الموضوع: أصول الفقه
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-07-2005, 11:17 AM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي


اما الذين خالفوا الشافعي في الاصول فهم الظاهرية والشيعة . فانهم خالفوا اصول الشافعي في بعض اركانها لافي تفصيلاتها فحسب . اما الظاهرية فانهم يرفضون القياس كله ولا يعتمدون الا على ظاهر النصوص . حتى ان مايسمى بالقياس الجلي لايعتبرونه من القياس ، وانما يعتبرونه نصا . واعتبارهم للنص اعتبار لظاهر النص ليس غير . وامام هذا المذهب هو ابو سليمان داود بن خلف الاصفهاني المتوفي سنة 270هجرية ، وكان من الشافعية وتلقى الفقه على اصحاب الشافعي ، ثم ترك مذهب الشافعي واختار لنفسه مذهبا خاصا لايعتمد فيه الا على النص وسمي بالمذهب الظاهري . ومنهم الامام ابن حزم وقد روج له بعض الناس واعطوه صورة مشرقة عنه حتى صار اقبال على كتبه مع انها دون كتب الفقه والاصول الاخرى من حيث البحث الفقهي ووجه الاستدلال . واما الشيعة فقد خالفوا اصول الشافعي مخالفة كبيرة . فانهم جعلوا اقوال الائمة دليلا شرعيا كالكتاب والسنة ، وهي عندهم معتبرة حجة تلي حجة الكتاب والسنة على الاقل ، ويجعلون كلام الائمة مخصصا للسنة فيقولون (ان حكمة التشريع اقتضت بيان جملة من الاحكام وكتمان جملة ، ولكنه سلام الله عليه اودعها عند اوصيائه ، كل وصي يعهد به الى الآخر لينشره في الوقت المناسب له حسب الحكمة من عام مخصص او مطلق مقيد او مجمل مبين الى امثال ذلك . فقد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عاما ويذكر مخصصة بعد برهة من حياته وقد لايذكره اصلا بل يؤديه عنه وصيه) . فالشيعة الامامية يضعون ائمتهم بجوار السنة . والاجتهاد عندهم مقيد بالمذهب فلايجوز للمجتهد ان يخالف آراء المذهب ، أي لايجوز للمجتهد ان يجتهد بمايخالف اقوال الامام الصادق . وقد رفضوا الاحاديث الا اذا كانت عن طريق ائمتهم وهم لايأخذون بالقياس ، وقد تواتر عن ائمتهم كما يروون في كتبهم ان الشريعة اذا قيست محق للدين .

هذه وضعية سير علماء المسلمين في علم اصول الفقه بعد الشافعي ، من حيث مخالفته او موافقته . اما من حيث العلم نفسه فانه توسع القول فيه بعد الشافعي وكثر فيه الشراح المؤلفون . والغريب ان العصور التي تلت عصر الشافعي قد شح فيها الاجتهاد وقل المجتهدون ، والعصور التي تلتها قد اغلق فيها باب الاجتهاد ، ولكن علم اصول الفقه نما وترعرع وكثر التحقيق في قواعده وتشعبت مسائلة . الا انه كان ذلك كله من ناحية نظرية لا من ناحية عملية . ومن اجل ذلك لم يؤثر في ايجاد مجتهدين ولا في كسر فكرة غلق باب الاجتهاد والقضاء عليها ، ولعل السبب في ذلك انه قد سلك اصول الفقه في تلك العصور المتأخرة الاتجاه النظري الخالص وساد فيه البحث النظري ، واخلت فيه ابحاث لاعلاقة لها باصول الفقه ، فعناية الباحثين اتجهت الى تحقيق القواعد وتنقيحها وتأييد القواعد بالادلة واختيار اقولها دليلا بغض النظر عن وجود واقع لها ام لا . وكثرت لديهم الفروض النظرية ، وقد نظروا في الدلالة وقسموها تقسيم علما ء المنطق ، واثاروا بحوثا لايترتب عليها أي شيء في اصول الفقه كبحث الحسن والقبح ، وهل هما عقليان ام شرعيان؟ وكبحث شكل المنعم واجب بالشرع ام بالعقل . بل بحثوا ابحاثا هي من علم الكلام وليست من علم اصول الفقه ، مثل بحث عصمة الانبياء ، وفي جواز الخطأ والنسيان على الانبياء في امور الرسالة . وبحثوا ابحاثا تتعلق باللغة العربية لافي اصول الفقه . فقد بحثوا في اصل اللغات وبحثوا في الحروف والاسماء . وبذلك جمدوا علم اصول الفقه ، وحولوه من ناحيته التشريعية التي توجد مجتهدين وتخصب الفقه الى بحث نظري فلسفي لايستطيع العالم فيه استنباط ابسط الاحكام حتى كادت فائدته تفقد وحتى لم يوجد له أي اثر في التشريع والاستنباط . ولما كان علم اصول الفقه بالنسبة لاستنباط الاحكام ولتنمية الناحية التشريعية ضروريا ، كضرورة علم النحو والبلاغة للغة العربية ، لذلك كان لابد من بذل العناية في دراسة علم اصول الفقه ولابد من بذل العناية في دراسة اصول الفقه دراسة واقعية لادراسة نظرية فيكتفي منه بالابحاث المتعلقة بالاستنباط وتبحث مشفوعة بالادلة الدالة عليها ، والوقائع المنطبقة على مدلولاتها ، حتى تنتج مجتهدين وتنتج ثروة تشريعية لمعالجة المسائل المتجددة في كل يوم في العالم الاسلامي وفي سائر انحاء العالم .