عرض مشاركة مفردة
  #68  
قديم 01-08-2004, 06:35 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي

تابع احتجاج الشيعة بقوله تعالى { ثم فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بهِ مِنْهُنَّ فَأتوْهُنّ أُجُوْرَهُنَّ فَريضَةً } والرد عليهم وبيان أقوال العلماء في تفسيرها:

ويقول السيد محمود شكري الآلوسي في « مختصر التحفة الإِثني عشرية » ص 227 - 235: « إنهم يحسبون » متعة النساء خير العبادات وأفضل القربات، ويوردون في فضائلها أخباراً كثيرة موضوعة ومفتراة، وعندهم متعة الخلية جائزة بالإِجماع، ومتعة المشركة والمجوسية سواء كانت خلية أو محصنة جائزة إذا تحركت ألسنتهن بقول: لا إله إلا اللّه، وإن لم يكن في قلوبهن من معناها شيء. وكذلك يجوزون المتعة الدورية، وإن كان الإِثنا عشرية ينكرون هذا التجويز، ولكن يقول محققوهم: إنها ثابتة في كتبنا لا يجوز إنكارها، وصورتها أن يستمتع جماعة من امرأة واحدة ويقرروا الدور والنوبة لكل منهم، فيجامعها من له النوبة من تلك الجماعة في نوبته مع أن خلط الماءين في الرحم لا يجوز في شريعة من الشرائع إذ لا يثبت حينئذٍ نسب العلوق، إلى أحد منهم. والحال إن حفظ الأنساب مما به، الامتياز بين الإنسان والحيوان. وإذا تأملنا في أصل المتعة يجد فيها مفاسد مكنونة كلها تعارض الشرع، منها تضييع الأولاد ، فإن أولاد الرجل إذا كانوا منتشرين في كل بلدة ولا يكونون عنده فلا يمكنه إن يقوم بتربيتهم فينشأون من غير تربية كأولاد الزنا، ولو فرضنا أولائك الأولاد إناثاً يكون الخزي أزيد، لأن نكاحهن لا يمكن بالأكفاء أصلاً، ومنها احتمال وطء موطوءة الأب للابن بالمتعة أو النكاح أو بالعكس بل وطء البنت وبنت البنت وبنت الابن والأخت وبنت الأخت وغيرهنّ من المحارم في بعض الصور خصوصاً في مدة طويلة، وهو أشد المحظورات، لن العلم بحبل امرأة المتعة في مدة شهر واحد أو أزيد لا يكون حاصلاً لا سيما إنْ وقعت المتعة في سفر ويكون السفر أيضاً طويلاً ويتفق في كل منزل الشغل بالمتعة الجديدة ويتعلق الولد في كل منها وتولد جارية من بعد تلك العلوقات ويرجع هذا الرجل إلى ذلك الطريق بعد خمسة عشر عاماً مثلاً، أو يمر إخوته أو بنوه في تلك المنازل فيفعلون بتلك البنات متعة أو ينكحوهن. ومنها عدم تقسيم ميراث مرتكب المتعة مرات كثيرة، إذ لا يكون ورثته معلومين ولا عددهم ولا أسماؤهم وأمكنتهم فلزم تعطيل أمر الميراث. وكذلك لزم تعطيل ميراث من ولد بالمتعة، فإن آباءهم ولإخوتهم مجهولون، ولا يمكن تقسيم الميراث ما لم يعلم حصر الورثة من الذكورة والأنوثة والحجب والحرمان. وبالجملة فالمفاسد المترتبة على المتعة مضرة جداً ولا سيما في الأمور الشرعية. كالنكاح والميراث، فلهذا حصر الله سبحانه أسباب حل الوطء في شيئين: النكاح الصحيح، وملك اليمين. لأن الاختصاص التام الحاصل بين المرء وزوجته بسبب هذين العقدين ليحفظ الولد ويعلم الإرث، قال تعالى:{ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } وعقّب هذا في الموضعين بقوله:{ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العًدُونَ } وظاهرٌ أن امرأة المتعة ليست بزوجة، وإلا لتحققت لوازم الزوجية فيها من الإرث والعدّة والطلاق والنفقة والكسوة وغيرها، وليست هي أيضاً بملك يمين وإلا لجاز بيعها وهبتها وإعتقاها. وقد اعترف فقهاء الشيعة بأنَ الزوجية بين المرء وامرأة المتعة لا تكون متحققة، وقال ابن بابويه في كتاب « الاعتقادات »: إن أسباب حل المرأة عندنا أربعة: النكاح، وملك اليمين، والمتعة، والتحليل ».
وقال تعالى:{ وَلْيَسَعْفِفِ الّذيْنَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتى يُغْنِيَهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ } فلو كانت المتعة التحليل جائزين لِم يلأمر بالاستعفاف؟ وقال تعالى:{ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَات فمِمَّا مَلَكَت أَيْمَانُكُمْ } إلى قوله:{ ذلِكَ بِمَنْ خَشِيَ العنَت مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيرٌ لَكُمْ } فلو جازت المتعة والتحليل لَما كان خوف العنت والحاجة إلى نكاح الإماء وإلى الصبر في ترك نكاحهن متحققاً. وما قالت الشيعة: إن قوله تعالى:{ فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنّ فَآتُوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } نزل في حل المتعة فغَلطٌ مَحْضٌ ونسبة روايته إلى ابن مسعود وغيره من الصحابة محض إفتراء، وغن نقل في تفاسير أهل السنة غير المعتمد بها أيضاً، فإنه خلاف نظم القرآن وكل تفسير كذلك، ليس بمسموع ولا مقبول ولو كان من رواية صحابي، لأنه سبحانه بيّن أولاً المحرمات بقوله تعالى:{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ } إلى قوله:{ وَالمُحْصَنَات مِنَ النِّساءِ إلاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ } ثم قال:{ وَأحِلَّ لكْم مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ } أي غير المحرمات المذكورات، ولكن بشرط أن تبتغوا بأموالكم من المهور والنفقات، فبطل بهذا الشرط تحليل الفروج وإعارتها، فإنها منفعة محصنة بلا حرج، ثم قال:{ مُحْصِنِيْنَ، غَيْرَ مُسَافِحِينَ } يعني في حال كونكم مخصصين أزواجكم بأنفسكم ومحافظين لهن لكي لا يرتبطن بالأجانب ولا تقصدوا بهن محض قضاء شهوتكم وصبّ مائكم واستبراء أوعية المنيّ، فبطلت المتعة بهذا القيد، لأن الاحتياط والاختصاص لا يكون مقصوداً في المتعة أصلاً، لأن امرأة المتعة كل شهر تحت صاحب، بل كل يوم في حجر ملاعب، ثم فرّع على النكاح قوله:{ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بهِ مِنْهُنّ } الآية، يعني إذا قررتم الصداق في النكاح فإن تمتعم به منهن بالدخول والوطء يلزمكم تمام المهر وإلا فنصفه، فَقَطْعُ هذه الآية عما قبلها وَحَمْلُها على الاستئناف باطل صريح باعتبار العربية، لأنّ الفاء تأبى القطع والابتداء، بل تجعل ما بعدها مربوطاً بما قبلها. وما يروون أن عبد اللّه بن مسعود كان يقرأ هذه الآية مع ضم { إلى أَجَلٍ } بعد { مِنْهُنَّ } فغير صحيح، لأن هذه الرواية لم توجد في كتاب من كتب أهل السنة المعتبرة، ولو سلمنا ثبوتها في قرائة منسوخة فهي لا تُستعمل في إثبات الأحكام مع كون القراءة المشهورة المتواترة تخالفها، ولو سلّمنا بذلك لا نسلّم. بدلالتها على المتعة، أيضاً لأن لفظ { إلى أَجَلٍ مسَمَّىً } متعلّق بالاستمتاع لا بنفس العقد، والمدة المتعينة في المتعة إنما تكون متعلقة بنفس العقد لا بالاستمتاع، فصار معنى الآية هكذا: فإن تمتعتم بالمنكوحات إلى مدة معينة فأدّوا مهورهن تماماً. وفائدة زيادة هذه العبارة دفع ما عسى أن يتوهم أن وجوب تمام المهر معلَّق بمضيّ تمام مدة النكاح كما اشتهر في العرف أن ثلث المهر يعجّل والثلثين يجعلان مؤجلين إلى بقاء النكاح، فهذا التأجيل يحصل بتصرف المرأة واختيارها، وإلا فلها المطالبة بعد الوطء مرة تمام المهر في الشرع، ولو كان {إلى أجَلٍ مُسًمّىً} قيد العقد لم تصح المتعة عند الشيعة إلى مدة العمر وأبداً، مع أنها صحيحة كذلك بإجماع الشيعة، وسياق قوله تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} الآية، أيضاً في باب النكاح، يعني إنْ لم يستطع منكم أحدٌ أن يؤدي مهر الحرائر ونفقتهن فلينكح الإِماء المسلمات، فحمل العبارة المتوسطة على المتعة بقطع الكلام من السياق، والسياق تحريف صريح لكلام اللّه تعالى، بل إن تأمل عاقل في سياق هذه الآية يجد حرمة المتعة صريحة، لأن الله أمر فيها بالاكتفاء بنكاح الإِماء في عدم الاستطاعة بطول الحرائر، فلو كان أجل المتعة في الكلام السابق لما قال بعده: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} لأن المتعة في صورة عدم الاستطاعة بنكاح الحرّة ليست قاصرة على قضاء حاجة الجماع، بل كانت بحكم « لكل جديد لذة أطيب وأحسن » وأية ضرورة كانت داعية إلى تحليل نكاح الإِماء بهذا التقييد والتشديد وإلزام الشروط والقيود {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ، ثُمَّ انْظُرْ أنّى يُؤْفَكُوْنَ} وبالجملة فإن هذه الآيات صريحة الدلالة على تحريم المتعة، وقد تبيّن عدم دلالة الآية التي استدل بها الشيعة على مدعاهم بل على خلافه. اهـ.

ولنا عودة وتتمه بإذن الله تعالى لنتناول الموضوع من كافة جوانبه والله من وراء القصد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________