عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 17-07-2003, 04:50 AM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي



6 ـ (والشَّمْسُ تَجْرِي لمُسْتَقَر لَها ذلِكَ تَقْدِيْرُ الْعَزيْزِ الْعَلِيْم ـ والْقَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُوْنِ الْقَدِيْمِ ـ لا الشَّمْسُ يَنْبَغي لَها أنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ولا اللَّيلُ سابقُ النَّهارِ وَكُلٌ في فَلَك يَسْبَحُوْنَ)(1).7 ـ (وهُوَ الّذي خَلَقَ اللَّيلَ والنَّهارَ والشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌ في فَلَك يَسْبَحُوْنَ)(2).8 ـ (فَلا أُقْسِمُ برَبِّ الْمَشارقِ والْمَغاربِ إنّا لَقادِرُوْنَ)(3)9 ـ (كَلاّ والقَمَرِ ـ واللَّيْلِ إذْ أدْبَرَ ـ والصُّبْحِ إذا أَسْفَرَ ـ إنَها لاَحْدى الكُبَرِ)(4).10 ـ (وهُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُوْمَ لِتَهْتَدُوا بِهـا في ظُلُماتِ الْبَرِّ والبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنا الآياتِ لِقَوم يَعْلَمُونَ)(5).****
.
جمع الآيات وتفسيرها:
القَسَمُ بالشمس والقمر والنجوم:بالرغم من ندرةِ معلومات الانسان عن الشمس، والقمر، والنجوم، أو انَ نزولِ هذه الآيات، واختلاطها بكثير من الخرافات (لا سيما في مهد نزول هذه الآيات)، فانَّ القرآن الكريم يتحدث عن الشمس والقَمَرِ والنجومِ بتعظيم عجيب، اَذ تحدَّثَ كثيراً عن صفاتها، فكانَ يصفُها بأنّها آياتُ الله وبراهينُ على ذاته المقدّسة.فيقول تعالى في الآية الاولى التي نبحثها: (هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمْسَ ضياءً والقَمَرَ نُورْاً).
ــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) (يس الآيات: 38 ـ 40) .
(2) (الانبياء الآية: 33) .
(3) (المعارج الآية: 40) .
(4) (المدّثر الآيات: 30 ـ 32)
(5) (الانعام الآية: 97) .
[177]
* * *
وورد هذا المعنى في الآية الثانية بتعبير آخر، فَبَعد أن يُشير الى خلق السموات السبع يضيفُ قائلا: (وَجَعَلَ القَمَرَ فيهنَّ نوراً وجَعَلَ الشمسَ سراجاً)وعَبِّرَ عن الشمس بـ (السراج) في آيتين اُخريين من القرآن الكريم ايضاً (الفرقان/61، النبأ / 13)، ونحن نعلمُ انَّ نورَ المصباح ينبعثُ من داخلهِ وليسَ مُكتَسباً من الخارج، وقد جاء في بعض نصوص اللُّغة انَّ الضياءَ اكثر شدةً من النور(1)، ولعلَّ هذا الاختلاف مُستَمَدٌ من الاختلاف الاول ويعود اليه(2).على ايةِ حال، فقد اُشيرَ هنا وقبل كل شيء الى نور «الشمس» و «القمر» كآيات من آيات الله ومن آلائه جلَّ وعلا.فالشمسُ بضوئها المشرقِ على الكون لا تقوم بتدفئة وانارة مهد الكائنات في العالم فحسب، بل لها نصيبٌ اساسيٌ في نمو النباتات وحياة الحيوانات.
ــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) تفسير الكشّاف ج 2 ص 329 ـ وروح البيان ج 4 ص 12.(2) ينبغي الانتباه الى ان «الضياء» يأتي بصيغة «المفرد» و «الجمع» ايضاً، ويعتقد بعض المفسرين اَنَّ له صيغة الجمع في الآية اعلاه، وانه إشارة لطيفةٌ الى تركيب ضوء الشمس من سبعة الوان.
[178]
واليوم قد ثبتت هذه الحقيقة، اَذ انَّ كلَّ حركة تُشاهدُ في الارض هي من بركاتِ ضوء الشمس، فلو فكّرنا بامعان في حركة الرياح، والغيوم وامواج البحار وجريان الانهار، والشلالات، والحيوانات والناس لوجدناها تنبعُ من ضوء الشمس بدون استثناء (فتأمل جيداً).ولو انطفأت الشَّمس وانقطعت هذه الاشعةُ التي تهبُ الحياة عن الارض فسَيَعُمُّ الموتُ والسكوتُ والظلامُ كلَّ مكان خلال فترة قصيرة جداً.كما ان نورُ القمرِ الجميلِ لايعتبر مصباحاً في ليالينا الحالكة ودليلا لقاطعي الصحراء ليلا فقط، بل إنَّ نورَهُ اللطيف والمناسب يبعثُ الطمأنينةَ والنشاط في البشر باسِرهم.ويرى بعضُ المزارعين ان (نور القمر) ذو دور حساس في نمو الفواكه والنباتات ايضاً.وطبعاً ان ما كلَّ ماذكرناه يختصُ بنور الشمس والقمر، وسنقوم ببحث ما يخص بقية بركاتهما بشكل مستقل.ثم يشيرُ القرآن الكريم في نهاية هذه الآية الى احدى البركات والفوائد المهمة لهاتين الكرتين السماويتين حيث يضيف (وقدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنينَ وَالْحِسابَ).فالقمرُ بسيرِهِ المنَّظم، وحركته الدقيقة يُعتبر تقويماً واضحاً وحيّاً وطبيعياً للغاية، تَسهُلُ قراءَتُه على العالم والجاهل، ويُنَظِّمُ برامج حياته على اساسهِ، ولو أمعّنا التفكير لوجدنا انَّ مسألة تنظيم حياة الانسان ترتبط بقوة بحساب السنين والشهور ووجودِ تقويم طبيعي، حيث يتكفلُ القمرُ والشمسُ ودوران الارض المنَظَّم حول نفسها وحول الشمس بانجاز هذا الدور، وانَّ التقويمات الحالية التي نُظِّمت استناداً الى حسابات المُنجمِّين لا تنفعُ إلاّ الذين لديهم امكانية فهمها، والتقويم الوحيد المفهوم والمعلوم والمفيد للجميع هو التقويم الطبيعي الذي يتوفر لدينا من حركة القمر، منذ مرحلة (الهلال) وحتى وصوله الى مرحلة (البدر الكامل)، ومن
[179]
* * *
والحديث في الآية الرابعة والخامسةِ عن تسخير الشمس والقمر للانسان: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ).بَيْدَ أنَّهُ عبَّر في آية بـ (دائبَيْن) أي (الحركة وفقاً لسُنَّة ثابتة)(1) وفي الاخرى ورد تعبير (كُلٌ يَجْري لأَجَل مُسمّىً) أَيْ «انَّ كُلا منهما يستمر في حركته الى حد مُعيَّن».وهذه الجملةُ تشيرُ الى انَّ حركةَ الشمس والقمر ستنتهي على المدى البعيد، ويتغير نظام المنظومة الشمسية بعد ملايين السنين، وهذا بحد ذاته أحد المعجزات العلمية للقرآن الكريم.وفي الحقيقةِ ان المقصود بحركة الشمس هو دوران الارض حول الشمس طبعاً، لأن ما يظهر للعيان ان الشمس هي التي تتحرك، حيث انَّ الارض في الواقع هي التي تُوجدُ هذا الشعور لدى الانسان، اَذ ان الشَّمسَ تتحرك باستمرار مع المنظومةِ الشمسية داخل المجرّات، وسيُشار اليه فيما بعد.والمقصود بتسخير الشمس والقمر وبقية الكائنات التي يعتبرُها القرآن الكريم مسخَّرَةً للانسان، هو إنّها تتحرك في مجال مصالح الانسان وخدمته، فكما قُلنا سابقاً
ــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) « دائبين » من مادة (دؤوب) وتعني استمرار العمل وفقاً لعادة وسُنَّة دائمة وهو تعبيرٌ للحركة المنظمة والمتَسّعة للشمس والقمر، ولا يُعتقدُ بوجودِ تعبير افضلَ من هذاالتعبير.
[180]
اَنَّ لضوءِ الشمس والقمر دوراً مهماً في حياة الانسان وكافة الكائنات الحيّة، لا سيما ضياء الشمس إذ تستحيلُ الحياةُ على سطح الارض بدونه لحظةً واحدةً، وحتى في الليالي المُظلمة فاننا نستفيدُ من الحرارة المتبقية عن ضوة الشمس في الارض والجو ولولاها لانجمدت الكائنات الحيَّةُ بأسرها، اضافةِ الى الفوائد الاخرى كالمدِّ والجَزرِ في المحيطات، فهو مصدرٌ للكثير من الخدمات، وسنشير الى ذلك في بحث آياته في البحار ـ ان شاء الله ـ، وكذلك وضع تقويم طبيعيٌ وخدمات اخرى.وبلا شك فان ما نعرفه اليوم من بركاتِ الشمس والقمر اكثر مما كان يعرفه السالفون والمخاطَبون بهذه الآيات عند نزولها، ولهذا فانَّ دروس التوحيد التي نقرؤها على صفحاتها اكثر مما كان يقرؤه السابقون، لهذا يقول في نهاية هذه الآية: ان ربَّكُم هو الذي سخَّر لكم كلَّ هذه الموجودات، اما الذين تدعونَ من دونه فهم لا يملكون الحكمَ والمُلكَ في هذا العالم قدَرِ قشرةِ نواة التمر (والّذينَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ مـا يَمْلِكُوْنَ مِنْ قِطْمِيْر)(1).* * *
وفي الآية الخامسة يُعبِّرُ بصراحة عن خلقِ الليل والنهار والشمس والقمر بأنَّها من آياته، اَلا أنَّهُ يأمُرُ في نفس الوقت بضرورة عدم الاعتقاد بانَّ هذه هي الإله كما يتصور عبدة الشمس والقمر.. كلا.. (لا تَسْجُدُوْا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِلّهِ الّذي خَلَقَهُنَّ اَنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُوْنَ).فأيُّ دقة يتكلمُ بها القرآن الكريم؟ اَذ من الممكن ان يتركَ عَدُّ البركات المختلفةِ للشمس والقمر والليل والنهار وبقية الموجودات في هذا العالم هذا الأثَر على العقول القاصرة، وَهُوَ إننا مدينونَ الى هذه الموجودات بنعمها، إذن يجب ان نَسْجُدَ لها ونتوسلَ اليها، كما ابتُليَ بذلك الوثنيون على مرِّ التاريخ.
ــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) القطميرُ، بتعبير بعض المفسِّرين هو القشر الخفيف الذي يغطي نواة التمر، ويقول البعض إنه النتوء الصغير الموجود خلف نواة التمر، وعلى اية حال فهو كنايةٌ عن موجودات متصاغره ودنيئة.
[181]
* * *
ويتحدث في الآيتين السادسةِ والسابعةِ عن حركة الشمس والقمر ومنازلهما، ويصرَّحُ في نهاية هاتين الآيتين بأن كلا من هذين الجُرمين يسبح في فلكهِ ومداره وخطه (وَكُلٌّ في فَلَك يَسْبَحُوْنَ)(1)، وهذه التعابير من عجائب القرآن من ناحية، ومن عجائب عالم الخلقِ وعلمِ وقدرةِ البارى تعالى من ناحية اخرى.وتوجد هنا عدةُ تفاسير لما تَعنيه جملة (والشَّمْسُ تَجْري) ومفهوم (لِمُسْتَقر لَها).
.
اولها:
اَن المقصودَ هي الحركة الظاهرية للشمس التي تبدأ منذ شروق الشمس وحتى استقرارها عند الغروب، حيث يظهر للعيان أنَها تختفي (ونعلمَ جيداً إِنَّ حركة الارض حول نفسها هي التي تُجسدُ لنا مثل هذه الظاهره في الواقع)..
الثاني:
اَنّ المقصود هي حركات الشمس المحورية، حيث تنحرف نحو الجزء الشمالي للكرة الارضية مع بداية فَصل الربيع، وتستمر هذه الحركة حتى بداية فصل الصيف حيث تستقر (في النصف الشمالي للكرة الارضية) محاذية لمدار السرطان (23ْ شمالا) وهو ما يصطلح عليه بالميل الاعظم الشمالي، ثم تبدأ حركتها نحو الجنوب وتصل الى محاذاة خط الاستواء أوائل فصل الخريف، ثم تنحرف نحو جنوب الكرة الارضية، وتستمر هذه الحركة حتى بداية فصل الشتاء حيث تصل الى محاذاة مدار رأس الجدي (23ْ جنوباً) ويعبّرون عن هذا الانحراف بالميل الاعظم الجنوبي، ثم تبدأ حركتها نحو الشمال وتكون بمحاذاة خط الاستواء في فصل الربيع.
ــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) يسبحون من مادة سباحة ونعني الحركة السريعة في الماء او الهواء (مفردات الراغب).
[182]
بناءً على ذلك فانَّ المقصود من جريان الشمس هو هذا الانحراف نحو الشمال والجنوب، والمقصود من المستقر هو آخر نقطة للانحراف الجنوبي والشمالي أي (مدار رأس السرطان ومدار رأس الجدي).والمعروف (طبعاً) اَنّ هذه الحركةَ ناتجةٌ عن دوران الارض حول الشمس ومع الاخذ بنظر الاعتبار انحراف محور الارض بمقدار23ْ، ولكن ما يبدو لنا هو انَّ الشمس لها مثل هذه الحركة
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]