عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 09-07-2003, 07:13 AM
عابر سبيل عابر سبيل غير متصل
ابو معاذ
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: نيويورك
المشاركات: 2,259
إرسال رسالة عبر MSN إلى عابر سبيل
Arrow نواصل

هذا الواقع المأزوم والمَرَضِــــــي مثَّل مرتعاً خصباً لأحلام كل طائفة في السيطرة ـ وفي لبنان خصوصاً ـ لا تمثل قوة الطائفة إلا بمددها الخارجي وتبعيتها الدينية والسياسية والمالية. وكانت الطائفة الشيعية التي يمـثـلها "حزب الله" سياسياً وعسكرياً ـ موضوع حديثنا ـ من تلك الطوائف التي أرادت ـ أو بالأصح أريد منها ـ أن تحقق الحلم بتكوين دولة تقوم على تبني المذهب الجعفري الاثني عـشــري منهجاً ونظاماً؛ فلبنان أريد به أن يكون. إما دولة نصرانية عربية بميول غربية وسط تجـمـــــع مسلم ضخم، وإما دولة شيعية عربية بميول فارسية وسط تجمع سني ضخم كذلك.
والـدولـــة الأولى: النصرانية لعل لها حديثاً آخر، أما المراد الآخر فلا بد من الوقوف فيه أولاً على بعض المرتكزات؛ حتى تتضح الصورة من بداياتها وصولاً إلى منتهاها.


لبنان وإيران قصة العلاقة:

حين استولى الصفويون على حكم إيران، في مطلع القرن السادس عشر، وجعلوا من التشيع الإمـــامي دين الدولة والأمة، وحصنوا إيران به بإزاء الفتح العثماني "التركي السني" كان التـشـيـع يــذوي ويـتـلاشـــى، إنْ في مدارس النجف أو في مدارس خراسان، فعمد الشاه إسماعيل إلى استقدام علماء مــن جبل عامل ـ جنوب لبنان ـ لتدريس الفقه الإمامي، فكان منهم: (بهاء الدين العاملي محـمــــد بن الحسين بن عبد الصمد، 953-1031هـ ) الذي أصبح شيخ الإسلام في أصفهان في عـهـــــد الشاه عباس الكبير، والمحقق الكركي علي بن الحسين ابن عبد العالي العاملي، ت 940هـ - 1533م الذي قَدِم النجف ثم رحل إلى بلاد العجم لترويج المذهب، والسلطان حينئذ الـشـــــاه إسماعيل الصفوي الذي مكنه من إقامة الدين وترويج الأحكام، وكان يُرغِّب عامة الناس فـي تعلم شرائع الدين ومراسم الإسلام، ويحثهم على ذلك بطريق الالتزام، وكان أن جعل فـي كل بلدة وقرية إماماً يصلي بالناس ويعلمهم شرائع الدين، وبالغ في ترويج مذهب الإمامــيــــة؛ بحيث لقبه بعضهم بمخترع مذهب الشيعة.(7)
ومنطقة جبل عامل أو عاملة في قلب جنوب لبنان كانت أهم مرجعية شيعية في العالم بين القرنين الميلاديين الرابع عشر والسادس عشر، ومع بداية هذا التعاون مع الدولة الصفوية أُبيد الآلاف من السُنّة من العامة والعلماء؛ ففي تبريز ـ العاصمة ـ وحدها كان السُنّة فيها لا يـقـلـــون عن 65% من السكان، وقد قتل منهم في يوم واحد 40ألف سني!! كما أُجبر الألوف عـلــى الـتـحـول القسري إلى مذهب الإمامية(8) كما كانت هناك مؤامرات عديدة وتعاون مع قوى غربية عـلـى إســقــاط الدولة العثمانية، وهي من الأمور غير الخافية عبر التاريخ(9).
وقد استهوت التجربة الصفوية الشيعية "المضطهدين" في العراق وجبل عامل ـ جنوب لبنان ـ والـبـحـريــن، وذهـــــب العلماء بالخصوص ليدعموا تأسيس الدولة الشيعية "الصفوية" الوليدة(10).
ونـسـتـطـيــع أن نتجاوز حقبة زمنية بعيدة حتى نصل إلى صورة قريبة تبين تلك العلاقة الحميمة والوطيدة التي يحاول نفر من الناس فصلها وتزييف الواقع ووقائعه.
فقد قيل لـ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله: إن دور حزبه لن ينتهي؛ لأنه حزب مستورد من الخارج، (سوريا أو إيران) فقال: لنكن واضحين ونحكي الحقائق: الفكر الذي ينتمي إليه "حــــــزب الله" هــــو الفكر الإسلامي، وهذا الفكر لم يأت من "موسكو" أيام الاشتراكية ولا من "لندن وباريـــــس" ولا حتى من "واشنطن" في زمن الليبرالية، هو فكر الأمة التي ينتمي إليها لبنان، إذن نـحــن لم نستورد فكراً، وإذا كان من يقول: إن الفكر إيراني. أقول له: إن هذه مغالطة؛ لأن الـفـكتـــر في إيران هو الفكر الإسلامي الذي أخذه المسلمون إلى إيران، وحتى هذا الفكر خاص بعلـمــاء جبل عامل. اللبنانيون هم الذين كان لهم التأثير الكبير في إيران على المستوى الحضاري والـــديني في القرون السابقة؛ أين هو الاستيراد؟ هذا الحزب كوادره وقياداته وشهداؤه لبنانيون(11).
وفي إحدى الاحتفالات التأبينية التي تقام في لبنان قال إمــام جمعة مسجد الإمام المهدي الشيخ حسن طراد: إن إيران ولبنان شعب واحد وبلد واحــــــــد، وكما قال أحد العلماء الأعلام: إننا سندعم لبنان كما ندعم مقاطعاتنا الإيرانية سياسياً وعسكرياً(12).
وفي مناسبة تأبينية أخرى قال الناطق باسم حزب الله ـ ذاك الوقت ـ إبراهيم الأمين: نحن لا نقول: إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران(13).
ويقول محمد حسين فضل الله المرشد الروحي لحزب الله: إن علاقة قديمة مع قادة إيران الإسلامية بدأت قبل قيام الجمهورية الإسلامية، إنها علاقة صداقة وثقة متبادلة، ورأيي ينسجم مع الفكر الإيراني ويسير في نفس سياسته(14).
ويقول حسن نصر الله: إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام والدولة التي تناصر المسلمين والعرب. وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما إن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا(15).
ويُؤَمِّن على كلام أمين الحزب مساعد وزير الخارجية الإيرانيـة لـلـشـــؤون الـعـربــيـــــة والإفريقية، د. محمد صدر فيقول: إن السيد حسن نصر الله يتمتع بشعبية واسعة في إيران كما تربطنا به علاقات ممتازة(16).
وقد حذر علي خامنئي مرشد الثورة من إضعاف المقاومة الإسلامية وقال: إنه يجب التيقظ ومنع الأعــــداء من ذلك، إن شعلة المقاومة يجب أن لا تنطفئ؛ لأن أولئك الأبطال واجب على إيران مساعدتهم(17).
فهكذا يتبين التـرابـــــط المتكامل بين إيران الثورة وحزب الله وشيعة لبنان، فقد أصبحت إيران الأم الرؤوم والمـحـضــــن الدافئ والمرعى الخصيب والنموذج الذي يتطلع إليه عموم الشيعة؛ فهي القبلة الدينية والسياسية لهم.


يتبع ----->
__________________



كلما حاولت اعدل في زماني .. قامت الامواج تلعب بالسفينه