عرض مشاركة مفردة
  #14  
قديم 25-09-2006, 08:54 PM
kalemaa kalemaa غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 20
إفتراضي

خواص عصر الطوائف

لم يكن ملوك الطوائف فى سياستهم الداخلية ، وإزاء شعوبهم ، أفضل موقفا ولا أكرم تصرفا ، فقد كانوا طغاة قساة على رعيتهم ، يسومونهم الخسف ، ويثقلون كواهلهم بالفروض و المغارم لملء خزانتهم وتحقيق ترفهم وبذخهم (يدخل في ذلك النفط الذي هو ملك الأمة الإسلامية)
ولم يكن يردعهم رادع من دين ، ولا من أخلاق .
وكانت سياستهم الخارجية موضع سخط شعوبهم ، والطعن المر من معاصريهم ،
وقد صدرت رسالة لها من الفقيه الشهير / ابن حزم الاندلسى عن فتنة الطوائف ، وأمرائها المستهترين ، ومجتمعها المنحل ، وحكوماتها الباغية ، أسمها " التلخيص لوجوه التخليص " .
يصفها لنا ابن حزم فيقول :
" وأما ما سألتم من أمر هذه الفتنة وملابسة الناس بها ، مع ما ظهر من تربص بعضهم ببعض ، فهذا أمر أُمتحنا به ـ نسأل الله السلامة ـ وهى فتنة سوء ، أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى ، من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب ، وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن فى أندلسنا ، محارب لله تعالى ورسوله ، وساع فى الأرض بفساد ، والذي ترونه عيانا من شنهم الغارات ، على أموال المسلمين من الرعية التي تكون فى ملك من ضارهم ، وإباحتهم لجندهم قطع الطريق على الجهة التي يقضون على أهلها ، ضاربون للمكوس و الجزية على رقاب المسلمين ! . مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمون فى أخذ الجزية ، والضريبة من أهل الإسلام ، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله ، غرضهم فيها استدامة نفاذ أمرهم ونهيهم .
فلا تغالطوا أنفسكم ، ولا يغرنكم الفساق و المنتسبون إلى الفقه ، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع ، المزيفون لأهل الشر شرهم ، الناصرون لهم على فسقهم "
موقف رجال الدين :وقد كان الفقهاء فى الواقع ، فى هذا العصر الذي ساد فيه الانحلال والفوضى الأخلاقية والاجتماعية ، أكبر عضد لأمراء الطوائف فى تبرير طغيانهم وظلمهم ، وتزكية تصرفاتهم ، وابتزازهم لأموال الرعية ، وقد كانوا يأكلون على كل مائدة ، ويتقلبون فى خدمات كل قصر ، ويضعون خدماتهم الدينية والفقهية لتأييد الظلم و الجور ، وخديعة الناس باسم الشرع ، وقد انفسح لهم المجال ، واحتضنهم الأمراء الطغاة ، وأغدقوا عليهم العطاء ،
ولم يفت مؤرخ العصر / ابن حيان أن ينوه بهذه التآلف و التضامن ، بين الأمراء والفقهاء ، فى تأييد الظلم والفساد ، والخروج على أحكام الدين ، واليك ما يقوله لنا :
" ولم تزل آفة الناس مذ خلقوا فى صنفين كالملح : فيهم الأمراء والفقهاء ، قل ما تتنافر أشكالهم ، بصلاحهم يصلحون ، وبفسادهم يفسدون ، فقد خص الله تعالى هذا القرن الذى نحن فيه من اعوجاج صنفيهم لدينا بما لا كفاية له ، ولا مخلص منه ، فالأمراء القاسطون ، قد نكبوا بهم عن نهج الطريق ذيادا عن الجماعة ، وجريا إلى الفرقة ، والفقهاء بين آكل من حلوائهم ، وخابط فى أهوائهم ، وبين مستشعر مخافتهم ، آخذا بالتقية فى صدقهم "