عرض مشاركة مفردة
  #102  
قديم 18-10-2004, 07:07 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي

أخي العزيز سيدالصبر وأخواني وأخواتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وانت بخير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وجعلنا الله سبحانه وتعالى من عتقائه بإذن الله تعالى .
أخوتي في الله يقسم الله آيات كتابه إلى قسمين :

1- آيات محكمات لا اشتباه فيها ولا احتمال.

2- آيات متشابهات تحتمل أكثر من معنى.

ولقد ذكر الله تعالى أن مرجعنا في المسائل الخطيرة هي الآيات المحكمات وحرم علينا اتباع غيرها من المتشابهات كما قال سبحانه ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ) آل عمران /7 . ونحن امتثالاً لهذا التوجيه الإلهي سنجعل اعتمادنا على محكم القرآن الكريم دون متشابهه . وبهذا نضمن الوصول إلى بر الأمان بسلام . وسنجعل البحث في شوطين الأول : نكاح المتعة في القرآن الكريم ، والثاني : نكاح المتعة في الروايات وفتاوى العلماء.



نكاح المتعة في القرآن :

كان نكاح المؤقت موجوداً عند اليهود والفرس وغيرهم وقد تسرب إلى المجتمع الجاهلي في الجزيرة فلماء جاء الإسلام حرمه أول عهده في مكة بقوله تعالى في القرآن الذي نزل مرتين ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) المؤمنون /5-7 ، المعارج/29-31 .

يتبين من هذا النص المكي أن " الأصل في الفروج الحرمة " وأما التحليل فاستثناء لابد من ذكره ، فما سكت عنه فهو حرام ، فقوله تعالى " لفروجهم حافظون " هذا هو الأصل ، أي الحرمة " إلا " هذا هو الاستثناء ومحله : " أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" هذا هو المستثنى من التحريم ، وهو نوعان من النكاح ما عداهما حرام ، وحتى لا يدع الله مجالاً للاشتباه أو الالتباس نص على حرمة ما عداهما بقوله الصريح " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فكل فرج دونهما حرام سواء استبيح بالزنا أو المتعة أو الاستبضاع .. الخ .

هذا في مكة ، أي أن المسلمين لم يمارسوا هذا النكاح في العهد المكي لحرمته . ولما هاجروا إلى المدينة لم تذكر الآيات النازلة فيها بخصوص النكاح إلا النوعين الأولين ، الزواج الدائمي ونكاح المملوكة باليمين ( الأمة ) . والتمتع بها ليست زوجة لعدم التوارث قال تعالى ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ... ولهن الربع مما تركتم ..) الآية النساء/12 ولو كانت زوجة لورثت وأورثت . انظر الآيات في هذين النوعين في ( البقرة /221 ، النور/32/33، الأحزاب/50/52 ، النساء/3 ) .

في سورة النور قال تعالى ( وأنكحوا الأيامى منكم – أي الذي لا أزواج لهم من الأحرار – والصالحين من عبادكم وإمائكم – وهذا نكاح ملك اليمين ، ثم قال – وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33 . فأمر من لا يجد زوجة أو أمة ينكحها بالصبر والعفاف . وفيه تحريم ما عداهما . فلو كانت المتعة حلالاً لذكرها كأن يقول ( وليستمتع ) لا أن يقول ( وليستعفف ) الذي يقتضي المنع لا سيما وأن ( الأصل في الفروج الحرمة ) .

وفي سورة النساء جاء قوله تعالى ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع - وهذا هو الزواج الدائمي ثم قال – فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة – أي الحرائر – أو ما ملكت أيمانكم ) النساء/3 .

فجعل مجال التخيير محصوراً في الأفراد ونكاح الأمة ولو كانت المتعة مشروعة لجعلها موضعاً للاختيار فهي حرام إذن .

ثم جاء قوله تعالى بعد ذكر محرمات النكاح ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة – إلى قوله – ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم ) النساء/24 ،25 .

وهذان الزواج الدائمي وملك اليمين ، ولو فسرنا الأول بنكاح المتعة لما بقي للزواج الدائمي الذي هو الأصل في النكاح ذكر في الآيات ! وهذا غير معقول وليس من سبب يلجئنا إلى القول به سوى ما اشتبه على البعض من لفظ " استمتعتم " وهو لا ينهض حجة لأنه متشابه.



لفظ ( استمتعتم ) متشابه

إن الاستدلال بالقرآن على مشروعية نكاح المتعة لا يصح لأن الموضع الوحيد فيه الذي يحتجون به عليه ، لفظ متشابه وليس قطعي الدلالة محكماً .

إن استحلال الفروج في الإسلام مسألة عظيمة جداً لا يصح التساهل فيها أبداً بحيث يقبل فيها من الأدلة ما تشابه ، وبما انه لا يوجد نص واحد في القرآن صريح الدلالة على نكاح المتعة ، فالقول بمشروعيته باطل لأنه اتباع للمتشابه.

معنى ( الاستمتاع ) لغة:

أصل الاستمتاع في اللغة التلذذ والانتفاع وهذا قد يكون بالطعام كما في قوله تعالى ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم ) المائدة/96 ومرة يكون باللباس كما في قوله تعالى ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً لكم ) النحل/80 ومرة يكون بالمال المدفوع إلى المطلقات ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف ) البقرة/236 ومرة يكون بالجماع كما في قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهن ) أي جامعتم لأن الجماع أخص ما يتلذذ ويستمتع به . ولقد جاء لفظ ( الاستمتاع ) مشتقاته في القرآن الكريم ستين مرة لا علاقة لواحد منها بنكاح المتعة كما في قوله تعالى ( وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذين أجعلت لنا قال النار مثواكم ) الأنعام/28 وقوله ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ) إبراهيم/30 لأن السياق يأبى ذلك وكذلك سياق آية النساء . ما معنى الآية إذن ؟

للمهر ثلاثة أحوال :

1- إذا حصل الطلاق قبل الدخول وتحديد المهر فمقداره غير معين وإنما حسب قدرة الرجل كما قال تعالى ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) البقرة/236

2- إذا تم الدخول وحدد المهر فهذا يجب المهر المحدد كله ولو طلق الرجل زوجته ولم يجامعها إلا مرة واحدة كما قال تعالى ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة )النساء/24 أي مهما كان الاستمتاع ولو بجماع واحد . والأجور هنا معناها المهور لأن الزواج عقد فيه أجر مقابل الاستمتاع بالمرأة والانتفاع بها كما قال تعالى ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللائي آتيت أجورهن ) الأحزاب/50 .
وهكذا سقط الاحتجاج بالآية على نكاح المتعة لأنه احتجاج بمتشابه .

وكذلك فإن سياق الآية يأباه وذلك من وجوه منها :

أ – إن الآيات لم تذكر إلا نوعين من النكاح 1- ملك اليمين 2- هذا المعبر عنه ( بالاستمتاع ) فإذا كان المقصود بالأخير نكاح المتعة فمعنى ذلك أن الزواج الدائم لا ذكر له في هذا الآيات وهذا غير معقول فلا بد من حمل اللفظ عليه دون غيره .


ب- إن الله تعالى لما انتقل إلى ذكر ملك اليمين انتقل من الأصعب إلى الأسهل فقال ( فمن لم يستطع طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم )النساء/25 وليس أصعب من نكاح الإماء إلا الزواج الدائم بالحرائر فإن نكاح المتعة أسهل أنواع الأنكحة فليس هو المقصود بالآية.

ج – ما ذكر الله تعالى من شروط لهذا النكاح في قوله ( أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ) النساء/24 ونكاح المتعة ليس القصد منه إلا سفح الماء وقضاء الشهوة وليس فيه إحصان أو حفظ للمرأة لا نفسياً ولا جسدياً ولا أسرياً ، وكذلك الرجل .


لو كان نكاح المتعة يمارس في المجتمع الإسلامي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لصرح الله به في كتابه حتماً ولذكر مشروعيته أولاً ، وفصل أحكامه ثانياً كما هو حال الزواج من الحرائر والإماء .

ولا شك أنه لو كان مشروعاً لكانت ممارسته أكثر لسهولته فكيف يسكت القرآن عن هذا الأمر العظيم ويتكلم باستفاضة عن النوعين الآخرين وكلها مشتركة في معنى واحد هو النكاح ؟!

لقد علم الله أن نكاح الإماء سيختفي من المجتمع ومع ذلك ذكره في كتابه ثماني مرات ولا زالت الآيات المتعلقة بشرعيته وأحكامه تتلى. بل ذكر الله ما هو أقل منه أهمية وخطراً كالخمر وذلك مراراً في القرآن وتدرج في تحريمه حتى انتهى منه. فكيف لا يذكر الله نكاح المتعة وهو أخطر وأهم وأكثر وقوعاً وأعم بلوى ؟!

إن هذا ليس له إلا تفسير واحد هو أن هذا النكاح كان محرماً على المسلمين لم يمارسوه في مجتمعهم وذلك من أول الإسلام والمسلمون لا زالوا في مكة المكرمة كما جاء ذلك صريحاً في سورة المؤمنون والمعارج.


نكاح المتعة في الروايات وفتاوى الفقهاء

أ- أول ما ينبغي الوقوف عنده رواية ابن عباس رضي الله عنه في سنن الترمذي أنه قال : ( إنما كانت المتعة أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فيها فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه حتى إذا نزلت الآية ( إلا على أزاوجهم أو ما ملكت أيمانهم ... ) فكل فرج عدا هذين فهو حرام ) .

وفيها أن المتعة حرمت في بداية الإسلام وأنها من أمور المجتمعات الجاهلية المشركة .

ب- في مسند الإمام أحمد أن رجلاً سأل ابن عمر رضي الله عنه عن المتعة فغضب وقال ( والله ما كنا على عهد رسول الله زنائين ولا مسافحين ) وهذا يعني خلو المجتمع النبوي من نكاح المتعة . وإلى هذا أشار الإمام النووي في شرح مسلم والسرخسي في المبسوط والشيخ مخلوف في صفوة البيان وغيرهم .

ج- جميع الروايات الأخرى ليس فيها إلا الترخيص ثلاثة أيام فقط : مرة في خيبر ومرة في فتح مكة ثم حرمها النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة وما من شك في أن خيبر أو مكة لم يكن فيها مسلمات في ذلك الوقت فالتمتع كان بنساء يهود أو المشركات وليس مع المسلمات في المجتمع المسلم ، ولقصر المدة ولكونه خارج المجتمع المسلم لو ينزل فيه قرآن .

د- وقد فهم ابن عباس أن الرخصة باقية للمضطر فعارضه كبار الصحابة ولم يعتبروا فتواه وأنكروا عليه بشدة كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى قال له : إنك رجل تائه نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر / رواه مسلم . وكذلك أنكر عليه عبدالله بن الزبير رضي الله عنه ونقل الترمذي والبيقهي والطبراني أنه رجع عن فتواه أخيراً.

وابن عباس لم يحكم بإباحتها وإنما قال هي الميتة للمضطر وهذا يعني تحريمها عنده.

هـ - عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها. والله لا أعلم أحداً يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد إذ حرمها / رواه ابن ماجه.وفيها أن عمر رضي الله عنه لم يحرم المتعة من عند نفسه وإنما نقل التحريم عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه . وإنما كانت لثلاثة أيام فقط ثم حرمت لا أنها كانت طيلة العهد المدني إلى خيبر أو فتح مكة كما هو شائع خطأ . أرجو ان أكون أجبت وأشكرك كل الشكر على سؤالك . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .






__________________