و:- كرمه
الكرم صفة محمودة ، ومنقبة جليلة ، وأكرم الورى على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أجود بالخير من الريح المرسلة - وخاصة في رمضان - .
والكرم في اصطلاح العلماء وهو التبرع بالمعروف قبل السؤال ، والإطعام في المحل ، وإكرام السائل مع بذل النائل .
والشيخ عبد العزيز - حفظه الله - كرمه معروف مشهور ، وكرمه كرم أصيل لا تكلف فيه ولا تنطع ، وقد سماه بعض محبيه حاتم الطائي في هذا العصر ، فمائدته لا تخلو من ضيوف أبدا ، يلتقي عليها الصغير والكبير ، والغريب والقريب ، وما أظن طعاما له خلا من عديد الضيفان حتى لكأنه هو القائل :
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له *** أكيلا فإني لست آكله وحدي
أخا سفر أو جار بيت فإنني *** أخاف مذمات الحوادث من بعدي
وهذه الصفة مما انفرد سماحته - حفظه الله - دون غيره من العلماء ، فهو كريم وكرمه يتمثل في أمور عدة :
أولا : عطاءه المستمر للفقراء والمحتاجين والمساكين فهو لا يرد طلبا ، ولا يمسك شيئا من ماله لا قليلا ولا كثيرا ، وربما مر عليه بعض الأشهر يستدين على راتبه ، ولربما باع أغراضا مهمة لإنفاق قيمتها في سبيل الله .
ثانيا : يتمثل كرمه في أنه ما يدنو وحده إلى طعامه ، ولا يأكل منفردا وحيدا ، وإنما إذا حضر طعامه أحضر الناس على طعامه وسفرته ، ويحضر العلماء والطلبة والمفكرون والأدباء والعامة وعابري السبيل والفقراء والمساكين ، فيحيي الجميع ويرحب بهم أطيب الترحيب ، ثم إذا أراد أحدهم أن يستعجل قال : كل باختياره لا ينظر أحد إلى أحد ويقول لمن دعا الله له ، جعل الله فيه العافية .
بمثل هذه الأخلاق الرضية ، والصفات الحميدة ، حصل للشيخ طيب الذكر ، وحسن الأثر ، لا في الرياض وحدها ، ولا في المملكة فحسب ، ولا في العالم العربي ولكن في جميع العالم كله ، وهناك - ولله الحمد والمنة - إجماع أو شبه إجماع على حبه وعلى أنه البقية الباقية الثابتة على طريق السلف الصالح .
وهذه الصور المشرقة التي سقناها عن كرم الشيخ وجوده تعتبر بمثابة دعوة مفتوحة إلى التنافس في الخير ، والتسابق في ميادين الفضيلة والبعد عن الشح والحرص والبخل ، وذلك أن الإسلام دين يقوم على التعاون والبر والبذل والإنفاق ، ويحذر من الأنانية والإمساك ولذلك رغب صلى الله عليه وسلم في أن تكون النفوس بالعطاء سخية ، والأكف بالخير ندية ، ووصى أمته بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ، ووجوه البر وبذل المعروف ، وإلى كل خلق نبيل .
.. يتبع ..