عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 15-04-2006, 03:23 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post كيف انتشر المذهب الأشعري في المغرب الإسلامي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------





كيف انتشر المذهب الأشعري في المغرب الإسلامي؟


إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمَّدا عبده ورسوله، وبعد،
فقد أتى على المغرب الإسلامي حينٌ من الدَّهر كان فيه على مذهب أهل السنَّة والجماعة في الاعتقاد، منهجا سائدا واعتقادا واحدا.
كان على مذهبٍ السلف الصالح ٍّنقيٍّ من شقاشق أهل الكلام ، ومنهجِهِم القائمِ على التخرُّصاتِ والأوهامِ ، وكان أهله على كَلِمَةٍ سواءٍ من إثباتِ ما أثْبَتَه الله عز وجلَّ لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، من غيرْ ِتعْطيلٍ ولا تمثيلٍ ، ولا تحريف ولا تكييف، وهذه هي عقيدة التوحيد الخالص التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقَّاها أهل هذه البلاد من الفاتحين الأوائل من الصحابة والتابعين عليهم من الله الرضوان.ثمَّ نَبتَتْ بعد ذلك نابتةُ البدعِ والكلامِ المذمومِ، على حين غفلة من أهل السنَّة وعلماءها، وبسبب حادثة عجيبة سيأتي ذكرها.
فظهرت الأشعرية في المغرب، وانتشرت حتى أصبحت هي المذهب الغالب على متفقهة أمصاره منذ ذلك الحين إلى يوم النَّاس هذا.
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنَّ الذي علَّمَ أهل المغرب هذا المذهب وبثَّه فيهم هو أبو ذرٍّ الهَرَوي (ت 434) ، والهروي نسبة إلى هراة ، وهي من بلدان ما وراء النهر (وهي بعض المناطق في روسيا وإيران اليوم).

أقوال العلماء في ذلك

1 - شيخ الإسلام ابن تيمية

نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء التعارض" (2/101) عن أبي إسماعيل الأنصاري أنَّه ذكر بسنده عن أبي أمامة المالكي أنَّه قال :« لعن الله أبا ذرٍّ الهروي ، فإنَّه أوَّلُ من حمَلَ الكلامَ إلى الحَرَمِ ، وأوَّلُ من بَثَّهُ في المغاربة » اهـ.
كما بيَّن رحمه الله تعالى في نفس المصدر ونفس الصفحة الطريقة التي تمَّ بها ذلك فقال : « وأهل المغرب كانوا يحُجُّون فيجتمعون به ، ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة (أي الأشعرية) ، ويدُلُّهُم على أصْلِها.»اهـ.

2 – الحافظ ابن كثير
قال رحمه الله تعالى في "البداية والنهاية" (12/50) في حوادث سنة 434 : « ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وأربعمائة .
أبو ذر الهروي ، عبدالله بن أحمد بن محمد الحافظ المالكي ، سمع الكثير ، ورحل إلى الأقاليم ، وسكن مكة ، ثم تزوج في العرب ، وكان يحج كل سنة، ويقيم بمكة أيام الموسم، ويُسْمِعُ النَّاسَ، وأخَذَ المغاربَةُ مذْهَب الأشعري عَنْه، وكان يقول إنه أخذ مذهب مالك عن الباقلاني ،كان حافظا. توفي في ذي القعدة»اهـ.

3 – الحافظ الذهبي :

قال رحمه الله تعالى في ترجمة أبي ذر الهروي في "السير" (17/557) : «...وأخذ الكلامَ ورأْيَ أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بنِ الطيِّب، وبثَّ ذلك بمكَّةَ ، وحمَلَه عنه المغاربة إلى المغرب والأندلس. وقبل ذلك كان علماء المغرب لا يدخلون في الكلام ، بل يُتقنون الفقه أو الحديث أو العربية ، ولا يخوضون في المعقولات» اهـ.

سبب تأثَّر أبي ذر الهروي بالأشعرية

ذ كر الإمام الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/1104-1105) ، و"السير" (17/558-559) حادثة تبيِّن ذلك فقال : « قال أبو الوليد الباجي في كتاب "اختصار فرق الفقهاء" ـ مِنْ تَأليفِه ـ عند ذِكْرِ القاضي أبي بكر الباقلاني : لقد أخبرني أبو ذر الهروي ـ وكان يميلُ إلى مذهبه الأشعري ـ فسألتُه : من أين لك هذا ؟ قال : كُنْتُ ماشيا مع أبي الحسن الدارقطني ، فلقِينا القاضي أبا بكر بن الطيب الأشعري ، فالتَزَمَهُ الدارقطنيُّ ، وقبَّلَ وجْهَهُ وعيْنَيْه! فلما افْتَرَقا ، قلتُ : "من هذا الذي صنَعْتَ به ما لم أعتَقِدْ أنَّكَ تصْنَعُه وأنْتًَ إمامُ وقْتِكَ ؟!" فقال : " هذا إمامُ المسلمين ، والذابُّ عن الدِّين : القاضي أبو بكر بن الطيِّب " . فمن ذلك الوقت تكرَّرْتُ إليه فاقتديْتُ بمذهبه» اهـ
فانظر يا أخي ـ رعاك الله ـ إلى هذه الهفْوَةِ من هذا الإمام الهُمَام ، كيف كانت سببا في اغترار عالِمٍ وتحوُّله إلى مذهب أهل الكلام ، و ما ترتَّب عن ذلك مِنْ ضلال أقوام !
وصدق من قال : «زلَّةُ العالِمِ زلَّةُ العالَم!»
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية