عرض مشاركة مفردة
  #151  
قديم 24-04-2006, 01:02 PM
عبد الرحمن السحيم عبد الرحمن السحيم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 73
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
بارك الله فيكم..

سائل يقول:

رأيت انه هناك استضافة للشيخ السحيم حفظه الله
ارجو ان تسأليه عن ضعف الايمان وقسوة القلب وخوف الانتكاس؟


فما قولكم شيخنا الفاضل؟؟

وفيكِ بورِك

الجواب :

بارك الله فيك

مثل هذه المسائل يُراجَع فيها صاحب التخصص ، وطبيب القلب : ابن القيم رحمه الله .

ولا بأس أن نقتبس مِن نُورِه ..

أما الإيمان فإنه يَزيد وينقص عند أهل السُّـنَّـة .
وزيادة الإيمان وضَعْف لكل منهما أسبابه .
فالإيمان يَزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية .
يَزيد بِأداء الطاعات وبِفعل الخيرات .
وينقص بارتكاب المعاصي والآثام ، وبِتَرْك الطاعات .

ويَرتَفِع مُستوى الإيمان بزِيادة الطاعة ، فالأنبياء أكمل الناس إيماناً لأنهم أفضل الناس أعمالاً .

ولا يَكون الإيمان على وَتِيرة واحدة ، بل يَجِد الإنسان في نفسه أحيانا النشاط إلى الطاعة والاجتهاد فيها ، وأحيانا لا يَجد ذلك ، بل قد يَجِد عكسه ، وهو الفتور والإدبار .
قال عمر رضي الله عنه : إن لهذه القلوب إقبالاً وإدبارًا ، فإذا أقْبَلَتْ فَخُذُوها بالنوافل ، وإن أدْبَرَتْ فألْزِمُوها الفرائض .

ولابن القيم رحمه الله كتاب ماتِع في هذا الباب ، وهو كِتاب " مِفتاح دار السعادة " ، وفيه وقفات وتأمّلات تزيد في الإيمان .
مفتاح دار السعادة


وللشيخ المنجِّد – وفقه الله – كُتيِّب بعنوان :
ظاهرة ضعف الإيمان ( الأعراض – الأسباب – العلاج)

وقد أفاد الشيخ وأجاد .

وقسوة القلب لها علاقة مضطرِدة بضَعف الإيمان ، كما أن ضَعْف الإيمان له عِلاقة بِقسْوَة القلب .

وأما الانتكاس والخوف مِِنه فهو دأب سلف هذه الأمة .
فالمؤمن يُحسِن العمل ويَخاف من سوء الخاتمة ، ويَخاف مِن مَكْر الله .
قال الحسن البصري في وَصْفِ خَير القُرون :
عَمِلُوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن تُردّ عليهم ، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمنا .

قال الإمام البخاري :
باب خوف المؤمن من أن يَحْبَط عمله وهو لا يَشْعُر . وقال إبراهيم التيمي : ما عَرَضْتُ قَولِي على عَمَلِي إلا خَشِيتُ أن أكون مُكَذِّبا . وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل . ويُذْكَر عن الحسن : ما خافه إلا مؤمن ، ولا أمِنَهُ إلا منافق . وما يُحْذَر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة ، لقول الله تعالى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) .

فالمؤمن يَجب أن يَكون على خَوف وَوَجَل .

وأعظم أسباب الثَّبَات : إخلاص العمل لله والصِّدْق مع الله .
فإن العمل إذا لم يَكن خالِصًا كان وبَالاً على صاحبه في الدنيا والآخِرة .
وفي مُقابِل ذلك فإن العمل إذا كان خالِصا انتَفَع به صاحبه في الدنيا والآخرة .
فإن المرائي مُفْتَضِح أمره في الدنيا والآخرة .

