الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
  #52  
قديم 30-04-2007, 04:39 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

قتل لا يطلب بنو عمه بثأره، وإذا قتل لا يطالب بنو عمه بثأر من قتل، والمعتل الكثير الخطأ، والكاف منصوب بيعوي.
فقلت له لما عوى إن شأنـنـا قليل الغنى إن كنت لما تهول
أي أن كنت لم تصب من الغنى ما يكفيك، وقوله إن شأننا قليل الغنى أنا لا أغنى عنك، وأنت لا تغني عني، أي أنا أطلب وأنت تطلب فكلانا لا غنى له ومن رواه طويل الغنى أراد همتي تطول في طلب الغنى.
طرحت له نعلا من السبت طـلـه خلاف ندى من آخر الليل مخضل]
كلانا إذا مـا نـال شـيئا أقـاتـه ومن يحترث وحـرثـك يهـزل
أي إذا نلت شيئا أقته وكذلك أنت إذا أصبت شيئا أقته، ومن يحرث حرثي وحرثك أي يطلب مني ومنك لم يدرك مراده.
وقال قوم: من كان هذا فيه وطلبته مثل طلبتي وطلبتك في هذا الوضع مات هزالا لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد فهذه الأبيات الأربعة من الزيادات فيها.
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هـيكـل
أغتدي: أخرج غدوة، والطير ساكنة لم تطر، ويروى في وكراتها، والوكر حيث يسقط الطائر للمبيت أي موضعها التي تبيت فيها، والوكر أيضا: مواضع العش، والوكنات في الجبال كالتماريد في السهل واحدها تمراد وهو برج صغير للحمام الواحدة وكنة، وهي الوقنات أيضا وقد وكن الطائر يكن ووقن يقن ووكر يكر؛ إذا أوى إلى وكن. وقيل لا واحد لها فمن قال واحدها وكنة، جمع وكنة على وكنات، كما تقول غرفة وغرفات فهذا الجيد ليفرق بين الاسم والنفس فتقول في النعت حلو حلوات وفي الاسم الذي ليس بنعت وكنة وكنات وركبة ركبات وإن شئت أبدلت من الضمة فتحة فقلت ركبات، وإن شئت أسكنت لثقل الضمة فقلت وكنات وغرفات. وإن شئت أبدلت من الواو همزة فقلت أكنات ومثله [قوله تعالى] (إذا الرسل أقتت) وإنما هو الوقت وفيه القراءتان وقال أبو حاتم جمع وكرا على وكر ثم جمع وكرا على وكرات، وكذلك وكنات فهي جمع الجمع، والواو في الطير واو الحال والجملة في موضع نصب حال، يقول قد أغتدي في هذه الحال بفرس منجرد فأقام النعت مقام المنعوت أي قصير الشعر والأوابد الوحش، وكذلك أوابد الشعر وتقديره قيد الأوابد تقييد ذي الأوابد ثم حذف ذي الأوابد. والمعنى أن هذه الفرس من سرعته يلحق الأوابد فيصير لها بمنزلة القيد. وهذا الكلام جيد بالغ لم يسبقه إليه أحد والهيكل الضخم.
مكر مفر مقـبـل مـدبـر مـعـا كجلمود صخر حطه السيل من عل
أي يصلح للكر والفر، إذا أقبل حسن الإقبال وإن أدبر حسن الأدبار، وقوله معا أي عنده هذا وعنده هذا، كما يقال فارس راجل أي قد جمع هذين والجلمود الصخرة الملساء التي ليست بالكبيرة، وحطه أي حدره السيل بقوته، من عل أي من مكان عال، وفيه ثمان لغات تقول جئته من عل ومن عل ياهذا، ومن علو يا هذا، ومن علو، ومن علا وأنشد يونس.
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الـفـلا
ويقال حئتك من عال ومن معال، ومن معالى.
فمن قال: من علا، جعله نكرة، كأنه قال من موضع عال، ومن قال: من عل يا هذا فهو معرفة وتقديره من فوق ما تعلم، وقال سيبويه: فالمضارعة من علو قد حكوه لأنهم يقولون من عل فيجزونه، فمعنى هذا أن على عنده كان مما يجب أن لا يحرك، إلا أنه لما أشبه المتمكن أعطوه فضيله، وهي الحركة، واختير له الضم لأنه غاية الحركات.
وقيل: لأن الضم لا يدخل الظروف بحق الإعراب وإنما يدخلها الإعراب النصب والخفض، فيبنى على حركة ليست له، فصار من هذه الجهة بمنزلة قبل وبعد وهكذا القول فيمن قال من عل، ومن قال جئت من علو جعله نكرة وجاء به على التمام، ومن ضم قدره معرفة، ومن قال جئتك من عال فمعناه من مكان عال ثم أقام الصفة مقام الموصوف.
ولا يجوز أن نبني في هذه اللغة لأنه لم يحذف منه شيء ومن قال من معال فمعناه كمعنى عال ومن قال معالي فمعناه من مكان عال.
ومعنى هذا البيت أنه يصف أن هذا الفرس في سرعته بمنزلة هذه الصخرة التي حطها السيل في سرعة انحدارها وأن هذا الفرس حسن الإقبال والإدبار كهذه الصخرة.
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
حال متنه: موضع اللبد وإضافة إلى المتنزل الذي ينزل منه لقربه منه والمتن ما اتصل بالظهر من العجز يذكر ويؤنث والمتنزل الطائر الذي ينزل على الصخرة، فيحطه السيل وقيل المتنزل السيل لأنه ينزل الأشياء. وقيل هو المطر، والصفواء الصخرة الملساء وقد تكون الصفواء جمع مصفاة كما قالوا طرفة، وطرفاء وقصبة وقصباء، وخلقة، وخلقاء وذكر الفراء خلفة بكسر اللام كل هذا اسم للجمع لأنه لا ينقاس في نظائره ويروى عن حاذ متنه: أي وسطه. شبه ملامسة ظهر الفرس لإكثار اللحم عليه، وامتلائه بالصفاة الملساء ويقال صفوان وجمعه صفوان، وجمع صفاة صفا.
على الذبل جياش كأن اهتزامه إذا حاش حميه غلي مرجل
الذبل: الضمور ويروى على الضمر، الجياش الذي يجيش في عدوه كما تجيش القدر في غليانها وهو بمعنى الكثير مبالغة في جاش، وجاش البحر جيشان إذا ماجت أمواجه.
ويروى على المضمر الجياش، واهتزامه: صوته بشدة، وحميه: غليه.
ويروى على العقب جياش، والعقب جري بعد جري، وقيل معناه إذا حركته بعقبك جاش وكفى ذلك من السوط وعلى العقب في موضع الحال.
ومعنى هذا البيت أن هذا الفرس آخر عدوه على هذه الحال فكيف أوله؟
[مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المـركـل]
مسح: سريع يسح أي يصب العدو في جريه صبا والسابحات اللواتي كأن عدوها من سباحة والسباحة في الجري أي تدحو بأيديها دحوا أي تبسطها، والونى الفتور قال الفراء يمد ويقصر والكديد الأرض الغليظة الصلبة وقيل ما كد من الأرض بالوطء والمركل الموطوء بالحوافر أي يركل بالأرجل ومعنى البيت أن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب جرى هذا الفرس سهلا مهلا كما يسح السحاب المطر وعلى تتعلق بأثرن وكذلك الباء في الكديد.
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل
يزل: يزلق، الخف: الخفيف، صهواته، جمع صهوة، وهي موضع اللبد وقال أبو عبيدة من مقلوب ويلوي بنا أي يذهب بنا، والعنيف الذي لا رفق فيه والمثقل الثقيل الركوب، ويحتمل الثقل الثقيل البدن.
ويروى يزل الغلام والمعنى يزل الفرس الغلام الخف وقال عن صهواته، وإنما هي صهوة واحدة والتقدير أنه جمعها بما حواليه، ومعناه أن هذا الفرس إذا ركبه الخفيف لم يتمالك أن يصلح شيئا عليه وإذا ركبه الغلام زل عنه وزاغ الفرس من تحته وإنما يصلح له من يداريه.
درير كخذروف الوليد أمره تتابع كفيه بخيط موصل
أي مندر في العدو، وقيل الدرير السريع، والخذروف الخرارة التي يلعب بها الصبيان يسمع لها صوت، والإمرار الفتل، وقيل هي النشابة والإمرار إسراع الفتل، وإحكامه بقوة ومنه قوله تعالى (ذو مرة فاستوى) والوليد الصبي وقوله بخيط موصل قد لعب به حتى خف وملس فيقطع ويوصل.
له أيطلا ظبي وساقا نـعـامة وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
الظبي هنا اسم جبل، والأيطلان الخاصرتان، والإرخاء جرى فيه سهولة والسرحان الذئب والتقريب دون العدو، وهو أن يرفع يديه معا، ويضمهما معا، والتتفل ولد الثعلب، وها هنا التتفل وهو الثعلب نفسه، وإنما شبه عدو الفرس بعدو من كل جهة لأنه يقال تذاءبت الريح من كل جهة إذا جاءت، وله أسماء يقال ذئب، وسرحان، وسلق، وأويس، وسيد، وقد أوضحناه في غرر المعارف ودرر العوارف. ويقال لولد الثعلب تتفل بفتح التاء وضم الفاء وتتفل بضم التاء وفتح الفاء ولو سميت الرجل يتتفل أو تتفل لم تصرفه في المعرفة لأنه على مثال تفعل وتفعل ولو سميته بتتفل لصرفته في المعرفة والنكرة لأنه ليس في الأفعال تفعل وقوله ساقا نعامة ومعناه أنه قصير الساقين، صلبهما كالنعامة وذلك محمود في الخيل.
ضليع إذا استدبرته سـد فـرجـه بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
الضليع: القوي المنتفخ الجنبين، وقيل الضليع الشديد، وقيل هو الذي يضلع بما حمل وفرجه ما بين رجليه، بضاف أي ذنب طويل والأعزل الذي ذنبه في شق وهو عيب في الخيل.
كأن سراته لدى البيت [قـائمـا] مداك عروس أو صلاية حنظل
سراته: ظهره، لدى البيت: عند البيت، المداك: الحجر الذي يسحق به الطيب، الصلاية التي يسحق عليها المبيد، وهو الحنظل، ويروى صراية حنظل وهي الحنظلة الخضراء.
كأن دماء الهاديات بنـحـره عصارة حناء بشيب مرجل
الهاديات: المقدمات وهادي كل شيء أوله ونحره أعلى صدره ومرجل: مسرح.
فعن لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاء مذبل
عن اعترض قال أبو العباس محمد بن يزيد السرب القطيع من البقر والظباء والنساء ولا يستعمل في غير القطيع إلا الفتح.
وقال غيره السرب: القطيع من الظباء والبقر خاصة وهو هنا البقر، ودوار اسم صنم في الجاهلية كانوا يطوفون حوله وهم عراة، وأتى بعضهم إلى بني عدي فوجدهم يطوفون بدوار عراة فأعجبه ما رأى من محاسن النساء فقال:
ألا ليت أخوالي عـديا لهم في ما أتى دوار
وكذلك كانوا يطوفون في البيت الحرام عراة أيضا في الجاهلية فقالت امرأة:
اليوم يبدو بعضه أوكله وما بدا منه فلا أحله
أصـم مـثـل الـق عب بـاد ظـلــه
إلا الحمس وهم قريش فيطوفون في ثيابهم، النساء في الليل والرجال في النهار وكانت المرأة منهم تتخذ مسابح من سيور فتعلقها بحقويها وتضمها وتدور الدوران بعينه ودوار بالضم موضع في الرمل ودوار سجن باليمامة.
فأدبرن كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول
قال أبو عبيدة الجزع الخرز فيه بياض وسواد، فالوسط أبيض، والطرفان أسودان إلى الطول، وذلك أن البقر بيض القوائم.
ومعم مخول كريم العم والخال وذو العم والخال، وأضاف إليه الجزع لأن الجزع أصغر الخرز.
فألحقه بـالـهـاديات ودونـه جواحرها في صرة لم تزمل
الجواحر: اللواتي قد تخلفن، والجاحر المتخلف حتى أدرك، فالحقه، لحق الفرس والغلام بالهاديات، ودونه المتخلفات والصرة: الجماعة، ويقال الصرة الصيحة والضجة وقيل الشدة، يقال صراتنا إذا شد بعضها على بعض وأما قوله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة)، في شدة واهتمام وضجة والصرة بالكسرة الليلة الباردة ومنها قوله تعالى (فيها صر أصابت حرث قوم) قال الشماخ وهو ضرار بن معقل:
في ليلة صرة طخـياء نـاجـية ما تبصر العين فيها كف ملتمس
وأما الصرة بالضم فالخرقة التي يصر فيها الشيء، قال الشاعر:
لا يألف الدرهم الصياح صرتها لكن يمر عليها مر منطلـق
وقيل الصرة بالفتح الجماعة وقال بعض المفسرين (فأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة واستدل عليه بقول الشاعر:
هباط أودية ومأوى صرة حسنا وفيهن الأسنة تلمع
وقوله: فعادى عداء بين ثورة ونعجة=دراكا ولم ينضح بماء فيغسل فعادى: والى بين صيدين في طلق، ولم ينضح بماء: أي لم يعرق، فيكون اعتراه ماء، فيغسل بالماء، وعداء مصدر عادي يعادي معاداة وعداء دراكا ومداركة، وعادى من العدو لا من العود، ولم يرد ثورا بعينه، ولا بقرة بعينها، والنعجة يريد بها البقرة الوحشية بدليل قوله دراكا ولو أراد ثورا ونعجة فقط لاستثنى بقوله، فعادى، ويجوز في ينضح بضم الياء وفتحها.
فظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
الطهاة: الطباخون واحدهم طاه، والصفيف الذي صفف مرققا على الجمر والطبخ ما طب في قدر وأما خفض قدير فأجود ما قيل فيه وأجاز سيبويه أنه كان يجوز أن يقول من منضج صفيف شواء.
فحمل قديرا على صفيف، لو كان مجرورا.
وشرح هذا أنك لو عطفت اسما على اسم، وجاز لك فيه إعرابان، فأعربته بأحدهما، ثم عطفت الثاني عليه، جاز لك أن تعربه بما كان يجوز في الأول. فتقول هذا ضارب زيد وعمرو، وإن شئت، قلت: هذا ضارب زيد وعمرا؛ لأنه قد كان يجوز لك أن تقول: هذا زيدا وعمرا. وكذلك تقول هذا ضارب زيدا
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس