عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 17-08-2001, 06:17 PM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
Post

اغتيال السياسيين الفلسطينيين.. سياسة جديدة تفتح أبواب جهنم

8/8/2001 صالح محمد النعامي

الشهيد جمال سليم

"مذبحة الثلاثاء الأسود" التي نفَّذتها إسرائيل بتاريخ (31-7-2001م) والتي استهدفت اثنين من أبرز قادة الجناح السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" -وهما الشيخان: "جمال منصور" و"جمال سليم"- ومرافقيهما، والتي استشهد على إثرها صحافيان وطفلان، وقبلها مذبحة شهداء فتح الستة، وتواصُل سياسة اغتيال القيادات السياسية الفلسطينية.. كلها شكَّلت نقلة نوعية في سياسة الاغتيالات التي شرعت فيها حكومة باراك السابقة بحق قادة العمل الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية ونشّطها شارون.

فمنذ أن قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ أول عملية اغتيال في انتفاضة الأقصى بتاريخ (19-11-2000م) والتي استهدفت الشهيد "حسين عبيات" أحد كوادر الجناح العسكري لحركة "فتح" في منطقة "بيت لحم" -حرص الجيش الإسرائيلي على استهداف من يعتقد أن لهم علاقة بالعمل العسكري بشكل مباشر.

لذا جاء اغتيال الشيخين جمال سليم وجمال منصور، وقبلهما نشطاء فتح الستة؛ ليعكس نقطة تحول في سياسة الاغتيالات التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي، على اعتبار أنها أحد أهم الوسائل الكفيلة بإجبار حركات المقاومة الفلسطينية على وقف نضالها ضد إسرائيل، كما تعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

بعبارة أخرى يعتقد الصهاينة أو (عصابة) إسرائيل - كما أسماها وزير الخارجية المصري أحمد ماهر - أن اغتيال القيادات السياسية بمثابة ضرب لـ "عَظْم" الانتفاضة، وتدمير للبنية الأيدلوجية للحركات الفلسطينية المقاومة، مثل: حماس، والجهاد، وفتح، باعتبارها محور التفكير والتوجيه للأجنحة العسكرية.

وعلى الرغم من أن الناطقين بلسان الحكومة الإسرائيلية شدَّدوا على أن هناك علاقة غير مباشرة بين كل من الشيخين منصور وسليم، والعمل المسلَّح الذي يقوم به الجناح العسكري لحركة حماس "كتائب الشهيد عزِّ الدِّين القسَّام"، لا سيما العمليات الاستشهادية، فإنَّ معظم المعلِّقين في الدولة العبرية أشاروا إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير حربه "بنيامين بن أليعازر" عندما أقرَّا تنفيذ المذبحة كانا يَعِيان أن كلاًّ من منصور وسليم لم يكن لهما علاقة بالعمل المسلح.

سياسة جديدة ضد الانتفاضة

فالجنرال احتياط "داني روتشليد" الذي تولَّى في السابق منصب منسِّق شؤون الضفة الغربية وقطاع غزة في وزارة الحرب الإسرائيلية، ورأس قسم الأبحاث التابع لجهاز الاستخبارات العسكرية، أكد أن قرار التصفية اتُّخِذ على الرغم من أنه لا توجد معلومات كافية يمكن أن تربط الشيخين بالعمل المسلح ضد إسرائيل.

وأضاف روتشيلد في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية بُعيد الإعلان عن تنفيذ المجزرة أنه "يشتمّ معالم سياسة جديدة قررت الحكومة اتباعها في مواجهة انتفاضة الأقصى". أيضًا نوَّه "روني دانئيل" المراسل العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية إلى أن الحكومة، وبعد تشاور مع كل من هيئة أركان الجيش وقيادة المخابرات العامة، قررت العمل ضد القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية.

وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي وُجِّهت للحكومة الإسرائيلية على خلفية المذبحة، فإن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغَّر لشؤون الأمن قرَّر في أكثر من اجتماع عقب اغتيال هذه القيادات، ليس فقط مواصلة الاغتيالات، بل وتوسيعها لتطال فئات أخرى لم يسبق أن طالتها الاغتيالات في السابق، في إشارة إلى تواصل استهداف السياسيين!.

مغزى التحوُّل في آلية العمل

باستثناء محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن عام 97 والتي ووجهت بانتقادات شديدة داخل إسرائيل، فإن إسرائيل حرصت على تجنُّب التعرض لحياة قادة الجناح السياسي للحركة.

فالأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية كانت تعتقد أن حركة كبيرة مثل حماس لا يجدر العمل ضدها عبر اغتيال قادتها السياسيين ورموزها التاريخيين، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا. وقد قال "رافي إيتان" القائد السابق لشعبة العمليات في "الموساد" تعقيبًا على محاولة اغتيال خالد مشعل: "إن هذه المحاولة الحمقاء تمثل خروجًا غير موفَّق عن المعايير التي وضعتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للتعامل مع الحركات العقائدية ذات الانتشار الجماهيري الواسع؛ لأن اغتيال قادة هذه الحركات السياسيين، إلى جانب أنه لا يؤثر سلبًا على الفعل العسكري لها، فإنه يمدّ عناصر هذه الحركات بدافعية إضافية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل".

