عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 15-09-2003, 07:50 AM
تمساح بري تمساح بري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: شبه جزيرة التماسيح
المشاركات: 202
إفتراضي ( تابع )

إيران تفقد حظوتها عند الشيعة:

على أثر الانتفاضة تحدثت إيران بصراحة عن حقوق الشيعة وشجعت الإضطرابات والقلاقل، كما قدمت الأموال للمقاتلين (المسلحين) وقد كان يُنظر إلى المتطرفين (المتشددين من الشيعة) المؤيدين لإيران، مثل حزب الله، على أنهم الخطر الرئيسي الذي يتهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط في ذلك الحين. كان ذلك أحد الأسباب التي أدت بإدارة بوش الأب إلى الإحجام عن استبدال صدام حسين، خشية أن يؤدي استيلاء الشيعة على جنوب العراق إلى انتفاضات تعم المنطقة بأسرها، وفي عام 1996، أنحت الحكومة السعودية والولايات المتحدة باللائمة على الشيعة المؤيدين لإيران وحمّلتهم مسؤولية مقتل تسع عشر عسكريا أمريكيا في حادثة قصف أبراج الخبر في المنطقة الشرقية، لكن يظهر الآن أن الاحتمال الأقوى هو كون تنظيم القاعدة السني هو المدبر للإنفجار. منذ ذلك الحين برزت مجموعة إرهاب سنية أشد فتكا بكثير، في ذات الوقت الذي أنهت فيه إيران رعايتها واحتضانها للإرهاب المعادي لأمريكا، بل وتعاونت مع الأمريكان في أفغانستان. أما الآن، وفي منطقة أصابها هوس نظريات المؤامرة، فإن الكثير من السعوديين من السنة والشيعة على حد سواء، قد توصلوا إلى قناعة مفادها أن لدى واشنطن خططا لفصل المنطقة الشرقية وتحويلها إلى كيان مستقل عن المملكة ثم السيطرة على احتياطها النفطي وهو أعلى احتياطي في العالم بمجرد الإنتهاء من فتح العراق.

وفي حين ينظر معظم السنة إلى مثل هذا التطور (التقسيم) على أنه كارثة وطنية، يقول بعض الشيعة إنهم سيرحبون بالتدخل الأمريكي، مع أن معظمهم يخشى الإعتراف بذلك علنا، يقول المؤلف والصحفي السياسي الشيعي المعروف محمد محفوظ، المقيم في مدينة سيهات في المنطقة الشرقية والذي اضطر لأن ينشر كتبه حول علاقة الإسلام بالغرب والديمقراطية خارج السعودية، يقول "كفانا ما عانيناه من التمييز" ويضيف مستخفاً بتحذيرات العقاب المحتمل "إذا كان الإنفصال يعني أننا سنحصل على حقوقنا، فإننا نريد هذا الإنفصال طبعا".

إن أفضل سيناريو للشيعة هو الحصول على حقوقهم كاملة ضمن المملكة العربية السعودية ورفع مستوى مشاركتهم في إدارة شؤون البلاد، هذا ما أضافه السيد محفوظ بسرعة، مؤكدا أنه "إذا أصبح الشيعة شركاء، فإن مشاكلنا يمكن حلها محليا بدون انتظار تغييرات تفرض من الخارج."

وحتى هذه اللحظة على الأقل، تظل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على القول بأنها لا تدعم أي تحركات باتجاه تقسيم العربية السعودية، يقول كريغ سوليفان، الناطق باسم دائرة شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية "إن المملكة العربية السعودية هي صديق وحليف ونحن ندعم وحدتها الإقليمية. "

وفيما يتعلق بالتمييز ضد الشيعة السعوديون يقول سوليفان: إن هذه الأمور تجري معالجتها من خلال الإتصالات المباشرة مع السلطات السعودية وفي تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، كما تعمل الولايات المتحدة بالتنسيق مع جماعات المعارضة الشيعية في العراق أيضا.

من المؤكد أن بعض مناشدات الشيعة الموجهة إلى السلطات الأمريكية هي إلى حد كبير رد فعل على السياسات التمييزية التي تقوم بها العائلة المالكة السعودية أكثر مما تعبر عن حب للولايات المتحدة. يقول الأمير طلال بن عبد العزيز" إن الأقلية التي تعتقد أن تمييزا يمارس ضدها ستتحالف حتى مع الشيطان وليس مع الولايات المتحدة فحسب."

قبل عدة أشهر فقط أدت تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين سارت في شوارع القطيف إلى نهب وتخريب المطاعم الأمريكية هناك. والشيعة هنا يدركون بكل مرارة أن إدارة بوش الأب حثت أخوتهم الشيعة العراقيين على التمرد عام 1991، ثم وقفت تتفرج بينما كان صدام حسين يقمع الانتفاضة بمنتهى الوحشية. يقول السيد محفوط بهذا الصدد: "الولايات المتحدة تؤيد دائما الحكام الديكتاتوريين على حساب الشعوب، ولهذا لا تثق الشعوب بالولايات المتحدة."



تاريخ طويل من الصراعات

إن الشرخ القائم بين السنة والشيعة هو أمر بدأ في القرن السابع الميلادي حين تخلى أجداد السنة الحاليين عن صهر النبي محمد، علي بن أبي طالب الذي يُجلّه الشيعة، وتناسوه كخليفة للنبي. واليوم يختلف الشيعة عن السنة من حيث انتمائهم وارتباطهم بعقيدة علي بن ابي طالب الذي يُذكر اسمه في أذان الصلاة عند الشيعة سواء من حيث جزئيات القوانين الشرعية وتفاصيلها أم الشعائر والإحتفالات الدينية ... وفي حين تَعرّض الشيعة وعلى مدى قرون من الزمن للإضطهاد في العالم العربي فإن الوضع قد زاد سوءاً منذ أن سيطر آل سعود ومقاتلوهم المحافظون على معظم شبه الجزيرة العربية خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين.

تحسنت العلاقات الإيرانية السعودية خلال الأعوام الأخيرة، كما شارك الشيعة بعض الشيء في الشؤون الحكومية وجرى تعيين اثنين من الشيعة البارزين في مجلس الشورى ذي المائة والعشرين عضوا، والذي هو في حكم المجلس التشريعي في المملكة، لكن لم يصل أي شيعي أبدا إلى منصب وزير في الحكومة.

وثمة أسباب كثيرة للاستياء وعدم الرضى. فمثلاً، ثمة خلاف نشب على أطراف القطيف يوضح اضطهاد الشيعة على أيدي العائلة المالكة، فقبل حوالي مائة وخمسة وعشرين عاما، اشترى أحد الشيوخ المحليين 90 مليون قدم مربع من الشريط الساحلي المحصور بين القطيف وقرية العوامية، ثم وهبه كوقف لسكان قرية العوامية الشيعة، استخدم أهالي المنطقة هذه الأرض لزراعة الطماطم والخضروات وحموها من غزوات البدو المتعاقبة سنوات طوال، لكن أكثر أجزاء الأرض خصوبة استولى عليها عام 1996 أحد أخوة الملك فهد (الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع – المُترجم) وباعها لأحد المستثمرين. رد القرويون على ذلك بالاحتجاج والتظاهر الذي رافقه العنف في بعض الأحيان مما أدى الى اعتقال عدد من الأشخاص قبل اربعة أشهر. تحاول الآن لجنة أهلية تمثل قرية العوامية، رغم الصعوبات الهائلة، أن تقنع السلطات المحلية بتوثيق وقفية تلك الأرض لصالح الأهالي لحمايتها من اعتداءات الطامعين، لكن المسؤولين الحكوميين يصرون على أن القرية لم تكن مالكة قانونية لتلك الأرض في أي يوم من الأيام.

يتساءل أحد أعضاء اللجنة، وهو زكي علي الصالح، أثناء جولة بالسيارة حول المنطقة المُتنازع عليها "لماذا أرادت الحكومة أن تأخذ أرضنا" هذه الأرض تتناثر فيها الآن الأكواخ المحطمة بواسطة البلدوزرات والأشجار المقتلعة، بينما تجري أعمال تجريف الأراضي الواسعة خلف سور يطوق معظم ذلك الشاطىء، وتحت حراسة مشددة من رجال الشرطة، بغرض تحويلها إلى قطع صغيرة يتاجر فيها المستثمرون. يجيب زكي على سؤاله بالقول "السبب الوحيد لهذا التعامل هو أننا شيعة" وفي حين يمكن تفهم مثل هذا الاعتقاد آخذين في الحسبان سوء المعاملة التي يتعرض لها أبناء المنطقة الشيعة فإنه ليس بالضرورة صحيحا.. فهناك إساءات وسوء معاملة يرتكبها كبار الأمراء في طول المملكة وعرضها، يقول عبد الحي وهو أستاذ في جامعة الملك سعود في الرياض وهو شيعي أيضا ومن مواطني المنطقة الشرقية أصلا، يقول معلقا على هذا الوضع "إنها ليست مشكلة طائفية .. إنها معضلة وطنية."


( انتهى )
__________________
لطيف جداً مع التمساحات