عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-09-2003, 03:41 PM
تمساح بري تمساح بري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: شبه جزيرة التماسيح
المشاركات: 202
إفتراضي

أولاً: الأقليةالشيعية في السعودية

* ما هو حجم هذه الأقلية و نسبتها ؟

لا توجد احصائيات رسمية معلنة حول نسبة الشيعة في السعودية ليس لدى الحكومة السعودية فحسب بل حتى لدى الأمريكان ربما يعود ذلك لحداثة فتح هذا الملف لدى الأمريكان, لكن تقديرات السياسيين و بعض الأكاديميين (الغربيين) تراوحت بين 2% الى 25% و الأخيرة جائت على لسان أحد المعارضين السعوديين الشيعة (حمزة الحسن). هنالك تقديرات أخرى أكثر حياداً( و أكثر دقة ربما) تقدر نسبتهم من 5% كما ورد عن منظمة العفو الدولية الى 8% كما ذكرت المخابرات البريطانية.

ينقسم الشيعة في السعودية الى قسمين رأيسيين قسم يتبع المذهب الاسماعيلي الباطني و يتمركزون في مدينة نجران و قسم يتبع المذهب الاثنا عشري و يتمركزون في محافظة القطيف مع تواجد كبير في محافظة الاحساء و صغير في المدينة المنورة. سأركز مقالتي هذه على الشيعة الاثنا عشرية نظراً لأنهم هم من يمتلكون علاقة مع أمريكا.


* ما هو وضعها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ؟

يكثر الناشطون السياسيون وسط الشيعة على عكس السنة الذين يسيطر عليهم الخمول السياسي الشديد, و غالبية الناشطين السياسيين الشيعة هم من الموالين لايران مع وجود القليل من المستقلين. النشاط السياسي الشيعي تغير من العسكري في الثمانينات حيث دعمت ايران التنظيمات الشيعية السعودية المسلحة الى السلمي في التسعينات و بداية القرن الحالي. رغم كثرة الناشطين السياسيين الشيعة الا أنه لا يوجد لهم تمثيل يذكر في المناصب الحكومية من أعلاها الى أدناها و هو ربما ما جعلهم يزيدون من معارضتهم و كرهم للحكومة و مؤسساتها.

وضع الشيعة الاقتصادي متذبذب بين الفقر و الغنى لكنه ربما يكون أفضل من السنة بسبب انخفاض نسبة البطالة بين الشيعة و تقبلهم لجميع الأعمال أياً كانت على عكس غالبية السنة الذين يرفضون نوعيات كثيرة من الأعمال مما رفع البطالة الاختيارية بينهم (أي السنة) الى حد مخيف و بالتالي رفع مستوى الفقر لمستوى غير مسبوق حتى قبل عصر النفط. وجود الشركات البترولية بالقرب من مناطق سكن الشيعة ساهم في تحسين أحوال الكثيرين منهم حيث توظف هذه الشركات أعداد كبيرة من الشيعة.

رغم تكاتف الشيعة الاجتماعي الشديد فيما بينهم الا أن هذا التكاتف قابله في كثير من الاحيان انسلاخ و انطوائية عن المجتمع الأم (الذي يشكل السنة الغالبية فيه), فالشيعة غير مندمجين اطلاقاً مع المجتمع السعودي, و دا ئماً ما تجدهم منعزلين عن بقية أفراد المجتمع و متقوقعين حول أنفسهم, و لا أدري هل هذا بسبب معتقدات لديهم حول السنة و الخوف من تأثرهم بمجتمع الأغلبية و بمذهب الأغلبية أيضاً أم بسبب معتقدات لدى السنة عنهم أو الاثنين معاً.


* ما هي ادعائاتها و مطالبها ؟

يدعي الشيعة أن الدولة تهمشهم سياسياً و اجتماعياً و تضطهدهم دينياً و يطالبون (حسب ما ورد في وثيقتهم) باشراكهم في الحكم عبر تخصيص مقاعد وزارية لهم و اشراكهم في القطاع العسكري و الديبلوماسي و اعطائهم حرية و استقلالية دينية كاملة تسمح لهم ممارسة طقوسهم الدينية (المرفوضة من قبل الأغلبية السنية) و نشر كتبهم و انشاء مساجدهم بعيداً عن وصاية الدولة.

ادعاءات و مطالب الشيعة تؤكد انعزاليتهم و انطوائيتهم عن باقي المجتمع و كأنهم يعيشون في جانب آخر من الكرة الأرضية و أنهم لا يعلمون أن المقاعد الوزارية توزع على عوائل معينة من مدن معينة من العوائل المحسوبة على الأسرة الحاكمة و الغالبية الساحقة من أهل السنة مهمشين في هذا الجانب. ما أنطبق على المقاعد الوزارية ينطبق على القطاعين العسكري و الديبلوماسي الذين يخضع المنضمون اليهما لعملية فلترة دقيقة. ثانياً لا أدري هل كان للسنة (الأغلبية) استقلالية دينية عن الحكومة حتى يصبح للشيعة (الأقلية) استقلالية, و ألا يعلم الشيعة أن أئمة و خطباء مساجد السنة تعينهم و تعزلهم الحكومة حتى هيئة كبار العلماء و المفتي ليس لهما أية استقلالية و يعينان من الحكومة.


* ما هي علاقة هذه الأقلية بالنظام الحاكم ؟

علاقة الأقلية الشيعية بالنظام (السني) متذبذبة لكنها في أفضل حالاتها لم تصل الى درجة الودية و الألفة ربما بسبب الخلاف المذهبي الحاد لكنها في أسوأ حالاتها وصلة لدرجة النزاع المسلح و الكراهية المطلقة و الشحن النفسي الفضيع كما حصل في الثمانينات. العلاقة بين الاثنين في الوقت الحالي غامضة و غير واضحة المعالم خصوصاً بعد أمركة ملف الشيعة لكنها بالتأكيد أفضل بكثير و كثير من الثمانينات.


* ما هي علاقة هذه الأقلية بمجتمع الأغلبية ؟

كما ذكرنا سابقاً الشيعة في الغالب منعزلين و انطوائيين عن باقي المجتمع (ذو الأغلبية السنية) و لديهم نظرة سلبية عن السنة و عدم احترام لمعتقداتهم و رموزهم. في الوقت نفسه ينظر السنة الى الشيعة على أنهم عملاء لايران و أنهم مواين لها و ليس لهم أي ولاء لوطنهم, كما يتذمر السنة من تطاول الشيعة المستمر على الصحابة و أمهات المؤمنين بأسلوب لم يستخدمه الشيعة حتى مع كفار قريش. رغم أن سوء العلاقة بين السنة و الشيعة يعود لأسباب مذهبية بحتة الا أن السياسيين (و من يجري خلفهم ممن تلبسوا بلباس الدين) فجروا هذا الخلاف و أوصلوه الى درجة عدم التعايش في بعض الفترات.


* ما هي علاقة هذه الأقلية بأمريكا و ما هي أوجه الدعم الأمريكي لها ؟

علاقة الشيعة بأمريكا بدأت منذو نزوح الكثير من المعارضين السعوديين الشيعة الى أمريكا في فترة الثمانينات حيث بدأ هؤلاء بالاتصال بالعديد من السياسيين و الاعلاميين و المنظمات الانسانية هناك لشرح موقفهم و الظلم الذي تعرضوا اليه. رغم ذلك الا أن العلاقة الفعلية بين المعارضين الشيعة و الادارة الأمريكية لم تبدأ الا في يوم 11-9 بعد الهجمات على برجي التجارة و مبنى البنتاجون عندما بدأ الأمريكان يراجعون علاقتهم مع النظام السعودي الذي اتهموه بدعم الارهاب و بدأوا يفتشون عن الملفات التي يستطيعون استخدامها للضغط على النظام السعودي فوجدوا الكثير من الملفات كملف حقوق المرأة و الأقليات و الديمقراطية و الحرية و غيرها. الدعم الأمريكي للشيعة تمثل في أمرين الأمر الأول تسريب اعلامي لخطط أمريكية (ربما تكون وهمية) لتقسيم المملكة الى ثلاثة دول يكون للشيعة أحدها, و الأمر الثاني هو اغراق الاعلام الأمريكي بالتقارير عن هذه الأقلية و حثه على الكتابة عنها و استضافة رموزها و طرح مشاريعهم و أفكارهم و هو يمثل دعم اعلامي لن يقدر الشيعة بجهودهم الذاتية الوصول الى 1% منه و لو بعد مئة سنة.

* ما هي ردة فعل النظام و المجتمع على الدعم الأمريكي لهذه الأقلية ؟

النظام رد على تلويح الأمريكان بالملف الشيعي بتقديم تنازلات لم يكن ليحلم الشيعة فيها في الظروف الطبيعية. من هذه التنازلات اعطاء تراخيص بالجملة للشيعة لبناء مساجد لهم حتى في المناطق التي يتواجد بها السنة بنسبة كبيرة كالاحساء مثلاً, و السماح لهم بانتقاد النظام و المؤسسة الدينية علناً, و فتح باب التوظيف و التعليم الجامعي على مصراعيه للشيعة بل هنالك أخبار عن توصيات من مسؤلين كبار بتخصيص نسب محددة و كبيرة من هذه القطاعات للشيعة قد تصل الى 70% مما جعل الكثير من السنة يعتقدون أن الدولة تنحاز بشكل حاد نحو الشيعة و تزكيهم على بقية المواطنين, كما قامت الدولة بتقديم منح و أراضي بالجملة للمعارضين الشيعة الذين أصبح يعيش الكثير منهم في بحبوحة.

في الجانب الآخر نظرة المجتمع للشيعة (السلبية أصلاً) زادت سلبية بل أضيف الى الاعتقاد بعمالتهم لايران اعتقاد آخر بعمالتهم لأمريكا كما تأكدت نظرية غياب ولاء الشيعة للوطن لدى الكثيرين.


* ما هو مستقبل العلاقة بين هذه الأقلية و النظام و المجتمع ؟

العلم عند الله لكن أمركة و تدويل ملف الشيعة سيجعل وضعهم و قضيتهم متذبذبة ذبذبة العلاقات الدولية نفسها فبمجرد عودة العلاقات السعودية الأمريكية الى سابق عهدها سوف يرمى هذا الملف الى سلة المهملات مما قد يعيد الشيعة الى نقطة البداية. مشكلة الشيعة هي أنهم أقلية مع عدم وجود مكانة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية لهم في البلد, و هم لذلك يستعيضون عن ضعفهم الداخلي الشديد بطلب المدد من الجهات الخارجية كايران و أمريكا لكن هذا المدد ليس مضمون دائماً بسبب تعارضه مع مصالح هذا الدول في بعض الفترات أو أغلبها أعلى الأصح.


* * *
__________________
لطيف جداً مع التمساحات