عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 03-12-2006, 05:49 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

اللوبي الصهيوني American-Israel Public Affairs Committee (AIPAC)

قبل أن ندخل بالحديث عن هذا اللوبي الذي يعتبر الأهم بين جماعات الضغط التي تتدخل في مناقشة قضايانا نحن العرب وتؤثر على كيفية صناعة القرار الأمريكي، أستميح القارئ العذر، في التأشير على مثالين تأكدت منهما في الحياة العامة .. ففي مهنتنا يلجأ بعض المسوقين لإرسال مجموعات من طرفهم بشكل أفراد للمتاجر الكبرى لتبحث عن صنف دجاج مجمد مثلا (الوردة الحمراء) .. فيجيب موظف المبيعات أن لدينا عدة أصناف ويذكرها عدا الصنف الذي تم سؤاله عنه، وعندما تتكرر تلك الحالة عشرة مرات في اليوم من الأفراد الذين بعثتهم الشركة، فإن إدارة المخازن ستتصل بصاحب العلامة التجارية وتطلب منه.

المثال الثاني كنت قد اشتركت فيه بنفسي في لجان مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، عندما وضعنا هدفا لمضايقة من يبيعون المشروب الغازي (كوكاكولا) فبعد أن يقوم المشتري (من أعضاء المجموعة) باختيار مشترياته ووضعها على الطاولة لدفع قيمتها، يمثل دورا بأنه اكتشف أن المتجر يبيع الكوكاكولا فيلغي عملية الشراء .. وقد تفقدنا أثر تلك التمارين المتكررة لبعض المتاجر، فكانت النتيجة أن تمتنع بعض المتاجر عن التعامل مع هذا الصنف.. لنتذكر هذين المثلين في الحديث عن اللوبي الصهيوني..

لقد أدركت الحركة الصهيونية أهمية الولايات المتحدة منذ بداية العشرينات من القرن الماضي، واستطاعت خلال عشرين عاما أن تتسلل الى أهم المواقع المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي.. واتضحت قوتها لأول مرة عام 1948 عندما أعلنت دولة الكيان الصهيوني.. فكان موقف الرئيس الأمريكي (ترومان) في البداية عدم الاعتراف بهذا الكيان وإعاقة عملية الاعتراف الدولي به .. إلا أن عمل (الإيباك ـ اللوبي الصهيوني) أدى دوره ليخرج (ترومان) الى مستشاريه والذين كانوا على أعتاب انتخابات (رغم معارضة البعض من هؤلاء المستشارين وعلى رأسهم وزير الخارجية والدفاع ورئيس هيئة الأركان الذين لم يريدوا الاعتراف بالكيان الصهيوني) .. خاطبهم (ترومان) بالقول: (( آسف أيها السادة. إن علي التجاوب مع رغبات مئات الآلاف من المتحمسين لنجاح الصهيونية، إنه لا يوجد بين رعيتي مئات الآلاف من العرب))، لم يشأ ترومان القول عن العرب الذين قد يكونوا موجودين في ذلك الوقت بأعداد قد تتجاوز أعداد اليهود، بأنهم فاقدو الحماس لعروبتهم ..

لقد أسس (ترومان) بتراجعه عن موقفه من الكيان الصهيوني لموقف كان ولا يزال له الأثر الأكبر على العلاقة الأمريكية ـ العربية وجسد من خلاله :

1ـ السماح لكبار المسئولين بوضع طموحاتهم السياسية (الانتخابية) أمام مصالح أمريكا القومية.
2ـ السماح للأقليات الأمريكية بتشكيل مجموعات ضغط خاصة هدفها تطويع سياسة أمريكا الخارجية لخدمة أهداف ومصالح أطراف ودول أجنبية.

وكون الصهاينة يحترفون هذا العمل منذ آلاف السنين، فقد واظبوا على تطوير جماعات الضغط الخاصة بهم والتي وصل عددها عام 1985 أكثر من 200 مجموعة تتزعمها (ايباك) التي ارتفع عدد كوادرها من 6000 عام 1980 الى 50000 عام 1985، ويعمل بها بشكل دائم 50 موظفا مهمتهم :

1ـ إعداد الدراسات التي تعكس وجهة نظر الكيان الصهيوني، وتضع ملفات أعضاء الكونجرس و تجمع عنهم المعلومات وتتصل بهم وتثقفهم عن قضاياها، وتدفع لهم الرواتب وتؤمن لهم (شطحات) ترفيهية وإغرائية وتهددهم بالسقوط.

2ـ العمل على إعاقة التعاون العسكري المؤثر مع الدول العربية..

3ـ عقد الندوات التثقيفية الجامعية لنخب الطلاب والأساتذة المدعوين لأمريكا، وشرح قضية الصهيونية كضحية لأوباش محيطين بها! فقد عقدت بين عامي 1980و 1983 حوالي 350 ندوة شارك بها 5000 كادر مستضاف من أمريكا.

وكون (ايباك) تعرف مدى الدرجة العلمية والمالية لأفراد (اليهود) في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد استغلتهم أسوأ استغلال وقد ظهر كتاب بين اليهود يستهجنوا خضوع أمريكا لرغبات الصهيونية، والسماح لهم باستغلال يهود أمريكا بشكل مهين، ومنهم (نعوم شومسكي) الكاتب المعروف، والكاتبة اليهودية (روبرتا شتراوس فوبرلشت) التي كتبت (( لا يمكن تصور أن يحدث استغلال أقلية صهيونية لأكثرية يهودية .. وأين في بلد يدعي أنه راعي أفضل ديمقراطية بالعالم .. إنه كبت للحرية ورجم لمن يخالفها الرأي بالحجارة حتى الموت)).

لقد تطور عمل (إيباك) في عهد كيسنجر، كما أسلفنا، إذ تم زج أعدادا غير قليلة ليصلوا في النهاية الى أعلى المراتب مثل نائب رئيس الجمهورية ومساعد وزير الخارجية والدفاع وغيرها من مئات الوظائف التي أوصلت منطقتنا العربية لما هي عليه الآن .. كما أن علاقات الدول والشعوب التي تريد التقرب من أمريكا لطلب مساعدتها، أدركت فيما بعد أن زيارة مسئولي (إيباك) ورضاهم خطوة أساسية لإكمال مشوار التقرب، وقد رأينا الدول الإفريقية والأمريكية الجنوبية كيف كانت تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني كثمن (لفيزا) الالتقاء بالمسئولين الأمريكان وطلب دعمهم !
__________________
ابن حوران