عرض مشاركة مفردة
  #28  
قديم 16-06-2004, 01:52 AM
اش بك ياشيخ اش بك ياشيخ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: الكويت بلاد العرب
المشاركات: 899
إفتراضي

الفصل الثاني
نظام الحياة في الإسلام

الاسلام نظام شامل متوازن
جاء الإسلام بنظام للحياة عظيم يمتاز بالشمولية والتوازن ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقته بمجتمعه وكذلك علاقته بنفسه بحيث نؤدي حقوق الله تعالى وعبادته وحقوق المجتمع والإحسان إلى أفراده ومؤسساته وكذلك حقوق النفس وحاجاتها بصورة متوازنة يمتنع فيها طغيان جانب على آخر بل تجعل هذا الإنسان يعيش ضمن منظومة متناسقة مترابطة ترضي خالقه وتمنح نفسه ومجتمعه الاستقرار وطيب العيش في الحياة الدنيا وفى لآخرة وإلى هذا أشار الرسول العظيم (ص) بقوله :
إن لربك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ولنفسك عليك حقا) لقد فصل ديننا هذه الحقوق تفصيلا :
فأمر بعبادة الله وحدة ونبذ عبادة ما سواه أو التعلق به من دونه كدعائه والاستغاثة به أو استعانته أو القسم به أو الخوف منه أو رجاءه والاعتماد عليه أو الرجوع إليه في الطاعة والتحاكم والتشريع وما إلى ذلك مما لا يصلح صرفه إلا إلى الله وحده .
وفرض الصلوات الخمس وحدد أوقاتها وفرض صوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج البيت وأمر ببناء المساجد وعمارتها وشرع الذكر وقراءة القرآن وتدبره والعمل به وجعل الجهاد في سبيل الله والدعوة إليه ذروة سنام الإسلام ...
وبين سبحانه –أن هذه العبادات أساسها عمل القلب من الإخلاص والصدق والخشوع والخوف والحب والرجاء والتفكر والتوكل واليقين ... و شرع كذلك الصدقة والإحسان إلى الخلق من ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل- وأوصى بالجار وإحسان العلاقة مع الناس جميعا .
ونظم الأسرة وشرع الزواج وحرم الزنا وبين حقوق الزوجين في الائتلاف والاختلاف وحث على تربية الأولاد أما الوالدان فالإحسان إليهما مقرون بأعظم أركان الدين –وهو التوحيد! كما أمر بالصدق في الحديث والوفاء بالوعد وغض البصر والعفاف وإحصان الفرج... ونظم احوال السوق فأحل البيع وحرم الربا والغش والاحتكار وحث على التسامح والتعاون على البر والتقوى.
وعلم المسلم كيف يتطهر ويتجمل ويلبس ويتغذى وينام وفي العموم ما من جزئية من جزئيات الحياة ومفرداتها إلا وذكرها ونظمها كالزراعة والصناعة والتعليم والصحة والجيش ...الخ.
فإذا أديت هذه الحقوق والواجبات كما أراد الله عز وجل صلح حال الفرد والمجتمع .
أما إذا وقع الخلل واختل التوازن المذكور كأن تطغى حظوظ النفس ورغبات الجسد على حقوق الله أو المجتمع أو حصل العكس فإن هذا النظام الرائع يفسد فيعم الخراب وينهار المجتمع وصدق الله إذ يقول :
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)الروم 41
إن الإسلام حين يقدم نظامه العظيم هذا ويدعو المسلم إلى أن يراعي حقوق الله وحقوق المجتمع مراعاة شديدة ويحثه على التوسع في هذين الحقين قدر المستطاع.
لكنه من الناحية الأخرى يدعو إلى التخفف من متع الدنيا ويحثه على الزهد فيها وعدم الإكثار منها .
إنهما أمران متعاكسان تماما!
فبينما نرى الإسلام يقسم حق الله وحق المجتمع إلى :
- واجب لا يحل التفريط فيه
- مستحب رتب عليه أجرا يغري المسلم بفعله والتوسع فيه
نراه من الناحية الأخرى يقسم الأمر قسمة معاكسة فمثلا :
أمر بالصلاة والصوم وحث على الإكثار من التطوع فيهما كنافلة القيام والسنن وصوم يومي الاثنين والخميس وفرض كذلك طاعة الوالدين وبرهما وفرض الزكاة التي هي حق المجتمع وحث على الصدقة من الأموال والأطعمة وغيرهما بل قرن بين الذبح وإطعام اللحم وبين الصلاة فقال :
(فصل لربك وانحر) الكوثر2 .
بينما لم يجعل التوسع في المآكل والمشارب و المساكن و المناكح لا من الواجبات ولا من المستحبات ولم يرتب على ذلك مدحا ولا أجرا وإنما غايته أن يكون من المباحات التي يستوي فيها الفعل والترك إذ ليس جمع المال ولا بناء القصور ولا المتاع الجسدي أمورا جاء الشرع بالترغيب فيها ولا جعل لها فضيلة لذاتها ولا أجر فيها ما دامت منفعتها مقتصرة على الفرد نفسه إنما الأجر على إعطاء المال والإيثار به لا على أخذه أو كنزه أو التمتع به .
وقد أمر الإسلام بالعفاف وغض البصر وإحصان الفرج وجعل للزواج غاية سامية فوق المتعة الجسدية الزائلة ، ألم تر أن الله تعالى يقول :
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا) الأحزاب 41-42
(إنما أموالكم وأولادكم فتنة) التغابن 15
(المال و البنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) الكهف46
فأرشد إلى الإكثار من الذكر وإلى الحذر من المال والولد وبين أنهما متاع دنيوي زائل .
إذن الأمر في باب العبادة والإحسان إلى الخلق قائم على الترغيب والتوسيع وفي باب المتاع المالي والجسدي قائم على التزهيد والتضييق والحكم في الباب الأول يدور بين الاستحباب والوجوب بينما هو في الباب الآخر يتردد بين الإباحة والكراهة والخط هناك صاعدا أبدا، وهنا نازل قد ينحدر إلى درك الإثم والحرمة . هذاهو نظام الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده وما عداه فمن وضع البشر واجتهادهم .

النظام الذي يقوم عليه التدين الدخيل
بعد طول ملاحظة ونظر ومناقشة تيقنت من حقيقة مرة بائسة هي : أن التدين الذي نمارسه اليوم يتناقض كليا مع النظام الرباني البديع !!
إنه باختصار دين آخر يقوم ويرتكز على الاهتمام بحظوظ النفس ورغبات الجسد من المال والجنس والمتع الدنيوية الهابطة . لقد وصل هذا التدين البديل إلى درجة مخيفة من الاختلال والاضطراب في هذا النظام . لقد تغلبت الحظوظ والمتع الذاتية على حقوق الله والمجتمع تغلبا مذهلا ، لا يمكن أن يتأمله عاقل إلا ويدرك جازما أن هذا ليس هو التشيع الأصيل ولا يعقل قط أن يكون هو الدين الذي جاء في التنزيل !
وإذا أطلقت عليه ظلما كلمة (التشيع) فلا بد أن نضيف إليها كلمة أخرى هي (الدخيل) حتى نبرئ ساحة التشيع الأصيل .
انه ملخص في هذه العبارة الجامعة :
(دين في أمر العبادة والإحسان يقوم على التضييق والمشاححة وفي أمور المال والجنس يقوم على التوسيع والمسامحة)!! وحاشا أهل البيت (ع) ان يكون هذا ( الدين )منهجهم ، ومن الغلط الفاحش أن نسميه (تشيعا) .
وقد ربط أقطابه والمستفيدون منه بين كثير من العبادات الشرعية أو البدعية وبين الطعام والشراب والمال والجنس ! وفتحوا الباب على مصراعيه للولوج إلى دائرة الحرام بعد أن أمسى الجو مهيئا ومناسبا ، والحواجز ضعيفة أو معدومة ، والذرائع إليه موصولة موفورة ! لا سيما وأنهم استطاعوا أن يخيلوا لأتباعهم أن أعظم المنكرات تغفر بأوهن الأسباب وأوهى الأعذار .
و ..... هكذا –وكنتيجة حتمية- صار الجنس واقعا وباتت العبادة قائمة على المال والجنس والمتاع والتوسع فيه ، وعلى حذف ما أمكن حذفه واختصار ما أمكن اختصاره من الفرائض الدينية والتخفف منها أو تحويلها إلى مصيدة للمال والجنس ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ! ففي المال والجنس نجد الإضافة والمسامحة والتوسيع ،وفي العبادة والإحسان نجد الحذف والمشاححة والتضييق!! هذه هي القاعدة احفظها جيدا وتعال معي أفصل لك ما أجملته تفصيلا وذلك فى الباب التالى .