عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 24-01-2007, 09:36 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تجارب وحدوية عالمية ..

نشأت في القرون الثلاثة الماضية تجارب وحدوية في العالم، لو نظرنا إليها ببساطة شديدة، ودون إمعان، لرأينا أن تلك التجارب تتدنى في شروطها الوحدوية عن حال التجربة التي طالما حلمنا بها عربيا ..

التجربة البريطانية و الفرنسية :

كانت بريطانيا في عصور ما قبل التاريخ مأهولة بالسكان (الكلتيين) وهم شعوب جرمانية جنوبية ظهرت في الألف الثاني قبل الميلاد في جنوب شرق ألمانيا، ثم نزحت على مراحل نحو الغرب فوصلت الى غرب فرنسا وبريطانيا وايرلندا. وفي القرن الأول قبل الميلاد احتل الرومان القسم الجنوبي من المملكة المتحدة، أي حوض لندن، وأقاموا حوله سورا واستمروا في حكم البلاد لعام 407م عندما طردهم الإنجليز والساكسون، وهجروا القبائل (الكلتية) لتستقر في أطراف بريطانيا .. (ايرلندا) .. وأقاموا دولتهم الأنجلوساكسونية.. في جنوب انجلترا ..

أصبحت تلك الدولة قوية بعد أن اعتلى عرشها (الفريد الكبير 871ـ899) كما غدت بعد اعتناقها المسيحية في نهاية القرن العاشر الميلادي من أكثر الدول المبشرة بالمسيحية والتي أمدت الحروب الصليبية فيما بعد بالجند والإمكانيات.

أما شكل تلك الدولة فقد كان يتأرجح بين الانكماش والتوسع فتارة تحتل فرنسا ثم تخوض مع الفرنسيين حرب المائة عام (بين 1337ـ 1453) وأحيانا تخوض حروبا على صعيد الطائفة الدينية (بين البروتستانت و الكاثوليك) حيث ما أن يقتنع أحد ملوكها مذهبا ويخوض من أجله الحرب، إلا وأن يظهر معارضون له .. وأحيانا تستنصر أحد ملوك الجوار كملك هولندا (غاليوم) لتعطيه الحكم وتتوحد معه في سبيل نصرة مذهب ضد آخر، وهكذا.

إلا أن شكل الصراع أخذ بعدا مختلفا بعد الثورة الصناعية التي كان أول ظهور لها في بريطانيا، فأصبح الصراع بين الإقطاع و البرجوازية التي نشأت على هامش الثورة الصناعية والحركة الاستعمارية البريطانية. في حين تراجع الخلاف المذهبي ليتنحى جانبا ويعاود الظهور بين حين وآخر..

لقد كانت مملكة اسكتلندا (مساحتها 78.773كم2 وسكانها 6ملايين الآن) وويلز ( مساحتها 20.763كم2 وسكانها الآن3ملايين) وايرلندا التي اقتطع منها الجزء الذي هو الآن تحت حكم التاج البريطاني وسكانه حوالي مليوني نسمة ومساحته 14.121كم2 .. كانت تلك المقاطعات المتحدة مع (إنجلترا 130.367كم2 وسكان حوالي 50مليون) .. يحكمها ملوك أو ملكات تربطهم ببعض صلة القرابة فإما ابن أو ابنة أو صهر ولكنهم في النهاية توحدوا عندما رأوا نجاحا في وحدة جيوشهم وأساطيلهم الاستعمارية .. والتي كانت تحقق لهم الربح الوفير، تمشيا مع القاعدة القائلة (الرابحون يتوحدون والخاسرون يتشرذمون) ..

أما التجربة الفرنسية : يرجع تاريخ فرنسا أو (غاليا) كما كانت تسمى سابقا (La Gaule) الى الألف الأولى قبل الميلاد، حيث استقرت بها قبائل (هالشتات) النمساوية.. واستمرت بحضارتها الى القرن الأول قبل الميلاد، ثم احتل الرومان بلاد (الغال ـ فرنسا) ولكن لم تخضع خضوعا كاملا إلا عام 58ق م في عهد (يوليوس قيصر) وقسم البلاد الى أربعة أقاليم (نربونة، وأكيتان، وليون و بلجيكا) .. وتنصرت فرنسا في القرن الثاني الميلادي، ثم انتشرت الديانة المسيحية في كامل البلاد في القرن الرابع..

في بداية القرن الخامس تعرضت فرنسا لهجوم قبائل البرابرة( الوندال، والفيزيقوط والبورغوند والفرنجة وهم من أصل جرماني) وقد استطاع القائد الفرنجي (كلوفيس) من توحيد بلاد (غالية) عام 481م والتي أصبح اسمها منذ ذلك التاريخ بلاد (الإفرنجة) أو (فرنسا) .. وبعد موت (كلوفيس) انقسمت البلاد الى ثلاث دول، ولم تتوحد إلا على يد (شارل مارتيل) الذي اشتهر كبطل قومي بعد معركة (بلاط الشهداء) مع العرب عام 732م. ثم عادت فانقسمت مرة أخرى لتتوحد بتدخل البابا في تنصيب (شارلمان) عام 800على الغرب كاملا بما فيه (بافاريا) و(الساكس) .. لكنه خسر حربا أمام العرب في معركة (رونسفو) فتقلصت على إثرها مساحة نفوذ أبناءه، فقد خسروا أمام النورمان الذين احتلوا المنطقة التي تعرف اليوم باسم (النورماندي) ..

وكان القرن الرابع عشر الميلادي مليئا بالاضطرابات والحروب، حيث استمرت حروب (المائة عام) مع بريطانيا.. ولم يثبت شكل فرنسا ووحدتها إلا في عام 1871 في فترة الجمهورية (الثالثة) عندما تم ضم (الألزاس) و (اللورين) بعد الاتفاق مع ألمانيا ..

وكانت جهود الوحدة تأخذ طابعا دمويا نتيجة الحروب المستمرة، إضافة لجهود المفكرين والأدباء والفنانين التي كانت تصب في نفس الاتجاه. كما أن الحالة الاستعمارية لنشاط قوى رأس المال كان وراء توحد المشاعر الفرنسية التي كانت منشغلة باستمرار في حروب خارجية في مستعمراتها، مع منافسيها الكبار.


المراجع :

1ـ الموسوعة السياسية / الجزء الأول والجزء الرابع.
2ـ الوحدة العربية/ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/منشورات المجلس القومي للثقافة العربية/الرباط/المغرب ط1/1991
__________________
ابن حوران