الموضوع: أحاديث الجهاد .
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 04-08-2004, 02:03 AM
اش بك ياشيخ اش بك ياشيخ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: الكويت بلاد العرب
المشاركات: 899
إفتراضي

السؤال : فضيلة الشيخ : <هناك من استدل بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به" على أنه لاجهاد أيا كان اليوم إلا إذا بقرار السلطة أيا كانت ، فما الجواب ؟! الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على نبنينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : أولا ينبغي أن يعلم أن ما ينتشر هذه الأيام من إضافة شروط للجهاد ، ما أنزل الله بها من سلطان ، ولا دل عليها سنة ولا قرآن ، سببه هذا الإنهزام الذي يملأ أرجاء صدور المنهزمين في حالة الغثائية التي تعيشها الأمة المستوليّه عليها أمم الكفر ، وأولياؤهم .وإن تعجبْ فعجبٌ أن هؤلاء المنهزمين عكسوا الأمر الذي دلت عليه شريعة العزة ، لتحصيل أسباب العزة ، بينما أقامه أعداء الإسلام !فالشريعة الإسلامية وضعت شروطا لمن يتولى أمر المسلمين , وقيدت سلطانه ، وجعلته نائبا عن الأمة يقوم بأمرين أساسين : أحدهما : إقامة الشرع في ديار الإسلام ، إذ هو لم يُنصب إماما إلا لهذا الغرض العظيم ، كما قال تعالى " الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " ، فذكر قيامهم بالدين في أنفسهم بالصلاة التي هي رأس العبادات البدنيّة ،والزكاة التي هي رأس العبادات الماليّة ، وإقامتهم للدين في بلادهم وأرضهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.والثاني : حماية أرض المسلمين من دخول جيوش الكفار إليها ، بإقامة الثغور وهي كلمة عامة تشمل امتلاك سلاح الردع الذي يخيف الكفار من الطمع في بلاد الإسلام ، كما دل على ذلك قوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، وإقامة جهاد الطلب الذي يسمّيه الكفّار اليوم الحرب الوقائيّة ، وتعني منع أي قوة تطلب الاستعلاء في الأرض غيرهم ، لتبقى لهم الهيمنة على جميع الأمم !!هكذا قيّدت الشريعة منصب " ولي الأمر " ، ولم تجعله بلا شروط كما هو لسان حال المفترين على الإسلام ، هذه الأيــــّــام ، فلمْ تجعله بحيث يكون كلّ من تسلّط على رقاب المسلمين ، فله الحق المطلق أن يفعل ما شاء ، وكلّ اعتراض عليه فتنة هي اشد من فتنة علو الكفار على بلاد الإسلام ، فهذا من أبطل الباطل !!بينما ـ من جهة أخرى ـ قــد خففت الشريعة المطهّرة شروط الجهاد ، تشوّفاً لمصالحه الكثيرة التي يثمرها ، ولهذا أباحته مع كل بر وفاجر ، وأباحت مايذكر في مسالة التترس ونحوها مما يوسع في الفقهاء الباب مراعاة لتحقيق مصالح الجهاد العظيمة النفع على الأمة ، وأباحت فيه الكذب ، والخيلاء ، ولبس الحرير ، ومنعت إقامة الحدود في الجهاد ، بينما كان منعها في غيره من أعظم الجرائم التي يرتكبها الإمام ، بل هي سبب الهلاك ، بل إقامتها على الضعيف دون الشريف هو سبب الهلاك كما في الحديث " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد " كما جعلت الشريعة ، جهاد الدفع بلا شروط أصلا ، حتى إن المرأة لها أن تنفر فيه ، وجعلت جهاد الطلب قائما لا يسقطه عدم قيام الإمام بــه كما سيأتي بيانه .كل ذلك تحقيقا للقاعدة القرآنية العظيمة : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم للتهلكة ) ومعلوم أن معناها ، أنفقوا أرواحكم وأموالهم في الجهاد ، وإلا فسوف تكون الهلكة عليكم ، كما دل على هذا المعنى الحق ، نصوص كثيرة ، والواقع ، وسنن الله الكونية التي أقام عليها الحياة الدنيا .أما هؤلاء المنهزمون ، فقد عكسوا الأمر ، فقد أزالوا كل الشروط التي وضعتها الشريعة لمن يتولى أمر المسلمين ، وقيّدوا الجهاد بشروط ما أنزل الله بها من سلطان .وبعد هذا ، فلا يخفى أن ذلك إنما وقع منهم ، تحت ضغط داء الإنهزاميّة ، وتحت وطأة الشعور بهذا الرقّ العصري ، رقّ الأنظمة المستبدة التي غدت تفرض على العالم والمفكّر ، حتى ما ينطق به لسانه ، وفق ما يطلبه أعداء الإسلام ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .بينما تجد الكفار الذين حلّوا ديار الإسلام غازين ، واستباحوهــا مفسدين ، وأعلنوا فيه الكفر المستبين ، تجدهم قد أقاموا هذين الأمرين بما يحقق لهم الظهور والاستعلاء .فقد وضعوا لمن يتولّى عليهم شروطــا ، تضمن تحققيه لمصالح شعوبهم ، وقوة دولهم ، فإن حاد عنها ، استبدلوا غيره به .أما حروبهم وأسباب قوتهم العسكريّة ، فقد خففوا من شروطها ، ليضمنوا تحقيقها لإستعلاءهم ، فإن عارضت حروبهم الأمم المتحدة المزعومة ، نبذوها وراء ظهورهم ، ومضوا في الحرب ، وإن اقتضت حربهم إبادة الأبرياء ، لم يلتفتوا إلى إهراق دماءهم ولو أهرقوها أنهارا تجري ، كما فعلوا في العراق ، وإن اقتضت أن يكذبوا كذبوا وزوّرا الحقائق ، وإن اقتضت أن يمتلكوا السلاح النووي المدمّر ، أو يملئوا الأرض من الإشعاعات المضرة ، فلا يبالون بما تأتي به من دمار للبشرية .ذلك أنهم يعلمون أن التفوق على الأمم ، والعزة في الأرض ، لاتأتي إلا بإقامة السلطان الذي تتوفر فيه شروط إقامة التفوق والعزّة ، وبالقوة الضاربة التي تضمن ذلك .فنسأل الله تعالى أن يرزقنا البصيرة في الدين ، وأن يعيد لهذه الأمّة العظيمة ، الوعي الصحيح بشريعتها التي تحملّها مسؤوليّة عالمية ، والعزيمة على القيام بواجبها العالمي .وجوابا على سؤال السائل ، نذكر أولا أن أهل الإسلام اليوم في حال جهاد الدفع ، وينبغي أن يعلم أن معنى جهاد الدفع هو طلب إخراج العدو من بلاد الإسلام ، وكفّ يده العاديّة على أرض الأمة ، ودينها ، ومقدراتها ، وإن كان ضربه في بلاده .وحينئذ فلا معنى لذكر شرط الإمام ، وإنما ذكره في هذه الحال التي يعيشها أهل الإسلام ، ضرب من الباطل ، وتشغيب جاهل .ثم نبين أنه حتى جهاد الطلب ، لادليل على اشتراط الأمام له ، ولكن إن وجد الإمام القائم به ، لم يجز الجهاد بغير إذنه إلا في حالات مخصوصة سنبينها .ونجيب بعــــد ذلك على الشبهة المذكورة في السؤال .ونجعل الجواب مفهوما من كلام العلماء الذي ننقله ، اكتفاء بما قاله أئمة الدين الذين نقتدي بهم .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما قتال الدفع وهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لاشيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان ، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم ، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده " مجموع الفتاوى 4/508وقال ابن قدامة " إذا جاء العدو صار الجهاد عليهم فرض عين فوجب على الجميع فلم يجز التخلف عنه " 10/390وقال ابن حزم في المحلى " إلا إن نزل العدو بقوم من المسلمين ففرض على كل من يمكنه إعانتهم أن يقصدهم مغيثا لهم " 7/292وقال الحضرمي الشافعي في القلائد 2/353 " فإن دخلوا ديارنا ولو خلاء ، أو خرابا ، وجب على كل مكلف ـ أي الجهاد ـ ولو امرأة ، أو عبدا ، بلا إذن " وقال القرافي في الذخيرة " شروط الجهاد : هي ستة : الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورة والإستطاعة " ، ثم قال : " فإن صدم العدو الإسلام وجب على العبد والمرأة لتعين المدافعة عن النفس والبضع " وقال ابن قدامة في المغني : " ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط " فذكر الشروط الستة الماضية ، غير أنه جعل الاستطاعة شرطين .وقال ابن مفلح في الفروع ( قيل للقاضي يجوز قتال البغاة إذا لم يكن إمام ؟ فقال : نعم ، لأن الإمام إنما أبيح له قتالهم لمنع البغي والظلم ، وهذا موجود بدون إمام ) .؟ 6/154وإذا كان هذا مع البغاة ، فكيف مع الكفار ؟بل حتى لو كان ثمة إمام قائم بالشرع ، فخاف المسلمون من عدوهم ، فلهم أن يقاتلوا دون إذنه : قال الإمام أحمد كما في مسائل عبدالله 286 : " إن كانوا يخافون على أنفسهم وذراريهم فلا باس أن يقاتلوا من قبل أن يأذن الأمير " .فهذا إذا خافوا من العدو، فكيف إذا دهمهم ؟!وقال ابن قدامة " فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد ، لأن مصلحته تفوت بتأخيره ، وإن حصلت غنيمة قسمها ، أهلها على موجب الشرع " 10/374وقال ابن حزم " يغزى أهل الكتاب مع كل فاسق من الأمراء ، وغير فاسق ، ومع المتغلب ، والمحارب ، كما يغزى مع الإمام ، ويغزوهم المرء وحده عن قدر أيضا " المحلى 10/99وقال أيضا " قال تعالى ( فقاتل في سبيل الله لاتكلف إلا نفسك ) وهذا خطاب متوجه إلى كل مسلم ، فكل أحد مأمور بالجهاد ، وإن لم يكن معه أحد " المحلى 7/351وقال العلامة عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في الدرر السنية " بأي كتاب أم بأي حجة أن الجهاد لايجب إلا مع إمام متبع ؟! هذا من الفرية في الدين ، والعدول عن سبيل المؤمنين ، والأدلة على بطلان هذا القول أشهر من أن تذكر ، من ذلك عموم الأمر بالجهاد ، والترغيب فيه والوعيد على تركه ... وكل من قام بالجهاد في سبيل الله ، فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله ، ولا يكون الإمام إماما إلا بالجهاد ، لا أنه لا يكون جهاد إلا بإمام ، والحق عكس ما ذكرت يا رجل " وقال أيضا بعد أن استدل بقصة أبي بصير رضي الله عنه في حربه قريشا مستقلا " فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام ؟؟! سبحان الله ! ما أعظم مضرة الجهل على أهله عياذا بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل " وقال " فإذا كانت هناك طائفة مجتمعة لها منعة ، وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه لا يسقط عنها فرضه بحال ، ولا عن جميع الطوائف وليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال ، أو يجب على أحد دون أحد إلا ما استثنى في سورة براءة ، وتأمل قوله " ولينصرن الله من ينصره " ، وقوله " ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا .. الآية " ،وكل يفيد العموم بلا تخصيص .. ) الدرر السنية 7/97 وأما الاستدلال بحديث ( إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به ) .على أن الجهاد لا يكون إلا بإمام فهو خطأ محض .وإنما يصح الاستدلال به لو قال ( إنما الجنة الإمام ) ، لأنه حينئذ يقصر الجنة على الإمام ، غير أن الحديث قصر الإمام على كونه جنة .وهو يدل على أن أهم وظائف الإمام أن يكون جنة لأهل الإسلام ، يحمي المسلمين من عدوهم ، لا أن يمكّن عدّوهم من ديارهم ،ويعينه على خططه وأهدافه !!هذا وقد تقدم جواب سابق على هذين الرابط فليرجع إليهما السائل أيضا ففيهما زيادة وتفصيل ونقول كثيرة عن أهل العلم من مختلف المذاهب : http://www.h-alali.net/show_fatwa.ph...p?id=6643والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
حامد بن عبدالله العلي
__________________
يدنو فيرحب بي سم الخياط كما** يضيق بي حين ينأى السهل والجبل