الموضوع: في العيد
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 07-02-2003, 03:38 PM
أبو معاذ أبو معاذ غير متصل
العبد الفقير
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
المشاركات: 87
إفتراضي في العيد

في العيد
اليوم تراق دماء الأضحيات في منى بين فرح الحجّاج وتكبيرهم، وما فرحتهم لأنهم أراقوا دماً، بل لأنّهم أدّوا فريضة، وفعلوا واجباً، وتعرّضوا لنفحات الله في عرفات، فهنيئاً لمن قبله الله منهم، ولم لا يقبلهم جميعاً، إلا ظالماً أو مغتصباً أو قاطع طريق من أمير أو حاكم، أو غنيّ أو قويّ.

عيد السعداء وعيد الأشقياء
في المجتمع المتماسك، يكون العيد عيداً لجميع أبناء الأمّة، وفي المجتمع المتفكّك يكون العيد عيداً لأقوام ومأتماً لآخرين.

عيد العاقل والجاهل والغافل
العاقل يرى في العيد فرصةً للطّاعة، من صلة رحم، وإغاثة ملهوف، وبرّ فقير، والجاهل يرى في العيد فرصة للمعصية، يعبّ فيها من الشّهوات عبّاً، والغافل يرى في العيد فرصة للعبث، يتفلّت فيها من قيود الحشمة والوقار، وكذلك يرى الأطفال العيد.

فلسفة العيد في الإسلام
في الإسلام عيدان: أحدهما بعد طاعة عامّة وهو عيد الفطر، وثانيهما: بعد طاعة خاصّة وهو عيد الأضحى، ولكنّ الإسلام يعتبر الطّاعة الخاصّة ذات نفع عامّ فألزم غير الحجّاج أن يفرحوا بتمام فريضة الحجّ، مشاركةً في الشعور واعترافاً بفضل العاملين.

لو كبّرت قلوب المسلمين
لو كبّرت قلوب المسلمين كما تكبّر ألسنتهم بالعيد، لغيّروا وجه التّاريخ، ولو اجتمعوا دائماً كما يجتمعون لصلاة العيد، لهزموا جحافل الأعداء، ولو تصافحت نفوسهم، كما تتصافح أيديهم، لقضوا على عوامل الفرقة، ولو تبسّمت أرواحهم، كما تتبسّم شفاههم، لكانوا مع أهل السّماء، ولو ضحّوا بأنانيّتهم كما يضحّون بأنعامهم، لكانت كلّ أيّامهم أعياداً، ولو لبسوا أكمل الأخلاق، كما يلبسون أفخر الثّياب، لكانوا أجمل أمّة على وجه الأرض.

لو عرف المسلمون
لو عرف المسلمون مغزى العيد كما أراده الإسلام، لكان عيدهم الأكبر يوم يتمّ لهم تحرير الوطن الأكبر.
عيد في الأرض ومأتم في السّماء
إنّ عيداً في الأرض يضحك فيه أناس، ويبكي آخرون، هو مأتم عند أهل السّماء.

الأعياد الدّينيّة والتّقاليد
حين تصبح الأعياد الدّينيّة تقاليد قوميّة، تفقد في النّفوس معناها، وفي المجتمع آثارها، وتصبح فرصةً للراحة أو العبث.

مناجاة
إلهي! لقد رغبت من عبادك أن يصلوا في العيد أرحامهم، ويتفقّدوا مساكينهم وضعفاءهم، فهب لي رحمةً تصلني بك، ولطفاً يجبر كسري ويقوّي ضعفي ويعافيني من الآلام والأسقام، فإنّك أكرم من برّ، وأصدق من وفّى، وأرحم من أحسن.


من كتاب "هكذا علّمتني الحياة"
د.مصطفى السباعي رحمه الله تعالى
__________________
إن صافحت يدهم أيدي صهاينة *** حسبي من الفخر أني ما مددت يدي