عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 18-05-2007, 06:59 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

العروبة والإسلام في دساتير الدول العربية :

كانت النخب التي استلمت الحكم في البلدان العربية تتماشى مع نبض الشارع العربي، وتعكس توجهاته ـ على الأقل في نصوص دساتيرها ـ . والدستور كما هو معروف هو القانون الأعلى أو الوثيقة السياسية الأسمى للدولة، أو الإطار العام الذي ينظم شكل الحكم وسلطاته المختلفة ويحدد حقوق المواطنين أو الجماعات. والدستور الحي والفعال هو الذي يتلاءم مع تقاليد الشعب وتراثه، ويتوافق مع تطلعاته وطموحه وينظم عملية انتقاله الفوري أو التدريجي من مرحلة الى أخرى بغية تطوير المجتمع الذي نعنيه ووفقا للمثل التي يعتنقها ذلك المجتمع ..

وقد تعرفت بلادنا العربية على فكرة الدستور، من خلال الدولة العثمانية عندما وضع أول دستور لها عام 1876م أي بعد مائة عام من أول دستور في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية 1776)*1 والذي تلاه مباشرة الدستور الفرنسي عام 1791.. ومع أن الدستور العثماني لم يعمر طويلا، إلا أنه ترك أثرا في نفوس النخب من الرعايا العرب التابعين للدولة العثمانية، والذين انفكوا عن كونهم رعايا عثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

ويلاحظ المطلعون، أن الدساتير العربية، حتى الستينات من القرن الماضي، كانت من وضع الغربيين، أو متأثرة تأثرا كبيرا بالدساتير الغربية، أما بعد الثورة الجزائرية فإن تغيرا كبيرا قد انتشر في نصوص جميع الدساتير العربية ..

اليوم، كل الدول العربية لها دساتير مكتوبة، عدا المملكة السعودية وسلطنة عمان، اللتين تعتبران القرآن الكريم وأحكام الشريعة الإسلامية دستورا لها، وسنمر باختصار على مسألة النص وما يتعلق بموضوع الانتماء.

ذكر العروبة في دساتير الدول العربية:

أولا: التأكيد على الانتماء الى الأمة العربية..

تختلف صيغ النصوص في الدساتير العربية من حيث شكل انتمائها كدولة أو كشعب أو كأرض للعرب، فأغلبيتها تنص صراحة في دساتيرها على انتماء شعبها وأحيانا شعبها وإقليمها الى الأمة العربية..

فالمادة الأولى من الدستور البحريني تنص على أن شعب البحرين (( جزء من الأمة العربية وإقليمها جزء من الوطن العربي الكبير)) والمادة الأولى من الدستور السوري تعلن أن (( القطر العربي السوري جزء من الوطن العربي)) و (( الشعب في القطر العربي السوري، جزء من الأمة العربية))..

وهناك فئة أخرى من الدول العربية، تكتفي دساتيرها بالنص على الانتماء الى وحدة جغرافية أقل تحديدا أو وضوحا من الأمة.. فالدستور التونسي ينص في توطئته على (تصميم الشعب التونسي) على (( تعلقه .. بانتمائه للأسرة العربية)) والدستور السوداني ينص على أن جمهورية السودان ((جزء من الكيانين العربي والإفريقي)) .. والدستور الجزائري الصادر عام 1963 كان ينص في مادته الثانية على أن الجزائر (( تكون جزءا متكاملا مع المغرب العربي والعالم العربي و إفريقيا)) ومع أن المادة هذه اختفت من دستور عام 1976 فإن المادة السادسة منه تؤكد على أن ( الميثاق الوطني) هو (( المصدر الأيديولوجي والسياسي المعتمد لمؤسسات الحزب والدولة على جميع المستويات)) والميثاق الوطني ينص على أن (( الشعب الجزائري مرتبط بالوطن العربي وهو جزء لا يتجزأ منه ولا ينفصم عنه))

وهناك فئة ثالثة لا تنص في دساتيرها على أي ذكر للانتماء العربي (لأسباب ومبررات متباينة) .. ولبنان والصومال من هذه الدول..

ثانيا: التأكيد على قومية اللغة العربية..

بعد تغيير شكل الحروف من العربية الى اللاتينية في تركيا، وظهور دعوات مختلفة في الأقطار العربية لاعتماد الحروف اللاتينية كشكل من دعوات التغيير أو اعتماد اللهجات المحلية للكتابة... تصدى لتلك الدعوات كثير من المفكرين القوميين العرب، في مختلف أرجاء الوطن العربي، وبالذات أولئك المتأثرين بأسلوب (بسمارك في ألمانيا) باعتماد اللغة ((أساسا)) في دعوات الوحدة العربية ومن هؤلاء: ( محمد حسين هيكل و ساطع الحصري و زكي الأرسوزي وغيرهم) وقد نعود لعرض بعض نشاطات المفكرين العرب في هذا الشأن في زاوية أخرى..

ويذكر المؤرخون أن أول تشديد على استعمال اللغة العربية قد سبق نشاط أولئك المفكرين. فقد ظهرت تلك الدعوة في حزيران/يونيو 1879 في مجلس الشورى في (مصر) عندما تم اعتماد اللغة العربية الفصحى لغة ملزمة للدولة ولأعضاء ومكاتبات مجلس الشورى..

ويمكن اختيار مجموعة من التباينات في مسألة اللغة العربية في الدساتير

1ـ هناك دساتير تسمح باستعمال لغة أخرى الى جانب اللغة العربية في كل البلاد، فالمادة الثالثة من الدستور الموريتاني تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد .. ولكنها تضيف (( واللغتان الرسميتان هما اللغة الفرنسية واللغة العربية)).

2ـ وهناك دساتير تجيز استعمال لغة أخرى في بعض المناطق فقط فالمادة السابعة من الدستور العراقي (قبل الاحتلال الأمريكي البغيض) تنص على ((أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية وتعتبر اللغة الكردية لغة رسمية الى جانب العربية في المنطقة الكردية)).

3ـ وهناك دساتير لا تعارض في استعمال لغات أخرى في بعض المجالس والهيئات. فالمادة العاشرة من الدستور السوداني تعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية.. ولكن المادة 139 تؤكد على أن مداولات مجلس الشعب وأعمال هيئاته ومكاتباته تكون باللغة العربية إلا ((أنه يجوز استعمال غير العربية بإذن من رئيس المجلس أو من رؤساء اللجان))

4ـ وهناك دساتير تقر بإمكان استعمال لغة أجنبية في بعض الأحوال، فالمادة 11 من الدستور اللبناني تنص على أن (( اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية. أما اللغة الفرنسية فتحدد الأحوال التي تستعمل بها بموجب قانون))

5ـ في الأقطار المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس) تؤكد الدول الثلاث في تصدير دستورها (المغرب) أو توطئته (تونس) أو مبادئ عامة أولية (الجزائر) على اعتماد اللغة العربية لغة رسمية. ولكن المشكلة هناك ليست في النصوص، بل بأثر طول مدة الاستعمار على تلك الأقطار وتغلغل المصطلحات ومفردات اللغة التي تأتي بشكل طبيعي و عفوي ودون ابتذال، كما أن حجم العلاقات الحالية مع الغرب لا يزال كبيرا (للقرب الجغرافي .. وللمصالح المشتركة) مما يجعل من مسألة اللغة هناك مسألة تختلف عنها في بقية الأقطار العربية ..

يتبع
ـــــــــــــــــ
هوامش:
د محمد المجذوب/ بحث قدمه في 17/1/1981.. ثم عاد فنشره في كتاب صدر عن مؤسسة ناصر للثقافة/ وقد تم الاستعانة به في هذه الزاوية بطبعته الأولى عام 1981
من شبكة الإنترنت في البحث عن (دستور كذا) ..
__________________
ابن حوران