عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 24-08-2006, 01:44 PM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

مجال ترشيد شباب الصحوة

ومن أبرز الميادين التي توجهت إليها همة الدكتور القرضاوي ونشاطه، وظهر فيها تأثيره، وجند لها في السنوات الأخيرة لسانه وقلمه وفكره وعلمه وجهده: ميدان شباب الصحوة الإسلامية المعاصرة، فهو يحضر الكثير من المعسكرات والمؤتمرات واللقاءات التي ينظمها شباب الصحوة في داخل البلاد الإسلامية وخارجها، وقلما يمّمت وجهك شطر هذه اللقاءات في أمريكا وكندا وأوروبا، الأسئلة المثارة والشبهات المثيرة، حول الإسلام وعقيدته وشريعته وتاريخه، وهو موضع الثقة والقبول العام من شباب الصحوة، لما يعتقدونه وما يلمسونه أيضاً من تمكنه من العلم، ورحابة أفقه في الفكر، وإخلاصه في الدعوة، وحرصه على البناء لا الهدم، وعلى الجمع لا التفريق، وتحريه دائماً الاعتدال والوسطية التي تتسم بالتيسير لا التعسير، وبالرفق لا العنف، فهم يقبلون منه ما لا يقبلون من غيره ممن قد يتهمونه في علمه أو دينه أو ولائه وارتباطه بجهة من الجهات.
أضف إلى ذلك ما نشره من مقالات، وما ألفه من كتب، وما ألقاه من خطب ومحاضرات، سجلت وانتشرت، تدور حول دعم الصحوة وتقويتها من جانب باعتبارها المعبر الحقيقي عن طموح الأمة الإسلامية وتطلعها إلى الحياة الإسلامية الكاملة، وحول ترشيدها وتسديد خطاها ومسيرتها بعيداً عن الغلو والتطرف والعنف.
وقد كتب في ذلك في مجلة "الأمة" القطرية، مقالات "صحوة الشباب الإسلامي ظاهرة صحية يجب ترشيدها لا مقاومتها" وقد جمعت وطبعت عشرات الألوف منها في عدد من البلاد العربية والإسلامية. كما كتب في مجلة "العربي" عن ظاهرة التطرف.
ثم أصدرت له مجلة "الأمة" كتابه الشهير "الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف" الذي طبع منه مئات الآلاف بالعربية، وترجم إلى عدد كبير من اللغات كالإنجليزية والأوردية والتركية والماليزية والأندونيسية والماليبارية.

كما أصدر كتاب "الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي" وكتاب "من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا" وكتاب "الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم".

ومن هذا الباب:

وقوفه في وجه "موجة التكفير" التي راجت يوماً في بعض الأقطار العربية والإسلامية والتي تقوم على تكفير الناس بالجملة، وقد نشر في هذا رسالته التي سماها "ظاهرة الغلو في التكفير" والتي طبع منها عشرات الألوف، وترجمت أيضاً إلى عدد من اللغات.
وهو يهيب بشباب الصحوة الإسلامية في لقاءاته بهم، أو كتاباته لهم: أن يتنقلوا من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل، ومن الاهتمام بالفروع والجزئيات إلى التركيز على الأصول والكليات، ومن الانشغال بالمسائل المختلف فيها إلى التأكيد على القضايا المتفق عليها، ومن التحليق الخيالي في سماء الأحلام إلى النزول إلى أرض الواقع، ومن الاستعلاء على المجتمع إلى المعايشة له وإعانته على حل مشكلاته"، ومن الدعوة بالعنف والتي هي أخشن إلى الرفق والدعوة بالتي هي أحسن، ومن الإهمال لسنن الله في الحياة إلى التعبد لله بمراعاتها، في ضوء الأصول الشرعية.
وقد وجدت دعوته تجاوباً من الشباب، وكان لها أثرها ـ مع دعوات العلماء الصادقين ـ في ترشيد مسيرة الصحوة.


مجال العمل الحركي والجهادي

اشتغل الدكتور القرضاوي منذ فجر شبابه بالدعوة إلى الإسلام، عقيدة ونظام حياة، عن طريق الخطب والمحاضرات والدروس والأحاديث، وساعده على ذلك اتصاله المبكر بحركة الإخوان المسلمين، وتعرفه على الإمام الشهيد حسن البنا، وهيأ له ذلك أن يجوب محافظات القطر المصري من الإسكندرية إلى أسوان، وإلى سيناء وأن يزور بعض الأقطار العربية مثل سورية ولبنان والأردن، بتكليف من الأستاذ حسن الهضيبي ـ المرشد الثاني للإخوان المسلمين ـ لنشر الدعوة، وهو لا يزال طالباً بكلية أصول الدين.
وقد لقي في سبيل دعوته كثيراً من الأذى والاضطهاد والاعتقال عدة مرات منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية في عهد فاروق سنة 1949م، وبعد ذلك في عهد الثورة في يناير سنة 1954م، ثم في نوفمبر من نفس السنة حيث استمر اعتقاله نحو عشرين شهراً، ثم في سنة 1963م.
ومما يذكر للشيخ القرضاوي أنه برغم ارتباطه بحركة الإخوان المسلمين، وانتمائه المبكر إليها، وابتلائه في سبيلها، وجهوده العلمية والدعوية والتربوية فيها، وإجماع أنصارها على عظيم مكانته فيها، نراه لا يألو جهداً في الدعوة برفق إلى النقد الذاتي لمواقفها، لترشيد مسيرتها وتحسين أدائها، وتطوير مناهجها، كما دعا بإخلاص إلى التعاون مع كل الحركات الإسلامية الأخرى، ولم ير بأسا من تعدد الجماعات العاملة للإسلام، إذا كان تعدد تنوع وتخصص لا تعدد تعارض وتناقض، على أن تتفاهم وتنسق فيما بينها، وتقف في القضايا الإسلامية الكبرى صفاً واحداً، وتعمق مواضع الاتفاق، وتتسامح في مواضع الخلاف، في دائرة الأصول الإسلامية الأساسية القائمة على محكمات الكتاب والسنة. وقد تجلى هذا الاتجاه النقدي البناء المنصف في عدد من كتبه وبحوثه ومقالاته ومحاضراته، ولقاءاته الصحفية. كما في كتاب "الحل الإسلامي فريضة وضرورة" الباب الأخير منه، ومقالات مجلة الأمة تحت عنوان "أين الخلل؟" وقد جمعت في رسالة مستقلة، وكتاب "أولويات الحركة الإسلامية". قدمته سلسلة كتاب الأمة في كتابها الأخير: "فقه الدعوة: ملامح وآفاق" الذي جمعت فيه مجموعة حوارات "الأمة" مع كبار العلماء والمفكرين المسلمين، وكان حوارها معه حول: الاجتهاد والتجديد بين الضوابط الشرعية حاجات العصر".
قالت المقدمة في التعريف به:
"ولعل نظرة سريعة على عناوين الكتب التي قدمها للمكتبة الإسلامية تعطي صورة واضحة عن شمولية اهتماماته، والقدر الهام الذي ساهم به في تشكيل العقل الإسلامي المعاصر، وما منحه من الفقه الضروري للتعامل مع الحياة، وتصويب المسار للعمل الإسلامي، وترشيد الصحوة لتلتزم المنهج الصحيح، وتأمن منزلقات الطريق.
يرى أن الحركة الإسلامية تعني مجموع العمل الإسلامي الجماعي الشعبي المحتسب المنبثق من ضمير الأمة، والمعبر بصدق عن شخصيتها وآلامها وآمالها وعقيدتها وأفكارها وقيمها الثابتة وطموحاتها المتجددة وسعيها إلى الوحدة.
كما يرى أنه ليس من العدل تحميل الحركة الإسلامية مسئولية كل ما عليه مسلمو اليوم من ضياع وتمزق وتخلف، بل أن ذلك هو حصيلة عصور الجمود وعهود الاستعمار، وإن كان عليها بلا شك قدر من المسئولية يوازي ما لديها من أسباب وإمكانات مادية ومعنوية هيأها الله لها، استخدمت بعضها، وأهملت بعضا آخر، وأساءت استعمال بعض ثالث.
