عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 16-06-2004, 01:49 AM
اش بك ياشيخ اش بك ياشيخ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: الكويت بلاد العرب
المشاركات: 899
إفتراضي

الباب الأول
منهج أهل البيت ...النظرية والتطبيق

الفصل الأول : الرسول (ص ) والأئمة (ع)
السيرة العطرة
محمد (ص) سيد الزاهدين :

كان رسول الله (ص) أزهد الناس وأبعدهم عن زخارف الدنيا وملذاتها ، وكان في شغل في دينه ودعوته عن حاجات نفسه ومطالب أهله وقرابته !
كان (ص) ينام على التراب ، ويفترش الحصير فيقوم وقد أثر في جنبه فيقولون له :
يا رسول الله لو اتخذت لك وطاءا (أي فراشا لينا) فيجيبهم :
((ما لي وللدنيا ؟!ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح عنها)) .
ورأى جماعة يعالجون خصا لهم (أي بيتا من خشب وقصب) فقال: ((ما هذا)) ؟ قالوا قد وهن فنحن نصلحه فقال : ((ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك)).
وكان (ص) أحيانا يشد الحجر على بطنه من الجوع .
ويمر عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار ، طعامه واهل بيته الأسودان : التمر والماء إلا أنه قد كان له (ص) جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إليه من ألبانها فيشرب ويسقي أهله.
وخرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير أو القمح ! مع قدرته عليه لا سّيما في أواخر حياته الشريفة بعد أن فتح الله عليه الفتوحات وصارت الأموال تجبى إليه .
ولما اشتكت إليه أزواجه ما يلقينه من الشدة وشظف العيش معه وكان ذلك بعد خيبر وحيازة أموالها وأراضيها نزل قول الرب –جل وعلا- بالتخيير بين البقاء معه على هذه الحال أو الفراق بالطلاق ليجدن ما يردنه في أرض الله الواسعة :
(يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا . وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما)/الأحزاب 28-29
وكان (ص) يصلي أحيانا جالسا ما به إلا الجوع !
وجاءته السيدة فاطمة (ع) يوما بكسرة خبز فقال : ((ما هذه الكسرة يا فاطمة؟)) قالت : قرص خبزته فلم تطب نفسي حتى آتيك بهذه الكسرة ، فقال :
((أما أنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام)) !!.
لم يكن ذلك منه عجزا ، بل كانت الدنيا كلها بين يديه ولكنه كان يؤثر الزهد والتعفف والقناعة .
وحرم على نفسه وأهل بيته الزكاة والصدقات وسماها أوساخ الناس !
ليضرب المثل الأعلى بنفسه وأهله في العلو والتسامي ولقد عرض عليه ربه أن يجعل له بطحاء مكة ذهبا فقال :
((لا يا رب ولكن أجوع يوما وأشبع يوما فإذا شبعت حمدتك وشكرتك وإذا جعت تضرعت إليك ودعوتك))!! وخرج من الدنيا ودرعه مرهونة عند يهودي على صاع من شعير !!
فمن أحق الناس بأتباعه والتأسي به من أهل بيته وإن تطاولت بهم الحقب ، أو طالت بهم سلسلة النسب ؟!

على خطى جدهم وإمامهم (ص)
لقد وفى أهل البيت الكرام –لاسيما الأئمة الكبار منهم- لرسولهم وإمامهم (ص) فساروا على طريقه ومنهاجه مختارين حياة الزهد والعفا ف والسمو والترفع عما في أيدي الناس فكانوا خير من علم بعده وعمل بقوله :
((اليد العليا خير من اليد السفلى))
ولقد حفلت كتب السير والتواريخ ودواوين الأحاديث والروايات بتراث ضخم من مآثرهم يخبرنا عن توكلهم وحسن ظنهم بربهم وتعلقهم به والتجائهم إليه في البأساء والضراء واليسر والرخاء.
وكيف أنهم قاموا بواجبهم تجاه الناس وإرشادهم وتعليمهم دون انتظار أجر من أحد سوى الله بل كانوا يرفضون أن يمدوا أيديهم إلى درهم واحد من أموالهم بل كانوا هم المتفضلين عليهم فيعطونهم من جهودهم وأوقاتهم وأموالهم كذلك ولسان حالهم :
((إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا))/الدهر9 .
الإمام علي (ع)
من أقواله المأثورة :
(يا أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : إتباع الهوى وطول الأمل أما إتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة ألا وإن الدنيا ولت حذاء (مسرعة) فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء اصطبها صابها).
ألا وإن الآخرة قد أقبلت ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة وإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل) .
وقال يذكر النبي (ص) :
(قد حقر الدنيا وصغرها وأهون بها وهونها وعلم أن الله زواها عنه اختيارا وبسطها لغيره احتقارا فأعرض عنها بقلبه وأمات ذكرها عن نفسه ، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه لكي لا يتخذ منها رياشا أو يرجو فيها مقاما) .
أكبر مصائبنا
لكن المصيبة –التي نكبنا بها فتركتنا كالسكارى لا نعي ولا نفكر في سعي- أننا نقرأ هذه الأقوال ونرويها للإعجاب والتباهي دون شعورنا أن هذا لن ينفعنا عند الله مثقال ذرة ما لم نعمل أو نطالب أنفسنا ولو بجزء قليل من العمل بمقتضى هذه التوجيهات العظيمة .
((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون))/الصف2-3.
لقد أصابنا مرض مزمن انه تبلد الإحساس بما نقرأ أو نسمع من سير الصالحين وحكم الواعظين أنها لا تعني بالنسبة لنا أكثر من أننا نسمعها أو نرويها ونمر بها كما يمر السائق السكران بإشارة المرور لا يعي ما تعني بالنسبة إليه ولا يثيره منها إلا زخرفتها أو حسن رسمها وجاذبية ألوانها ! ولذلك حصل الانشطار بين أقوالنا وأفعالنا .

أقوال تسندها الأفعال
لقد كانت حياة أمير المؤمنين (ع) ترجمانا أمينا لأقواله ووصاياه عاش عيشة الفقراء حتى وهو على رأس السلطة ! ومنع أهله وأقاربه من متع الدنيا والتبسط فيها ليظلوا مثلا يقتدي به المقتدون .
استمع إليه كيف يخبر عن حال أخيه عقيل الذي افتقر واشتد به الفقر حتى أنه لا يجد مدا من طحين فيأتي أخاه أمير المؤمنين يسأله من بيت المال ما يسد به جوع عياله الذين اسودت وجوههم واغبرت ألوانهم وشعثت شعورهم فيرده رغم تكرار طلبه ومراجعته :
(لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استملحني من بركم صاعا ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظائم، وعاودني مؤكدا وكرر علي القول مرددا فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني واتبع قياده مفارقا طريقي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها فقلت له : ثكلتك الثواكل يا عقيل ، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟!.
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها ، فقلت : أصلة أم صدقة أم زكاة؟فذلك محرم علينا أهل البيت . فقال : لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية. فقلت : هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟!! .
إنني لأرى العار مجسما يجلجل في أردية ولحى كثيرة حين أقارن بين هذه الحالات وبين ما عليه أصحاب تلك الأردية من غنى فاحش وترف وتخمة ورتع في أموال الناس بل هناك ما هو امر وادهى !!.
او قوله (المال مادة الشهوات) .
ورؤى (ع) وعليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك فقال :
(يخشع له القلب ، وتذل به النفس ، ويقتدي به المؤمن) .
يكنس بيت المال !
كان (ع) ينفق جميع ما في بيت المال ويوزعه على المستحقين ثم ... يكنسه بنفسه ويرشه ليصلي فيه ركعتين هما نصيبه منه !!
ثم خلفت من بعده خلوف تكنس المال كنسا !