عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 26-06-2002, 05:48 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
إفتراضي

بالنسبة للمسائل الاجتهادية فهل صحيح أن الشرع جعلها تحت الابداع الفكري والاجتهادي في ضمن منظومة المفهوم الديمقراطي ؟


الحريات العامة التي تنادي بها الديموقراطية لا توجد في الاسلام بل تتناقض مع الاسلام ، فلا يوجد في الاسلام حرية شخصية ولا حرية رأي ولا حرية اعتقاد ولا حرية تملك . وقد بينت ذلك بالدليل فالرجاء الرد على الدليل بالدليل. فقولك : ( ام نترك هذا الامر لحرية الفرد في ما يراه لان هذا الامر ليس امرا مشتركا عاما ,, بل هو تعبير شخصي) مردود عليك، والانحراف السلوكي والاباحية وانحلال الخلق والقيم الذي اعتبرت أن ربطه بالديموقراطية والغرب بهتانا إنما هو نتاج للحرية الشخصية التي تنادي بها الديموقراطية .

الاجتهاد لا يعتبر شرعا اجتهادا إلا إذا كان النص الشرعي هو محل الاجتهاد، فالحكم لا يعتبر حكما شرعيا إلا إذا فُهِمَ من الدليل الشرعي باجتهاد صحيح. والأدلة الشرعية إما ان تكون قطعية أو تكون ظنية، والدليل القطعي ليس هو محلا للاجتهاد لأن الحكم الشرعي الذي تضمنه قطعيا ، فالرأي فيه متعين ، وليس فيه إلا حكما واحدا قطعيا، وهذا هو معنى قولهم ( لا اجتهاد في مورد النص ) . وأما الدليل الظني فهو محل الاجتهاد، والمجتهد إن أصاب له أجران وإن أخطأ له أجر واحد. وهذا هو بيان أين يكون الاجتهاد وأين لا يصح أن يكون ، وليس كما زعمت أن الاجتهاد يكون فيما هو حرية شخصية ولا يكون في الأمور المشتركة العامة. فأصلا لا يوجد حرية شخصية في الاسلام كما سبق أن بينت.

والاجتهاد شرعا ليس خاصا بأمر دون أمر فكما يكون في العبادات والأخلاق والمطعومات يكون في أنظمة الحياة الأخرى كأنظمة الحكم والاقتصاد والاجتماع، فمن نصوص الشريعة يمكن أن تستنبط معالجات لجميع مشاكل الحياة ، وهذا هو معنى تمام الشريعة الاسلامية، وهذا هو معنى صلاحية الاسلام للتطبيق في كل زمان ومكان.



وبناء عليه فالاسلام نظام شامل لجميع شؤون الحياة، ومرجعية المجتهد هو النص الشرعي وما يدل عليه النص الشرعي، وشرط المجتهد أن يكون أهلا للاجتهاد، والمعارف اللغوية والشرعية لا بد منها للمجتهد حتى تتوفر فيه أهلية الاجتهاد. وأما المرجعية في الديموقراطية فهي الشعب لا الشرع، والشرط هو الأكثرية لا الأهلية.

ومن جهة أخرى ، من قواعد الحكم في الاسلام أن للخليفة وحده حق تبني الاحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين، وهذا ما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، ومن هذا الاجماع أخذت القواعد المشهورة : ( أمر الامام يرفع الخلاف )، ( امر الامام نافذ) ( للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات ). فإذا تبنى الخليفة حكما شرعيا -سواء استنبطه هو أو استنبطه غيره من المجتهدين - أصبح العمل بهذا الحكم الشرعي ملزما للجميع بغض النظر عن رأي الأكثرية، وهذا أيضا واضح فيه التناقض مع الديموقراطية التي تجعل رأي الأكثرية ملزما للحاكم في كل شيء.

وعليه فالاجتهاد في المسائل الظنية لا يسير شرعا ضمن منظومة المفهوم الديموقراطي ، بل لا يمت للديموقراطية بسبب. وإذا كانت المسائل الظنية التي يجوز الاجتهاد فيها لا ينطبق عليها منظومة المفهوم الديموقراطي فكيف بالمسائل أو الأحكام القطعية ؟!!
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله