الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
  #55  
قديم 30-04-2007, 04:44 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

والنواشر: عروق ظاهر الذراع. وقيل الناشر عصب الذراع من باطنها وظاهرها. والمعصم موضع السوار. شبه الآثار التي في الديار كمراجع الوشم ويروى دار لها بالرقمتين.
بها العين والآرام يمشين خـلـفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
العين: البقر الوحشي الواحدة عيناء والذكر أعين، وإنما قيل لها عيناء لكبر عيونها، والأصل أن تجمع على فعل كما تقول في جمع أحمر وحمراء حمر لأن العين كسرت لمجاورتها الياء وقوله خلفة إذا مشى فوج جاء فوج، وقيل خلفة أي مختلفة، هذه مقبلة وهذه مدبرة، وهذه صاعدة، وهذه نازلة، وخلفة في موضع الحال بمعنى مختلفات، والمجثم المكان الذي يجثم فيه أي تسكنه وتقيم فيه.
وقفت بها، من بعد عشرين حجة فلأيا عرفت الدار بعد توهـم
الحجة: السنة، يقال حج وحج بالفتح والكسر فإذا جئت بالهاء كسرت لا غير، وقال أهل النظر بالإعراب الحجة السنة والحجة الفعلة من الحج بالفتح، واللأي البطء وقيل الجهد والمشقة.
قالوا والمعنى فبعد لأي كأنهم يقدرونه على الحذف، والأجود أن يكون المعنى، فعرفت الدار لأيا، وقوله في موضع الحال والمعنى مبطئا فهذا بغير حذف.
ومعناه إن عهدي بهذه الدار قد تم حتى أشكلت علي وقيل اللأي هو البطء. والتوهم ما وقع في وهمك ولم تحققه، وحجة منصوب على التفسير.
أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
الأثافي: الحجارة التي تجعل تحت القدر الواحدة أثفية، والسفع: السود، وإنما قوله تعالى (لنسفعن بالناصية) ومعناه لنأخذن يقال سفعت بناصيته: إذا أخذت بها، والمعرس هنا الموضع الذي يكون فيه المرجل، وكل موضع يقام فيه يقال له: معرس، والمرجل كل قدر يطبخ فيها من حجارة أو حديد.
والنؤي حاجز يجعل دون الخباء يمنع من السيل من تراب وغيره. ويقال نأى إذا تباعدن وأناء غيره: إذا باعد غيره، وقد يقال ناءى غيره إذا باعده وجذم الحوض بقيته. ومعنى قوله لم يتثلم أي قد ذهب أعلاه ولم يتثلم باقيه.
ويروى أثافي سفعا بتخفيف الياء وهو أكثر، وإن كان الأصل التثقيل لكثرة استعمالهم، وأثافي منصوب بقوله بعد توهم أثافي سفعا ويروى ونؤيا الحوض، والجد البئر العتيقة، والجد الطريق في الماء، ويقال للموضع الذي ترفأ فيه السفن جد وجدة أيضاً.
فلما عرفت الدار قلت لربعـهـا ألا انعم صباحا أيها الربع واسلم
الربع: المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل منزل ربع وقوله إلا أنعم صباحا: أي كن في نعمة -يدعو له- لا تدرس، والذي في الظاهر للربع وفي الباطن لأهله ومن كان ساكنه.
وروى الأصمعي ألا عم صباحا ومعناه أنعم صباحا وقال هكذا ينشده عامة العرب وتقدير الفعل الماضي منه وعم يعم ولا ينطق به.
قال الفراء: وقد يتكلمون بالأفعال المستقبلية، ولا يتكلمون بالماضي منها، فمن ذلك قولهم: عم صباحا، ولا يقولون وعم صباحا، ويقولون: ذرا ذرا، ودعه.
ولا يقولون: وذرته وودعته، ولا يقولون غيره، ويتكلمون بالفعل الماضي ولا يتكلمون بالمستقبل، فمن ذلك عسيت أن أفعل ذلكن ولا يقولون: أعسى ولا عاس. وكذلك يقولون لست أقوم ولا يتكلمون بمستقبل ولا دائم.
وصباحا منصوب على الظرف.
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن تحملن بالعلياء من فوق جرثـم
الظعائن النساء في الهوادج الواحدة ظعينةش ويقال للمرأة وهي في بيتها ظعينة وسميت بذلك لأنها يظعن بها أي يسافر، وأكثر أهل اللغة يقولون لما كثر استعمالها؛ لهذا سموا المرأة ظعينة حتى تكون في الهودج، ولا يقال للهودج ظعينة حتى تكون فيه المرأة.
وقال الأصمعي من في قوله من ظعائن زائدة يريد أنها زائدة للتوكيد ويحتمل أن تكون غير زائدة وتكون للتبعيض والعلياء بلد وجرثم بضم الميم وبالتاء المثلثة المضمومة ماء لبني أسد.
جعلن القنان عن يمين وحزنه وكم بالقنان من محل ومحرم
روى الأصمعي ومن بالقنان، والقنان جبل لبني أسد، والحزن، والحزم الأسود، وهو ما غلظ من الأرض والمحل الذي ليس له ذمة تمنع، ولا حرمة. والمحرم الذي له حرمة تمنع منه هذا قول أكثر أهل اللغة.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد المحل والمحرم هنا الداخلان في الأشهر الحرم وفي الأشهر التي ليست بحرم، ويقال أحرم إذا دخل في الشهر الحرام، وأحل إذا خرج منه، وقد حل من إحرامه، يحل حلا فهو حلال، ولا يقال حال، وقد أحرم بالحج يحرم إحراما فهو محرم وحرام.
والمعنى كم بالقنان من عدو وصديق لنا، يقول حملت نفسي في طلب هذه الظعن على شدة أمر بموضع فيه أعدائي ولو ظفروا بي لهلكت.
وعالين أنماطا عتاقـا وكـلـه وراد الحواشي لونها لون عندم
وروى الأصمعي:
علون بأنطاكية فوق عقـمة وراد حواشيها مشاكهة الدم
ويروى:
علون بأنماط عـتـاق وكـلـه وراد الحواشي لونها لون عندم
عالين أي رفعن، الأنماط جمع نمط، والكلل جمع كلة وهي الستور الرقاق على الإبل الوارد الحمر التي لونها يميل إلى الأحمر وأنه أخلص الحاشية بلون واحد لم يعملها بغير الحمرة، والأنطاكية أنماط توضع على الخدور نسبتها إلى أنطاكية، وعقمة والجمع عقم، مثل شيخة وشيخ، وشحمة وشحم، والعقم أن تظهر خيوط أحد السيرين، فيعمل العامل به، وإذا أراد أن يشي بغير ذلك اللون لواه وجمعه، وأظهر ما يريد مكانه والمشاكهة: المشابهة، والمشاكلة سواء، والعندم البقم والعندم: دم الأخوين ويقال النمط ثوب منقوش عتاق أي حسان.
ظهرن من السويان ثم جزعنه على كل قيني قشيب ومفأم
السوبان واد لبني أسد، وظهرن أي خرجن منه، وجزعنه قطعنه، والجزع قطع الوادي: والقيني القتيب يكون تحت الهودج، وهو الغبيط، منسوبة لبني قين وقشيب جديد، ومفأم واسع، وأراد الغبيط، والغبيط تحت الرحل.
ووركن في السوبان يعلون متنه عليهن ذل الناعم المتـنـعـم
وركن فيه أي ملن فيه، يقال توركن موضع كذا، ووركن الإبل موضع كذا: أناخت فيه، ورأوا أوراكها، والمتن ما غلظ من الأرض، وارتفع، وقوله عليهن أي على الظاعنين، والتقدير ووركن في السوبان عاليات متنه، والتوريك ركوب أوراك الدواب والتنعم تفعل من النعمة.
كأن فتات العهن في كل منزلة نزلن به حب الغنا لم يحطـم
ويروى في كل موقف، وقفن به، والعهن جمع عهون، الصوف المصبوغ، شبه ما تفتت من العهن الذي علق على الهودج، إذا نزلن به منزلا بحب الغنا والغنا شجر له حب أحمر فيه نقط سود وقال الفراء هو عنب الثعلب وقال أبو عبيدة هو نبت له حب تتخذ منه القراريط، وهو شديد الحمرة. لم يحطم أراد حب الغنا صحيح، لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة، والفتات اسم لما أنفت من الشيء؛ أي انقطع وتفرق، وأصله من الفت وهو التقطيع.
قال الأصمعي: العهن الصوف صبغ ألم يصبغ، وهو هنا المصبوغ، وقوله لم يحطم: لم يكسر.
بكرن بكورا واستحرن بسحـرة فهن ووادي الرس كاليد في الفم
ويروى فهن لوادي الرس كاليد في الفم، والرس واد فيه ماء ونخل لبني أسد، واستحر أي سار سحرا، ولا ينصرف سحرة، وسحر إذا عينتهما من يومك الذي أنت فيه، وإن عينت سحرا من الأسحار انصرف، ومعنى كاليد للفم: أي لا يجاوزن من هذا الوادي: أي لا يخطئنه كما لا تجاوز اليد للفم.

فلما وردن الماء زرقا جمامـه وضعن عصي الحاضر المتخيم
يقال ماء أزرق إذا كان صافيا، وجمام جمع جمة، وهو الماء المتجمع، يقال جم يجم جموما ويسمى الماء نفسه جما، والحاضر: النازل على الماء. المتخيم: المقيمن وأصله من تخيم إذا نصب الخيمة، ويقال: وضع الرجل عصاه إذا لم يرد السفر منه، المتخيم الذي ضرب خيمة وأقام، عصي جمع عصا وكان يجب أن يقول عصو، فأبدل من الواو ياء لأنها أطراف، ولأنه ليس بينها وبين الضمة إلا حرف ساكن، والجمع باب تغيير، ثم كسرت الصاد من أجل الياء التي بعدها.
وصف أنهن في أمن ومنعة، فإذا نزلن آمنات كنزول من هو في أهله ووطنه. ونصب زرقا على أنه حال للماء ويصلح أن يكون حالا لأنه قد عادت عليه الهاء في قوله جمامه، ويرفع جمامه بقوله زرقا، ويكون المعنى يزرق جمامه، وجاز أن يقول زرقا، وإن كان بمعنى النظر، لأنه جمع مكسر فقد خالف الفعل من هذه الجهة كما تقول هذا رجل كرام قومه وكما قال:
بكرت عليه غدوة فوجدتـه فعودا لديه بالصريم عواذله
ولو كان في غير الشعر لجاز أن يقول: قاعدا.
ومن يروي زرق جمامه رفع زرقا على أنه خبر الابتداء وينوى به التأخير وجمامه مرفوع بالابتداء.
والمعنى: فلما وردن الماء جمامه زرق، ويجوز في غير الشعر أزرق جمامه على أن التقدير جمامه أزرق كما تقول الجيش مقبل.
[تذكر في الأحلام ليلى ومن تطف عليه خيالات الأحـبة يحـلـم]
وفيهن ملهى للطيف ومـنـظـر أنيق لعين الناظر المـتـوسـم
ملهى ولهو واحد، وهو في موضع رفع الابتداء، وإن شئت بالصفة واللطيف المتلطف الذي ليس معه جفاء. وقيل عنى باللطيف نفسه: أي يتلطف في الوصول إليهن. وقوله اللطيف: الحسن الشمائل الفطن، وأنيق بمعنى مؤنق أي معجب، والمتوسم: الناظر، وقيل: المتوسم الطالب للوسامة، وهي الحسن. قال مجاهد في قوله تعالى: (والخيل المسومة) قال هي الحسنة والمتوسم الوسامة المتثبت. وقيل أنيق جميل.
