عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 06-09-2006, 03:07 PM
خذوني للمعارك خذوني للمعارك غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 18
إفتراضي

رصاصات أغلى من الرواتب !!!

بقلم : صادق المحمدي


المسيرة التي خرج فيها المئات من منتسبي أجهزة الأمن الفلسطينية صباح الثلاثاء 6-9-2006 بالتأكيد لم تأت عبثاً بل كانت بترتيبات سبقها إعلان رسمي عنها وبيان وزع باسم منتسبي أجهزة الذين لا نرى بياناتهم بضرورة حماية الوطن وقت الاجتياحات الإسرائيلية للأرض الفلسطينية، ونراهم فقط حينما يتعلق الأمر بالمناكفات السياسية.



من حق كل فلسطيني أن يتخذ ما يراه من احتجاجات سلمية للتعبير عن رأيه والإضراب عن العمل وتنظيم الاعتصامات والمسيرات، وكذلك من حقه توفير راتبه نهاية كل شهر، ولكن بالمقابل كما لكل مواطن حقوق فعليه واجبات حيث ليس من حق منتسبي أجهزة الأمن -أو غيرهم- إغلاق الشوارع خلال تنظيم مسيرتهم وهو ما حدث عند مفترق الجلاء لحوالي ساعة، وليس من حقهم الطعن في الآخرين على مرأى ومسمع من الناس، وليس من حقهم الطعن في الرئيس والحكومة عندما يهتفون أمام عدسات التلفزة ( يا للعار يا للعار جعنا بعدك يا أبو عمار ).



المسيرة التي حاول في البداية أحد منظميها عبثا أن يجعلها (حضارية كما قال) عاد هو شخصيا وبدأ كيل الاتهامات جزافاً لكل شخص ينتمي إلى الحكومة أو حركة حماس، الأمر الذي يجعلني أذكر الجميع أن الرايات التي رفعت في المسيرة هي رايات حركة فتح والهتافات هي لفتح والأغاني التي أطلقت فيها هي أغاني حركة فتح والعصابات التي وضعت على رؤوس البعض هي عصابات فتح ما يضع على فتح مسئولية كبيرة إما التبرؤ من هؤلاء وأفعالهم أو الاعتراف رسمياً أن فتح وراء الإضرابات وعرقلة عمل الحكومة وتمارس حصاراً داخلياً عليها .



المسيرة هاجمت خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وإسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الخارجية د. محمود الزهار، محمد نزال عضو المكتب السياسي لحماس بألفاظ بذيئة وطالبوا هنية بالرحيل (ارحل ارحل يا هنية كيلو الزعتر صار بمية ).


وهدد حفاظ الأمن الفلسطيني هنية والزهار بالعودة إلى عام 96، ( يا زهار قل لهنية راح يرجع عهد القنية)، ولمن لا يعرف أن عام 96 شهد أكبر عملية إرهاب من قبل حكومات فتح السابقة ضد رجال المقاومة خاصة من حركة حماس الذي ذاقوا ألوان العذاب وعندما امتلكوا القوة لم ينتقموا من جلاديهم ولو أنني كنت من أعضاء حماس لقدمت استقالتي من حماس وانتقمت ممن عذبني وسلم المعلومات عني للصهاينة المحتلين.


القنينة التي يتحدث عنها أبطال أجهزة الأمن كانوا يجبرون قادة وأعضاء حماس على الجلوس عليها بعد جولات من التعذيب الشديد ولا أعتقد أن ساذجاً في هذا الوطن يرد على خاطره أن عام 96 سيعود سواء بصورة كبيرة أو صغيرة فقد ولى إلى غير رجعة، ونحن في عام 2006 ، وإذا حدثت فوضى عامة- لا سمح الله- في هذا البلد فأعتقد أن الخاسرين سيكونون كثر كثر.



الغريب أن قائد المسيرة اعترف بفساد مسئولي فتح الذين قادوا الحكومات السابقة وقال " إذا كنا قد عانينا في السابق من قيادات فتح في الفساد المالي فنحن نعيش حاليا قمة الفساد السياسي".



فهذا المسئول الأمني موافق على استمرار الفساد المالي وما يتبعه من انهيار في منظومة الأخلاق والوطن ويسمي التمسك بالثوابت وعدم الاعتراف بالاحتلال الصهيوني وعدم نبذ المقاومة هو الفساد السياسي وإذا كان الأمر كذلك فماذا نقول في أصحاب وثيقة جنيف ومن وقعوا كل الاتفاقيات المذلة لشعبنا المنتقصة من حقوقه الشرعية الثابتة ؟!!.


المسيرة التي أمر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم تسييرها انتظمت وسارت وإن كانت أعدادها بالمئات ولكن من سيحاسب هذه الفئة التي لم تنصاع لا لقرار الرئيس ولا لقرار وزير الداخلية ومن الذي يقف وراء خروجها وما هي أهدافها ؟! سؤال يجب أن يواجه به نفسه وزير الداخلية والرئيس الذي يجمد ويلغي كل قرار يتخذه وزير الداخلية ويضعوا الإجابات والحلول ويتحملا مسئولياتهما ويحاسبا كل من تمرد على قرارهما.


ما أثارني حقا هو حجم الطلقات النارية التي أطلقها أبطال قوات الأمن، ونحن هنا نتحدث عن المشاركين في المسيرة فقط، آلاف الطلقات النارية أطلقت ابتداء في الهواء ولست أدرى من أجل ماذا ؟ وما هدفها ؟ ولمن لا يعرف الرصاصة الواحدة في غزة ثمنها لا يقل عن 15 شيكل وإذا قلت أن ألف طلقة فقط أطلقت في المسيرة معنى ذلك أن هناك 15 ألف شيكل تسد رمق الكثيرين ممن خرجوا يطالبون برواتب !!!.


وتواصلت المسيرة ولدى وصولها إلى مقر المجلس التشريعي ويبدو أن البعض يعتبره وكرا للشيطان اقتحم أبطال الأمن الفلسطيني مقر التشريعي فهذا يرشق حجارة وآخر يكسر بابا وثالث يطلق النار على المجلس مما أرهب موظفيه.



الجهة التي يفترض أن توفر الأمن للوطن والمواطن، تقوم بالاعتداء على المؤسسة التشريعية الفلسطينية وتعيث فيها خراباً وفساداً والحمد لله أن المهاجمين ليسوا من القوة التنفيذية لكنا شاهدنا زعماء الفضائيات والصحافة قد أمطرونا بعشرات البيانات والتصريحات ضد القوة التنفيذية وعدم شرعيتها وكيف تطلق النار وهذا مجلس تشريعي ويمارسون الإرهاب على أبناء شعبنا وما إلى ذلك من العبارات المنمقة أما الآن فلا أحد يتحدث وكأن على رؤوسهم الطير السياسيين والمثقفين وأيضا الصحفيين الذين تعرض عدد منهم للتهديد والوعيد ومنع التصوير خلال هجوم عناصر الأمن على التشريعي.


على أية حال أمثال هؤلاء سيجدون من يدفع لهم ثمن الرصاصات طالما أن المستهدف منها هو المجلس التشريعي المحسوب على حماس الآن.



أمثال عناصر الأمن هؤلاء لا يليق أن تكون تابعيتهم لحكومة فلسطينية نظيفة اليد، بل يجب أن تبقى تابعيتهم بيد مجموعة من الفاسدين المفسدين المختلسين من مصاصي دماء شعبنا.



هؤلاء الإبطال لم يقتصر تهجمهم على حماس وحكومتها ولكن الأخطر أنهم شتموا وهاجموا من انتخبهم وهو الشعب الفلسطيني، فكل الشعب هو مخطئ ومأجور لأنه انتخب حماس، وفي هذا نوع من الإسقاط النفسي فهم لا يريدون أحدا من نظيفي اليد في القيادة لأنهم لا يستطيعون العيش بدون فساد رغم أن هذه الحكومة هي الوحيدة التي تمكنت من دفع نحو 65% من رواتب الموظفين على دفعات دون أن يكون على شكل ديون تتحملها الخزينة الفلسطينية مستقبلاً، حيث أن الحكومة التي سبقتها كانت قد صرفت رواتب الأشهر الأخيرة من عمرها من خلال القروض التي سيتحملها كل الشعب الفلسطيني وعليه سدادها لأصحابها سواء كان موظفا في الحكومة أم لا.

من الواضح أن المسيرة لا علاقة لها بالرواتب أو معاناة الشعب بل القصة هي الضغط على الحكومة والنيل منها ومهاجمة حركة حماس وتؤكد تسييس الإضراب الذي تقف وراءه حركة فتح بالباع والدراع كما يقولون، واستغلال حاجة الموظفين وتنم عن حزبية مقيتة وفئوية فاضحة.



أخيرا إذا كانت أجهزة الأمن تؤكد في كل مرة أن مرجعيتها هو الرئيس ولا تأخذ بقرارات وزير الداخلية، إذن لتطلب رواتبها من الرئيس ولا تزج بالحكومة أو غيرها في الأمر، ولأننا كفلسطينيين لنا هكذا أجهزة أمن نحن فاقدون للأمن !!.