عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 09-08-2001, 03:51 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

تتمة البحث...

اما النصوص التي اوردها الذين يقولون ان الرسول استخلف ابا بكر فهي قسمان: قسم مدح الرسول صلى الله عليه وسلم فيها ابا بكر، وليس فيها اي شيء يدل على انه استخلفه. وقسم استنبط منها بعضهم استنباطا ان الرسول استخلف ابا بكر. واستنبط آخرون انه رشحه للخلافة.

اما القسم الاول الذي مدح فيه الرسول ابا بكر ، فانا نورد نموذجا منها بذكر بعضها، وكلها لا تخرج عن معنى المدح .
روى البخاري عن ابي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ان من أمَنَّ الناس علي في صحبته وماله ابا بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت ابا بكر، ولكن اخوة الاسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب الا سُدّ ، الا باب ابي بكر ). وقد روى هذا الحديث مسلم ايضا بالفاظ غير هذه الالفاظ ، ولكنها قريبة منها. وهذا الحديث لا شيء فيه يجعل المرء يقول انه استخلاف لابي بكر، وكل ما فيه انه مدح لابي بكر من الرسول. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم مدح كثيرا من الصحابة باسمائهم. فقد وردت احاديث في مدح عمر وعثمان وعلي وسعد بن ابي وقاص وطلحة والزبير وابي عبيدة بن الجراح والحسن والحسين رضي الله عنهما، وزيد بن حارثة واسامة بن زيد وعبد الله بن جعفر وخديجة وعائشة وفاطمة بنت النبي عليه السلام وام سلمة وبلال وغيرهم. فمجرد المدح لا يدل على الاستخلاف ولا بوجه من الوجوه .

اما الاحاديث التي استنبط منها بعضهم خلافة ابي بكر، فانها اربعة احاديث نوردها ونبين ما في كل منها . وهذه الاحاديث هي :

اولا- روى البخاري عن القاسم بن محمد قال : ( قالت عائشة رضي الله عنها : وارأساه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذاك لو كان وانا حي فأستغفر لك وأدعو لك، فقالت عائشة : واثكلياه ، والله اني لاظنك تحب موتي ، ولو كان ذاك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل انا وارأساه، لقد هممت او أردت ان ارسل الى ابي بكر وابنه فأعهد ان يقول القائلون او يتمنى المتمنون ثم قلت يأبى الله ويدفع المؤمنون او يدفع الله ويأبى المؤمنون ) . وروى مسلم هذا الحديث عن عائشة بلفظ قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ( ادعي لي ابا بكر اباك واخاك حتى اكتب كتابا فاني اخاف ان يتمنى متمن ويقول قائل انا اولى، ويأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر ).

ثانيا- روى البخاري عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه قال : اتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فكلمته في شيء، فأمرها ان ترجع اليه، قالت يا رسول الله ارأيت ان جئت ولم اجدك – كأنها تريد الموت- قال : فان لم تجديني فأتي ابا بكر ) وروى مسلم هذا الحديث عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه بلفظ ( ان امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، فأمرها ان ترجع اليه ، فقالت يا رسول الله ارأيت ان جئت فلم اجدك – قال ابي كانها تعني الموت – قال فان لم تجديني فأتي ابا بكر ).

ثالثا- روى البخاري عن عائشة ام المؤمنين ( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه مروا ابا بكر يصلي بالناس ، قالت عائشة : قلت ان ابا بكر اذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل، فقال مروا ابا بكر فليصل بالناس. فقالت عائشة : فقلت لحفصة قولي ان ابا بكر اذا قام في مقامك لم يسمع الناس، ففعلت حفصة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكن صواحب يوسف، مروا ابا بكر فليصل بالناس، فقالت حفصة لعائشة : ما كنت لاصيب منك خيرا ).

رابعا- روى مسلم عن ابي مليكة ( سمعت عائشة وسئلت من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لو استخلف ؟ قالت : ابو بكر ن فقيل لها : ثم من بعد ابي بكر ؟ قالت عمر . ثم قيل لها من بعد عمر ؟ قالت : ابو عبيدة بن الجراح . ثم انتهت الى هذا ).
وهذه الاحاديث كلها لا تصلح دليلا على استخلاف الرسول لابي بكر.

اما الحديث الاول فيرد لسببين ، احدهما ان الرسول يقول ( هممت واردت ) ولكنه لم يفعل ، فلا يكون دليلا لان الدليل هو قول الرسول وفعله وسكوته، اما ما عدا ذلك فلا يعتبر دليلا شرعيا . وثانيهما ان عائشة هي بنت ابي بكر، ولو كان هذا الحديث موجودا لعلمه ابو بكر ولاحتج به حين ذهب الى السقيفة يناقش الانصار حين اجتمعوا لبيعة خليفة منهم . وعليه فان هذا الحديث مردود ولا يصلح دليلا على استخلاف ابي بكر .

واما الحديث الثاني فلا يدل على استخلاف ابي بكر، لان المرأة قالت : ولم أجدك، فيصدق انها لا تجده لغيابه في غزوة من الغزوات، او في شأن من الشؤون، ولا يوجد فيه ما يدل على انها تريد من قولها ولم اجدك بان تكون قد مت. وما جاء في الحديث من قوله " كأنها تريد الموت " هو قول لجبير وفهم له. فأمرُ الرسول لها ان تذهب لابي بكر اذا جاءت ولم تجده، لا دلالة فيه على استخلاف ابي بكر في الخلافة بعد الرسول . على انه لو فرض انها تريد الموت فانه كذلك لا يعني انه لهذا القول عين ابا بكر ليكون خليفة بعده.

واما الحديث الثالث فهو استخلاف في الصلاة ليس غير، والاستخلاف في الصلاة لا يدل على الاستخلاف في الحكم. واما قولهم رضيه رسول الله لامر ديننا ، أفلا نرضاه لامر دنيانا، هو فهم لهم، وهو فهم خاطىء ، لان هناك فرقا شاسعا بين الصلاة وبين الحكم. فليس كل من يصلح لان يكون اماما في الصلاة يصلح لان يكون اماما في الحكم . على ان النص خاص بالصلاة ، فلا يشمل غيرها، ولا يصح ان يحمل على غيرها لخصوصية النص .

واما الحديث الرابع فانه لا يعتبر حديثا ، لانه لم يسند الى الرسول بشيء، وانما هو رأي لعائشة . ورأي الصحابة لا يحتج به ولا يعتبر دليلا شرعيا، ولذلك يرد لانه ليس بحديث ولا قيمة له في الاحكام الشرعية .
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله