عرض مشاركة مفردة
  #31  
قديم 29-11-2006, 09:38 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(16) لا تفتح دفتر حساب الماضي

قال تعالى: "قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين (91) قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين".
والمتأمل في قصة يوسف يجد أن كل الابتلاءات التي عانى منها يوسف عليه السلام إنما هي بسبب تآمر إخوته. ومع ذلك، عندما تعرفوا عليه قالوا إنك لأنت يوسف؟ قال أنا يوسف ولم يرجع بذاكرته إلى ما فعلوه به أو فتح كتاب الماضي. بل من لطفه وأدبه أسند كل تلك الفتن إلى الشيطان :"من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي". فقد أراد أن يفتح صفحة جديدة، وهذه شخصية المربي مع من يخطئ، فالأمر قد انتهى ولا لزوم للعتاب "لا تثريب عليكم اليوم". أي لا توبيخ ولا تقريع. حينها جاءت اعترافات الإخوة بجرمهم وذنبهم.
تتجلى قمة الأدب في قوله تتعالى "وقد أحسن بي ....من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" وهذه الآية إشارة إلى مصائبه السابقة: فكلمة "من بعد" اقتضت أن ذلك شيء انقضى أثره، وقد ألم به إجمالا واقتصارا على شكر النعمة، وإعراضا عن التذكير بتلك الحوادث المكدرة للصلة بينه وبين إخوته.
وفي قصة يوسف عليه السلام ترى التسامح جليا "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل، فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم" فما أهانهم ولا وبخهم بل كظم غيظه وقال بينه وبين نفسه "بل انتم شر مكانا" واعتبر ما قاله إخوته لغوا مر عليه مرور الكرام.
قال صلى الله عليه وسلم "ليس الشديد بالسرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.
ولعل كره شخص معين بصفة عامة يأخذ التفكير والنوم ويحرم من لذة العيش، في الوقت الذي ينعم فيه الآخر بوقته وحياته.
إذن فلنعلم أن الظن السيء وعدم التسامح إنما هي معيقات لنبض الحياة في الإنسان فليتجمل بالتسامح وطي دفتر الماضي.


يتبع
الرد مع إقتباس