وهناك سيل من الاقتباسات التي تنسب إلى خبراء وقادة استخباراتيين إسرائيليين عارضوا بشدة العمل ضد قادة "حركات عقائدية" ذات ثقل جماهيري كبير مثل حركة حماس، مع أن هؤلاء تحمَّسوا لاستهداف القادة السياسيين للحركات العقائدية التي تتمتع بتأييد جماهيري ضئيل نسبيًّا مثل حركة الجهاد الإسلامي.

ويكفي أن الإسرائيليين لا يزالون يشيرون إلى أن تصفية الدكتور "فتحي الشقاقي" مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في العام 1995م، قد أدت إلى شلِّ عمل هذه الحركة لعدة سنوات، حيث كان هذا التنظيم الصغير يعتمد على وجود قائد كاريزماتي (أي ملهم قادر على التأثير على أنصاره)، وهذا ما لم يكن عليه الحال مع حركة حماس القائمة على تجديد الدماء.

لذا يبرز السؤال الكبير: ما الذي دفع إسرائيل لتغيير سياستها تجاه حركة حماس، حتى أصبحت تحرص على استهداف قادة الجناح السياسي لحركة حماس؟!

من خلال الجدل الإسرائيلي الداخلي الذي أعقب عملية الاغتيال البشعة التي نُفِّذت بحق قادة حماس في نابلس، فإنه يمكن رصد عدة أسباب دفعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتوصية المستوى السياسي الإسرائيلي لإقرار عمليات التصفية بحق ساسة حماس على النحو التالي:

أولاً: حماس لا تبحث عن مبررات

تعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حركة حماس في انتفاضة الأقصى لا تنتظر مبررات لكي تقوم بتنفيذ عمليات استشهادية أو أي عمل عسكري ضد الأهداف الإسرائيلية، على اعتبار أن الجناح العسكري لحركة حماس مستعدٌّ للعمل ضد الأهداف الإسرائيلية بمجرد أن تتيح الظروف الميدانية ذلك، وهذا ما عبَّر عنه رئيس المخابرات الإسرائيلية العامة "آفي ديختر" في جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي التي أعقبت المذبحة. وعليه فإن ديختر يعتقد أن تصفية قادة العمل السياسي لحماس لن تزيد دافعية عناصر التنظيم للعمل ضد إسرائيل، على اعتبار أن الدافعية لذلك كبيرة وموجودة بالفعل.

ثانيًا: استهداف البنية التحتية الأيدلوجية

إسرائيل قررت العمل ضد ما تسميه "البنية التحتية الأيدلوجية" للحركة، التي تمثلها القيادة السياسية، وهذا ما عبَّر عنه صراحة وزير الأمن الداخلي "عوزي لانداو" الذي قال في أعقاب تنفيذ المجزرة: إن كلاًّ من جمال منصور وجمال سليم يمثلان مرجعية أيدلوجية لعناصر حماس، ومصدر تحريض كبير على العمل المسلح، لا سيما "الاستشهادي" ضد إسرائيل؛ لذا فإن تغييبهما عن الساحة هو مكسب لإسرائيل دائمًا.

بل إن "جدعون عيزرا" نائب لانداو كان أكثر صراحة في إبراز المكاسب التي من الممكن أن تجنيها إسرائيل من خلال تصفية قادة حماس السياسيين؛ إذ قال عيزرا في تصريحات للتلفزيون الإسرائيلي في اليوم التالي للمجزرة: "قادة حماس السياسيون يمثلون مرجعية دينية وسياسية لعشرات الآلاف من عناصر الحركة؛ لذا فعندما يدعو هؤلاء لتنفيذ العمليات الانتحارية، فإن هذه الدعوات تلقى صدى في أوساط شباب الحركة". وعدَّد عيزرا المرات التي دعا فيها الشيخ جمال منصور شباب الحركة لتنفيذ عمليات استشهادية.

ولا شك أن إسرائيل تبدي حساسية شديدة جدًّا تجاه الدعوات التي تنطلق من قادة حركة حماس لتنفيذ عمليات استشهادية، كما أن وزير خارجية إسرائيل "شيمون بيريز" اعتبر في أكثر من تصريح صحافي أن على إسرائيل أن تعمل ضد "المحرِّضين" مثلما تعمل ضد الذين يخططون للعمل المسلح وينفذونه.

ثالثًا: ضرب الروح المعنوية للفلسطينيين


الشهيد جمال منصور
نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن وزير الحرب الإسرائيلي بن أليعازر قوله في التقييم الذي قدَّمه لمجلس الوزراء في اليوم التالي للمجزرة: إن من أهم إنجازات عملية التصفية التي استهدفت قادة حماس أنها مسَّت بشكل مباشر الروح المعنوية للجمهور الفلسطيني. ويضيف بن أليعازر قائلاً: "لقد أثبتنا لهم أن أيادينا الطويلة ستطال كل من نعتقد أنه يتوجب أن يلقى العقاب الذي يستحقه، لا يمكن أن يلوذوا بأي مكان، فطائرات سلاح الجو الإسرائيلي وصواريخها الذكيَّة بالمرصاد لكل هؤلاء". وزير الثقافة الإسرائيلي الجنرال "ماتان فلنائي" قال في مساء نفس اليوم الذي تمَّت فيه المذبحة: "نريد أن نثبت لقادة حماس أنه لا يوجد مكان آمن لهم، نريد أن نجعلهم ينتقلون من مكان إلى آخر بحثًا عن الأمن، نريد أن نجعلهم ينشغلون بالحرص على توفير وسائل الأمن لهم".

رابعًا: إعداد العدة لتسويات سياسية

نقل المقربون من وزير الخارجية الإسرائيلية شيمون بيريز عنه مرارًا منذ اندلاع الانتفاضة أن صنع مناخ لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة يتطلب من إسرائيل العمل على تحييد "قادة المتطرفين" في الجانب الفلسطيني بأي وسيلة. كما قال بيريز أكثر من مرة: إن قادة حماس السياسيين وقادة حركة فتح الميدانيين يقومون بدور كبير في إيجاد أجواء تعيق استئناف عملية التسوية مع الجانب الفلسطيني؛ لذا قام بيريز ووزارته بدور كبير في الدفاع عن ارتكاب المذبحة في المحافل الدولية.

تقارير "سي.آي.إيه" ضد جمال منصور!

على الرغم من انتقادات الولايات المتحدة الخجولة للمذبحة، فإن هذا لا يُخْفي حقيقة تجنّد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ضد قادة حماس السياسيين، لا سيما جمال منصور. فقد ذكر "أمنون إبراموفيتش" كبير المعلقين في القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أن "ستانلي ميسكوفيتش" مدير مكتب وكالة الاستخبارات الأمريكية في تل أبيب كان يحرص دومًا على تذكير قادة السلطة الفلسطينية أن عليهم أن يبقوا على اعتقال جمال منصور، حيث كان معتقلاً في سجون السلطة الفلسطينية، على اعتبار أن الإفراج عنه سينظر إليه أمريكيًّا على أنه دليل على توجُّه السلطة الفلسطينية لدعم الإرهاب.

النتيجة.. فتح أبواب جهنَّم!

لكن على الرغم من كل المسوغات التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية لتبرير التحول لاستهداف القادة السياسيين لحماس، فإن أوساطًا سياسية وأمنية وأكاديمية في الدولة العبرية قد أكدت أن نتائج مأساوية ستنعكس على إسرائيل، جرَّاء هذه المجازر ضد القادة السياسيين لحماس وفتح، وأن تحمُّس ممثلي الحكومة لتنفيذ المجزرة على اعتبار أنها ضرورية لإحباط ما تخطط له حماس من عمليات هو مجرد تضليل.

فـ "يوسي بيلين" أحد قادة حزب العمل الإسرائيلي وجَّه انتقادات شديدة اللهجة لقرار شارون وبن أليعازر تنفيذ المجزرة، واتهم كلاًّ من شارون وبن أليعازر بتضليل الرأي العام الإسرائيلي بتأكيدهما أن عملية الاغتيال قد أدت إلى إحباط عمليات استشهادية كانت حماس تخطط لها. وقال بيلين في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي: إنه مما لا شك فيه أن هذه العملية ستؤدي إلى إراقة دماء يهودية كثيرة.

ووجَّه بيلين انتقادات لبن أليعازر - زميله في قيادة حزب العمل - لتحمسّه للعملية، وأضاف: "بن أليعازر يضلِّل الجمهور الإسرائيلي، وهو يعرف أن مثل هذه العمليات لن تقطع دابر الإرهاب"، مشددًا في الوقت ذاته على أن أي دولة "تحترم نفسها" لا يمكن أن تلجأ إلى أساليب الاغتيال والتصفية خارج نطاق القانون.

كما اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية "يوسي ساريد" أن شارون بإقراره هذه العملية قد فتح المجال أمام مئات الشباب الفلسطيني للانضمام إلى دائرة الاستشهاديين. أيضًا استخف البروفيسور "إيتمار لبيد" المختص في شؤون الحركات الإسلامية بتقييمات الحكومة الإسرائيلية التي تفترض أن المسَّ بقادة حماس بهذا الشكل سيمس بمعنويات الشعب الفلسطيني، ويدفع إلى تراجع العمل المسلح، وأضاف لبيد أن مثل هذا التقييم يتناقض مع أبسط حدود الفهم للحركات الإسلامية التي لا يمكن حسم المواجهة ضدَّها بالعمل المسلح. واقتبس لبيد ما عكف على قوله العديد من المعلقين في إسرائيل عندما قال: إن شارون بقراره هذا "قد فتح أبوب جهنَّم على إسرائيل".

.
.
.عن http://www.islam-online.net/Arabic/p...article7.shtml
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه