عرض مشاركة مفردة
  #48  
قديم 16-11-2005, 07:30 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

المنظومة الأخلاقية العربية

(8)



تطبيق القانون و أثره على القاعدة الخلقية ..

عندما كان أجدادنا على مسافة قريبة من زمن مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانوا يتمنعون عندما يطلب من أحدهم تولي القضاء ، لخوفهم من الله عز و جل أن يخطئوا و يظلموا ..

اليوم ان أحد الممرات التي يصل بها رجال القضاء الى مناصبهم ، هي كليات الحقوق ، أو القانون كما تسمى في بعض الأقطار العربية ، وهذه الكليات لا تضخ رجالا للقضاء فحسب بل الى الشرطة والى دوائر لها تماس مع صياغة و تطبيق القانون ..

ومن يتأمل قليلا ، يجد أن معظم الدول العربية ، تتساهل في قبول الطلاب في هذا الصنف من العلوم ، الذي هو على درجة خطيرة من قضايا المجتمع ، ففي أغلب الأحيان توضع كلية الحقوق في آخر قائمة الاختيارات للقبول ، وتدرج تحت الكليات الأدبية ، أي التي ينخرط طلاب القسم الأدبي في صفوفها ، ونحن نعلم أن الاختيار الأدبي هو الآخر في أدنى سلم الاختيارات في الدراسة الثانوية ، الا للمبدعين الذين يختاروا القسم الأدبي وهم قادرون على دخول غيره ، وعلى اختيار كلية الحقوق وهم قادرون على دخول غيرها .. وهم قلة ونوادر ..

وهناك صنف ينال شهادته من خلال المراسلة مع أحد الجامعات ، فيتأهل لنيل الشهادة بقدر ما يحفظ من نصوص ، لا بقدر ما يفهم من تلك النصوص ، من خلال المثاقفة و الحوار مع أساتذته و أقرانه في الفصل الدراسي ..

على أي حال ، ان تسلم احد الخريجين لوظيفته سيتدرج عليه فعل (الروزنامة) زمنيا و يصبح قاضيا .. و عليه في عينة من الزمن أن يبت و يفصل في قضايا المتخاصمين .. و مجموع القضايا التي يبت بها و ما أكثرها و ما أكثر أمثاله من القضاة و قضاياهم التي يبتون بها ، ستصبح مخزونا تراثيا آنيا ، يقيس عليه القضاة و يتناقله المتخاصمون ، بين الناس ، ليصبح معرفة و ثقافة قضائية ، يتكيف معها المحامون و الذين ينسحب عليهم ما انسحب على القضاة في طريقة تحصيلهم لعلمهم و مزاولتهم لمهنتهم . كما يتكيف معه المتخاصمون الذين يسلكون دروبا على هدي ما استطاعوا جمعه من قضايا شبيهة .

ان عمليات التكيف و التحايل و تدخل الهيئات الحكومية في الإيحاء للقضاة لإصدار أحكاما تتلاءم مع الرغبات و الصلات و حساسية بعض القضايا من مختلف الأنواع ، سيصنع بيئة خصبة لنمو أشكالا من السلوك اللاأخلاقي ، من رشوة وكذب و تزييف حقائق و شهادة زور ، و تطور الوسائل الإجرامية بما يجعل القضاء غير قادر على إحقاق الحق ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس