عرض مشاركة مفردة
  #57  
قديم 15-07-2003, 12:12 PM
عابر سبيل عابر سبيل غير متصل
ابو معاذ
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: نيويورك
المشاركات: 2,259
إرسال رسالة عبر MSN إلى عابر سبيل
إفتراضي

1 - تحديث القيادة الشيعية:

آذن النهج الذي نحاه موسى الصدر في بناء القيادة الشيعية في العقد السابع بتحول كبير في أسلوب هذه القيادة وفي ترتيب معاييرها. فتصدى الشاب ذو الثلاثين ربيعاً لمثل هذه المهمة: مهمة القيادة من غير ادعاء علم يفوق فيه أقرانه، ومن غير الإدلال بإجازات ولا بتآليف أو اجتهادات. ولم يعنِ ذلك عزوفاً عن الخوض في المطالب الدينية.
فهو توسل إلى غاياته بالعمل السياسي الجماهيري، وبتكثير العلاقات ونسج الروابط التي تجعل منه وسيطاً وطرفاً في شبكة الروابط اللبنانية والإقليمية. فتوجت مكانته وإمامته فلاحَ نهجه في إظهاره من يتكلم باسمهم بمظهر القوة السياسية والاجتماعية التي ينبغي احتسابها في المشاريع العامة المختلفة، وانضوى إليه وإلى حركته معظم العلماء الشيعة اللبنانيين واعتزلته جماعات منهم.
إلا أن الدور السياسي لم يورث مرجعية دينية وفقهية، وقد بدا أن الصدر لا يوليها اهتماماً كبيراً، برغم حرصه وحرص شرف الدين - الذي قَدَّمَ الصدر ليخلفه - على تكثير العلماء، وتمهيد سبل إعدادهم. فتصدر الشيعة اللبنانيين تصدراً متنازعاً رجلُ دين لم يُجمِع أقرانه عليه، ولم يسعَ هو إلى مثل هذا الإجماع. لذا خلت مسألة المرجعية من كل مضمون، وجلاّ عنها كل إلحاح، فأثر موسى الصدر في إخلاء مسألة المرجعية من مضمونها وإلحاحها، برغم أن السياسة الخمينية تنهض في وجه من وجوهها على إنشاء سلك علمي وديني واسع ومتماسك تسوسه على نحو مركزي(31).
وبهذا فقد قضى الصدر على الزعامات الشيعية التقليدية التي لم تكن لها تطلعات ثورية، وارتضت واقع العيش اللبناني، والتمسك بالمكاسب الخاصة دون النظر لتطلعات وآمال وآلام الأمة الشيعية.


2 - وضوح التميز الطائفي:

اتخذ الصدر لإجلاء صورة الطائفية الشيعية أمرين مهمين:
الأول: تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى:
جاهد الصدر كثيراً لضم الشتات المبعثر لشيعة لبنان، وما إن بدأ الالتئام حتى سعى إلى الانفصال التام بالشيعة باعتبارها طائفة مستقلة عن المسلمين "السنة" في لبنان، فقد كان للمسلمين في لبنان مفتٍ واحد ودار فتوى واحدة، وكان المفتي وقتها هو الشيخ حسن خالد - رحمه الله - وادعى الشيعة أن الشيخ حسن خالد رفض التوصل إلى عمل مشترك معهم(32)، وفكر الشيعة في إنشاء "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" عام 1966م ووافق مجلس النواب اللبناني على إنشائه واختير الصدر رئيساً للمجلس، وبهذا أصبح الشيعة طائفة معترفاً بها رسمياً في لبنان كالسنَّة والموارنة.
وأصبح هذا المجلس المرجعية السياسية والدينية الجديدة التي تهتم بكل ما يتعلق بالشيعة اللبنانيين وبجميع شؤون حياتهم ومماتهم!! وتحولت المرجعية بهذا المجلس من مرجعية فردية إلى مرجعية مؤسسية، وإن لم يتم التخلي عن دور المرجع الشخصي.


الثاني: تأسيس حركة المحرومين:

أخذت هذه الحركة في بدايتها السمة الاجتماعية، والمناداة بتحسين أحوال الشيعة في لبنان، وخاصة سكان الجنوب، ووضع لها الصدر شعارات براقة، كالإيمان بالله والحرية والعدالة الاجتماعية والوطنية وتحرير فلسطين، وأن الحركة لجميع المحرومين وليست خاصة بالشيعة، فنزعت هذه السياسة مع موسى الصدر إلى استدراك ما فات الشيعة اللبنانيين من لحمة ومن قوة، وذلك من طريق وصل ما انقطع بين المقيمين بالأرياف وبين النازلين المدن، وعن طريق تقريب ما تباعد بين أهل جنوب لبنان وبين أهل بقاعه أو شماله الشرقي، وكان على حركة الصدر أن تصور الفروق الاجتماعية والثقافية المتعاظمة في صفوف الشيعة في صورة الأمر الهين والثانوي، ولما كان "كلّ" الشيعة - شأن "كلّ" أو "جميع" أي جماعة - لا كيان لهم إلا متخيّلاً ومتوهماً ومرموزاً إليه، عمل موسى الصدر على نصبه وتجسيمه في شارات تقربه من المخيّلات، وتحمله على الحقيقة.
فكانت التظاهرات الكبيرة التي تجمع عشرات الألوف من الناس، وتضمّ أجنحة الشيعة اللبنانيين، في الجنوب والبقاع، وفي الريف والمدينة، وكان رفع "الحرمان" شعاراً ليميز الشيعة أنفسهم(33).
وكان العديد من الشباب الشيعي قد انضم إلى جماعات مختلفة، مثل التنظيم البعثي الموالي لسوريا والحزب القومي الاجتماعي السوري، وجبهة التحرير العربية التي يدعمها العراق، وبعض التنظيمات الماركسية المتعددة، ولقد كان من أسباب هذا الانضواء تحت هذه المذاهب المختلفة خلو الساحة السياسية من حركة شيعية تجمع هذا الشتات الكبير، كما أن هذه التنظيمات كانت تدفع رواتب مجزية لأعضائها، وقد كانت الحال الاجتماعية للشيعة شديدة في فقرها.
وعندما أعلن موسى الصدر عن حركة المحرومين، دخلها من دخلها من هؤلاء بما هم عليه من أفكار هذا الشتات الفكري والمنهجي، وكما ضمت الحركة تلك التشكيلة المختلفة، ضمت كذلك في ثناياها "الجماعة الإسلامية" أو الخمينية والإيرانية الولاء لاحقاً، وكانت هذه الأخيرة أكثر الجماعات المنضوية تحت عباءة الحركة، وقد سعت للاستيلاء على الحركة من داخلها والسيطرة عليها، فكانت حركة المحرومين هي "العباءة" التي لبستها وتسترت بها قبل أن يحين خلعها والسفور عن هوية سياسية ومنظمة مستقلة، ويبدو في تلك المرحلة أن الهم الأكبر كان جمع هذا الشتات الشيعي بأي شكل كان، تحت قيادة جديدة تستطيع المحافظة على هذا الجمع إلى حين.
وكذلك ذهب الصدر إلى علاج ما يلح عليه أهل الطائفة الشيعية من احتياجهم إلى مرافق يتوسلون بها إلى ما فاتهم من تحديث التعليم والإعداد المهني والرعاية الصحية والاجتماعية، فأنشأ مدرسة الخياطة والتفصيل، ومدرسة التمريض، ومدرسة جبل عامل المهنية التي تخرج منها أهم كوادر المقاومة المسلحة لحركة أمل فيما بعد، كما شهد بذلك نبيه بري - زعيم الحركة بعد الصدر -(34) كما أنشأ مبرة الزهراء ومستشفى الزهراء فيما بعد.


الثاني: تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى:

جاهد الصدر كــثـيرا لضم الشتات المبعثر لشيعة لبنان ، وما إن بدأ الالتئام حتى سعى إلى الانفصال التام بالشيعـة باعتبارها طائفة مستقلة عن المسلمين "السنة" في لبنان ، فقد كان للمسلمين في لبنان مفت واحد ودار فتوى واحدة، وكان المفتي وقتها هو الشيخ حسن خالد رحمه الله وادعى الشيعة أن الشيخ حسن خالد رفض التوصل إلى عمل مشترك معهم(35)، وفكر الشيعة في إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عام 1966م ووافق مجلس النواب اللبناني على إنشائه واختير الصدر رئيسا للمجلس، وبهذا أصبح الشيعة طائفة معترفا بها رسميا في لبنان كالسنة والموارنة .
وأصبح هذا المجلس المرجعية السياسية والدينية الجديدة التي تهتم بكل ما يتعلق بالشيعة اللبنانيين وبجميع شؤون حياتهم ومماتهم!! وتحولت المرجعية بهذا المجلس من مرجعية فردية إلى مرجعية مؤسسية، وإن لم يتم التخلي عن دور المرجع الشخصي.
إلى هنا سنترك الصدر بهذين الإنجازين وسنعود إليه عندما يلتقي مع محمد حسين فضل الله في نقطة الانطلاق الثالثة.




وسيأتى تمام هذا ان شاء الله تعالى

يتبع
__________________



كلما حاولت اعدل في زماني .. قامت الامواج تلعب بالسفينه