عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 14-03-2007, 11:25 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الفتح الإسلامي :

بعد أن فتح (عمرو بن العاص) مصر عام 639م وأنشأ فيها مدينة (الفسطاط) التي انطلق منها غربا، ففتح (برقة) ثم (طرابلس).. وترجع السهولة التي أنجز بها العرب فتحهم هناك، هو الاستعداد الكامن في نفوس الشعب الشقيق الذي كان لديه تقارب دفين على الصعيدين العرقي و المعرفي. وقد انطلق من برقة وطرابلس (عبد الله بن أبي السرح) عامل الخليفة (عثمان بن عفان) على مصر عام 648م لفتح (إفريقيا) أي (تونس) التي كانت تحت الحكم البيزنطي، منذ انتهاء حكم الفينيقيين عام 144 ق م. فأنجز مهمته بعد انتصاراته في معركة (العبادلة السبعة).. التي سبقت الفتح الحقيقي.

ومن (برقة) خرج أيضا (زهير بن قيس البلوي) عاملها في عهد الخليفة (عبد الملك بن مروان) قاصدا (القيروان) لإخضاع (البربر) بقيادة قائدهم الشهير (كسيلة) والثائرين ضد الحكام القادمين من الشرق الذين أساؤوا معاملتهم، وليس ضد المسلمين. وعندما رجع (زهير) الى برقة فصادف قوات بيزنطية هناك فقاتلهم حتى استشهد في سواحل مدينة برقة.

وعندما ثارت (الكاهنة ) في (تونس)، جعل القائد (حسان بن النعمان) مدينة طرابلس مقرا عسكريا له انطلق منه لاقتفاء أثر الكاهنة حتى هزمها شر هزيمة في 703م . وفي الوقت نفسه رسم سياسة حكيمة عادلة تساوي بين الوافدين والسكان الأصليين، الأمر الذي جعل الأمن يستتب في ربوع شمال إفريقيا وأصبحت إدارة البلاد منوطة بولاة يُعَينهم الخليفة في المشرق يقيمون في دار الإمارة بالقيروان وهم يعينون بدورهم العمال بما فيهم عمال طرابلس ونواحيها، حتى برقة. ويلاحظ أن طرابلس الغرب كانت منذ بداية الفتح الإسلامي أهم وأنشط مركز عمراني في ليبيا، لدرجة أن البلاد أصبحت تسمى بإسمها، وواضح من اسم طرابلس أن ملوك (صيدا وصور وجبيل) الثلاثة (تري) هم من شيدوا تلك المدينة كما شيدوا قبلها مدينة (طرابلس) اللبنانية .. قبل انتقالهم الى شمال إفريقيا في نهايات الألف الثاني قبل الميلاد.

حاولت طرابلس عام 805م الخروج على إبراهيم ابن الأغلب الوالي الذي وضعه (هارون الرشيد) على تونس و أعطاه صلاحيات واسعة وترك له الحكم ولذريته من بعده لقاء خدماته في مشاغلة الأدارسة في المغرب وإعاقة الأمويين في الأندلس.. وكانت سلطات (ابراهيم ابن الأغلب) تمتد من سواحل طرابلس الى غرب (قسنطينة) ، فبعث لطرابلس جيشا قمع الفتنة ونشر الأمن. وأتت جيوش الأغالبة الى ليبيا مرة أخرى لمقاتلة (عباس بن طولون) الذي خرج على والده في مصر، وقصد المغرب لاحتلاله .. إلا أن جيوش ابراهيم الثاني الأمير الأغلبي قد هزمته عام 881م وعاد مدحورا الى مصر.

وأراد ابراهيم الثاني غزو مصر الطولونية عام 896م، فاعترضته قبائل (نفوسة) في طرابلس، ورغم أنه هزمها، إلا أنه أقلع عن الفكرة وعاد الى تونس وظل تاريخ ليبيا متأرجحا تارة يربط مع تونس وتارة مع مصر في مختلف العهود الإسلامية. وقد تأثر ذلك القطر بزحف قبائل الصعيد المصري من (بني هلال) و(بني سليم) و (بني زغبة) التي أرسلها الخليفة الفاطمي في القاهرة حوالي 1050م للاستقرار في ولاية إفريقيا وذلك تأديبا لحاكمها (المعز ابن باديس الصنهاجي) الذي خرج عن المذهب الشيعي الإسماعيلي وتبنى مذهب الإمام مالك بن أنس وبايع العباسيين.

وفي القرن الثاني عشر الميلادي أصبحت ليبيا مثل بقية أنحاء شمال إفريقيا جزءا من دولة الموحدين التي كانت في 1160م أثناء حكم عبد المؤمن بن علي تمتد من المحيط الأطلسي الى برقة بعد أن تغلبت على (النرمان Normands).

ولما تولى (الحفصيون ) الحكم نيابة عن الموحدين في إفريقيا عام 1207م كانت (طرابلس) تحت حكمهم. إلا أن طرابلس ثارت ضد الحفصيين عدة مرات منها ثورة قادها (يحيى الميروفي) من بقايا المرابطين من (بني غانية) عام 1208م. وثورة قادها (أبو عمارة احمد بن مرزوق) عام 1279م، وقد انتصر في تلك الثورة .. الى أن الدولة الحفصية عاود السيطرة على ليبيا بعد أن فلتت من الحكم التونسي زهاء 74 عاما، فعاد السلطان (أبو فارس عزوز) وسيطر من جديد في عام 1394م .. وبقيت سلطات الحفصيين على ليبيا حتى عام 1510م عندما أقدم لأميرال الإسباني (Don Pedro) في عهد الملك الإسباني فردينان الثاني الملقب ب (المسيحي) باحتلال طرابلس، وأعمل الذبح في سكانها وفق خطة للقضاء على المسلمين أينما يوجدوا .. وفي عام 1530 سقطت دولة الحفصيين نهائيا بيد فريق من الصليبيين المتطرفين الملقبين ب (فرسان القديس يوحنا حامي مدينة القدس) و (فرسان مالطة) .. وبقيت حتى حررها العثمانيون.
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس