عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 11-09-2004, 12:35 PM
tijani tijani غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: Netherlands/Marocco
المشاركات: 32
إفتراضي من يحكم من في العالم الإسلامي؛ هل الحكام ملوكا ورؤساء أم العلماء أم الشعوب أم الاستخب

من يحكم من في العالم الإسلامي؛ هل الحكام ملوكا ورؤساء أم العلماء أم الشعوب أم الاستخبارات الغربية أم الأمريكان أم من..؟

سؤال عريض وفضفاض لا يمكن أن نجيب عنه رياضيا أي بنعم أو بلا، كل منا قد يجيب عن مضامين هذا السؤال، لكن حسب وعيه وتلمسه للقضية المطروحة. فتكون إجابته رغم حجم محاولته غير كافية وغير شافية، لأن الآخر قد يجيب من زاوية أخرى فينفي بذلك وجهة نظر الأول، ويأتي ثالث فينفي فكرة الثاني الذي نفى فكرة الأول ويقوضها، حتى نجد أنفسنا أمام نفي النفي أو أمام وجهات نظر متعددة، حيث تسارع كل وجهة وتجابه لثبت صحتها ومشروعيتها وهكذا...
كما أن الإجابة القريبة من الواقعية والصواب، لن تتأتى إلا إذا ما تناولنا الموضوع في شمولية، حيث تتعدد الأبعاد وتختلف الملابسات وتتباين وجهات التفكير، لذلك اخترنا في مقاربتنا هذه الوقوف عند بعض المضامين التي تمت بصلة إلى القضية مثل: الدين والسياسة، بعض نماذج الحكم في العالم الإسلامي، حكام العالم الإسلامي والغرب وغير ذلك من التيمات الجانبية والفرعية.

إن المتتبع لواقع وراهن الأمة العربية والإسلامية يكتشف أن هذا الواقع ينطوي على تناقضات سخيفة ورهيبة لا يقبلها العقل السليم. حيث يتقاطع السياسي مع الديني رغم أن الدين في الإسلام سياسة والسياسة دين. أو بالأحرى أن الإسلام يوفق بين ما هو عقيدي من عبادات وأحكام وأخلاق وما هو تسييري وقيادي به تدار رحى الحكم والسياسة. فإبان عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يحدث بتاتا التفريق والمزايلة بين الدين والسياسة أو بين الإمامة والحكم، هذا حدث جاء متأخرا، وبالتحديد أثناء سيادة الدولة الأموية، وظل كذلك حتى يومنا هذا، باستثناء بعض الفترات القصيرة التي حاول فيها البعض الجمع بين الدين والسياسة في إدارة الأمة. وفي المقابل سعى بعض الحكام سواء عبر التاريخ الإسلامي أو في العصر الحديث هذا المسعى أي التوفيق بين الجانب الديني والسياسي، لكن على أساس من الخداع السياسي حيث ينصب الحاكم نفسه إماما قسرا ويجبر الأمة والعلماء على البيعة بشتى الوسائل المادية والمعنوية رغم أنه لا يستحق أن يكون ذلك الإمام الحاكم الذي تتوفر فيه تلك الشروط التي تنص عليها الشريعة الإسلامية.

هذا الخداع السياسي الذي يجعل الحاكم نفسه فيه إماما حاكما بشتى الوسائل الإيديولوجية والدعائية والقسرية،
يقابله توجه علماني يفرق بين الدين والدولة، والأدبيات والمراجع العلمانية حققت في هذا المجال تراكما معرفيا كبيرا أسقطت فيه مفاهيمها المستوردة من الغرب على الإنسان والبيئة والعقل الإسلامي وهو إسقاط تلفيقي وتعسفي بإجماع الكثير من العلماء والمفكرين. هذا ناهيك عن التوجهات التي تزعم أنها ديمقراطية أو ليبرالية غير أنها في الواقع تخفي وراءها مؤسسة عسكرية دفعت بهؤلاء الزعماء الديمقراطيين المزيفين عن طريق الانقلابات العسكرية إلى سدة الحكم، فهذه الديموقراطيات إذن مجرد واجهات سياسية وإيديولوجية لثكنات عسكرية تقتات على عرق ودماء المستضعفين.

هكذا نجد أنفسنا أمام تعددية الحكم داخل العالم الإسلامي الحديث؛ من حكم علماني مستورد من الغرب، وتوجه ديموقراطي أو ليبرالي مزيف، وكلاهما ينصبان سدا بين الدين والدولة رغم اختلاف المصطلحات. وحكم إسلامي؛ إما خداعي وتلفيقي يستغل الدين وشعاراته، لأجل مصالح سياسية وشخصية، وهذا هو حال العديد من الدول التي تعتبر نفسها إسلامية، وأن حاكمها هو أمير للمسلمين أو إمامهم الذي يوفق بين السلطة الدينية و السياسية المطلقتين، وفي أحيان كثيرة يكون من الشجرة النبوية الشريفة. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن بعض نماذج هذا الحكم الخداعي توفق بين أحكام ونصوص الشريعة الإسلامية وبعض القوانين الغربية، وبعضها الآخر يكتفي بالشريعة الإسلامية وحدها، وفي هذا الإطار تقف كل من السعودية وإيران على طرفي نقيض؛ حيث الأولى سنية تطبق الشريعة الإسلامية من منطلقاتها السنية، والثانية شيعية تنفذ أحكام الشريعة في أبعادها الشيعية. والغريب في الأمر أن الشقة بين هذين التوجهين تظل متباعدة وشاسعة، رغم أن كلا الدولتين تعتبر إسلامية ذات قانون مبني على أحكام الشريعة الإسلامية.
أما الحكم الثاني فهو إسلامي حقيقي تلاشى بتلاشي الخلافة الإسلامية، ولم يتحقق إلا بدرجة نسبية و في فترات تاريخية خاطفة، كالتي حكم فيها الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، وسوف يتحقق بحول الله وقوته في المستقبل بعد عودة الخلافة على منهج النبوة.

قد يقول قائل ربما هذه الخلافة قد تحققت أو أنها تتحقق في هذا الزمان، والإجابة عن ذلك تتجسد فيما يجري حاليا في واقع المسلمين؛ فلنتأمل جميعا نماذج الحكم السائدة في العالم الإسلامي من مغربه إلى مشرقه ومن شماله إلى جنوبه، ثم لنستخلص مميزاتها العقيدية والأخلاقية والتعاملية وما إلى ذلك، ثم لنقارنها بما كان سائدا سواء أثناء مرحلة الرسول صلى الله عليه وسلم أم إبان فترة الخلفاء الراشدين؛ أين رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء 107 وسجون العالم الإسلامي ملأى على آخرها، حيث يموت السجناء جوعا، وتمارس أشنع السلوكات المنحرفة من لواط وتعذيب وتعسف وإدمان مخدرات وخمور، فعوض ما يعلم السجناء قيم الإسلام ومكارم الأخلاق ومختلف المهن النافعة للعباد والبلاد، يعلمون كيف يمتهنون الإجرام والسرقة المنظمة ونحو ذلك؛ أين نحن من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي طلب من سجناء بدر المشركين المعتدين أن يفتدوا حياتهم وحريتهم بتعليم الأميين من المسلمين؟ أين ورع وصدق أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي وهب كل ما يملك حتى نفسه لنصرة الإسلام، وهو الغني الذي ورث الغنى، ولم يصنعه بدماء الأبرياء، ولم يشيده على أنقاض بني البشر؟ أين كل هذا السخاء الذي لا نقل عادل وإنما ضاهى إيمان الأمة كلها، وحكامنا وأمراؤنا وملوكنا ورؤساؤنا وكل من تشتم منهم رائحة الحكم الجبري يملكون حسابات بنكية ضخمة وثروات لا تحصى، والشعوب تموت فقرا وجهلا وجورا، بل وملايين المسلمين يغادرون بلدانهم وهويا تهم نحو بلاد الأعداء الرحماء حيث يتلقون بسخاء ما منعوه في أوطانهم؟ أين عدل عمر رضي الله عنه، والأرض تنبت ظلما وجورا وقهرا، والحاكمون يتلهون بألعابهم السياسية وبالجواري والخمور الفرنسية، والشعوب تطحن بين فكي رحا الاستعباد الفكري والجسدي والغلاء المعيشي والجوع؛ لو أن عمرا ينهض من قبره ماذا سيكون فعله بهؤلاء الذين يستحمرون (من الحمار) الشعوب ويسترققونهم ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)؟ أين عفة وعفاف عثمان رضي الله عنه؟ أين شهامة وبسالة علي رضي الله عنه؟ أين ..؟

بعد هذه الإشارات المقتضبة أود أن اقف عند نموذج واحد للحكم الإسلامي يعتبر نفسه عاكسا للشريعة الإسلامية ومنفذا لأحكامها وقوانينها، هذا النموذج يتحدد في المملكة السعودية التي تمثل عند الكثير سواء من المسلمين أم الغربيين نموذج الدولة الإسلامية الحقيقي؛ هل نمذجة المملكة السعودية وتمثيلها الإسلام المنشود إذن تتم على الوجهة الصحيحة والطريقة المثلى؟ هل إسلام المملكة السعودية هو ذلك الإسلام الأصح والحقيقي الذي يجب أن يتبع وينشر ويعمم في كل العالم الإسلامي وغير الإسلامي، وإن كان الأمر كذلك، فما هو موقع الحكم داخل هذا الإسلام، بمعنى هل ثمة تزاوج وتضافر بين الدين والدولة، بين الإمامة والسياسة، أم أن الدين هو شأن من شؤون العلماء الذين يتسترون وراء كواليس البلاط، ولا يفتون إلا بما يتجاوب وسمفونية القصر، إن سمح لهم بالإفتاء في غير العبادات من تيمم وحيض و حج ونحو ذلك، وغير المعاملات من إرث وزواج وطلاق( وهل يسمح للمرأة بسياقة السيارة أم لا؟). وأن السياسة هاجس من هواجس الحكام الذين يسوسون بالشريعة الإسلامية وأحكامها، لكن حسب هواهم ونوازعهم الذاتية، فيطبقوا الحدود والقصاص على المقهورين من سواد الأمة، وأصحاب الجاه يصولون ويجولون بطائراتهم الشخصية، ويعيثون فسادا في البلاد الإسلامية الفقيرة، مقترفين أفضع وأبشع الممارسات التي لا تمت بصلة إلى الإسلام، والتي إن يقترفها واحد من عامة الشعب داخل بلدهم ، يرسل مباشرة نحو حبل المشنقة. أهذا هو الإسلام الذي جاء به النبي الأشرف عليه الصلاة والسلام؟ أهذه هي الدولة الإسلامية التي تقمع المستضعفين وتخادع الغربيين بشعاراتها الرنانة الساطعة، وهم يعلمون أن الكثير من أغنيائها (السعودية) وأغنياء العالم الإسلامي لا ينفكون يترنحون في أرفع كباريهات وحانات العواصم الغربية، ويقامرون في أبهى كازينوهات الغرب، ويتباهون بأسحر ملكات جمال الدنيا، والقدس تغتصب على مرأى من القيادات الإسلامية المهزومة والمرتكسة، وفلسطين تباد، والعراق يحترق، ناهيك عن الشعوب الإسلامية المطحونة تحت أحذية رجال الأمن والجنود والاستخبارات؟ إنه والله إسلام( حلال علينا وحرام عليكم).
أين هو صوت العلماء (خصوصا أولئك الموالين والمتعاطفين مع الحكام) الذين يطلون علينا صباح مساء عبر القنوات، وهم يلقنون لنا كيف نتوضأ، والصلاة تمنع في القدس وغيره من المساجد، ويعلموننا كيف نقسم التركة، واليهود يقتسمون تركة صلاح الدين الأيوبي، والأمريكان يوزعون نفط ونعم العراق والجزيرة العربية؟ أين هم أولو الحل والعقد وأرض الجزيرة، حيث مهبط الرسالة الإسلامية والحرمين الشريفين، مشرعة ومفتوحة للجنود الأمريكيين، كأن المسلمين ليسوا أهلا للأمانة والقوة؟ كيف يصبح عدو دينك حاميك ويصير أخوك في الدين عدوك اللدود؟ والله إنها لمفارقات عجيبة و مستعصية على الفهم والاستيعاب، والله ما عرف أبدا تاريخ الإسلام مثل هؤلاء الرجال الذين يفتدون بشعوبهم وهويتهم من أجل إرضاء الغرب. فإن كان الإسلام يسمي الذي يقدم زوجته أو ابنته أو أخته أو غير ذلك للأجنبي من أجل البغاء ديوثا، فماذا يسمي مثل هؤلاء الذين يرهنون شعوبا بأكملها؟؟؟

ليس المراد من تدبيج هذا الكلام هجاء الآخرين وشتمهم، وإنما رفع الغطاء عن تلك التناقضات والمفارقات الرهيبة التي يشهدها العالم الإسلامي، والتي يعتبرها الكثيرون من أولي الأمر والنهي والسياسة والعلم عادية، وهم يعلمون أن يوما ما سوف يسألهم مالك الملك عن هذا الاستهتار والسكوت عن قول الحق والساكت عن الحقيقة( شيطان أخرس)، وقصة جبريل عليه السلام الذي أرسله الله تعالى لتدمير تلك القرية الظالم أهلها، فتراجع عن ذلك الفعل لكون أن من بين أهلها عالم، فأمره الله عز وجل بأن يبدأ بذلك العالم. متى يتعظ علماؤنا من هذه العبر النبوية الشريفة؟ أليس بإمكانهم أن يقولوا كل شيء ويكشفوا عن كل شيء في زمن انفتاح الإعلام وتعدده؟ ماذا يمنعهم من ذلك؛ أستفادتهم من جود ونعماء البلاط أم خوفهم من بطش الحاكم أم ميولهم الفكرية والذاتية التي ترى الاستقرار تحت مظلة حاكم عاص وظالم خير من البلبلة والفوضى تحت سيادة حاكم عادل، ولكن إلى متى هذا الاستقرار المزيف الذي يخدم كراسي الحاكمين ونزواتهم؟ ألا يتدبرون في نعماء الله تعالى التي لا توازنها نعماء؟ ألا يرهبهم بطش ربهم(إن بطش ربك لشديد)؟ ألا يطوعون أفكارهم ويطعمونها بنكهة التغيير الإيجابي لا الركود والاستقرار السلبي، علما بأن التغيير سنة إلهية في الوجود، وأن التغيير أسلوب ومصطلح قرآني مميز( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله سوءا بقوم فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) الرعد 11؟
__________________
التجاني بولعوالي
شاعروكاتب مغربي مقيم بهولندا