عرض مشاركة مفردة
  #11  
قديم 19-11-2006, 04:41 PM
مواطن مصري مواطن مصري غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: مصر
المشاركات: 166
إفتراضي

الأدلة الشرعية للمقاطعة الاقتصادية
بقلم: الدكتور حسين شحاتة - الأستاذ بجامعة الأزهر خبير استشاري في المعاملات المالية الشرعية

هناك أدلة شرعية للمقاطعة الاقتصادية لأمريكا والعدو الصهيوني ودول أوروبا لردعهم عن الاعتداءات المتكررة على الدين الإسلامي وعلى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وعلى الشعوب العربية والإسلامية كما يحدث الآن في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها، وهذه الأدلة وردت تفصيلاً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأجمع عليها فقهاء الأمة ويجب الالتزام بها، ويضيق المقام عن تناولها بالتفصيل ولكن نعرض الخطوط الرئيسية لها باعتبارها الأساس الشرعي للرد على مزاعم المثبطين المتخاذلين لاستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد أعداء الأمة الإسلامية من دول أوروبا وأمريكا والصهاينة ومن والاهم.



الأدلة الشرعية في ضوء القرآن والسنة


أولاً: ينهانا الله عز وجل عن موالاة المعتدين ومَن يظاهرهم في هذا الاعتداء، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)﴾ (الممتحنة: 9)، وهذا ينطبق على الكيان الصهيوني المعتدي وعلى أمريكا الظالمة الطاغية التي تدعم بكل السبل والوسائل وينطبق ذلك على دول أوروبا التي تسيء إلى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وتدنس المصحف الشريف، ولذلك يجب على المسلمين مقاطعتهم جميعًا بنص هذه الآية ولا خلاف بين علماء التفسير وفقهاء الشريعة الإسلامية على ذلك.



ثانيًا: يعتبر الجهاد فرض عين على كل مسلم لنصرة دين الله المعتدى عليه وعلى إخواننا المسلمين المضطهدين في دول العالم، فلقد أجمع فقهاء الأمة الإسلامية بأنه إذا ما اعتدى على أي شبر من الأرض الإسلامية وجب على كل المسلمين النصرة حتى يتحقق النصر والتحرير، والآن قد اغتصبت أرض المسلمين في فلسطين، واحتل المسجد الأقصى.. كما تم الاعتداء على رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وعلى المصحف الشريف، وينادي المسلمون: واإسلاماه واقدساه وامعتصماه فهل من مجيب؟، ويقول صاحب المغني: (ولما كانت البلاد الإسلامية تعتبر كلها دارًا لكل مسلم فإن فريضة الجهاد في حالة الاعتداء تكون واقعة على أهلها أولاً وعلى غيرهم من المسلمين المقيمين في بلاد إسلامية أخرى ثانيًا لأنهم وإن لم يُعتدَ على بلادهم مباشرةً إلا أنَّ الاعتداء قد وقع عليهم بالاعتداء على بلد إسلامي هو جزء من البلاد الإسلامية)، كما أن الاعتداء على الدين الإسلامي وتشويه صورة رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- والإساءة إلى المصحف الشريف اعتداء على كل مسلم.



ثالثًا: إنَّ الحربَ الدائرة في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي الشيشان وفي غيرها من البلاد الإسلامية هي حرب عقيدة ووجود، وليست حرب أرض وحدود، فالصراع بين الصهاينة والملاحدة والصليبيين من جهة، وبين المسلمين من جهة أخرى منذ فجر الإسلام صراع عقدي أوضحه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في العديد من الآيات منها قوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82)﴾ (المائدة)، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)﴾ (البقرة)، وحذرنا رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فقال: "ما خلا يهودي بمسلم قط إلا همَّ بقتله"، وتأسيسًا على ذلك فإن هذه الحروب تخص المسلمين جميعًا، فإذا كان اليهود والصليبيون والكفار والذين أشركوا بعضهم أولياء بعض فيجب أن يكون المؤمنون بعضهم أولياء بعض، كذلك أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)﴾ (الأنفال)، وأكد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على ذلك فقال: "مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه مسلم)، ويقول الفقهاء في هذا المقام: "إن هجوم العدو على بلد إسلامي لا تجيزه الشريعة الإسلامية مهما كانت بواعثه وأسبابه، فدار الإسلام يجب أن تبقى بيد أهلها ولا يجوز أن يعتدي عليهم أي معتدٍ، وأما ما يجب على المسلمين في العدوان على أي بلد إسلامي فلا خلافَ بين المسلمين في أن جهاد العدو بالقوة في هذه الحالة فرض عين على أهلها وعلى المسلمين جميعًا".





رابعًا: يعتبر الجهاد ضد المعتدين على دين الله ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بكافة الأسلحة المستطاعة هو الخيار الرئيسي معهم لقهر الباطل ونصرة الحق، وهذا ما فعله رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- والذين آمنوا معه وساروا على نهجه، لأن اليهود والصليبيين والكفار والمشركين ومن في حكمهم لا عهد لهم ولا ميثاق ولا سلام ولقد أكد القرآن ذلك في قوله تبارك وتعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)﴾ (البقرة) وقوله عز وجل: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاً وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10)﴾ (التوبة) ولقد طبق رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- هذا المنهج مع اليهود في المدينة حيث استخدم السيف مع قبائل بنى قينقاع، وبني النضير وبني قريظة فهؤلاء لا يفهمون إلا لغة الجهاد بكافة الأسلحة، فهم الآن لا يخشون جيوش العرب قاطبةً ولكن يخشون المجاهدين الذين باعوا أنفسهم لله رخيصةً من أجل عقيدة الإسلام والدفاع عنها وعن رسولها محمد- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.



خامسًا: يعتبر الجهاد بصفة عامة والجهاد الاقتصادي بصفة خاصة في هذه الأيام، وقفة مع الله، ووقفة مع النفس، ووقفة مع المجاهدين، وهذه جوانب إيمانية روحية سامية لا يجب أن تقارن بالمكاسب الاقتصادية، وقد أشار القرآن إلى ذلك في قوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)﴾ (التوبة).



خلاصة الحكم الفقهي للمقاطعة الاقتصادية


تعتبر الثوابت الشرعية السابقة بمثابة الأدلة اليقينية للرد القوي على المتخاذلين والشياطين والمعارضين لاستخدام سلاح المقاطعة ضد أمريكا الظالمة والصهيونية الطاغية، وضد دول أوروبا التي تعادي الإسلام والمسلمين، من العلمانيين والرأسماليين يقولون: (ما هي إلا حياتنا الدنيا وما يهلكنا إلا الدهر) هم الذين طمس الله على قلوبهم فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة يعارضون الجهاد بمال ويعارضون الجهاد الاقتصادي، ورفعوا شعارات واهية لتثبيط همم وعزائم المجاهدين في سبيل الله وفي هذا المقام نذكر المجاهدين بقول الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)﴾ (آل عمران).

__________________