ويرى ضرورة أن تقف الحركة الإسلامية مع نفسها للتقويم والمراجعة، وأن تشجع أبناءها على تقديم النصح وإن كان مراً، والنقد وإن موجعا ولا يجوز الخلط بين الحركات الإسلامية والإسلام ذاته، فنقد الحركة لا يعني نقد الإسلام وأحكامه وشرائعه، ولقد عصم الله الأمة أن تجتمع على ضلالة ولكنه لم يعصم أي جماعة، أن تخطئ أو تضل خصوصاً في القضايا الاجتهادية التي تتعدد فيها وجهات النظر.
ويقول: أن بعض المخلصين يخافون من فتح باب النقد أن يلجه من يحسنه ولا يحسنه، وهذا هو العذر نفسه الذي جعل بعض العلماء يتواصون بسد باب الاجتهاد، والواجب أن يفتح الباب لأهله، ولا يبقى في النهاية إلا النافع، ولا يصح إلا الصحيح.
وهو لا ينكر تعدد الجماعات العاملة للإسلام، ولا يرى مانعاً من التعدد إذا كان تعدد تنوع وتخصص: فجماعة تختص بتحرير العقيدة من الخرافة والشرك، وأخرى تختص في تحرير العبادات وتطهيرها من البدع، وثالثة تعنى بمشكلات الأسرة، ورابعة تعنى بالعمل التربوي، ويمكن أن تعمل بعض الجماعات مع الجماهير وبعضها الآخر مع المثقفين، على شرط أن يحسن الجميع الظن بعضهم ببعض، وأن يتسامحوا في مواطن الخلاف، وأن يقفوا صفاً واحداً في القضايا الكبرى. ويرى أن على الحركة الإسلامية أن تنتقل من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل على مستوى الإسلام ومستوى العصر ـ ولا يعفيها من سؤال التاريخ أن تقول أنها كانت ضحية لمخططات دبرتها قوى جهنمية معادية للإسلام من الخارج ـ وأن تعمل في إطار النخبة والجماهير معاً. وسوف تنجح الحركة الإسلامية عندما تصبح حركة كل المسلمين لا حركة فئة من المسلمين.
ويأخذ على بعض العاملين للإسلام حرمان أنفسهم من العمل لخير الناس أو مساعدتهم حتى تقوم الدولة الإسلامية المرجوة، فهو يرى أن كل مهمة هؤلاء الانتظار فهم واقفون في طابور الانتظار دون عمل يذكر حتى يتحقق موعودهم.
ويرى ضرورة التخطيط القائم على الإحصاء ودراسة الواقع، وأن من آفات الحركة الإسلامية المعاصرة غلبة الناحية العاطفية على الاتجاه العقلي والعلمي، كما أن الاستعجال جعل الحركة الإسلامية تخوض معارك قبل أوانها، وأكبر من طاقتها.
ويأخذ على بعض العاملين للإسلام النفور من الأفكار الحرة والنزعات التجديدية التي تخالف المألوف والمستقر من الأفكار، وضيقهم بالمفكرين، وربما أصدروا بشأنهم قرارات أشبه بقرارات الحرمان.
ويقول: إن اتباع أهواء العامة أشد خطراً من اتباع هوى السلطان، لأن الذين يتبعون هوى السلطان يكشفون ويرفضون.
ويرى أن الاستبداد السياسي ليس مفسداً للسياسة فحسب بل هو مفسد للإدارة والاقتصاد والأخلاق والدين، فهو مفسد للحياة كلها.
ويرى أن الصحوة الإسلامية تمثل فصائل وتيارات متعددة كلها تتفق في حبها للإسلام، واعتزازها برسالته، وإيمانها بضرورة الرجعة إليه، والدعوة إلى تحكيم شريعته، وتحرير أوطانه، وتوحيد أمته.
ويعتبر أهم تيارات الصحوة وأعظمها هو التيار الذي أسماه "تيار الوسطية الإسلامية" لأنه التيار الصحيح القادر على الاستمرار، ذلك أن الغلو دائما قصير العمر وفقاً لسنة الله.

ويرى أن أهم المحاور التي يقوم عليها هذا التيار، والمعالم التي تميزه:

الجمع بين السلفية والتجديد.
الموازنة بين الثوابت والمتغيرات.
التحذير من التجميد والتجزئة والتمييع للإسلام.


الفهم الشمولي للإسلام.

وينصح الحركة الإسلامية أن تعمل على ترشيد الصحوة، ولا تحاول احتواءها أو السيطرة عليها، فمن الخير أن تبقى الصحوة حرة منسوبة إلى جماعة أو هيئة أو حزب.
ويرى أنه ليس من العدل ولا من الأمانة أن نحمل الشباب وحدهم مسئولية ما تورطوا فيه، أو تورط فيه بعضهم من غلو في الفكر أو تطرف في السلوك، والعجب أننا ننكر على الشباب التطرف ولا ننكر على أنفسنا التسيّب، ونطالب الشباب بالاعتدال والحكمة ولا نطالب الشيوخ والكبار أن يطهروا أنفسهم من النفاق.
ويرى أنالشباب ضاق ذرعاً بنفاقنا وتناقضنا فمضى وحده في الطريق إلى الإسلام دون عون ما.
ويرى أن المؤسسات الدينية الرسمية ـ على أهميتها وعراقتها ـ لم تعد قادرة على القيام بمهمة ترشيد الصحوة الشبابية وعلاج ظاهرة الغلو ما لم ترفع السلطات السياسية يديها عنها، وأن الذي يعيش مجرد متفرج على الصحوة الإسلامية أو مجرد ناقد لها وهو بعيد عنها لا يستطيع أن يقوم بدور إيجابي في تسديدها وتشيدها، فلابد لمن يتصدى لنصح الشباب من أن يعايشهم ويتعرف على حقيقة حالها.
ويرى أن أسباب الخلاف قائمة في طبيعة البشر، وطبيعة الحياة، وطبيعة اللغة وطبيعة التكليف، فمن أراد أن يزيل الخلاف بالكلية فإنما يكلف الناس والحياة واللغة والشرائع ضد طبائعها، وأن الخلاف العلمي لا خطر فيه إذا اقترن بالتسامح وسعة الأفق، وتحرر من التعصب وضيق النظر.
ويرى أن الأمة المسلمة اليوم ابتدعت في دين الله، والابتداع في الدين ضلالة، وجمدت في شؤون الدنيا، والجمود في الدنيا جهالة، وكان الأجدر بها أن تعكس الوضع فتتبع في أمر الدين، وتبتدع في أمر الدنيا.
ويرى أن من العلماء من قصر في واجب البلاغ المبين، ومنهم من مشى في ركاب السلاطين، ومنهم من جعل من نفسه جهازاً لتفريخ الفتاوى حسب الطلب.
والحكام في الغالب أشبه بشعوبهم وهم إفراز مجتمعهم.
ولاشك أن الأخ الدكتور يوسف القرضاوي يعتبر من أبرز الفقهاء المعاصرين الذين يتمتعون بقدرة متميزة على النظر الدقيق من خلال كسبه المتعمق للعلوم الشرعية، وتجربته الميدانية في مجال العمل الإسلامي، كما يعتبر من المفكرين الذين يمتازون بالاعتدال، ويجمعون بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر، وتجمع مؤلفاته بين دقة العالم، وإشراقة الأديب، وحرارة الداعية.

نقلا عن موقع القرضاوي