عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 26-04-2005, 06:41 AM
حيدرة حيدرة غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
المشاركات: 11
إفتراضي

أخي الكريم:
إذا أردت أن تثبت نصاً أو حديثاً من النصوص القديمة، فلا يكفي أن تجده في كتاب قديم، لأن الكتب القديمة فيها الغث وفيها السمين، وتحتاج إلى مناقشة إسنادها، ومتنها للتأكد من صحتها، وإن كتاب نهج البلاغة المنسوب للإمام علي عليه السلام أول رواية له في القرن الرابع الهجري على لسان الشريفين الرضي والمرتضى رحمهما الله، أي تفقد هذه النصوص أربعمائة سنة من الإسناد، وابن أبي الحديد رحمه الله الذي شرح نهج البلاغة فيه أقوال كثيرة عند علماء الجرخ والتعديل، وأما الخطب الموجودة في النهج فكثير منها صحت نسبته للإمام علي عليه السلام، وكثير منها أيضاً فقد الإسناد الصحيح إلى جانب أنها تعبر عن قرون متأخرة في التكلف البلاغي الذي ابتعد عنه أهل القرون الأوَل، وهذا ليس من الإعجاز بقدر ما هو من الفذلكات البلاغية التي نأى عنها النبي الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، بل من المعلوم أنه عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام كان يكره التقعر في الكلام، ويكره السجع والتكلف، ثم إن كلمة المعجزة لا تقال إلا لنبي، وأما من دون الأنبياء فيقال لهم كرامات، وأما بلاغة الإمام العظيم، علي بن أبي طالب عليه السلام، فلا يماري فيها إلا مكابر معاند ناصبي حاقد، فعلي من أئمة الدين، وعظماء المسلمين، وبلغاء العرب الفصحاء، وقد لا يسبقه أو يدانيه أحد من أقرانه ومعاصريه، وهذا لا يكفي لإثبات النص أو رفضه، إنما النصوص تؤخذ بالرواية الصريحة والأسانيد الصحيحة، ومثل علي عليه السلام أكبر من أن يحتاج إلى مثل هذه النصوص المتكلفة لإثبات عظمته وبلاغته وفصاحته، بل هو فوقها وهي دونه، وهو أعلى وأرقى وأرفع من أن نتكلف أو ندافع عنه بمثل هذه النصوص مهما علا شأوها في بلاغتها وصنعتها، فسيدنا وحبيبنا وإمامنا عليه السلام أعز وأشرف، ولذلك أرجو أن لا تأخذنا الحمية فنندفع لأننا عجبنا من نص دون نقط، أو خطبة تخلو من حرف أو حروف، فمثلاً واصل بن عطاء المعتزلي رحمه الله كان يخطب خطباً كثيرة يبتعد فيه عن حرف الراء إلا في آيات القرآن الكريم، لأنه كان ألثغ فيه، فلا يلفظه أو يخرجه كما تخرجه العرب، وهو من علماء العصر العباسي، أي بعد الإمام علي بنحو قرنين من الزمان.
وأخيراً أقول: رضي الله عنك يا سيدي، يا إمام المتقين، وقائد المسلمين، وعرين الدين، يا أبا الحسنين رضي الله عنك وأرضاك أنت وذريتك الطاهرة.
وأنت أخي الكريم، لك تحياتي وسلامي، وأرجو ألا أكون أثقلت عليك، أو أخطأت معك، فكلنا يطلب رضا الله ومرضاته. ولك مني خالص تحياتي مرة أخرى.
أخوك
__________________
حيدر ة