عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 30-03-2001, 05:17 PM
السنونو المهاجر السنونو المهاجر غير متصل
مراقب متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
الإقامة: الصحراء العربية
المشاركات: 1,216
Post

أولاً: فلسطين : هذا الأسم موجود منذ القدم وهو يدل على منطقة جغرافية ما في الشام عرضية لا طولية تقع على جانبي نهر الأردن، والأردن كذلك كإقليم جغرافي ما في الشام يقع على جانبي نهر الأردن شمال فلسطين،ومدينة صفد سنة 1913 كانت تابعة لولاية بيروت، ولم يكن لأي من هذه الأسماء أي مدلول سياسي أو ثقافي منفصل عن سائر الولاية الشامية التي كانت بدورها مجرد ولاية في دولة الإسلام. ولما أريد إنشاء دولة لليهود في المنطقة تمت فبركة هذا الكيان من الأقاليم الثلاث فلسطين والأردن وبيروت (لبنان) وعزل غربي النهر ليتلائم ومقاس المصالح اليهودية.
وفي إطار التفكير الإسلامي رفض ذلك السلطان عبد الحميد، كما تعامل معه الشريف حسين في إطاره العربي ثم في الإطار السوري عقد سنة 1922 مؤتمر في دمشق جاء في أحد قراراته :" يستنكر ممثلو الديار السورية فصل جنوب غرب سوريا وتسميته بفلسطين تمهيدا لتسليمه للصهيونية". فانظر كيف تم تكريس هذا الإطار للقضية. وبعض من قدس هذا الاسم فيما بعد هم الذين وضعوه في إطار أثيري معزول عن ارتباطه حتى بالمسمى المصطنع، ذلك أنهم ألغوا ميثاقهم وألغوا بعد ذلك 80% من المسمى وكلما فرطوا في الأرض تشبثوا بالأثير. وتيسر لهم ذلك بعد أن تم ضرب المرجعية الإسلامية ثم العربية واختراع مرجعية جديدة وإحلال العواطف محل الفكر.
ثانيا -المشكل الكردي:
عاشت الشعوب الإسلامية جميعا في دار الإسلام أمة واحدة متآخية، وعندما أدرك الكافر المستعمر أن عظمة هذه الأمة تنبع من وحدتها المنبثقة من عقيدتها تم التخطيط لضرب العقيدة في جانبها التطبيقي تمهيدا لضرب الوحدة، وتم ذلك للإستعمار بالقضاء على الخلافة العثمانية التي كانت تمثل الرمز والإطار لوحدة الأمة وهويتها، وتمت الهجمة على الأمة لتكريس تفتيتها بإحلال القوميات محل الرابط الإسلامي، وتم توجيه سهام ثلاث قوميات إلى الإسلام مرة واحدة من ذات المصدر الأوروبي الصليبي، وهذه القوميات هي العربية والتركية والصهيونية، ونشأ عن ذلك ولا يزال يتبلور وينشأ رد فعل لدى الشعوب المسلمة الأخرى في المنطقة، التي فرضت عليها مرجعية قومية أخرى بعد أن تمت تنحية المرجعية الإسلامية، ومن هذه الشعوب المسلمة الشعب الكردي والشعب البربري، وكانت هذه الشعوب تفخر بالعروبة باعتبارها مرادفا للإسلام، وأبلت في الجهاد في سبيل الإسلام أحسن البلاء، وذادت بذلك عن دار العرب وبلادهم، فلما نزع الإسلام عن العروبة واكتست العروبة الزي العلماني، صارت هذه الشعوب ترى نفسها بالمقياس ذاته صاحبة حق في قوميات خاصة بها، ولا ينبغي أن نغفل أن من مكر بالإسلام لدى العرب والأتراك مارس نفس الدور لدى الأكراد والبربر. والنظرة الكلية للأمور تقتضي رفض الإطار الذي أفرز هذا الواقع من أساسه، وينشأ عن التسليم بهذا الإطار الإنسياق مع المخطط المعادي بوعي أو بدون وعي.
ثالثا : المسيحيون العرب:
عاش المسيحيون العرب في دار الإسلام وشاركوا في أحداثه الجسام جزءا من هذه الدار، وحمايتهم فرض على المسلمين، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، لا تمييز ضدهم إلا فيما يتصل بالأمور التعبدية التي تقتضي الإيمان برسالة محمد عليه السلام، ومنها الخلافة ، فوظيفة الخليفة الأولى تطبيق شرع الله وحمل الدعوة الإسلامية ولا يمكن أن يعهد بهذا لمن لا يؤمن بهذه الدعوة، وكذلك الزكاة فهي عبادة، وتتناسب مع الثروة، وتعني مساواة النصارى بالمسلمين في فرضها عليهم إكراههم على شعيرة من دين الإسلام، ولا إكراه في الدين، ولهذا تؤخذ منهم الجزية، يستوي في مقدارها الغني والفقير منهم، أي أن الجزية لا تزيد بزيادة الثروة0 والذي يهم النصارى من دين الإسلام هو هذه النواحي التطبيقية من سياسة واقتصاد واجتماع، ولهذا فإنهم يتعاملون مع هذه النواحي من الإسلام تأييدا أو معارضة، وهم بذلك أوعى عليها من كثير من المسلمين الذين جرى تضخيم جوانب تتعلق ببعض أحكام الإسلام في الجانب النظري وفي بعض المسائل مثل الحيض والنفاس ونواقض الوضوء واللحية والمسواك في أذهانهم على حساب جوانب أخرى من الإسلام تتناول الحكم والخلافة والعلاقات الدولية والاقتصاد، ولدى طمس الإطار الكلي رأينا ممن يسمون شيوخا ضيقا بحلق اللحية يفوق ضيقهم بوجود قواعد عسكرية أجنبية في بلادهم، بل ورأينا الحكام في كل بلاد العالم يحاسبون على الفساد، إلا في ديار المسلمين حيث يغطى هذا الفساد بفتاوى حاشا لله أن تكون من دينه. وما ذلك إلا من الخطأ في الإطار الذي فرض على الأمة الاعتراف بشرعية الدولة القطرية وحاكمها، وما هي إلا مستعمرة مموهة باسمك الاستقلال وما حاكمه إلا ناطور -دون العميل- لأسياده من الكفار، وبذلك صار الإسلام في خدمة أعدائه، نظرا لخطإ التفكير والإطار والمرجعية.
والناظر إلى نصارى العرب يراهم في المواقف التي تتناول مصير الأمة أقرب إلى نهج الإسلام من كثير من المسلمين ومن الأمثلة على ذلمك
1- الدكتور سعد الدين إبراهيم دعا إلى مؤتمر في القاهرة منذ سنوات لدراسة مشكلة الأقليات في العالم العربي، ومنهم الأقباط في مصر ، فرد عليه الدكتور يونان لبيب بما يلي :" نحن لسنا أقلية ، فنحن مسيحيون دينا مسلمون وطنا وحضارة " بالله عليك هل يحيط بهذين البعدين من الإسلام كثير من شيوخ الخواجات الذين يدعونهم بالسلاطين.
2- أعلن شيخ الأزهر أنه لا يخشى زيارة اليهود في عقر (((دارهم))) في فلسطين ، والبابا شنودة قال بحرمة ذلك ورفض الزيارة بتأشيرة من اليهود الغاصبين، ، والصلح مع اليهود أفتاه شيوخ مصر والسعودية وسواهما من مشايخ الخواجات وأسماه أحدهم ( بالهدنة المطلقة) التي يجوز للمسلمين نقضها فيما بعد، أسوة بالرسول، تصور إرضاء سادتهم صوروا الرسول عليه السلام ناكثا للعهود، ولم يفت بذلك البابا شنودة. فأيهما موقف الإسلام؟؟
3- صدرت قبل حرب الخليج طبعة عن الولاء والبراء وأفتى شيخها بضرورة خروج الخدم والسواقين من المشركين، وبعد حرب الخليج صدر إسلام منقح في طبعة جديدة يحل ما حرمته طبعة محمد عليه السلام،وجرى غمر الشارع بنشرات عن التدخين والبوكمن واللحية والشبشب وتقصير الثياب وما إلى ذلك من المواضيع، فقارن هذا الكم من المنشورات مع كتاب الدكتور إدوار سعيد (الاستشراق) أيها خدم الإسلام أكثر
4- لا أنكر هنا جهود المخلصين من العلماء وهم كثر بحمد الله فليس هذا مجال البحث. وإنما أردت تبيين أهمية التفكير في تحديد الإطار ومن ثم في الوصول للنتائج.
رابعا : الجهاد بالسلاح
قد يفاجئ ما يلي كثيرا من الناس، ولكن المفاجأة تزول إذا وضعنا الأمور في سياقها العام وفكرنا فيها ضمن إطارها الكلي. والمتدبر لحياة الرسول عليه السلام وللأدلة الشرعية يجد مرحلتين للجهاد، الأولى تقتصر على الجهاد باللسان ، بل ويمنع فيها الجهاد بالسيف وهي تلك الممتدة من البعثة حتى إقامة الدولة الإسلامية في المدينة، بدليل قوله تعالى في (النساء - الآية 77): " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا." فهاهنا حالتان الأولى مكية أمر المسلمون فيها بكف أيديهم والثانية مدنية أمروا فيها بالقتال، والدلائل من السيرة النبوية في مكة تترى بأن أحدا من المسلمين قبل الهجرة لم يدفع الأذى عن نفسه بالقوة فضلا عن أن يدفعه عن غيره، والفارق بين الحالتين أن مكة لم تكن دارا للإسلام، تسودها شريعته، والثانية أنه بقيام دولة المسلمين في المدينة - وليس بالأغلبية العددية - أصبحت المدينة دار إسلام ذات سيادة ففرض عليها الجهاد، والمتأمل في حال العالم اليوم ونحن منه ، يجد عظمة هذا التشريع الإسلامي وحكمته. فالعلة المستقاة من الآية والسيرة أن الله تعالى أمر في حال غياب دولة الإسلام كما في العصر المكي وعصرنا الحاضر بأن يقتصر الجهاد على بذل الجهد العقيدي الدعوي إثراء للثقافة والفكر وعملا بهما لا بسواهما لإقامة دولة الإسلام التي ترفع راية الجهاد بالسلاح. أما الحكمة فلعلها لم تتضح بهذا الشكل الناصع إلا في أواخر هذا القرن الميلادي، ذلك أنه منذ إقامة أول دولة للإسلام في المدينة لم يخل التاريخ من دولة مركزية تتبنى مصالح المصلحين والدعوة للإسلام، حتى هدم الخلافة العثمانية. حيث فقد المسلمون وللمرة الأولى في تاريخهم الدولة التي تقوم على هوية إسلامية حيث جزئت دار الإسلام إلى كيانات قطرية هم كل منها في أحسن الحالات لا يتعدى حدودها ونشأ عن ذلك ما تعانيه الأمة من فقدان الدولة الراعية والصراعات القطرية والقومية والمصلحية المختلفة، وولاء حكام هذه الأقطار للكافر المستعمر، وتنحية العمل بكتاب الله. والناظر إلى كافة ما سمي حركات تحرير وثورات شعوب ليس في العالم الإسلامي وحده بل في كل العالم المسمى ثالثا يجد أن أي ثورة لم تقم أو تحرز أي تقدم دون ارتباطها بدولة من الدول أو أكثر، ولما كانت السياسة مظهرا من مظاهر الصراع بين الدول الكبرى تمارسه مباشرة كما في الحربين العالميتين أو مداورة بالدول العميلة، فإن كل الصراعات التي حملت أسم ثورات كانت في الحقيقة صراعا بين الدول الكبرى بواسطة عملائها. بحيث أن كل من رفع السلاح كان مرتبطا أدرك ذلك أو لم يدركه. وللاختصار فسأقتصر على ضرب الأمثلة ن العالم الإسلامي، فجهاد المسلمين الأفغان الذي استقطب خيرة الشباب والطاقات الإسلامية انتهى أداة في يد أمريكا لتحطيم روسيا، والدول الإسلامية التي كانت منابرها تتباكى على نصرة الإخوة في أفغانستان ودفعت المليارات في الحرب، هي التي لا تحرك ساكنا لدفع غائلة الجوع عنهم، وقد آلمني قول الشيخ القرضاوي أن الأفغان يحتاجون إلى خمسين ألف دولار لتشغيل مركز لتعليم العربية. ومثال آخر وهو الثورات الكردية المتتالية التي ساعد على قيامها الظلم القومي الجاهلي الذي تعرض له الأكراد، والتي كانت تدعمها هذه الدولة الإقليمية أو تلك، تبعا لخطط أسيادها، وقد كانت هذه الثورات وبالا على الأكراد لعدم استقلاليتها في المقام الأول، وما اتفاق الشاه وصدام ببعيد حيث شطبت حركة البرازاني التي دامت سنوات في أربع وعشرين ساعة، وتسليم عبد الله أوجلان لتركيا يصب في هذ الخانة، ومثال ثالث وهو المؤامرة التي سميت ثورة فلسطينية، والتي أسفرت عن قيام تمثيل شرعي وحيد لهذا الكيان المصطنع وأهله مهمته حمل وزر تصفية القضية بدليل قول هاني الحسن :" أننا في حركة فتح تخوض منذ 1965 - قبل سقوط الضفة وغزة - معرمة حياة أو موت لتحضير الشعب الفلسطيني للتعايش مع إسرائيل" والأحداث أكير تصديق لقوله. وقد فقدت الأمة أهم خاصية في دينها وهي خاصية التفكير الكلي ووضع الأمور في الإطار الكلي وإعطائها حكم الشرع، ولكن اليهود اهتدوا بمنهج التفكير الكلي الإسلامي حين أرادوا فلسطين فوجدوها جزءا من دولة الخلافة فتآمروا لتحطيم المركز فدان لهم المركز المحطم وأطرافه. وحتى الإنجازات الإيجابية المحدودة التي أحرزتها الأمة في حالات نادرة تعتبر توكيدا لهذا الخط، ففي جنوب لبنان ما كان أبطال حزب الله ليستطيعوا عمل شيء دون الدعم السوري والإيراني، وما يكون لهم أن يتخطوا الخط الذي رسمته التشابكات والمصالح الدولية التي سمحت بذلك. وهذا حديث آخر.
وهكذا تتضح حكمة الإسلام حين جعل استلام دفة القيادة شرطا للجهاد بالسلاح ذلك أن الإيمان طاقة، ويستغلها من يمسك بزمام الأمور، وإيمان بلا بصيرة التفكير طاقة تسيرها العواطف لخدمة الأعداء. فالدولة للجهاد كالوضوء للصلاة كلاهما فرض ومراعاة ترتيبهما فرض كذلك.