الموضوع: يوميات رمضانية
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-09-2007, 08:02 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي


اليوم الثاني من أيام رمضان

ـ مقتل الخليفة العباسي المعتز بالله:

شهد اليوم الثاني من رمضان سنة 255 هـ نهاية مأساوية لخليفة عباسي في الفترة المضطربة من حكم العباسيين... إنه المعتز بالله محمد بن جعفر بن المعتصم...

وكان المعتز بالله قد أجبر سلفه الملقب بالمستعين بالله على خلع نفسه من الخلافة والتنحي عن السلطة، قبل ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة عشر يوماً بالتمام والكمال...

يقول الطبري (5/406): ولما بايع المستعين (المعزول) المعتز (الخليفة الجديد) وأخذ عليه البيعة ببغداد وأشهد عليه الشهود من بني هاشم والقضاة والفقهاء والقواد نُقل من الموضع الذي كان به من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل هو وعياله وولده وجواريه لأربع خلون من المحرم فأنزلوهم فيه جميعاً ووكل بهم سعيد بن رجاء الحضاري وهو أحد رجالات المعتز في أصحابه،

وأخذ المستعين المعزول البردة والقضيب والخاتم – وكانت شارات الخلافة آنذاك - ووجه بها إلى المعتز بالله وكتب إليه:

ـ أما بعد فالحمد لله متمم النعم برحمته، والهادي إلى شكره بفضله، وصلى الله على محمد عبده ورسوله الذي جمع له ما فرّق من الفضل في الرسل قبله، وجعل تراثه راجعاً إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما. كتابي إلى أمير المؤمنين وقد تمم الله له أمره وتسملتُ تراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان عنده (يقصد البردة والقضيب والخاتم) وأنفذته إلى أمير المؤمنين مع عبيد الله بن عبد الله مولى أمير المؤمنين وعبده.

ومُنع المستعين من الخروج إلى مكة واختار أن ينزل البصرة.

ونقل الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 2/126): كانت خلافة المعتز بالله إلى أن خلع يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ومات في يوم الثاني من شهر رمضان بسُّر مَنْ رأى، (سامراء) ودفن بموضع يقال له باب السميدع...

وجاء في مسائل الإمام أحمد (سامراء1/65) ثم قتل المعتز بالله، وقيل: مات بمكروه ناله في اليوم الثاني من رمضان.

وقد أعطانا صاحب (بغية الطلب كمال الدين عمر بن احمد بن ابي جرادة في تاريخ حلب) صورة لأحداث خلع المعتز وطريقة قتله كما أشيع آنذاك قال:

هاج الموالي فخلعوا المعتز بحضرة القضاة والفقهاء بعد أن قرعوه ووبخوه وتلاه في الخلافة محمد بن الواثق أبو عبد الله المسمى بالمهتدي، فتتبع أموال المعتز، وأخذ له مالاً وجوهراً وطيباً ومتاعاً كثيرا. وأخذ من مال أخته ثلاث مائة ألف دينار ونادى المهتدي:

ـ من دل على مالٍ من ما لهم فله نصف العشر. فدل الناس على أموال كثيرة

وعُذب المعتز بألوان العذاب فلم يكن عنده مال (أي لم يقر على شيء) فأدخل حماماً ومنعوه الماء، حتى اشتد في الحمام عطشه وقارب التلف، ثم أخرج فأعطي ماء فيه ثلج كثير، فحين جرع منه جرعاً مات.



ـ صاعقة محرقة على بغداد:

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان ما أورد ابن الجوزي في كتابه (المنتظم) 8/146) في حوادث سنة 442هـ قال:

ووقعت في ليلة الجمعة ثاني رمضان صاعقة في محلة نور الدولة على خيمة لبعض العرب كان فيها رجلان، فأحرقت نصفها ورأس أحد الرجلين ونصف بدنه ويداً واحدة ورجلاً واحدة فمات، وسقط الآخر مغشياً عليه لم يتكلم يومين وليلة ثم أفاق، وعصفت ريح شديدة وجاء مطر جود فقلعت رواسن الخلافة على دجله.



ـ وصول الخليفة الفاطمي مصر:

ومن حوادث اليوم الثاني في شهر رمضان وصول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى ساحل الجيزة مصر بعد أن مهد له قائد جيوشه جوهر أمر مصر.

يقول صاحب شذرات الذهب (2/54) في حوادث سنة 563هـ:

ولما وصل الخبر إلى المعز بموت كافور الإخشيدي صاحب مصر تقدم إلى القائد جوهر ليجهز للخروج إلى مصر، فخرج أولاً لإصلاح أموره وكان معه جيش عظيم وجميع أنواع القبائل الذين يتوجه بهم إلى مصر، وأنفق المعز في العسكر المسيَّر صحبته أموالاً كثيرة، ورحّل معه ألف حمل من المال والسلاح، ومن الخيل والعدد ما لا يوصف، وكان بمصر في تلك السنة غلاء عظيم ووباء حتى مات فيها وفي أعمالها في تلك المدة ستمائة ألف إنسان على ما قيل.

وقد دخل القائد جوهر مصر في منتصف رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأخذت كتبه تتردد إلى المعز باستدعائه إلى مصر بعد أن انتظم الحال في مصر والشام والحجاز، وأقيمت للخليفة الفاطمي المعز الدعوة فيها، فسر بذلك سروراً عظيماً.

ثم استخلف الخليفة الفاطمي المعز على أفريقية بلكين بن زيري الصنهاجي، وخرج متوجهاً إلى مصر بأموال جليلة المقدار، ورجال عظيمة الأخطار، ولم يزل في طريقه يقيم بعض الأوقات في بعض البلدان أياماً ويجدّ السير في بعضها، وكان اجتيازه على برقه، ودخل الإسكندرية، ثم رحل منها في أواخر شعبان، ونزل يوم السبت ثاني رمضان على ساحل مصر بالجيزة، فخرج إليه القائد جوهر، وترجل عند لقائه، وقبل الأرض بين يديه، واجتمع به بالجيزة أيضا الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات.

وأقام المعز هناك ثلاثة أيام، وأخذ العسكر في التعدية بأثقالهم إلى ساحل مصر، ودخلها وكانت قد زينت له ، ولما دخل القاهرة ودخل القصر ودخل مجلساً فيه خر ساجداً، ثم صلى فيه ركعتين وانصرف الناس عنه...



ـ مقتل أحد المتآمرين على الأيوبيين (عمارة التميمي).

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان ما ذكره ابن الأثير في تاريخه 10/54 في تاريخه الكامل في حوادث سنة 569هـ وهو يؤرخ للدولة الأيوبية الفتية الناشئة في بلاد الشام ـ وكان الفاطميون قد استنجدوا بها أولا، ثم قضت آخر الأمر على الدولة الفاطمية في مصر وحلت مكانها ـ وكان بين الدولتين أول الأمر صراع يخبو حيناً ويشتد آخر.

قال ابن الأثير: ثم دخلت سنة تسع وستين وخمسمائة، وفي هذه السنة في ثاني رمضان صلب صلاح الدين يوسف بن أيوب جماعة ممن أراد الوثوب به بمصر من أصحاب الخلفاء العلويين.

وفي نفس العام (569 هـ) يورد المؤرخ الفذ ابن كثير في كتابه المرجع (البداية والنهاية 12/276) شيئا من تفاصيل المؤامرة الفاشلة على صلاح الدين الأيوبي، فيذكر قصة قتل شاعر متآمر مغرور، ساقه عمله السيء وجرأته على صلاح الدين الأيوبي - بعد أن قضى على الدولة الفاطمية - إلى ساحة الإعدام في صورة غريبة.قال ابن كثير وهو يسرد حوادث سنة 569هـ:

ـ ومنها مقتل عمارة بن أبي الحسن بن زيدان الحكمي من قحطان الفقيه الشاعر. وسبب قتله أنه اجتمع جماعة من رؤوس الدولة الفاطمية الذين كانوا فيها حكاما، فاتفقوا بينهم أن يردوا الدولة الفاطمية، فكتبوا إلى الفرنج (الصليبيين) يستدعونهم، وعينوا خليفة من الفاطميين ووزيراً وأمراء وذلك في غيبة السلطان ببلاد الكرك، ثم اتفق مجيئه، فجرّض عمارة اليمني شمس الدولة توران شاه (وهو أحد قواد جيش صلاح الدين، على المسير إلى اليمن ليضعف بذلك الجيش عن مقاومة الفرنج إذا قدموا لنصرة المتآمرين، ولم يخرج عمارة، بل أقام في القاهرة يفيض في هذا الحديث ويداخل المتكلمين فيه ويصافيهم، وكان من أكابر الدعاة إليه والمحرضين عليه.

وقد أدخل المتآمرون معهم فيه بعض من يُنسب إلى صلاح الدين، وذلك من قلة عقولهم، وهو الشيخ زين الدين علي بن نجا الواعظ، فإنه أخبر السلطان بما تمالؤوا وتعاقدوا عليه، فاستدعاهم واحداً واحداً فقررهم فأقروا بذلك فاعتقلهم، ثم استفتى الفقهاء في أمرهم فأفتوه بقتلهم، فعند ذلك أمر بقتل رؤوسهم وأعيانهم دون أتباعهم وعلمائهم، وأمر بنفي من بقي من جيش الفاطميين إلى أقصى، البلاد وشدد الرقابة على آخر ملوك الفاطميين وهو العاضد،

وكان عمارة اليمني معادياً للقاضي (مستشار صلاح الدين) فلما حضر عمارة بين يدي السلطان قام القاضي الفاضل ـ واسمه عبد الرحيم ـ إلى السلطان صلاح الدين ليشفع في عمارة عنده. فتوهم عمارة أنه يتكلم فيه ويحرضه عليه فقال:

ـ يا مولانا السلطان لا تسمع منه.

فغضب الفاضل وخرج من القصر فقال له السلطان:

ـ إنما كان يشفع فيك. فندم ندماً عظيماً!!

ولما ذُهب به ليصلب مرّ بدار القاضي الفاضل عبد الرحيم فطلبه فتغيب عنه، فأنشد:



عبد الرحيم قد احتجب إن الخلاص هو العجب !!



ويضيف ابن كثير: وكان عمارة شاعراً مطيقا بليغاً فصيحاً لا يلحق شأنه في هذا الشأن، غير أنه ينسب إلى موالاة الفاطميين، وقد اتهم بالزندقة والكفر المحض، ونسب إليه قوله في قصيدة طويلة:

قد كان أولُ هذا الدين من رجل

سعى إلى أن دعوه سيد الأمم

وهو بذلك يعّرض برسول الله صلى الله عليه وسلم ويشك في نبوته.

فأفتى أهل العلم من أهل مصر بقتله، وحرضوا السلطان على المثلة به وبمثله. وأنشد الكندي في عمارة اليمني حين صلب:



عُمارةُ في الإسلام أبدى جناية

وبايع فيها بِيعة وصليبا



وأمسى شريك الشرك في بغض أحمد

وأصبح في حب الصليب صليبا



وكان صلب عمارة وأصحابه يوم السبت الثاني من شهر رمضان سنة 569هـ.



- أبو الفتح أحمد بن محمد سلطان كجرات:

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان: جاء في كتاب شذرات الذهب (4/74) أنه في سنة 916هـ توفي السلطان العادل المجاهد أبو الفتح أحمد بن محمد سلطان كجرات من بلاد السند، وهو الذي أخذ من الكفار قلعة الشبابانير فابتناها مدينة وسماها أحمد أباد ولا تزال تنسب إليه إلى اليوم.

وعمر السلطان جمد هذا بمكة رباطا مجاور باب الدربية عرف بالكنباتية، وقرر به جماعة ودروساً وغير ذلك، وكان يرسل لهم مع أهل الحرمين عدة صدقات. واستمر على ولايته إلى أن توفي يوم الأحد ثاني رمضان بمدينة أحمد أباد.



معركة شقحب على أطراف دمشق:

ومن حوادث اليوم الثاني في رمضان: يورد لنا ابن تغري صاحب النجوم الزاهرة (8/160) صورة عن معركة جرت بين التتار والمماليك من أهل الشام ومصر وهي معركة شقحب على أطراف دمشق تحت جبل غباغب سنة 702هـ وقد هزم فيها التتار شر هزيمة بعد أن كاد اليأس والخوف يقتل النفوس يقول:

ـ ومشى السلطان الملك الناصر محمد على التتار والخليفة بجانبه، ومعهما القراء يتلون القرآن ويحثون على الجهاد ويشوقون إلى الجنة وصار الخليفة يقول:

ـ يا مجاهدون لا تنظروا لسلطانكم، قاتلوا عن دين نبيكم وعن حريمكم...

فلما تم الترتيب زحفت كراديس التتار كقطع الليل، وكان ذلك وقت الظهر من يوم السبت ثاني رمضان، وثبت أمراء الجيش وألقوا بأنفسهم إلى الموت واقتحموا القتال، واستمروا إلى أن كشفوا التتار عن المسلمين، وفر قطلوشاه مقدم التتار في نحو عشرين الفا، ونزل هارباً بعد المغرب، وشرع التتار في الهزيمة، وتبعهم المسلمون قتلاً وأسرا وتخطفهم الناس إلى الفرات (العبر في خبر من غبر 6/20).
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية