عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 21-12-2004, 01:31 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي شبهات 2 ... لا يجوز الجهاد إلا بإذن الأمام


خرج الطالب من عند شيخه الذى تعود منه أخذ ما يستطيع من العلم الشرعى و لكنه اصر داخل نفسه أن أى أمر يخص الجهاد أو السياسة الشرعية أن يستمع فقط ولا يناقش إلا رجل أحبه و بدا يثق فى علمه

ذهب الطالب إلى زميله القديم ليزوره فقابله هاشا باشا و ضيفه و استرخى الحديث بينهم فوجده مهموما مكظوما ... فسأله
- ماذا بك أخى و حبيبى فى الله
فأخرج له قطعة من الورق تحوى فتاوى تفيد بعدم الجهاد فى العراق أو فى اى بلد بدون إذن الأمام وقال
- هذا هو الذى أحزننى ..ألا يكفيهم أنهم خذلوا أخواننا المسلميين فهبوا إلينا ليقيدونا عن الجهاد
- إذا يا أخى ما رأيك انت فيمن زعم أن الجهاد لا يكون إلا بإمام، وحتى فلسطين لابد من إذن الإمام، وفي العراق قال؛ إن جهادهم جهاد فتنة، لانه بغير إذن الإمام، وما قول العلماء في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا؟فسترخى الطالب على أريكته معطيا كل حواسه لشيخه الجديد منتظرا إجابته بفارغ الصبر .. وبدأ صاحبه يرسل له قبس من نور العلم لينحوا به شبهات إلتبست عليه و على اقرانه فقال
- الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فهذا لا يقوله إلا جاهل مطموس على بصيرته، أو واقع تحت الإكراه، لأنه قول باطل عند جميع العلماء، مردود عند جماعة الفقهاء، وأنقل لك ما ذكره في النوازل الكبرى [الجزء الثالث / ص 11]، وهو كتاب يحوي فتاوى علماء المغرب العربي المالكية في النوازل، وهذه الفتوى للإمام أبو عبد الله سيدي العربي الفاسي رحمه الله، وتأمل قوله فيها:
- وما تهذي به بعض الألسنة في هذه الأزمنة من أنه لايجوز الجهاد لفقد الإمام وإذنه، فكلمة أوحاها شيطان الجن إلى شيطان الإنس، فقرها في إذنه ثم ألقاها على لسانه في زخارف هذيانه، إغواء للعباد وتثبيطا عن الجهاد –
- ما هذا أخى سدد الله قولك و أفصح لك لسانك و شرح صدرك .... و قرأت أيضا لعلماء المغرب ..
- اخى الحبيب العلم ليس له وطن .. فالأمام أحمد رحمه الله جاب البلاد و فقره عالة عليه لطلب العلم .. وأنت الآن فى قريتك يأتيك العلم ينساب بين يديك طالبا رأسك .... ومع أنه ليس للسادة المالكية اختصاص بهذا، بل هو أمر متفق عليه بين المذاهب، غير أنه قد أعجبتني هذه الفتوى لما فيها من التفصيل الحسن، والاستنباط السديد فإليك الفتوى
أما المسألة الثالثة: فلا يتوقف وجوب الجهاد على وجود الإمام وعلى إذنه في الجملة، ومن المعلوم الواضح أن الجهاد مقصد بالنسبة إلى الإمامة التي هي وسيلة له، لكونه في الغالب العادة لا يحصل على الكمال إلا بها، فإذا أمكن حصوله دونها لم يبق معنى لتوقفه عليها، فكيف تترك المقاصد الممكنة لفقد الوسائل المعتادة، فلو كان الإمام موجودا، طلب استئذانه، محافظة على انتظام الأمر واجتماع الكلمة ولزوم الجماعة، وقد يعرض ما يرجح عدم استئذانه كخوف فوات فرصة لبعد الإمام، أو كونه غير عدل يخشى أن يغلبه هواه في تفويتها، فلو كان غير عدل ومنع من الجهاد لغير نظر لم يمتنع الجهاد إن أمن الضرر من جهته.
فلا يضيع الجهاد إن ضيعه الولاة، والنصوص المذهبية شاهدة لذلك كله، قال إمامنا مالك رضي الله عنه: لله تعالى فروض في أرضه لا يسقطها، وليها إمام أو لم يلها.

- أخى أليس لنا أمام عدل نستأذنه ...؟؟ فأنا لا أرى أن هناك فرصة ستفوت إن إستأذناه
- كيف سيأذن لك الأمام أن تقاتل عدو الأسلام الأول وهو حليف له ... علم أمريكا يدنس نسمة بلادى وتقول لى عدل ..
أخى أخبرنى بصدق .. لو ذهبنا جميعا نستأذن إمامنا كى نقاتل الأمريكان فى أفغانستن الأسلامية ..هل سيأذن لك
فأجابه الطالب مترددا و بصوت خافت


- لا
- إن استأذنته لتضربهم فى دولة أخرى كالكويت هل سيأذن لك
- لا
- لو إنتظرنا الأذن أخى لن تفوت فرصة .. بل سيضيع أمر الجهاد كله ..أليس كذلك أخى؟؟
- بلى
- أسمع أخى باقى الفتوى
وقال ابن القاسم في سماع أبي زيد في قوم سكنوا قرب العدو فيخرجون إليه بغير إذن الإمام، فيغيرون عليه: وإن كانوا يطمعون في الفرصة وخشوا إن طلبوا ذلك من إمامهم منعهم، أو يبعد إذنه لهم حتى يفوتهم ما رجوا، ذلك واسع لهم.
وقال ابن وهب في سماع عبد الملك بن الحسن: وسئل عن قوم يدافعون العدو، هل لأحد أن يبارز بغير إذن الإمام؟ فقال: إن كان الإمام عدلا لم يجز أن يبارز إلا بإذنه، وإن كان غير عدل فليبارز وليقاتل بغير إذنه.
قال ابن رشد: هذا كما قال، إن الإمام إذا كان غير عدل لم يلزم استئذانه في مبارزة ولا قتال، إذ قد ينهى عنه على غير وجه نظر، وإلى هذا التفصيل ونحوه يرجع ما يوجد في هذه المسألة من نصوص المذهب.
وإن كان الجهاد يجوز دون إذن الإمام لما ذكر مع وجوده فكيف لايجوز مع عدمه البتة، ومن الواضح أنه إن توقف على وجوده فإنما يتوقف عليه لأجل إذنه، وعليه فإن كان لا يتوقف على إذنه كان غير متوقف على وجوده
أليس إقامة الأمر بشروطه و جمع الكلمة أمر واجب أخى
- نعم إقامة الإمام بشروطه، وجمع الكلمة عليه فرض واجب على الخلق، كما أن الجهاد فرض أيضا، والقيام بهما معا مطلوب على الوجوب، ولكن تضييع فرض واحد منهما أخف من تضييعهما معا، وأما التوقف على الإمام للإمداد والرجال والمال والعدد فتوقف عادي لا شرعي.
- لقد علمت يا أخى انه يجب اأن ينفق على الجهاد من بيت مال المسلميين
- لا يجب شرعا أن لا يجاهد إلا بمال بيت المال، بل من قدر أن يجاهد بمال نفسه فهو أفضل له، وأعظم لأجره، وإن اتفق أن تجمع جماعة من المسلمين مالا لذلك حصل المقصود أيضا.
- إذن أخى ماذا لو غاب الأمام .. أو كان أمر وجوده صعب
- ومن المعلوم في الفقه أن جماعة المسلمين تتنزل منزلة السلطان إذا عدم، وعليه من الفروع مالا يكاد يحصى، كمسألة من غاب زوجها وهي في بلد لا سلطان فيه، فإنها ترفع أمرها إلى عدل من صالحي جيرانها، فيكشف عن أمرها ويجتهد لها، ثم تعتد وتتزوج، لأن الجماعة في بلد لا سلطان فيه تقوم مقام السلطان، قاله القابسي، وأبو عمران الفاسي، وغيرهما من شيوخ المذهب.
مع أن هذا من وظائف الإمام، أو نائبه الذي هو القاضي، التي لا يباشرها غيره مع وجوده، ومع ذلك لم يتوقف الأمر فيها على وجوده، فكيف بالجهاد الذي يصح أن يباشره غيره مع وجوده دون إذنه كما تقدم.
وما تهذي به بعض الأ لسنة في هذه الأزمنة من أنه لا يجوز الجهاد لفقد الإمام وإذنه، فكلمة أوحاها شيطان الجن إلى شيطان الإنس، فقرها في إذنه ثم ألقاها على لسانه في زخارف هذيانه، إغواء للعباد وتثبيطا عن الجهاد.
وحسبك فيمن يقول ذلك أنه من أعوان الشيطان وإخوانه المعدين في الغي والطغيان، والذي تشهد له الأدلة أن الجهاد الآن أعظم أجرا من الجهاد مع الإمام، لأن القيام به الآن عسير، لا تكاد توجد له أعوان، ولا يتهيأ له تيسير، فالقائم به الآن يضاعف أجره، وينشر في الملأ الاعلى ذكره، فيكون للواحد أجر سبعين، ويماثل فاعل الخير الدال عليه والمعين
وإذا كان الجهاد لا يرجع فيه إلى الإمام إن كان غير عدل، لأنه سيجعله تبعا لهواه، فيعرض الدين للهلاك، فكيف إذا كان الحاكم أخا ووليا للكافرين، محاربا للدين، فهو يأتمر بأمر الكفار أنفسهم، ويقر معهم أنه لا جهاد إلا بإذنهم، فليت شعري، كيف يجعل أمر الجهاد إليه، وهل يقول بذلك عاقل.
- فلما يا أخى نسمع مشايخنا الكبار فى القنوات التلفزيونية يقولون بغير ما تقول ؟
- أخى لقد أفتيتك بعلمى و جئتك بالدليل .... فما دليلهم أخى
- إذن لما يقولون هذا بالله عليك ؟ لقد أدميت قلبى
لا يغرك ما يلهج به هؤلاء المتهوكون في وسائل الإعلام، فإنما هو الجهل بعينه، أو أنهم يفترون على دين الله تعالى بجعل أحكام الشرع تبعا لأهواء الحكام، طمعا في الدنيا، أو خوفا من سطوة الحكام، فلا يلتفت إلى قولهم، ولنا في قول أئمتنا الماضين أسوة حسنة.. بارك الله فيك.
و الغريب ان هذا الطالب كلما زار صاحبه هذا خرج من عنده مذهولا لا يدرى ما يفعله إلا أن يجلس مع نفسه متأملا طالبا من الله العون على أن يجد طريق الهدى ..
ولكن الغريب فى الأمر أنه يزاد شوقا لمجالسة صاحبه لأن عنده المزيد من الأسئلة التى لا تجد إجابة عنده أو عند مشايخه .....


الهلالى