عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 10-06-2006, 06:24 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

اليهود والعرب والزهرة :

لقد أطلق العرب على الكواكب الخمسة ( عطارد و زحل والمشتري والمريخ والزهرة ) اسم (الخنس الكنس ).. في حين استثنوا القمر و الشمس ( المكملين لسبعة أهل العراق ) .. فقالوا تخنس الكواكب ، إذا سارت في دورتها الفلكية ثم عادت أي (خنست ) .. وكنست الكواكب ، وهو استعارة عربية قديمة أخذت عن كنس (الظباء) .. إذ تتستر الظباء في كناسها (بين الجبال) ..1

وقد تكون معرفة أهل جزيرة العرب بعلوم أهل العراق ومعرفتهم الفلكية ، قد أتت عن طريق الصابئة الذين وفدوا من العراق نحو الجزيرة .. حيث وجد الباحثون أخيرا أن صابئة الجزيرة العربية هم على مذهب الكلدانيين القدماء2.

وقد أخذت الزهرة صفات الخصوبة معها من العراق الى شبه جزيرة العرب ، حيث صاغوا حولها القصص ، فقالوا أنها أصلا امرأة فاتنة أغوت الملكين في بابل ( هاروت وماروت ) وسرقت الطلسم الذي صعدت به الى السماء ونسيت أن تطلب منهما الطلسم الذي يعيدها الى الأرض .3 وهي هنا تتكرر لديها صفات الغدر والفتك بعشاقها ، كما فعلت بعشيقها (تموز ) .

أما اليهود .. فتقول كل قصص التاريخ أن منشأهم الأصلي مع رسلهم ، كانوا من العراق ، وكان الإله الأعظم عندهم هو (يهوه ) .. ولكنهم كما يبدو ، لم يستطيعوا عزل إيمانهم بما جاء به رسلهم ، عما اختلط عليهم من معارف أهل العراق ومعتقداتهم .. فكان (إيل ) من أعظم آلهة أهل العراق و أكثرهم جبروتا ، فأصبح عند اليهود مساعد أو تابع ل (يهوه ) فسموه جبر ـ إيل .. أي إيل الجبار .. أو جبرائيل ..

وقد صاغ اليهود أسماء أعوان آلهتهم و صوروها من حشد ضخم من آلهة العراق القديم .. فصوروا تلك الآلهة بوجوه لنسر أو ثور مجنح .. وقد شاهدت بأم عيني فترة كشف آثار في منطقة النمرود شرقي حمام العليل في محافظة نينوى في بداية السبعينات (عندما كنت طالبا في كلية الزراعة )* مجموعة من الثيران المجنحة الضخمة والتي يزيد ارتفاعها عن ثلاثة أمتار وطول جسمها يزيد عن خمسة أمتار ، صنعت من حجر كأنه رخام إيطالي رمادي اللون .. وحيث أن النمرود وهو الضحاك عند بعض المؤرخين العرب ، هو نيوراسمب الحاكم الذي استولى على تلك المنطقة في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، والذي تنسب إليه قصة رمي ابراهيم عليه السلام في النار ..

لو تم إطلاع أحدنا على الكتاب المقدس ( التوراة ) .. ومر على (سفر حزقيال) فإنه سيلحظ بسهولة ، كيف تم صناعة مقتربات بين المعتقدات التي كانت سائدة في العراق قبل معرفة الأديان السماوية المعروفة ، وبين ما تم صياغته فيما يقال عنه ( التوراة ) ..

وقد انسحب هذا الكلام ، على المعتقدات التي تؤمن بالله الواحد الأحد و أنه له أعوان يبلغوا تلك الرسالات ، لهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع .. وقد نسب الى شخص اسمه أمية بن عبد الله (قبل الإسلام ) ، يصف الملائكة يقول :

رجل و ثور تحت يمنى رجله .... والنسر لليسرى وليث ملبد 4

وقد روي عن ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صدق أمية في قوله ) 5

ــــــــــــــ
المراجع :
1ـ في طريق الميثولوجيا عند العرب : محمود سليم الحوت ، دار النهار ، بيروت ط2 1979 ص 87
2 ـ مضمون الأسطورة في الفكر العربي : د خليل أحمد / دار الطليعة ، بيروت ط2 1980 ص 41ـ 42
3ـ مقالة للدكتور فوزي رشيد تحت عنوان ( هل هناك علاقة بين الحضارات القديمة والفضاء الخارجي ) ، نشر في مجلة آفاق عربية العدد9/ السنة السابعة
4 ـ القزويني : عجائب المخلوقات ، جوتنجن ، 1849 ص 56
5 ـ الأغاني / الأصفهاني بولاق 1285هـ ج3 ص 190
* ـ ملاحظة رأيتها شخصيا
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس