عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 22-03-2005, 06:56 AM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي

وفي السياق ذاته، سياق المقتلة الفظيعة بحق المدنيين العراقيين الابرياء نشرت جريدة الشرق الاوسط ـ عدد 16/3 مقالة للمفكر الاسلامي المصري المعروف بفكره المستنير وعدائه الشديد للهيمنة الغربية فهمي هويدي مقالة بعنوان (مطلوب ادانة اسلامية قوية.. لقتل الشيعة في العراق.. وللسلفية الجاهلة).
في هذه المقالة المهمة نستمع الي اول صرخة حق عربية غير عراقية ـ ومعذرة لمن صرخ قبله فلم ندرك صرخته او تدركنا ـ بوجه المقتلة الفظيعة التي تقوم بها المخابرات الامريكية والاقليمية او بعض التيارات التكفيرية والمخترقة مباشرة من قبل العدو الامريكي او تلك الموظَفة بشكل غير مباشر من قبل العدو ذاته.
مقالة الاستاذ هويدي تأتي لتفضح صمت من اسماهم العلامة العراقي علي الوردي قبل عدة عقود بوعاظ السلاطين خصوصا من العرب غير العراقيين، كما انها تشكل لطمة علي خطوم الذين راحوا يخوضون في دماء الضحايا من المسلمين الشيعة خصوصا وينوحون كذبا ونفاقا خدمة لمشروع ترسيخ الاحتلال والنيل من المقاومة العراقية الباسلة التي تستهدف العدو المحتل ومن يقاتل معه، واخيرا فهذه المقالة تكشف عورة بعض اللازقين بتلك المقاومة لزقة الحق الذي يراد به الباطل حتي بلغ الامر باحد هؤلاء اللازقين انه صار يعطي للشيخ فلان والشيخ فلان فقط الحق بالكلام عن هذه الظاهرة الخطيرة وعلي الآخرين ان يخرسوا والا...!
يمكن ان نعتبر تصريح هذا اللازق منطويا علي تنازل صغير فقد دأب امثال هذا المقاول باسم المقاومة ان هدد كل من يناقش ظاهرة المقاومة او جرائم التفجيرات العشوائية التي تستهدف المدنيين العراقيين بالويل والثبور وعظائم الامور فلنتذكر المقصات التي كانت تقص بها السنة المعارضين في عهد النظام الصدامي!
في مقالته يطلق الاستاذ فهمي هويدي صرخة شريفة طالبا من المراجع الدينية والشخصيات الاسلامية خارج العراق القيام (بحملة تعبئة مضادة قوية وعالية النبرة، تسمع الجميع صوت علماء اهل السنة بل صوت الضمير الاسلامي والوطني الرافض لذلك السلوك، صونا لدماء وكرامة المسلمين الشيعة ودفاعا عن وحدة العراق).
وقد وردت في هذه الصرخة المقالة عدة حقائق خطيرة نلخصها في التالي وسنقتبس عبارات الاستاذ هويدي حرفيا:
ـ (اصبح مقتل العشرات في العراق خبرا عاديا، تراجعت اهميته في بورصة الاخبار، حتي بات يحتل المرتبة الثالثة او الرابعة في النشرات اليومية، اذ تقدمت عليه اخبار سورية ولبنان والكلام عن الانسحاب من غزة واجتماع الفصائل الفلسطينية وتصعيد ملف ايران النووي).
ـ (يوم الاحد الماضي اعلن عن العثور علي جثث 13 شيعيا قطعت رؤوسهم في منطقة اللطيفية جنوب بغداد. ويوم الخميس الذي سبقه قام انتحاري بتفجير نفسه في رواد مسجد تابع للشيعة في الموصل اثناء مجلس للعزاء مما ادي الي قتل 50 شخصا واصابة اكثر من ثمانين جريحا وفي اليوم التالي مباشرة سقطت قذيفة هاون في نفس المكان. وفي الشهر الماضي قتل 82 من الشيعة في تفجير انتحاري اثناء الاحتفال بذكري عاشوراء. وقبله باسابيع قليلة جري تفجير سيارة ملغومة امام احد مساجد الشيعة في بغداد مما ادي الي مصرع 15 شخصا، وقائمة الوقائع طويلة لم تخل من تصفيات جسدية لعناصر من الشيعة، وآخرين من علماء السنة). ماذا يعني ذلك كله؟
ـ (المقطوع به ان ذلك امر لا علاقة له بالمقاومة الوطنية ولكنه نوع من الاجرام الارهابي الذي لا يمكن تبريره من اي باب، ولا يغير من الطبيعة الاجرامية لتلك العمليات صدور بيان باسم ابو مصعب الزرقاوي يندد فيه بالشيعة ويعتبرهم رافضة ، ويهاجم المرجع الديني آية الله علي السيستاني. بل ان ذلك البيان البائس يمكن استخدامه دليلا علي تورط الزرقاوي وجماعته وضلوعهم في ارتكاب تلك الجرائم البشعة).
ـ (ليس سرا ان السلفيين لهم موقف تقليدي من الشيعة، غير ان السلفيين ليسوا شيئا واحدا، ففيهم المعتدلون والمتطرفون والعقلاء والاغبياء والواعون والجهلاء، ولست اشك في انه اذا كان للسلفيين يد في تلك الجرائم فانها لن تكون سوي يد المتطرفين والاغبياء والجهلاء الذين قد لا يتذرعون عن اشعال حريق مصر في العراق كله لتصفية حسابات قديمة مع الشيعة وهم لا يبالون ـ وقد لا يعرفونـ انهم بما يفعلون يقدمون خدمة مجانية للاحتلال، الذين يزعمون انهم يحاربونه ايضا).
ـ (ليس ذلك هو الاحتمال الوحيد، لاننا ينبغي الا نستبعد اختراقا لصفوف السلفيين من جانب الي طرف آخر يهمه تفجير العلاقة بين السنة والشيعة، وهناك اطراف عدة يهمها ذلك، سواء كانت اجهزة استخبارات اجنبية ـ الموساد او المخابرات المركزية الاميركية مثلا ـ او كانت جماعات ذات صلة بدول اجنبية تهمها اشاعة الفوضي في العراق من ذلك الباب. وحدوث مثل ذلك الاختراق امر ميسور للغاية، خصوصا اننا نتحدث عن شريحة من السلفيين عديمة الوعي، وتتسم بالجهل الذي يعميها عن ادراك مآلات ما يقدمون عليه).
ـ الي جانب ذلك، فاننا لا نستبعد ان تقدم تلك الاطراف بنفسها علي ارتكاب تلك الجرائم، مستثمرة اجواء الفوضي الامنية ضاربه الاطناب في البلاد، وهي تستطيع ان تفعل ذلك وتقبع في الظلام، اطمئنانا الي ان اصابع الاتهام ستشير مباشرة الي السلفيين اصحاب الموقف المعادي للشيعة والمحرض عليهم. يعزز هذا الاحتمال ان العمليات تتم باتقان وتستصحب اختفاء سريعا للفاعلين، بدليل انه لم يقبض علي احد حتي الآن من الفاعلين، الذين اصبحت تبتلعهم الارض بعد ارتكاب جرائمهم.
ما يثير الانتباه ـ ويستحق التقدير والاعجاب حقا ـ ان تلك المحاولات فشلت حتي الآن في تحقيق مرادها، اذ عدا بعض التصرفات الصغيرة وغير المسؤولة التي صدرت عن بعض الافراد علي الجانبين. فان مراجع الشيعة والسنة نجحوا في تفويت فرصة التفجير، وما برحوا بعد كل جريمة يشددون علي اهمية تلاحم الطرفين ويدعون الي ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الانفعالات، وينبهون الي ان اي استجابة انفعالية لمثل تلك الجرائم تهدد وحدة العراق وتخدم مخططات اعدائه).
ـ (ارجح ان الذين يقومون بتلك الممارسات ايا كانت هوياتهم غرباء عن النسيج العراقي وغير مدركين لثقافته الراسخة منذ عقود، هم لا يعرفون مثلا ان التداخل بين السنة والشيعة بعيد المدي، الامر الذي يتعذر دفعه الي القطيعة).
(حتي الآن ما زال المجتمع العراقي عصيا علي احتمالات الحرب الاهلية، وايا كانت تحفظاتنا علي مواقف بعض الاطراف من الاحتلال، فالقدر الثابت ان تجنب الحرب الاهلية واطفاء شرارتها اولا باول يشكل موضع اجماع بين كل الفئات، وهو ما يعزز ثقتنا في نضج العقل الجمعي في العراق، وقوه نسيجه التاريخي والحضاري.
وان قامت المراجع الدينية والقوي السياسية بما عليها في العراق، الا انني ازعم ان المراجع ذاتها الموجودة خارج العراق لم تضم بما يكفي، سواء في الدعوة الي تجنب الحرب الاهلية، او في الدفاع عن وحدة العراق من هذه الزاوية).
ويختم الاستاذ هويدي مقالته بالقول او النداء المضمر التالي:
(لقد تمنيت ان تكون وقفة المراجع الدينية خارج العراق ضد استهداف الشيعة، وضد السلفية الجاهلة التي عبر عنها بيان الزرقاوي ـ ان صحت نسبته اليه ـ اقوي مما هي عليه الآن. لست اتحدث عن مقالة في صحيفة تستنكر العملية، او حلقة في برنامج الشريعة والحياة يتحدث فيها الشيخ يوسف القرضاوي، وانما اتحدث عن حملة تعبئة مضادة قوية وعالية النبرة، تسمع الجميع صوت علماء اهل السنة بل صوت الضمير الاسلامي والوطني الرافض لذلك السلوك، صونا لدماء وكرامة المسلمين الشيعة ودفاعا عن وحدة العراق).
تعليق اخير: لقد خرقت صرخة الاستاذ هويدي جدار الصمت الوعظوي وكانت صادقة في توجهها واتجاهها اما تحليلها للظاهرة موضوع الحديث فلا يبتعد كثيرا عما كتبناه منذ ايام وكرره اخوة لنا في القلم والهم المشترك مركزين علي الامور التالية:
ـ تبرئة المقاومة الوطنية والاسلامية العراقية من هذه الجرائم مع ان فصائل هذه المقاومة بحاجة الي الافصاح عن موقفها المعادي لقتل المدنيين في كل مناسبة تقع فيها كارثة من هذا النوع فالامر لا يكلف شيئا علي الصعيد العملي اما الصمت فلا يخدم سوي اعلام الاحتلال ومن معه ايما خدمة.
ـ تحميل المسؤولية غير المباشرة لكل ما يحدث في العراق وخصوصا تلك الجرائم البشعة للاحتلال الاجنبي وتحميل المسؤولية المباشرة للمنفذ الفعلي لها واعتبارها جرائم مدانة بغض النظر عمن قام بها سواء كان جاسوسا امريكا او صهيونيا او اقليميا او تكفيريا من السلفية الجاهلة.
واخيرا فان من الضروري والملح شرح سياق الظاهرة السياسي والاجتماعي بجرأة ووضوح دون الوقوع في مطبات ومنزلقات الانحياز الطائفي البغيض فكما ان علي الوطنيين ان يكونوا حازمين ازاء جرائم التيارات السلفية الجاهلة كما سماها الاستاذ هويدي فان عليهم ان يكون حازمين ايضا بوجه الجرائم التي ترتكبها مليشيات بدر وغيرها ضد العراقيين العرب السنة ورجال دينهم وزعمائهم.
تحية وفاء لاستاذنا الشجاع فهمي هويدي الذي اشاع فينا بصيص الامل بعد ان كان قتام القنوط يسدل ستارهُ الثقيل علينا ونأمل ان لا تذهب صرخة الاستاذ هويدي في وادٍ غير ذي زرع فيكون الاستاذ كمن يغرد خارج السرب لا سامح الله..
ان المنتصر الحقيقي في حالِ سَمِعَ علماءُ وزعماءُ المسلمين السنة العرب خارج العراق نداء الاستاذ هويدي هي الوحدة الشريفة والمصيرية بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة، فهاتان الطائفتان الشقيقتان هما الجناحان اللذان يحلق بهما الاسلام الحنيف، المقاوم، المستنير..
ـ وشكرا استاذنا الشجاع فهمي هويدي! بيَّض الله وجهك!
كاتب من العراق يقيم في جنيف