وكذلك العِلْم ، فإنه بصيرة لِصاحِبه يَرى بِعَين بصيرته كما يَرى صاحب البصر الثاقب ، فيَرى الأمور على حقيقتها .
ومَن كان بالله أعْرَف كان مِنه أخْوَف .
ومَن عَبَدَ الله على عِلم كان أعرَف بِخير الخيرين وبِشّرّ الشَّرّين .
قال ابن القيم : فلولا العِلْم لما كان عَمَله مقبولا ، فالعِلم هو الدليل على الإخلاص ، وهو الدليل على المتابعة . وقد قال الله تعالى : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وأحسن ما قيل في تفسير الآية : إنه إنما يتقبل الله عَمَل مَن اتّـقاه في ذلك العَمل ، وتقواه فيه أن يكون لوجهه على موافقة أمْرِه ، وهذا إنما يَحْصُل بالعلم ، وإذا كان هذا مَنْزِلة العلم وموقعه عُلِمَ أنه أشرف شيء وأجله وأفضله . والله أعلم . اهـ .

وأن يَعلم الإنسان أن هلا حول له ولا قُوّة ، فيبْرأ مِن حولِه وقوّته ، ويَطلب الحول والقوّة ممن بِيدِه ذلك ، وهو الله سبحانه وتعالى .
فلا يَعتمِد على قوّته ولا على عَقْلِه .
وهذا سبب زلل وضلال كثير من الأذكياء ؛ لأنهم يَعتَدُّون بأنفسهم كثيرا ، فيُوكَلُون إلى أنفسهم وإلى ضعف وعجز وعَورة .
وقد ذَمّ الله الذي ظَنّ أنه إنما أُوتي المال أو القوة أو الرِّزق بِقوّته ، أو بما له مِن القَدْر عند الله . فقال الله تبارك وتعالى عن قارون : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) .

وقال عَزّ وجَلّ : (فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) .
وكلا الفريقين مذموم !
قال ابن القيم في هذه الآية : كلا . أي : ليس كل من أعطيته ونَعّمْته وخَوّلته فقد أكْرَمته ، وما ذاك لِكرامته عليّ ولكنه ابتلاء وامتحان له ؛ أيَشْكُرُني فأعطيه فوق ذلك ، أم يَكْفُرني فأسْلبه إياه ، وأُخَوِّل فيه غيره ، وليس كل من ابْتلَيته فَضَيّقْتُ عليه رزقه وجَعلته بِقَدَر لا َيفضل عنه فذلك مِن هوانه عليّ ولكنه ابتلاء وامتحان مِني له أيَصبر فأُعْطيه أضعاف أضعاف ما فَاتَه مِن سعة الرزق ، أم يَتَسَخّط فيكون حَظّه السُّخْط . فَرَدّ الله سبحانه على مَن ظن أن سَعة الرزق إكْرام ، وأن الفقر إهانة ، فقال : لم أبْتَلِ عَبدي بالغِنى لِكرامته عليّ ، ولم أبْتَلِه بالفقر لِهَوانه عليّ ، فأخْبَر أن الإكرام والإهانة لا يَدوران على المال وسَعة الرزق وتقديره ، فإنه سبحانه يُوسّع على الكافر لا لِكرامته ، ويَقتر على المؤمن لا لإهانته ، إنما يُكرم مَن يُكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ، ويُهين مَن يُهينه بالإعراض عنه ومعصيته ، فله الحمد على هذا وعلى هذا ، وهو الغني الحميد . اهـ .

فمتى ما اعْتَدّ الإنسان برأيه ووثق بِنفسه ، وعَوّل عليها فقد هَلَك !

ومن أعظم أسباب الثبات الدعاء والالتجاء إلى الله والانْطِراح بين يديه والتضرّع إليه واللَّهَج بِما لَهَج بِه سيد ولد آدم " يا مُقَلِّب القلوب ثَبّت قُلوبنا على دِينك" .

وأخيرا :
الْحَذَر مَن ذُنُوب الْخَلَوات ، فإن الإنسان قد يُخذَل بسبب ذنوب الخلوات .
وقد ذَكَر ابن القيم بعض أخبار مَن لَهَج عِند الموت بما كان يُتعامل به مِن غشّ أو رِبا أو تدليس أو عِشق !

ولابن الجوزي كِتاب بعنوان : الثبات حتى الممات .

فنسأل الله الثبات في الدنيا والآخرة .


..

وبرفق هذا الجواب كتاب الشيخ المنجِّد

..
الملفات المرفقة
نوع الملف: zip ظاهرة ضعف الإيمان.zip (41.4 كيلو بايت, عدد مرات التحميل : 92)
__________________
الرد مع إقتباس