عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 15-03-2003, 05:55 AM
مراكشي مراكشي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
المشاركات: 31
إفتراضي الـسـنـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـولـي الأمــة ( الجزء الثاني )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد .

الموضوع : (( الـسـنـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـولـي الأمــة )) الجزء الثاني .

فـصـل : في وجوب عقد البيعة للإمام القائم المستقر المسلم ، والتغليظ على من ليس في عنقه بيعة ، والترهيب من نقضها .

قال الإمام البربهاري – رحمه الله تعالى– في كتابه شرح السنة : ( من ولي الخلافة بإجماع الناس عليه ورضاهم به ؛ فهو أمير المؤمنين ، لا يحل لأحدٍ أن يبيت ليلةً ولا يرى أن ليس عليه إمام ؛ برَّاً كان أو فاجراً ... هكذا قال أحمد بن حنبل ) .

وقد دل على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 12 / 240 ، النووي – كتاب الإمارة - أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه جاء إلى عبد الله بن مُطيع – حين كان من أمر الحرة ما كان : زمن يزيد بن معاوية - ، فقال عبد الله بن مطيع: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ، فقال رضي الله عنه : إني لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدثك حديثاً ، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( من خلع يداً من طاعة ؛ لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات ليس في عنقه بيعة ؛ مات ميته جاهلية )) .

وفي مسند الإمام أحمد : لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر رضي الله عنه بنيه وأهله ، ثم تشهد ، ثم قال : ( أما بعد ؛ فإننا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( إن الغادر ينصب له لواءٌ يوم القيامة ، يقال : هذا غدرة فلان )) . وهو في كتاب الفتن من صحيح البخاري بالقصة نفسها .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - في الفتح 13/68 : ( وفي الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة ، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه ، وإنه لا ينخلع بالفسق ) .
ـــــــــــــــ
فـصـل : في بيان حقوق السلطان على الأمة .

قال الإمام بدر الدين ابن جماعة في كتابه تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ص61-71 : ( للسلطان والخليفة على الأمة عشرة حقوق:

الحق الأول : بذل الطاعة له ظاهراً و باطنا ً، في كلِّ ما يأمر به أو ينهى عنه إلا أن يكون معصية ؛ قال الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ ، وأولو الأمر هم : الإمام ونوّابه – عند الأكثرين من العلماء - .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( السمع والطاعة على المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية )) . فقد أوجب الله تعالى ورسوله : طاعة ولي الأمر، ولم يستثن منه سوى المعصية ، فبقي ما عداه على الامتثال .

الحق الثاني: بذل النصيحة له سراً وعلانية . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( الدين النصيحة ، قالوا : لمن ؟ قال: لله ، ولرسوله ، و لكتابه ، و لأئمة المسلمين ، وعامتهم )) .

( قال الإمام المروزي : وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ، وحب اجتماع الأمة عليهم ، وكراهة افتراق الأمة عليهم ، والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل ، والبغض لمن رأى الخروج عليهم ، وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل) . جامع العلوم والحكم ص 215، تحقيق الأرناؤوط .

الحق الثالث : القيام بنصرتهم باطنا وظاهراً ببذل المجهود في ذلك لما فيه نصر المسلمين و إقامة حرمة الدين ، و كف أيدي المعتدين .

الحق الرابع : أن يعرف له عظيم حقه ، وما يجب من تعظيم قدره ، فيعامل بما يجب له من الاحترام والإكرام ، وما جعل الله تعالى له من الإعظام ، لذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم ، و يلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم ، وعدم الطمع فيما لديهم ، وما يفعله بعض المنتسبين إلى الزهد من قلة الأدب معهم ؛ فليس من السنة .

الحق الخامس : إيقاضه عند غفلته ، وإرشاده عند هفوته ؛ شفقة عليه ، وحفظاً لدينه وعرضه ، وصيانة لما جعله الله إليه من الخطأ فيه .

الحق السادس : تحذيره من عدو يقصده بسوء ، وحاسد يرومه بأذى ، أو خارجيٍّ يخاف عليه منه ، ومن كل شيءٍ يخاف عليه منه – على اختلاف أنواع ذلك وأجناسه - ؛ فإن ذلك من آكد حقوقه وأوجبها .

الحق السابع : إعلامه بسيرة عماله ، الذين هو مطالب بهم ، ومشغول الذمة بسبهم ؛ لينظر لنفسه في خلاص ذمته ؛ وللأمة في مصالح ملكه ورعيته .

الحق الثامن : إعانته على ما تحمله من أعباء الأمة ، ومساعدته على ذلك بقدر المكنة ، قال الله تعالى : ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ ، وأحق من أعين على ذلك ولاة الأمر .

الحق التاسع : ردٌّ القلوب النافرة عنه إليه ، وجمع محبة الناس عليه ؛ لما في ذلك من مصالح الأمة ، وانتظام أمور الملة .

الحق العاشر : الذب عنه بالقول والفعل ، وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن ، والسر والعلانية .
وإذا وفّت الرعية بهذه الحقوق العشرة الواجبة ، وأحسنت القيام بمجامعها ، والمراعاة لمواقعها ؛ صفت القلوب وأخلصت ، واجتمعت الكلمة وانتصرت ) .
ـــــــــــــــــــ
التكملة مع الجزء الثالث إن شاء الله

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
__________________
meramod