عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 13-01-2006, 07:59 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

نحو حج بلا كوارث

أسماء محمد باهرمز ( كاتبة سعودية )

لم تكن مأساة الجمرات جديدة أو مفاجأة وبمعنى أكثر شمولية نستطيع القول إن مآسي الحج أصبحت متكررة مع اختلاف في ظاهر الأسباب، فتارة النفق ومرة حريق ومرة ثالثة الجسر ورابعة تدافع الأفراد ويعلم الله ما ينتظرنا. وفي كل مرة يدلي كل بدلوه بما لديه من أفكار وآراء. كما تقوم الجهات المسؤولة بتكثيف جهودها وإمكانياتها لتفادي تكرار المأساة مستقبلا. والمتأمل لهذه الاجتهادات والجهود المخلصة والصادقة يجد أنها تتصف جميعها، على تنوع مصادرها واختلاف مستوياتها، بالتالي:

1- بعض برامج الحج تمثل ردود فعل.

2- التركيز على علاج السبب الظاهر للمشكلة دون العمل على فهم الأسباب الحقيقية للمشكلة والعمل على استئصالها من جذورها.

3- معالجة كل مشكلة على حدة دون النظر لأثرها على شعيرة الحج بأكملها أي إننا نقوم بعلاج جزئي بدلا من التعامل مع المشكلة على أنها جزء من نظام متكامل، وأن أي تعديل ولو بسيط سوف يؤثر على النظام بأكمله بصورة مباشرة أو غير مباشرة ومن ثم لابد من دراسة الآثار المترتبة عن أي حل لعلاج مشكلة جزئية على النظام ككل.

4- العمل كأفراد حتى حينما نشكل لجاناً أو هيئات. فالمشاركة بالرأي والإصغاء لوجهات نظر متباينة إن حدثت فهي بين أفراد من مستوى تعليمي واحد ومن بيئة واحدة غالبا ما تمثل الطبقة العليا في الإدارة، فنادرا ما نأتي بموظف الخط الأمامي الذي تقع عليه مسؤولية التنفيذ لنصغي له ونعرف وجهة نظره في المشكلة وأسبابها وكيفية علاجها وكذلك الأمر بالنسبة للعميل وأعني به هنا الحاج، فهو مهمش تماماً رغم أن كل الجهود هي لخدمته.
وهذا يقودنا إلى الملاحظة التالية:

5- التعامل مع مشاكل الحج يتم وكأنها مسؤوليتنا وحدنا بينما هي في الواقع مسؤولية كل الدول المسلمة وغير المسلمة التي تؤوي نسبة كبيرة من المسلمين. ومن ثم كان لزاما علينا إشراكهم وإطلاعهم على حجم المعاناة التي نعيشها والجهد الذي نبذله لجعل الحج مريحا للمسلمين، ومن ثم إشراكهم في وضع البرامج التي تحقق حجا آمناً لمواطنيهم، فيكون تعاونهم وتجاوبهم أكبر وأنفع.

لعل هذه بعض الأسباب التي تهدر الجهود وتفشل الخطط ومن ثم تحدث الكوارث.
و لنستعرض ما ذكرته الصحف عن وجود خطة لبناء مزيد من الجسور واستخدام السلالم الكهربائية لرمي الجمرات بما يتسع لتسع ملايين رام!!
أترون الفجوة في مثل هذه الخطة :

هل لدينا خطط مماثلة لاستيعاب 9 ملايين حاج في موسم الحج من إسكان وإطعام وغيرها؟ هل هناك توسعة مناظرة في الحرمين الشريفين لمثل هذا العدد؟ وهل من المجدي اقتصاديا الإنفاق على مثل هذه التوسعة؟ وهل بذلك نكون حققنا الهدف وضمنا التقليل من الكوارث إن لم يكن القضاء عليها؟ ألا تعتقدون أن الازدحام لا يعني بحال من الأحوال ضيق المكان؟

إن الحلول القائمة على المعدات غير المرنة (البناء والتعمير) وهي ما أسميه Hardware هذه الحلول غالبا ما تضاعف مشاكلنا وتضعنا أمام نهايات مسدودة ما لم تقرن بخطط مماثلة لتطوير المستخدمين لها من البشر. ألا ترون معي أن من أسباب الازدحام الجهل ومن أسباب الحريق الجهل ومن أسباب الدهس الجهل أيضاً. أليس من أسباب عدم احترامنا للأنظمة والقوانين الجهل أيضا. أو أليس الجهل كفيلاً أيضا بتوقيف السلالم الكهربائية أو تعرض الحاج لتعلق ملابسه بالسلم ومن ثم يحدث تدافع من نوع آخر؟؟

ومن ثم هل نظرنا في البدائل متمثلة في تطوير الأنظمة اللينة Software.
ما هي الحلول البديلة التي يمكن تنفيذها بنفس المبالغ أو أقل ومع هذا تحقق الهدف المنشود؟؟

ماذا لو استثمرنا الجهد والمال في توعية البشر ؟ ما ذا لو ألحقنا بكل سفارة لنا معهداً يدرب ويوعي الراغبين في الحج بشروطه وآدابه ومخاطره مستعينا بصور الحوادث التي لاشك أنه أصبح لدينا منها مكتبة كاملة. بل يجب ألا نكتفي بتدريب الراغب في الحج فقط بل يجب أن نوصل الرسالة إلى مؤسساتهم التعليمية. ( إنها مهمة ليست سهلة ولكنها مثمرة على المدى الطويل).

هل أعاد العلماء المتخصصون النظر في تعريف معنى الاستطاعة ألا يجب أن ننظر أن الاستطاعة ذات شقين استطاعة الفرد واستطاعة المكان على الاستيعاب؟ ومن ثم نقنن في حدود استطاعة المكان؟ لماذا يأتي الأطفال إلى الحج ؟؟ لماذا يحج البعض عشرات المرات معظمهم متخذا منها نزهة مرفهة؟؟ ماذا لو ضربنا بيد من حديد على المتلاعبين في تأشيرات وتصاريح الحج؟؟ وعاقبنا بقسوة لا ترحم من يتطاول من الحجاج على أو يتحدى منفذي الأنظمة والتعليمات من موظفي الصف الأمامي.

وعند الجمرات، ما هي موجبات التوكيل لماذا لا تفرض فرضا حرصا على سلامة الأفراد؟ لماذا يذهب الأطفال وكبار السن؟ هل بالإمكان قصرها على من هم بين الثامنة عشرة والأربعين والبقية توكل هؤلاء؟؟ لاشك أن هناك كثيراً من البدائل التي قد يجد فيها العلماء مخرجا بحيث يتقلص عدد من يتوجهون للرمي في كل مرة.

وأخيرا هل استخدمنا أساليب القياس الكمية لمعرفة من يجب عليهم الحج سنويا على مستوى العالم ثم من منهم يستطيع ذلك؟ إن الوصول لمثل هذه المعلومات التي هي حجر الأساس لأي تخطيط جيد ليس مستحيلاً وإن كان الحصول عليها ليس سهلاً، سائلة الله أن يعين جميع المسلمين على تحقيق حج بلا حوادث.

جريدة الوطن السعودية
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }