الكافي والواضح كوضوحها؟ هل يخفى على الجميع أن تعطيل المنشئات البترولية لا سمح الله يعني ألا يجد المواطن في محطات الوقود ما يملأ به خزان وقود سيارته التي تنقله وتنقل أهله وأولاده لحاجاتهم؟ وأنه لن يجد (كهرباء) ولا ماء في بيته الذي يسكن فيه، ولا يمكن تشغيل مستشفيات المرضى وحاضنات الأطفال وأجهزة المساعدة الطبية لذوي الحالات الحرجة التي تحتاج إلى طاقة تعتمد على النفط الذي يهدد بن لادن منشآته بالتفجير؟ أليس من المضحك أن يقدم رجل على سرق سيارة مواطن بعد أن سمع تحريض بن لادن والهجوم على مصفاة الرياض ليجد نفسه في المستشفى على وشك الموت دون أن يلحق بها ضررا؟ فبالله عليكم ما الذي تمثله مصفاة الرياض في حسابات القاعدة والجهاد؟ وما علاقتها بما يدور في تورا بورا أو كابتل هيل؟ ثم ألا ندرك خطورة التوجه للاستخفاف بأرواح المسلمين بترويج الاغتيالات الشريرة بينهم؟ ألا ندرك حرمة الدماء المسلمة المعصومة؟ ألا نتعظ بمن حولنا كيف أدى التساهل بمثل هذه الدعوات الجنونية إلى حصد أكثر من مائتي ألف جزائري مسلم قتلوا بأيدي مسلمين أيضا، وجعل من أفغانستان بلد التصفيات الجسدية بعد انتهاء الجهاد فيها، وأين نحن من موقف النبي صلى الله عليه وسلم الحازم يوم أن رجلا كعبد الله بن أبي في نفاقه يتعطش الصحابة لقتله فيجد عند نبي الرحمة أمنا وملاذا، فكيف بالتحريض على اغتيال المسلمين؟

إن العقلاء الذين يستنكرون الهجوم على المجاهدين في الثغور لا يسعهم ألا أن يستنكروا أيضا الدعوات الأخيرة لزعيم القاعدة لارتكاب الجرائم في حق مجتمعه بعد أن أفصح بلسانه عن استهداف أمن المملكة العربية السعودية مباشرة والتحريض على إتلاف مقدرات الأمة وحرق آبار النفط والعدوان على الممتلكات العامة، و بغض النظر عن ماضيه الجهادي الذي لا ينكر فإن المسلم العاقل يتعبد الله تعالى بالبراءة من تحريضه هذا ويعتبره مرفوضا عقلا ونقلا و لا علاقة له بالجهاد المعلومة أحكامه وشروطه، وكذا الحال في تبنيه خيار الاغتيالات واستهداف كبار المسئولين في الدولة ورجال الأمن وأن هذا عدوان تجب مقاومته وجرم محرم لا ينبغي السكوت عنه.

وأخيرا أذكر نفسي وإخواني بأن الموضوعية والصدق والعدل وتأييد الحق ورفض الخطأ من الكل على حد سواء وتبيان الحقيقة حري بأن يزرع الثقة بين الجميع ويزيل الكثير مما علق بالساحة من اتهامات قد لا يكون لها أساس لولا وجود مثل هذا التوقف عن قول حق واضح في موقف واضح وتسمية الأمور بأسمائها صريحة كما وردت صريحة، ونحن جميعا خطاؤون والعصمة لمن عصمهم الله، عسى الله أن يغفر لنا، ومن رام الاحتساب العلني على المسئولين كبارا وصغارا فلا ينتظر قبولهم لما يطرح علنا إذا ما اطردت مواقفه بالعدل مع احتساب مماثل على الجميع يعكس ميزان العدل لا الهوى، وقد أمرنا بالاتباع لا الابتداع ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير.

محسن العواجي

الوسطية الحلقة الفكرية 3/12/1425هـ
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }