عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 20-08-2007, 03:07 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

استئناف انطلاق الآلة المالية الغربية

تعرض العالم الى انتكاسات مالية هائلة عام 1929، مما عطل وأخر (تغول) المؤسسات المالية التي اختارت (الدولة) كضامن لقروضها.. كما أن ظهور التوازن (الاتحاد السوفييتي) كبح من جماح تلك المؤسسات .. لكن في عهد (جون كندي) والذي يعتبر مهندس الرعب النووي في العالم الحديث، وظهور رجل بمحاذاته هو (مكنمارا) الذي ارتأى أنه بالإمكان إخلال حالة التوازن العالمي من خلال التصرف بالقروض وربط معظم دول العالم الثالث بتلك القروض وبالتالي ربطها بالعجلة الليبرالية لتكون عاملا إضافيا في وقف النمو الشيوعي. ففتحت أبواب القروض للسدود والطرق والمدارس والمستشفيات (بضمانة الدولة)، أمام البنك الدولي (IBRD) الذي كان يرأسه(مكنمارا) فكان يقود معركة على الجبهة المالية والاقتصادية العالمية محاذيا للجبهة التي كان يقودها (جون كندي) في إثارة تهيج الغرب وتهيئتهم لسباق تسلح كبير..


معدلات الصرف المتقلبة وظهور (النقدانية)*1

اكتشف الأمريكان أن الفساد المنتشر في دول العالم الثالث سيسمح لهم بفرض فوائد عالية جدا، تجعل من تلك الدول تعمل ليلا نهارا لقرون طويلة، دون أن تستطيع التخلص من مديونيتها، فيبقى قرارها وسيادتها مربوطة بالدائن!

وفي هذه الأثناء استطاعت البنوك الأمريكية ومن ثم الغربية أن تجتذب الأموال كودائع في بنوكها حيث رفعت الفوائد الى ما بين 14ـ20% بحسب البلدان والفترات التي ستودع بها الأموال، وكان ذلك بين أعوام 1980و 1985، فعاش المودعون الشرفاء و غير الشرفاء من مهربين مخدرات ولاعبي بورصة حالة نشوة فريدة..

الانفجار المالي الكبير BIG BANG، الامتلاك المالي بالإكراه OPA والريوع غير المنتجة ..

بعد الأزمات المالية المتكررة التي حدثت في منتصف القرن الماضي، والتي كادت أن تعصف بأصحاب الأموال ومؤسساتهم، جاءت الثورة الإلكترونية التقنية لتبث الروح من جديد في الإقطاعيات أو بالأحرى الإمبراطوريات المالية العالمية لتجعل من العالم (كازينو أسهم كبير) يسمح ببيع وشراء كل شيء مسبقا..

لم يعد النظام الصناعي يستطيع الحصول على أموال من المساهمين والمشتركين مباشرة، لكن حركة الإيداع كانت تتجه للبنوك التي لا مخاطرة من الإيداع فيها بعكس تلك المخاطر الناجمة عن الاستثمار في المشاريع الصناعية.

لكن هذا لم يمنع أن تكون هناك مؤسسات صناعية عملاقة لها أذرع استثمار في كل أنحاء العالم أن توظف أموال تلك البنوك ودون حدود في خدمتها. وهنا ستدور معارك صناعية طاحنة بين الشركات المتعددة الجنسيات التي تتسابق على تنفيذ مشاريع تسليح وبناء ومواصلات وغيرها، لتشفط في النهاية أموال الكثير من الدول ومنها الدول الكبرى نفسها..

تجاوزت الشركات الكبرى العملاقة فكرة الإبداع وخدمة الإنسانية والبحوث العلمية الداعمة لها، واهتمت بأقصر الطرق لتكديس الأرباح .. فانتبهت دول غرب أوروبا الى ذلك، فعاودت تحمي الشركات الصناعية التي تفرد للبحث العلمي والإبداع الإنساني ..

لا يفوتنا هنا ذكر التفنن في استخدام الإعلام ووسائل التأثير في الرأي العام، من خلال تقديم تقارير واستبيانات زائفة، هدفها زعزعة المستهلك في عرض العالم وطوله .. فأحيانا تكتب تقارير عن حوادث الطيارات و مساوئ آلة معينة، تتعاون فيها جماعات صحفية منظمة لاستبعاد شركة بالفوز بتزويد دولة بالطائرات .. أو تبث حملات دعائية منظمة يُزج فيها أطباء ورجال صحة وخبراء من كل نوع لتضخيم حالة (جنون البقر) أو (إنفلونزا الطيور) .. وتستطيع تلك الحملات أن تحرف صفقات بمليارات الدولارات عن مسارها الطبيعي .. فكل الذين ماتوا من جنون البقر وإنفلونزا الطيور خلال عشرة أعوام لا يساووا بعددهم وفيات الذين يسقط على رؤوسهم جوز الهند في يوم واحد في جنوب شرق آسيا، أو الذين يموتون ب(الفودكا) المغشوشة في روسيا بسهرة ليلة واحدة ..

تعرية الإداري والمصرفي


لقد أصبح رجال الاقتصاد ملوكا عراة لا حول لهم ولا قوة، فكل يوم نرى العالم يعقد عشرات المؤتمرات لمناقشة قضايا مثل الإيدز والتصحر والمديونية والاحتباس الحراري، ويخرج على شاشات التلفزيون رجال ناعمون يحاولون أن يعطوا كلامهم طابع الحسم والقرار .. ولكن كل ذلك محض كذب، فالرجال الحقيقيون الذين يقودون العالم ليس هؤلاء، بل المهندسون والصناعيون الكبار والذين استطاعوا أن يجعلوا من كبار رجالات الدولة ـ أي دولة ـ لعبة في أيديهم، إن لم يتولوا الحكم هم بأنفسهم (مثال إدارة بوش الحالية) ..

أما في دول العالم الثالث، فكان مدراء البنوك المركزية خارجين عمليا من دوائر القرار، وقد أصبحوا خاضعين كليا لإدارة دولية، وقراراتهم لم تعد سوى ميكانيكية عمياء لرفع معدلات الفائدة وخفضها على هوى تطور الكتلة النقدية الدولية التي خيوط تحريكها بأيدي قوى تنتمي لقيادات الفوضى الجديدة في العالم





هوامش
ـــ
النقدانية: أو المذهب النقدي، من المصطلح الفرنسيMonetarisme
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس