عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 15-04-2006, 09:31 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post

الأشاعرة والقول بخلق القرآن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وفي هذا المبحث الموجز المنقول أبين معتقد الأشاعرة في القرآن ، وفي كلام الله تعالى .
ثم أذكر موقف أهل العلم من هذا المعتقد ، وأنهيه – إن شاء الله – بعقد المقارنة بينهم وبين الجهمية والمعتزلة .
أولا : اعتقاد الأشاعرة في القرآن الكريم وفي كلام الله تعالى
.

1- أثبت الاشاعرة صفة الكلام لله تعالى .
2- والمقصود به الكلام النفسي ، وهو المعنى القائم بالنفس .
3- وقالوا : إنه معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض ولا يتفاضل ، يستوي فيه الأمر والنهي والخبر والاستخبار . إن عبر- بالبناء للمجهول - عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلا ، وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة .
4- وقالوا : كلام الله ليس بحرف ولا صوت . منزه عن التقديم والتأخير والكل والبعض وليس متلبسا بالترتيب المألوف من تقديم وتأخير.
5- والكلام يطلق في الحقيقة على المعنى القائم بالنفس . ويطلق على الكلام اللفظي كالقرآن باعتبارين :
باعتبار المجاز ، أو باعتبار الاشتراك .
6- وقالوا : إن القرآن الذي نقرؤه مخلوق ، ألفاظه وحروفه وآياته وسوره .
7- وإنه لا يجوز التصريح بذلك إلا في مقام التعليم
8- وإن القرآن يقال له كلام الله بمعنى أنه خلـــــــــــــقه في اللوح المحفوظ .
9- وبينوا أنه لا خلاف بينهم وبين المعتزلة في خلق هذا القرآن المشتمل على الحروف والترتيب والتقديم والتأخير . وإنما الخلاف في الكلام النفسي ، هل هو ثابت لله أم لا .

شرح وتعليق :1- قولهم : إن الكلام النفسي معنى واحد يستوي فيه الأمر والنهي والخبر ومنزه عن التقديم والتأخير والترتيب :
جمع بين المتناقضين ومخالفة لبديهة العقل . إذ كيف يستوي فيه الخبر والإنشاء . فالخبر ما يحتمل والصدق والكذب ، والإنشاء بخلافه . فكيف يقال : يحتمل الصدق والكذب ولا يحتمل الصدق والكذب .
وهل يقول عاقل إن قوله : وأقيموا الصلاة هو عين قوله : ولا تقربوا الزنى ؟!
2- قولهم : ليس فيه تقديم ولا تأخير . معناه أن كلامه كله قائم بذاته أزلا ، فليس له كلام متعلق بمشيئته ، وكلامه لموسى أو كلامه لآدم يوم القيامة أو كلامه لأهل الجنة كله موجود في الأزل ، لا يجدّ منه شيء.
ومعناه أيضا :
أن الذي يوحى للرسل وغيرهم مما يتعلق بالأزمنة والأمكنة هو العبارات عن هذا الكلام ، والدلالات عليه ، وهي مخلوقة ، كالذي سمعه موسى حين أتى الشجرة .
وستأتي الأدلة التي لا حصر لها ، مما يخالف هذا المعتقد .
3- قولهم : ليس بحرف ولا صوت
معناه : أن أحدا لم يسمع كلام الله ، لا جبريل ولا آدم ولا الملائكة حين أمرهم بالسجود ولا موسى ولا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ولا أهل الموقف ولا أهل الجنة .
لان الكلام معنى في النفس ، ليس بالألفاظ ولا بالحروف .
4- وقالوا : عن كلام الله لموسى عليه السلام : ( أزال منه المانع حتى سمع كلامه القديم الذي ليس بحرف ولا صوت .... ثم رد المانع عليه فلم يسمع وليس أن الله ابتدأ كلامه لموسى ، ولا انعدم كلامه بعد رد المانع عليه لأن كلام الله تعالى قديم ) شرح أم الراهين للأنصاري ص 20
وقال غيره : كشف عنه الحجاب حتى سمع الكلام القديم !
وفي هذه الجمل أمور :
كيف سمع كلاما بلا حرف ولا صوت ؟
لا يقال إن موسى سمع جزءا من كلام الله ، فكلام الله لا يتجزأ .
ومنهم من قال : إن موسى عليه السلام سمع صوتا تولى الباري خلقه من غير كسب للعباد !!!
ومنهم من قال : سمع صوتا من جميع الجهات ، ولم يبينوا صوت من هذا . مع جزمهم أن كلام الله معنى قائم بالنفس .
قال شيخ الاسلام : 12/49
" وجمهور العقلاء يقولون : قول هؤلاء معلوم الفساد بالضرورة .
وهؤلاء يقولون : تكليمه لموسى ليس إلا خلق إدراك يفهم به موسى ذلك المعنى . فقيل لهم : أفهم كل الكلام أم بعضه ؟
إن كان فهمه كله فقد علم علم الله !
وان كان فهم بعضه فقد تبعض . وعندهم كلام الله لا يتبعض ولا يتعدد .
وقيل لهم : قد فرق الله بين تكليمه لموسى وإيحائه لغيره ، وعلى أصلكم لا فرق " انتهى.
5- تجاهل الأشاعرة النصوص الصحيحة الصريحة التي تثبت الصوت والنداء والكلام بالحروف ، والنصوص التي تعلق الكلام بالمشيئة كقوله تعالى : إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون
" .
وسيأتي كلام الإمام أحمد في الحكم على من أنكر الحرف والصوف أنه جهمي .
6- قولهم : إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا أو بالعبرانية كان توراة من أفسد الأقوال .
فلو ترجمت التوراة إلى العربية فهل يتفق المعنى ؟!
قال شيخ الاسلام : ( وجمهور العقلاء يقولون : إن فساد هذا معلوم بالضرورة بعد التصور التام ، فإنا إذا عربنا التوراة والإنجيل لم يكن معناهما معنى القرآن ، بل معاني هذا ليست معاني هذا . وكذلك ( قل هو الله أحد ) ليس هو معنى ( تبت يدا أبي لهب ) ولا معنى آية الكرسي ولا آية الدين " انتهى.
7- تصريحهم بخلق القرآن :
قال البيجوري في شرح جوهرة التوحيد ص 72
" واعلم أن كلام الله يطلق على الكلام النفسي القديم ، بمعنى أنه صفة قائمة بذاته تعالى
وعلى الكلام اللفظـــــي بمعنى
أنه خلـــــــقه
، وليس لأحد في أصل تركيبه كسب . وعلى هذا يحمل قول السيدة عائشة : ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى ." انتهى .
فإذا سمعت أشعريا يقول : القرآن كلام الله ، فاعلم أن مراده أن ألفاظ القرآن تسمى كلام الله بمعنى أن الله خلقها .
وأما كلام الله حقيقة فهو النفسي وهذا غير مخلوق .
وتذكر ما قاله ذاك العلامة : من قال القرآن الذي هو كلام الله وصفته مخلوق فهو كافر .
فالذي هو كلام الله وصفته هو الكلام النفسي . فانتبه .
وقال البيجوري ص 72
" واطلاقه عليهما – أي إطلاق الكلام على النفسي واللفظي – قيل بالاشتراك ، وقيل : حقيقي في النفسي مجاز في اللفظي ،
وعلى كلّ من أنكر أن ما بين دفتي المصحف كلام الله فقد كفر ، إلا أن يريد أنه ليس هو الصفة القائمة بذاته تعالى ." أي فلا يكفر حئنئذ.
وقال : " ومع كون اللفظ الذي نقرؤه حادثا : لا يجوز أن يقال : القرآن حادث إلا في مقام التعليم !!!!!! "
إذن لم لا يجوز في غير مقام التعليم ؟
قال : " لأنه يطلق على الصفة القائمة بذاته أيضا لكن مجازا على الأرجح ، فربما توهم من إطلاق أن القرآن حادث أن الصفة القائمة بذاته تعالى حادثة ، ولذلك ضرب الإمام أحمد بن حنبل وحبس على أن يقول بخلق القرآن فلم يرض " اه
قلت : دعوا احمد بن حنبل ، فما أبعد ما بينكم وبينه !!!
فهل تحمل كل ذلك من باب الورع ؟!!
سيأتي من كلام أحمد ما يجعل الأشاعرة في مصاف الجهمية في هذه المسألة .
ولا تظن أن معاني القرآن عندهم قديمة
قال البيجوري : ص 72
" وقال السنوسي وغيره من المتقدمين : إن الألفاظ التي نقرؤها تدل على الكلام القديم ، وهذا خلاف التحقيق ؛ لأن بعض مدلوله قديم .... وبعض مدلوله حادث ".
" لان بعض مدلوله قديم كما في قوله تعالى " الله لا اله إلا هو الحي القيوم " وبعض مدلوله حادث كما في قوله تعالى ( إن قارون كان من قوم موسى ) والتحقيق : أن هذه الألفاظ تدل على بعض مدلول الكلام القديم !!!!!" .
وقال ص 73
" وقد أضيف له تعالى كلام لفظي كالقرآن ، فإنه كلام الله قطعا بمعنى
أنه خلـــــقه في اللوح المحفوظ " .
فإذا سمعت أشعريا يقول : القرآن كلام الله ، يقصد الألفاظ ، فالمعنى : أن الله خلقه في اللوح المحفوظ .
وأما إن قصد المعنى المجازي للقرآن وهو الكلام النفسي ، فالمراد بكونه كلام الله أنه صفته تعالى .
وقال البيجوري ص 94
" ومذهب أهل السنة ! أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق
وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــــوق ، لكن يمتنع أن يقال : القرآن مخلوق ويراد به اللفظ الذي نقرؤه إلا في مقام التعليم ؛ لأنه ربما أوهم أن القرآن بمعنى كلامه تعالى مخلوق " .
انتهبه : القرآن بمعنى كلامه النفسي ، غير مخلوق .
وتذكر : إطلاق كلام الله على القرآن مجاز .
8- من الذي عبر بالقرآن ؟
ما دام أن كلام الله هو المعنى النفسي ، فمن الذي عبر بهذه الألفاظ المعجزة ؟
اختلف الاشاعرة :
فقيل : خلقه الله في اللوح المحفوظ ، فليس لأحد من الخلق في تركيبه كسب .
وقيل : المعبر هو جبريل .
وقيل : المعبر هو محمد صلى الله عليه وسلم .
قال البيجوري في شرح الجوهرة ص 95
عند قول الجوهرة :
فكل نص للحدوث دلا **** احمل على اللفظ الذي قد دلا
" وقوله ( على اللفظ ) أي على القرآن بمعنى اللفظ المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سورة منه .
والراجح أن المنزل اللفظ والمعنى .
وقيل : المنزل المعنى ، وعبر عنه جبريل بألفاظ من عنده .
وقيل : المنزل المعنى وعبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ من عنده .
لكن التحقيق الأول ؛ لأن الله خلــــــــــــــــقه أولا في اللوح المحفوظ ، ثم أنزله في صحائف إلى السماء الدنيا في محل يقال له بيت العزة في ليلة القدر ... ثم أنزله على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا بحسب الوقائع ." انتهى
تنبـــــه :
إذا سمعت أشعريا يقول : أنزل الله القرآن على محمد ، فالمراد خلق الله القرآن في اللوح المحفوظ ثم أنزله على محمد . وليس المراد أن الله تكلم بهذا القرآن ، ولا أن جبريل سمعه من الله . ولا أن محمد سمع القرآن الذي هو كلام الله وصفته .
وإذا قيل " حتى يسمع كلام الله " وأسمعت أحدا القرآن ، فهو لم يسمع كلام الله حقيقة !!! وإنما أطلق كلام الله على القرآن مجازا كما سبق !!
إذا كان المعبر جبريل أو محمد ، والمعنى من الله
فكيف أخذ جبريل المعنى عن الله ؟؟؟؟؟
ألقاه الله في نفس جبريل ؟!
ويرد عليهم ما سبق : إذا كان كلام الله معنى واحدا لا يتبعض ، فهل علم جبريل كل كلام الله ؟؟؟؟!!!
وقال البيجوري ص 95
" لكن يمتنع أن يقال : القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم كما سبق " انتهى
لاحظ : كررها المؤلف ثلاث مرات !!!!

.
**************
مراجع الأشاعرة :
شرح الجوهرة للبيجوري
شرح أم البراهين لأحمد بن عيسى الأنصاري
شرح الخريدة للدردير
أصول الدين للبغدادي
الإرشاد للجويني
التمهيد للباقلاني
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية