عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 09-10-2006, 05:25 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

وسائل الإعلام والسياسة الخارجية :

تكاد الطبيعة الخاصة بسكان أمريكا المهاجرين أصلا من مناطق مختلفة ، تؤثر على اهتمامهم بالعالم الخارجي ، فما أن يصل المهاجر الى تلك الأرض ، حتى يقطع صلاته بما يشبه الطلاق مع غير أمريكا !

إن هذا الوضع بقي مسيطرا على عقلية الأمريكيين ، لغاية منتصف القرن الماضي ، و إن تدخلت أمريكا بالكثير من بقاع العالم باعتداءاتها ، إلا أن صفة القطيعة مع العالم الخارجي ظلت ملتصقة بالإعلام .. فالوقت المخصص للأخبار الخارجية ، لا يزيد عن دقائق قليلة باليوم .. وتعرف أجهزة الإعلام عدم اهتمام المواطن الأمريكي بالأخبار الخارجية ، في حين تعلم جيدا مدى اهتمامه بالأخبار المحلية ..

إن هذا الوضع لا يقتصر على المواطن الأمريكي العادي ، بل يتعداه حتى لكبار الشخصيات ، فقد ذكر مؤلف كتاب ( حفنة أغبياء بيض يتحكمون بالعالم ) ، عن الرئيس الحالي بوش ، بأنه في معرض الإجابة على أسئلة ، أثناء ترشيحه في الدورة الأولى لرئاسته ، فعندما سألوه عن (طالبان ) ، أجاب ببلاهة أليست فرقة موسيقية في غرب أمريكا ( سان فرانسيسكو ) .. وفي معرض حديثه عن يوغسلافيا و مشاكلها ، قال أن الرئيس ( تيتو) صديقه و سينسق معه حول كثير من الأمور ..

عادة تتطابق رؤى الصحف القومية الكبرى في كثير من الأمور الخارجية ، امتعاض من سياسة الحرب في فيتنام وعدم تأييدها ، تأييد غزو (غرينادا ) تأييد تشكيل التحالف في حرب الكويت ، تأييد ضرب أفغانستان ، فبركة الكثير من الصور التي تخدم تلك الأهداف ..

وكانت تلك الصحف تتقاطع مع السياسة المعلنة في بعض المسائل ، أو هكذا يتهيأ لمن يراقب ذلك ، فتأييد جمع التبرعات لضحايا المجاعة في القرن الأفريقي وتصوير مآسي الفلسطينيين و ضحاياهم أثناء الانتفاضة والسياسة الصهيونية المتعسفة إزاء الفلسطينيين ..

فبالإضافة لترسيخ صورة الديمقراطية في أمريكا ، فأن المصالح العليا الأمريكية والتي يشكل الإعلام أحد أبواقها وأذرعها في آن واحد ، هي التي تملي مثل تلك التكتيكات اللازمة .. فلتحريك موضوع الاتصالات والحلول الاستسلامية والتي بدت ملائمة بعد خفوت تأثير الكتلة الاشتراكية واقتراب نجم الاتحاد السوفييتي من الأفول ، كان لا بد من تصوير مأساة الانتفاضة ( كلمة حق يراد بها باطل ) .. لكي تمهد فيما بعد لمؤتمر مدريد وما آلت إليه من نتائج ..

المفارقة بالموضوع الإعلامي ، تبرز عندما تلتزم الصحف القومية الكبرى وحتى الصغرى المحلية بالإضافة لمحطات التلفزيون والإذاعة بحيادية عقائدية تجاه القضايا الداخلية التي تناقشها باستفاضة . في حين نجدها في القضايا الخارجية ، تنحاز الى الصيغة التي تؤيد مصالح أمريكا العليا ، والتي تقودها الشركات الكبرى و تحالفاتها ( الترستات والكارتيلات ) .. والتي تلتقي مصالحها مع مصالح الصهيونية بشكل كبير ، حتى يخيل للمواطن العربي بأن الصهيونية هي من تقود أمريكا ..

خلاصة القول أن الإعلام يساعد في تنفيذ برامج الدولة خارجيا وداخليا ، وأحيانا يمهد لصناعة قرارات ، من خلال نشره لسلسلة من الاستطلاعات التي توحي باقتراب الناس من المسألة الفلانية و تبنيها ، حتى يتم تهيئة المواطن لتقبل ما سيحدث مستقبلا ، ومن ناحية أخرى يتيح المجال لأجهزة المخابرات أن ترصد ما يقال حول الاستطلاعات نفسها .. إنها جوقة تعمل بالتناغم مع بعض .
__________________
ابن حوران