عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-08-2007, 07:28 PM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي "الانزعاج" السوري من السعودية .. وعلاقته بصلح مكة !!

العاصفة التي هبت على العلاقات بين سوريا والسعودية ليست مفاجئة، اذ ان هناك ازمة عميقة صامتة بين البلدين منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وقد عمد الى تفجيرها علنا نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي اعلن في تصريحات اخيرة ان الدور السعودي في المنطقة "شبه مشلول"، وان السعودية تتحمل مسؤولية الخلل في العلاقات بين البلدين، وان اتفاق مكة بين "فتح" و"حماس" تم انجازه في دمشق، لاغيا بذلك الدور الاساسي الذي لعبته المملكة من اجل التوصل الى هذا الاتفاق.

وذهب الشرع الى حد اتهام السعودية ضمنا "بالضعف والاستكانة" في التعامل مع الاميركيين والاجانب ورافقت تصريحات الشرع حملة افتراءات على سياسة السعودية في لبنان شنها عدد من حلفاء دمشق. وردت السعودية بقسوة على حملة النظام السوري هذه فاتهمت الشرع بالكذب وبانه احد المسؤولين عن الخلل في العلاقات بين الرياض ودمشق. وشددت على ان الدور السوري في المنطقة هو المشلول، وان القيادة السورية "تنكرت لوحدة الصف العربي وعملت على نشر الفوضى والقلاقل في المنطقة" معيدة الى الاذهان ان المملكة هي التي انجزت اتفاق مكة وليست سوريا.

وامام قسوة الرد السعودي تراجعت دمشق وذكرت مصادر مسؤولة فيها انه "جرى تحريف وتشويه" تصريحات الشرع، وهو تراجع يشبه اعتذار الرئيس بشار الاسد من الملك عبدالله بن عبد العزيز بعدما اتهم الرئيس السوري علنا الزعماء العرب المعتدلين الذين انتقدوا "مغامرة" "حزب الله" بانهم "اشباه رجال". وهذا النوع من التراجع شكلي ولن يبدل واقع وجود خلافات جوهرية وعميقة بين الرياض ودمشق حول قضايا المنطقة الاساسية. واوضحت لنا مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة الاطلاع ان الحملة السورية وما تبعها من تراجع "دليل ضعف نظام الاسد وانزعاجه الشديد من الدور السعودي ومن رفض السعودية الرضوخ لمطالبه" كما ان هذه الحملة ناتجة من "ان النظام السوري فقد المبادرة ولم يعد يملك خيارات جيدة تؤمن له مصالحه بل انه يملك فقط خيارات سيئة في الوقت الذي يواجه هذا النظام تهديدات جدية سواء من جانب اسرائيل او من جانب المحكمة الدولية المكلفة محاسبة ومعاقبة قتلة الرئيس الحريري ورفاقه وشخصيات وطنية استقلالية اخرى".


وضمن هذا الاطار كشفت مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة الاطلاع ان هناك اربعة اسباب رئيسية "للانزعاج" السوري من القيادة السعودية هي الآتية:

اولا، ان السعودية متمسكة فعليا وجديا بدعم استقلال لبنان وسيادته وارادة اللبنانيين الحرة وهي تضطلع بدور اساسي في حشد التأييد الدولي والعربي للبنان المستقل والمتحرر من الهيمنة السورية. وقد رفضت السعودية في الفترة الاخيرة عقد اي نوع من الصفقة او التفاهم مع القيادة السورية لاختيار رئيس جديد للبنان يلائم دمشق، كما رفضت ايضا مبعوث رفيع المستوى الى العاصمة السورية للتوصل الى تفاهمات مع الاسد حول مسار الاوضاع في لبنان تحقق اهداف النظام السوري وحلفائه في هذا البلد.

ثانيا، اصيبت القيادة السورية بصدمة حقيقية لاستبعادها عن المؤتمر الدولي الذي سيعقد في واشنطن في الخريف المقبل لمناقشة تسوية النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي في حضور عدد من الدول البارزة والمعنية بالامر ومنها مصر والسعودية والاردن. والقيادة السورية "عاتبة" على السعودية لانها لم تدعم اشراكها في هذا المؤتمر الدولي اذ ان استبعادها عنه يعكس تقلص الدور السوري في المنطقة وتدني الاهتمام الدولي بهذا الدور، كما يظهر وجود نوع من التفاهم الدولي على "معاقبة" نظام الاسد بسبب سياساته الخاطئة المزعزعة للامن والاستقرار في عدد من الدول والمعارضة للتوجهات السلمية.

ثالثا، القيادة السورية قلقة جديا، ولو لم تعترف بذلك علنا، من اقتراب موعد بدء اعمال المحكمة الدولية من دون ان تتلقى اي مساعدة سعودية او عربية لتأمين الحماية لنظام الاسد من المحاسبة الدولية في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه.

رابعا، القيادة السورية "منزعجة" ايضا لان السعودية ترفض تحسين موقع سوريا في الساحة العربية من خلال احياء التحالف الثلاثي المصري – السعودي – السوري الذي تم تجميده بعد اغتيال الحريري او من خلال اقامة تنسيق حقيقي وجدي بين الرياض ودمشق حول القضايا الاقليمية، ذلك ان السعودية ترفض وتعارض السياسات السورية الحالية اللبنانية والعربية والاقليمية وتتعامل معها على اساس انها تهدد المصالح العربية العليا وتساهم جديا في اضعاف التضامن العربي.

ولكن في مقابل هذا العتب والانزعاج السوريين فان السعودية ودولا عربية عدة لديها مآخذ على نظام الاسد وتوجه اليه اتهامات عدة. وكشفت المصادر الديبلوماسية العربية المطلعة ان "الملف الاتهامي العربي" ضد النظام السوري يتضمن الامور والوقائع الاساسية الآتية:

اولا، تملك قيادات عربية معلومات دقيقة ومحددة تفيد ان القيادة السورية هي التي احبطت فعليا اتفاق مكة، اذ انها هي التي شجعت قيادة "حماس" على تنفيذ انقلابها ضد حركة "فتح" والسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية والسيطرة على قطاع غزة في حزيران الماضي، كما حاولت ان تفعل في لبنان عبر "حزب الله" وحلفائها الآخرين. وخلافا لما قاله الشرع فان المعروف لدى جميع المسؤولين الفلسطينيين وكل الجهات المعنية ان الملك عبدالله بن عبد العزيز هو الذي قام بالدور الاساس الحاسم في تأمين توقيع اتفاق مكة بين "فتح" و"حماس" في شباط الماضي، وانه لولا تدخله وجهوده لكان الطرفان فشلا في التوصل الى اتفاق. وقد اوقف اتفاق مكة في حينه انزلاق الفلسطينيين نحو الحرب الاهلية، وادى الى ايجاد شراكة سياسية بين "فتح" و"حماس" كرسها تشكيل حكومة وحدة وطنية، كما ان هذا الاتفاق استهدف ابعاد "حماس" عن ايران وتشجيعها على تقبل متطلبات المجتمع الدولي والشرعية الدولية من اجل تسهيل تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. واستنادا الى المعلومات التي تلقتها هذه القيادات العربية فان المسؤولين السوريين والايرانيين انزعجوا من توقيع اتفاق مكة ومن الدور السعودي في انجازه، فعمدت القيادة السورية الى استغلال الخلافات بين "فتح" و"حماس" حول طريقة تطبيق هذا الاتفاق وقامت بتشجيع "حماس" على تنفيذ انقلاب حقيقي على غزة تمهيدا للسيطرة تدريجا على سائر المناطق والمخيمات الفلسطينية بهدف انتزاع "الورقة الفلسطينية" من ايدي الانظمة العربية المعتدلة ووضعها في ايدي المحور السوري – الايراني من اجل الدخول في مساومات عليها مع الدول الكبرى المعنية.

نقلاً من موقع سوريا الحرة
__________________