عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 11-07-2003, 07:34 AM
الهبوب الهبوب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: عريني
المشاركات: 152
إفتراضي

السلفية بين الغلو والاعتدال

ومن أجل وضع النقاط على الحروف وإنصافاً للحق والحقيقة، أرى أن السلفيين قد انقسموا إلى مدارس فكرية وسياسية، منهم هؤلاء المكفِّرة، الذين يقول فيهم الدكتور يوسف القرضاوي: "وإن من المؤسف اليوم أن نجد من بين المشتغلين بالدعوة إلى الإسلام من يشهر سيف الذم والتجريح لكل من يخالفه، متهماً إياه بقلة الدين، أو اتباع الهوى أو الابتداع والانحراف، أو النفاق، وربما بالكفر! وكثير من هؤلاء لا يقتصرون في الحكم على الظواهر، بل يتهمون النيات والسرائر، التي لا يعلم حقيقة ما فيها إلا اللَّه سبحانه، كأنما شقّوا عن قلوب العباد واطلعوا على دخائلها! ولم يكد يسلم من ألسنة هؤلاء أحد من القدامى، أو المحدثين، أو المعاصرين ممن لا يقول بقولهم في قضايا معينة، حتى وجدنا من يسب بعض الأئمة الأربعة في الفقه، ومن يسب بعض أئمة السلوك والزهد... وهذه من المزالق التي يتورط فيها كثير من المنتسبين إلى التيار الديني: الطعن والتجريح، فيمن يخالف وجهتهم، أو مذهبهم في الاعتقاد أو الفقه أو السلوك. ومن ينتمون إلى الحديث أو السلف يطعنون في الفقهاء كالأئمة الأربعة وكبار أتباعهم ممن لا يشك أحد في علمهم واجتهادهم ودينهم وورعهم، أو يطعنون في كبار الصوفية الذين أثنى عليهم الربانيون والعلماء المحققون من خيار الأمة، وربما طعنوا في الصوفية جميعاً، وكذلك يطعنون في كبار علماء الأشاعرة )ماضياً وحاضراً(، وهم من لهم منزلة وفضلٌ في الذبّ عن هذا الدين، وعن الكتاب والسنّة"(35).

ومن السلفيين من تضمهم مدرسة العلم والورع والاعتدال، وفي الحقيقة فإن هؤلاء هم أقرب إلى السلف الصالح، في طروحاتهم ومفاهيمهم الإسلامية، وهم أقرب إلى السلف الصالح في التزامهم بالأحكام الشرعية، وهم وقّافون عند الحق، وعن مسألة التكفير الحساسة يقولون: "لا يجوز القطع لمعين من أهل القبلة بالجنة أو بالنار إلا من ثبت النص في حقه(36)... الكفر في الألفاظ الشرعية قسمان: أكبر مخرج من الملّة، وأصغر غير مخرج من الملّة ويسمى أحياناً بالكفر العملي... التكفير من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنّة، فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو فعل ما لم يدل دليل شرعي على ذلك، ولا يلزم من إطلاق حكم الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق المعين إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع(37). التكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم"(38). وكذلك هم أقرب إلى السلف الصالح في أدب الاختلاف، ويعلمون حقيقة معنى حديث رسول اللَّه (ص) الذي رواه الإمام مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري (رضي اللَّه عنه): "أن النبي (ص) قال: الدين النصحية. قلنا لمن؟ قال: للَّه، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"(39). ولهذا تجدهم يعملون للإسلام بعيداً عن الأضواء، بجدّ ونشاط، ويتعاونون مع جميع المسلمين، على البرّ والتقوى، تحت شعار نتعاون في ما اتفقنا عليه، وهو كثير، ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه، وهو قليل.


--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) رواه أبو داود سليمان بن الأشعث سنن أبي داود ج3، ص216.

(2) نوح: 71.

(3) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص170 169.

(4) أخرجه بنحوه أحمد 18 4 ورواه الترمذي 271 4 وابن ماجه 418 1.

(5) د. محمد سعيد رمضان البوطي السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ص155 154.

(6) د. مروان إبراهيم القيسي معالم الهدى إلى فهم الإسلام ص85.

(7) رواه البخاري في كتاب الصلح 2550 ومسلم في الأقضية 1718.

(8) رواه أبو داود في باب لزوم السنّة 4607 والترمذي في العلم 2678.

(9) يقصد هنا الشيطان.

(10) هو يضلل ويكفر غالبية علماء الأمة ويعتبر أن معظم جامعات العالم الإسلامي مراكز لتعليم الكفر والضلالة، والعياذ باللَّه.

(11) عثمان عبد السلام نوح الطريق إلى الجماعة الأم ص37 36.

(12) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الفتاوى الكبرى ج5، ص571 570.

(13) أبو الفضل عيّاض اليحصبي الشفا بتعريف المصطفى ج2، ص278 277.

(14) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، الفتاوى الكبرى، ج5، ص513 512.

(15) إن التكفير بالجملة لا يجوز مطلقاً وهناك فرق بين التكفير وبين إظهار الضلال في بعض أفكارهم وأقوالهم وممارساتهم.

(16) عثمان عبد السلام نوح الطريق إلى الجماعة الأم ص30.

(17) المرجع نفسه، ص164.

(18) المرجع نفسه، ص76.

(19) انظر الإمام محمد الغزالي المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال، ص62 61 54.

(20) يقصد الشيخ أبو يزيد البسطامي أحد كبار علماء الصوفية.

(21) الشعراء: 89.

(22) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الفتاوى الكبرى، ج2، ص340.

(23) د. عبد الحليم محمود، أبو الحسن الشاذلي، ص212 211.

(24) يقصد هنا الإخوان المسلمين.

(25) عثمان عبد السلام نوح، الطريق إلى الجماعة الأم، ص21.

(26) قائد منظمة فدائيان إسلام التي قامت لمواجهة الطاغوت الإيراني في الأربعينات.

(27) عثمان عبد السلام نوح المرجع السابق ص21.

(28) حسب النص، والصحيح: في أهل البيت.

(29) الإمام محمد الغزالي فضائح الباطنية، ص147 146.

(30) عمر التلمساني ذكريات لا مذكرات ص250 249.

(31) في سنة 1959م.

(32) مجلة رسالة الإسلام العدد3 السنة الحادية عشرة 1959م ص227.

(33) انظر الشيخ محمد أبو زهرة تاريخ المذاهب الإسلامية ص37 33.

(34) مسلم بن الحجاج بن مسلم صحيح مسلم بشرح النووي م1، ج2، ص49.

(35) د. يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم، ص139.

(36) يقصد هنا إقامة الحجة عليه.

(37) يقصد إذا تمت الشروط، من مواجهته مع الشهود عليه، والسعي إلى إزالة شبهته وإعطائه فرصة الأيام الثلاثة للاستتابة.

(38) د. ناصر بن عبد الكريم العقل مجمل أصول أهل السنّة والجماعة في العقيدة، ص19.

(39) رواه مسلم في كتاب الإيمان (باب بيان أن الدين النصيحة) رقم 55. والبخاري في كتاب الإيمان (باب الدين النصيحة).



تمت و لله الحمد