ويروى: وفيهن ملهى للصديق.
سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما تبزل ما بين العشيرة بالـدم
الساعيان الحارث بن عوف، وهرم بن سنان سعيا في حرب داحس والغبراء، فأصلحا. وغيظ بن مرة بن عبد الله بن غطفان.
تبزل: تشقق وهو تمثيل. أي قد كان بينهم صلح فتشقق بالدم، فسعى ساعيا غيظ بن مرة، فأصلحاه، ويقال تبزل الجرح إذا هو تشقق فخرج ما فيه، وتبزل جلد فلان إذا عرق، وبزل ناب البعير أي موضع نابه، وذلك في السنة التاسعة، فإن البعير في أول سنة حوار، وفي الثانية ابن مخاص، وفي الثالثة ابن لبون، وفي الرابعة حق، وفي الخامسة جذع، وفي السادسة ثني، وفي السابعة رباع وفي الثامنة سدس، وسديسن وفي التاسعة بازل، وفي العاشرة مخلف، وهذا آخر سنيها، فإذا زاد على هذا قيل بازل عامين، ومخلف عامين، وبازل ثلاثة أعوام إلى أن ينتهي ويبلغ منتهاه.
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله رجال [بنوه] من قريش وجرهم
يعني بالبيت: الكعبة وجرهم: كانو ولاة البيت وسكان الحرام قبل قريش وهم حي من اليمن، وهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم 4، وبقوا بمكة مدة، واستحلوا حرمتها، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها، ثم لم يتناهوا، حتى جعل الرجل منهم إذا لم يجد مكانا يزني فيه، دخل بناء الكعبة فزنى. وكانت مكة لا بغي فيها، ولا ظلم فيها، و لا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه، وكانت تسمى الناسة لأن أهلها كأنهم يبس من العطش كما قال:
ويلد تمسـي قطاه نسسا
ثم استوى من بعد جرهم خزاعة ثم قريش، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا ترجمان الأشواق.
يمينا لنعم السـيدان وجـدتـمـا على كل حال من سحيل ومبرم
أي نعم السيدان وجدتما حين تفاجآن لأمر قد أبرمتماه وأمر لم تبرماه، ولم تحكماه أي على كل حال من شدة الأمر وسهولته، والسحيل الخيط الذي على طاق واحدة، والمبرم المفتول على طاقين أو أكثر، والسحيل الضعيف، والمبرم القوي يقال: أبرم فلان الأمر إذا ألح فيه حتى يحكمه، وأبرم العامل الحبل: إذا أعاد عليه الفتل ثانيا بعد أول. فالأول سحيل والثاني مبرم ومنه قوله تعالى (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون) قال الأفوه الأودي:
إشارة الغي أن تلقى الجميع لدى الإبرام للأمر والأذناب أكتـاد
ومنه رجل برم، إذا كان لا يحضر الميسر، و لا يشهد الناس حيث يكون كأنه قد اشتد ضيق صدره، حتى صار لا يفعل مثل هذا.
وحبل مبرم، وقد أبرمني، وأبرمت الشيء أبرمه برما، ومنه سميت البرمة؛ لإلحاح الناس عليها بالنار، وسكنت الراء لأنها مفعول به، يقال رجل ضحكة إذا كان يضحك منه وضحكة إذا كان يضحك من غيره بكسر الحاء.
والسيدان الحارث بن عوف وهرم بن سنان مدحهما لإتمامهما الصلح بين عبس وذبيان وتحملهما ديات القتلى.
تداركتما عبسا وذبيان بعـدمـا تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس