عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 28-06-2006, 07:52 AM
الرد الرد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
المشاركات: 93
إفتراضي

الخطبة الثانية:

الحمد لله، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
اعلموا عباد الله أن الأمن نعمة عظيمة تُطلب من اللهِ واهبِها للخلق، ولله سنن في خلقه، فالمعاصي والذنوب سبب لكل فساد {ظهر الفاسد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.

ومع ذلك فمهما بلغت معاصي الأمة فليس هناك مسوغ للفتك بها، ولا حق لكبير ولا صغير، ولا قريب ولا بعيد أن يبطش بها، وأن يسفك دمها، وأن يشيع بينها الرعب والخوف، وما شرع الله -عز وجل- الحدود والقصاص إلا لأجل ردع الجناة العابثين بأمن الأمة المفرقين لجمعها، المشتتين لشملها، الذين يخدمون أعداءها بقصد أو بغير قصد، فالعبرة بالنتائج -يا عباد الله-، ومن ثمارهم تعرفونهم، ولهذا خسر هؤلاء قضيتهم إن كانوا يظنون إنهم بذلك يجاهدون، فبئس الجهاد جهادهم، وبئس الفعل فعلهم، وبئست الأغراض والمقاصد مقاصدهم!
أي جهاد هذا الذي يكون في الفنادق؟!! الجهاد في الخنادق وليس في الفنادق!

الجهاد في ميادين القتال في مواجهة الأعداء المحتلين المغتصبين بطرق شريفة لا بأساليب خسيسة وحشية.

فالبشاعة في القتل يأباها الإسلام، ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغدر، وهذا من صور الغدر، يأتي الواحد من هؤلاء الأبطال المزعومين! يلبس حزاماً ناسفاً، وينخرط في جموع الأعراس كأنه واحد منهم، جاءهم يقاسمهم جمعهم، ويشاركهم فرحتهم، وإذا هو عدو لدود قاتل، ووحش كاسر، لا يرقب فيهم إلا ولا ذمة في مسلم ولا ذمي، ولا صغير ولا كبير، ويبدأ بقتل نفسه وهو عين الانتحار، يظن أنه شهيد! وما هو والله بشهيد، بل هو حطب جهنّم؛ لأن الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}.

فكيف إذا قتل طفلا رضيعاً؟!
كيف إذا روّع الآمنين؟!
كيف إذا زعزع بلداً آمنا؟!!
فليست هذه الأفعال الإجرامية من الجهاد في شيء!
وليست من الشهادة في شيء!

إن هذا الفكر -التكفيري- الخطير ينبغي أن نحذره، وأن نحذِّر منه، وإذا ابتليتَ بواحد من هؤلاء فينبغي أن ترجع إلى العلماء، ليجلسوا معه ويناظروه، ويقيموا الحجة عليه، وعليك أن تتقي الله يا مسلم يا عبدالله فيمن يدخل بيتك، ومن تؤجره؛ فإن هؤلاء القتلة ما عاشوا في عراء ولا سكنوا الخلاء، إنهم سكنوا بيوتاً واستأجروها، ولهذا ينبغي أن تكون يا صاحب البيت أيها المؤجر يقظاً حذراً، فتراقب -وهذا واجب عليك-، لا أقول: لك أن تتجسس، وإنما تكون ذكياً فطناً، فتعرف من يدخل ويخرج، وماذا يحمل، وما هي مقاصده، وان تسأله عن اسمه، هل تعرف هويته وانتماءه؛ لتعينَه إن كان خيّراً طيِّباً، صالحاً، فأمّا إن كان غادراً، أو خبيثاً ، أو عدوّاً مندساً، فالواجب أن تحذره، وتحذِّر منه، لِتكون سبباً في إطفاء فتنة قد تقع، ومنع كارثة قد تحدث، فلهذا قال -عليه الصلاة والسلام- : «لعن الله من آوى محدثاً» [رواه مسلم].

والتستر على المجرم جريمة يعاقب عليها الشرع، وكذا القوانين.
وقال صلى الله عليه وسلم: «المدينة حرم من عير إلى ثور، من أحدث فيها أو أوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».

تصور أيها الأخ المسلم وتفكر لو رأيت ناراً شبت في دارك كيف يكون حالك، ألا تخرج فزعاً صارخاً تطلب النجدة؟!
فإن كان هذا وقع في دار جارك ما الذي يجب عليك شرعاً؟
أليس أقل الأحوال أن تتصل بالإطفائية؟!
أليس أقل الأحوال أن تأخذ دلواً من ماء فتهريقه على هذه النار؟!

عباد الله: حينما ألقي إبراهيم -عليه السلام- في النار فزعت كل الحيوانات وهي غير مكلفة فملأت أفواهها بالماء وأخذت تتفل هذا الماء على النار لتطفئها، وأنّى لهذه النار أن تنطفئ، ببصقة ثعلب أو ذئب أو قطة أو دجاجة إلا حشرة الوزغة [السام الأبرص(1)] تلك الحشرة الخبيثة، هذه الحشرة كان موقفها عدائياً سلبياً من خليل الله إبراهيم، جاءت لتنفخ على النار لتزداد اشتعالا، علم الله قصدها الخبيث فسجل الله عليها هذا الموقف العدائي لوليه وخليله إبراهيم فجعل لمن قتلها من الضربة الأولى مائة حسنة، ولذلك يتسابق الصالحون والمؤمنون على ضربها وقتلها بالنعال.
ماذا تصنع هذه الحشرة بنار متأججة إشعالاً أو إطفاءً! ولكنه القصد الخبيث!

ولهذا يجب الحذر من هذه الجماعات التكفيرية والتحذير منها، ولستَ آثماً إذا علمت أحداً يخطط للتقتيل والإفساد والترويع فبلغت الأمن عنه، بل تكون مجرماً أثماً مشاركاً في جريمته إن سكتَّ عنه!!

أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجنب بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين القتل والتقتيل والشر والتدمير والكفر والتكفير. وأن يجنبه سائر الفتن والمحن والبلاء والوباء، وسائر النقم.وأن يتم عليه أمنه وإيمانه، وان يرد أهله إلى دينهم الحق رداً جميلاً، وأن يوفقهم جميعاً للاعتصام

ـــــــــــ

1- سميت ساماً أبرصاُ لأنها إذا وقعت في الطعام وتفسخت فيه كان سماً زعافاً قاتلاً لمن أكله.