عرض مشاركة مفردة
  #42  
قديم 17-09-2001, 07:17 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

مناقشة التساؤلات المتعلقة بالحكم الشرعي في الأسرى

الحكم الشرعي في الأسرى هو الآتي :
حكم الأسرى الثابت بنص القرآن القطعي هو المن أو الفداء ، قال تعالى : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها }. وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسرى في كل معاركه يؤيد أن حكم الأسرى هو المن أو الفداء . وأما ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجال بني قريظة فإن ذلك كان بناء على حكم المحكم في التحكيم، لا على أنهم أسرى حرب. وما روي من أنه عليه السلام قتل بعض الأشخاص في بعض المعارك فكان قتلا لأشخاص رأى فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأشخاصهم الخطر المحقق للمسلمين، فهو قتل لأشخاص معينين لسبب خاص بهم ، وليس قتلا للأسرى. فالقتل ليس من أحكام الشرع في الأسير ، وإنما القتل هو حكم الشرع في أشخاص معينين يرى رئيس الدولة الخطر منهم فيأمر بقتلهم ولو كانوا أسرى.
فحكم الشرع في الأسير هو : المن أو الفداء ليس غير. وهو المأخوذ من نص القرآن القطعي ومن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع معاركه .

وأما التساؤلات التي أثرتموها فهي ما يلي :

قال أبو سعد : ( فخرج عليه الصلاة والسلام وأمر ألا يصلا صلاة العصر الا في خيبر وربما أنك تعرف القصه أن اليهود حصروا ثلاثة ايام ).

الحديث الشريف هو : ( من كان سامعا مطيعا، فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة ) وليس ( إلا في خيبر ) ، والقيام بوضع كلمة خيبر بدل كلمة بني قريظة كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) وهذا الحديث متواتر . وغزوة خيبر وقعت بعد خمس عشرة ليلة من عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديبية وكان ذلك في آخر سنة ست للهجرة. وقد طلب يهود خيبر الصلح من الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يحقن دماءهم، فقبل منهم الرسول ذلك وأبقاهم في بلادهم، فلم يقتل مقاتلتهم. واما غزوة بني قريظة فكانت في سنة خمس فور الانتهاء من غزوة الخندق. والتحكيم حصل في بني قريظة، ذلك أنهم طلبوا النزول على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، فحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء. وهذه الحوادث ليست مجرد حوادث تاريخية بل هي أدلة شرعية، فلا يصح الاستدلال بها إلا بعد الوقوف على نص روايتها، فمن لا يكلف نفسه عناء الرجوع إلى نصوص السيرة فلا يجوز له الاجتهاد، فهو آثم ويكون بفتواه بغير علم قد تجرأ على دين الله .

ومما قاله أبو سعد أيضا : ( أما قولك ياأخ صالح عن أحكام الاسرى وأخص الايه التي ذكرت فقولك صحيح ولكن هل تعلم أن هذه الايه نسخت بألأيه التي في سورة التوبه ( فقتلوهم حيث ثقفتموهم...) الايه تنص على قتل الكفار حيث وجدوا فكيف بأللأسرى ).

قبل التوضيح أود لفت النظر إلى ضرورة تحري الدقة عند كتابة نص آية من كتاب الله تعالى، فالآية في سورة التوبة هي قوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وليس هكذا ( فقتلوهم حيث ثقفتموهم...) .

واما التوضيح فإن قوله تعالى : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة فخلوا سبيلهم }، وكذلك قوله تعالى : { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله }. وأيضا قوله تعالى في سورة الفتح : { ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون }، هو استثناء لمشركي العرب فقط، فمشركي العرب ابتداء من بعد أربعة أشهر من يوم التاسع من ذي الحجة سنة تسع للهجرة إلى يوم القيامة لا يقبل منهم إلا الاسلام أو القتال ولا يؤخذ منهم أسرى أو سبي. ويوم التاسع من ذي الحجة هو اليوم الذي قام سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بتبليغ الآيات من سورة براءة إلى المشركين من العرب .

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه الآيات لا تدل بأي وجه من الوجوه على جواز قتل الأسرى، لأنها لا تجيز أخذ أسرى أصلا بغض النظر عن المقصود بالمشركين في هذه الآيات ، فكيف يقال أنها تبيح قتل الأسرى ؟!

أما موضوع الاثخان في الأرض الوارد في قوله تعالى : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها }، وفي قوله تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ، فإن الحكم الشرعي الذي يفهم منها هو أنه لا يجوز أخذ الأسرى قبل تحقق الاثخان { حتى إذا أثخنتموهم } { حتى يثخن في الأرض }، والاثخان معناه القتل والتخويف الشديد،، فالآية الأولى والثانية تمنعان أو تنهيان عن أخذ أسرى قبل تحقق الاثخان في الأرض، وليس هي دليل على جواز قتل الأسرى، فالآية تنص على شرط أخذ أسرى وليس هي أمر بقتل الأسرى، فالاثخان كشرط لجواز أخذ أسرى يجب أن يتحقق قبل أخذ الأسرى، لا أن يتحقق الاثخان من خلال قتل الذين نأخذهم أسرى . فالآيات لا تأمرنا بأخذ أسرى ثم أن نقوم بقتلهم حتى يتحقق الاثخان، بل تأمرنا أن يتحقق الاثخان أولا ثم بعد ذلك يجوز أن نأخذ أسرى، وحين نأخذ أسرى فإن حكمهم يكون { فإما منا بعد وإما فداء } بنص الآية القطعي.


ورد فيما نقله الأرز عن موقع شيشاني كما يقول هذا النص : ( والله يقول: "وترك حزب المؤمنين يشهد عقابهم." [قرآن 24:2] ) وهذا غير صحيح، أي لا يصح أن ينسب هذا القول إلى الله تعالى . وأيضا نص الآية الذي يترجم إلى لغات أخرى غير اللغة العربية ليس قرآنا، لأن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى لفظا ومعنى، والله سبحانه وتعالى يقول : { قرآنا عربيا } { لسانا عربيا } { بلسان عربي مبين }. وأيضا لا يصح أن تسمى آيات القرآن شعرا ، لأن القرآن ليس بشعر .
هذا ما استطعت أن أفهمه من ترجمة الأرز، وإذا كان هناك أمور أخرى لم أعقب عليها فأرجو التكرم بإيرادها هنا بشكل واضح.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله