الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
  #60  
قديم 30-04-2007, 04:55 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

لما رآني قد نزلت أريده أبدى نواجذه لغير تبسم
أبدى: أظهر، فيقال أبدى يبدي، وبدا يبدو إذا ظهر وأنشد الأصمعي للربيع بن زياد العبسي:
قد كن يخبأن الوجوه تستـرا فاليوم حين بدون للنظـار
[فطعنته بالرمح ثم علـوتـه بمهند صافي الحديدة مخذم]
والمهند ما عمل بالهند، وقال أبو عمرو الشيباني النهنيد شحذ السيف.
عهدي به مد النهار كأنـمـا خضب البنان ورأسه بالعظلم
ويروى خضب اللبان، ومد النهار أي غاية النهار والعظلم صبغ أحمر تتخذه العرب.
بطل كأنه ثيابه فـي سـرحة يحذى نعال السبت ليس بتوأم
السرحة: الشجرة، والسبت بكسر السين النعال اليمانية المدبوغة بالقرظ لا شعر عليه، وأما السبت بالضم فنبت يشبه الخطمي.
قال حسان بن ثابت:
وأرض يحاربها المـدلـجـون ترى السبت فيها كركن الكثيب
والسبت أيضا بالضم ما قطر من الثلوج قال الشاعر:
كأن دموع الـعـين يوم تـرحـلـوا جمال تهادى خال في السلك أو سبت
والسبت بالفتح اليوم المعروف والتوأم الأجرد.
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
الشاة يريد بها المرأة، حلت له لمن قدر عليها، وحرمت علي لأنها بأرض الأعداء.
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتحسسي أخبارها لي واعلمي
قالت رأيت من الأعادي غـرة والشاة ممكنة لمن هو مرتـم
والغرة مكان اغترار وغفلة، والشاة كناية عن المرأة وممكنة من التمكين ومرتم مفتعل من الرمي والواو الحال.
فكأنما التفتت بجـيد جـداية رشأ من الغزلان حر أرثم
الجداية من الظباء بمنزلة الجاء من الغنم، وهو الذي عليه خمسة أشهر، والأرثم الذي في شفته العليا بياض أو سواد فإن كان في السفلى فهو ألمظ ولمظاء.
نبئت عمرا غير شاكر نعمتي والكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
مخبثة: مفعلة من الخبث.
ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
تقلص بكسر اللام وضمها، ووضح الفم يعني به أسنانه.
في حومة الموت الذي لا تشتكي غمراتها الأبطال غير تغمغـم
ويروى الذي لا يشتكي والحومة من كل شيء معظمه وشدته، ويتقيك يتستر، والغمرة الشدة، والغمرات جمع غمرة وجمعت بالتحريك للتفريق بين الأسماء والصفات كما تجمع جفنة جفنات،وعبلة عبلات، وفي النعت عبلات بإسكان الباء، وكان النعت أحق بالإسكان لأنه أثقل إذا كان ثانيا، والعبل الممتلى، والعبلاء: الهضبة البيضاء. وامرأة عبلاء: إذا كانت بيضاء، والتغمغم صوت تسمعه، ولا تفهمه.
إذ يتقون بي الأسنة لم أخـم عنها ولكني تضايق مقدمي
ويروى نسابق مقدمي، ولم أخم، لم أنكل، ولم أضعف، ولم أجبن، ولم أعدل عنها وهو من خام يخيم؛ إذا أصاب رجله كسر.
لما سمعت نداء مرة قد عـلا وابني ربيعة في الغبار الأقتم
الأقتم:المرتفعن وقيل المتغير ومنه قول رويم "وقاتم الأعماق خاوي المخترق".
ومحلم يسعون تحت لوائهم والموت تحت لواء محلم
محلم مرفوع بالابتداء والجملة في موضع نصب على الحال كما تقول كلمت زيدا وعمرو جالس، قال الله تعالى: (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) والمعنى عند سيبويه.
أيقنت أن سيكون عند لقـائهـم ضرب يطير عن الفراخ الجثم
وقوله أيقنت أن سيكون عند لقائهم: أن ها هنا الثقيلة التي تعمل في الأسماء، ومفعول يطير محذوف والمعنى يطير الهام عن الفراخ الجثم، وإنما شبه ما حول الهام بالفراخ أي المقيمة في أوكارها وأعشاشها.
[ولقد هممت بغارة في لـيلة سوداء حالكة كلون الأدلـم]
لما رأيت القوم أقبل جمعهـم يتذامرون كررت غير مذمم
أي حملت عليهم غير مذموم، وقوله لما رأيت القوم أقبل جمعهم أي قد أقبل فحذف قد، وقوله يتذامرون أي يحض بعضهم بعضا وغير منصوب على الحال كأنه قال كررت مخالفا للمذمة، ويتذامرون موضعه في محل نصب على الحال، وأقبل جمعهم حال القوم.
يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم
ويروى عنتر وعنتر بالضم والفتح فمن فتح الراء رخم عنترة وترك ما قبل المحذوف على حاله مفتوحا ومن ضمها احتمل وجهين أحدهما أن يكون قد جعل ما بقي اسما على حاله لأنه قد صار كحروف الإعراب.
والوجه الثاني ما رواه المبرد عن بعضهم إنه كان يسميهم عنتراً، فعلى هذا الوجه لا يجوز إلا الضم، ويجوز أن يكون عنتراً في هذا الوجه منصوبا بيدعون. والواو في قوله والرماح واو الحال. والأشطان جمع شطن وهو حبل البئر يريد أن الرماح في صدر هذا الفرس بمنزلة حبال البئر من الدلاء؛ لأن البئر إذا كانت كبيرة كثيرة الوراد، فقد اضطربت الدلاء فيها فيجعل فيها حبلان لئلا تضطرب واللبان الصدر.
يدعون عنتر والسيوف كأنـهـا برق تلألأ في سحاب مظـلـم
يدعون عنتر والدروع كـأنـهـا حدق الضفادع في غدير نجـم
يدعون عنتر والنبـال كـأنـهـا طش الجراد على المنادح حوم
يدعون عنتر والوغى ترمي بهم والموت نحو لواء آل محـلـم
[كيف التقدم والرماح كـأنـهـا برق تلألأ في السحاب الأركم؟
كيف التقدم والسيوف كـأنـهـا غوغا جراد في كثيب أهـيم؟
فإذا اشتكى وقع القنا بلـبـانـه أدنيته من سل عضب مخـذم]
ما زلت أرميهم بغرة وجـهـه ولبانه حتى تسـربـل بـالـدم
يقول عن فرسه، ويروى بثغرة نحره، واللبان: الصدر تسربل صار بمنزلة السربال وهو القميص.
[يدعون عنتر والدماء سـواكـب تجري بفياض الدماء وتنهمـي
يدعون عنتر والفوارس في الوغى في حومة تحت العجاج الأقتـم
يدعون عنتر والرماح تنوشـنـي عادات قومي في الزمان الأول]
ولقد شفى قلبي وأبرأ سـقـمـه قول الفوارس ويك عنتر أقـدم
ويروى شفى نفسي، ويروى قيل الفوارس، وهو واحد من الأقيال وهم الملوك، ويك معناها: ألم تر وأما ترى، وروى سيبويه عن الخليل أن وي كلمة منفصلة يقولها المتندم إذا تنبه على ما كان منه. فكأنهم قالوا على التندم في قوله تعالى (وي كأنه لا يفلح الكافرون) وأنشدوا لنبيه بن الحجاج:
تسـألان مـالا وإن رأتـانـي قل مالي قد جئتماني بنـكـر
وي كأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضـر
يقال سقم وسقم بفتح القاف وضمها، ومعنى البيت إني كنت أكبرهم فلذلك خصوني بالدعاء.
وقوله ويك معناه ويحك وقد قال بعضهم معناه ويلك، وكلا القولين خطأ؛ لأنه كان يجب على هذا أن يقرأ: ويك أنه كما يقال: ويلك أنه، وويحك أنه.
على أنه قد احتج صاحب هذا القول بأن المعنى ويلك اعلم [لقوله تعالى] (وي كأنه لا يفلح الكافرون) وهذا خطأ من جهات: إحداها: حذف اللام من ويلك، وحذف اعلم، لأن مثل هذا لا يحذف؛ لأنه لا يعرف معناه. وأيضا وأن المعنى لا يصح؛ لأنه لا يدري من خاطبوا بهذا.
وروي عن أهل التفسير أن معنى ويك ألم تروا ما ترى، والأحسن في هذا ما روى سيبويه عن الخليل وهو وي مفصولة كأنه قالوا على التندم.
وازور من وقع القنا بلبانة وشكا إلي بعبرة وتحمحم
ازور مال، شكا إلي (مثل) يقول لو كان ممن تصح منه الشكاية لشكا.
والتحمحم صوت متقطع ليس بالصهيل.
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلـمـي
المحاورة المراجعة ويحاور محاورة وحوارا وهو اسم تام، والمحاورة خبر لمبتدأ وما في موضع رفع مبتدأ وخبره في موضع نصب بقوله يدري.
وقوله ولكان جاء باللام فإنه محمول على المعنى. والتقدير لو كان يدري ما المحاورة لاشتكى، وهو عطف جملة على جملة.
[آسيته في كـل أمـر نـابـنـا هل بعد أسوة صاحب من مذمم
فتركت سيدهـم لأول طـعـنة يكبو صريعا لليدين ولـلـفـم
ركبت فيه صـعـدة هـنـدية سحماء تلمع ذات حد لـهـذم]
والخيل تقتحم الخبار عوابـسـا من بين شيظمة وأجرد شيظـم
الاقتحام الدخول في الشيء بسرعة، والخبار الأرض اللينة ذات الحجر والجرفة، والركض يشتد فيها، والعوابس: الكوالح من الجهد، والشيظم: الطويل، والأجرد القصير الشعر.
[ولقد كررت المهر يدمي نحره حتى اتقتني الخيل بابني حـذيم
إذ يتقى عمرو، وأذعـن غـدوة حذر الأسنة إذ شرعن لدلهـم
يحمي كتيبته ويسعى خلـفـهـا يفري عواقبها كلـدغ الأزقـم
ولقد كشفت الخدر عن مربـوبة ولقد رقدت على نواشر معصم
ولرب يوم قد لـهـوت ولـيلة بمسور ذي بارقين مـسـوم]
ذلل ركابي حيث شئت مشايعـي قلبي وأحفزه بأمـر مـبـرم
ويروى مشايعي همي، وأحفزه برأي مبرم.
ذلل جمع ذلول والذلول من الإبل وغيرها الذي هو ضد الصعب، وركابي في موضع رفع بالابتداء وينوى به التقديم، وذلل خبر وإن شئت كان ذلك رفع بالابتداء وركابي خبره، وإن شئت جعلت ركابي فاعلا يسد مسد الخبر فيكون على هذا قال: ذلل ولم يوجد لأنه جمع تكسير.
والمعنى أن ناقتي معتادة للسير ذلولة، وروى الأصمعي مشايعي، وقال معناه لا يعزب عقلي في حال من الأحوال واحفزه أدفعه، والمبرم المحكم.
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكـن للحرب دائرة على ابني ضمضم
ويروى ولم تدر، ويروى ولم تقم. قال ابن السكيت هما هرم وحصين ابنا ضمضم المريان والدائرة ما ينزل وقيل في قوله [عز وجل] (ويتربص بكم الدوائر) يعني الموت أو القتل وهرم وحصين ابنا ضمضم اللذان قتلهما ورد بن حابس العبسي وكان عنترة قتل أباهما ضمضما فكانا يتوعدانه.
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إذا لقيتهما دمـي
ويروى إذا لم ألقهما دمي، يقولان إذا لقيناه لنقتله، وقوله الشاتمي عرضي أي اللذان شتما عرضي، والنون تحذف في هذا كثيرا للتخفيف تقول جاءني الضاربا زيد. ويقال نذرت النذر أنذره وأنذره إذا أوجبته على نفسك، وأنذرت دم فلان إذا أبحته.
[أسد علي وفـي الـعـدو أذلة هذا لعمرك فعل مولى الأشأم]
إن يفعلا فلقد تركت أباهـمـا جزر السباع وكل نسر قشعـم
يقول: إن نذرا دمي فقد قتلت أباهما، وأجزرته للسباع أي تركته جزرا والقشعم الكبير من النسور، والقشعم أيضا الموت، والقشعم العنكبوت.
[لما استقام بصدره مـتـحـامـلا لا قاصدا صمد الطريق ولا عمي
إن العدو علـى الـعـدو لـقـائل ما كان يعلمه وما لـم يعـلـم]
لا تحسبن طعان قيس بـالـقـنـا وضرابهم بالسيف حسو التـرتـم
أمي زبيبة لست أنكر اسـمـهـا وأنا ابن فرق الجماجـم والـفـم
ملاحظة أخيرة وردت أبيات في العقد الفريد من قافية المعلقة وفيها بعض التشابه منسوبة إلى أفنون التغلبي وهو شاعر جاهلي فأردت أن أثبتها قال أفنون التغلبي:
ولقد أمرت أخاك عمـرا مـرة فعصى وضيعها بذات العجرم
في غمرة الموت التي لا تشتكي غمراتها الأبطال غير تغمغـم
وكأنما أقدامـهـم وأكـفـهـم سرب تساقط في خليج مفعـم
لما سمعت نداء مرة قـد عـلا وابني ربيعة في العجاج الأقتم
ومحلم يمشون تحـت لـوائهـم والموت تحت لواء آل محلـم
لا يصدفون عن الوغى بوجوههم في كل سابغة كلون العظـلـم
ودعت بنو أم الرقاع فأقـبـلـوا عند اللقاء بكل شاك مـعـلـم
وسمعت يشكر تدعي بخـبـيب تحت العجاجة وهي تقطر بالدم
‎يمشون في حلق الحديد كما مشت=أسد العرين بيوم نحس مظلم
والجمع من ذهل كأن زهاءهم جرد الجمال يقودها ابنا قشعم
والخيل تحت العجاج عوابسـا وعلى سنابكها مناسج من دم
وقال محقق العقد تنسب الأبيات في غمرة الموت، لما سمعت، ومحلم إلى عنترة وأنا أنفي لما سمعت نداء مرة ومحلم فهي في الواقع أقرب إلى أفنون التغلبي لأن محلم الشيباني وقف في الحرب مع بكر ضد بني تغلب ولم يكن في حرب مع عنترة وكذلك آل مرة بن ذهل قاتلوا كليب بن ربيعة قتله جساس بن مرة وابني ربيعة إنما هما حيا بكر وتغلب فهم أبناء ربيعة بن نزار بن معد. وبهذا انتهت المعلقة.
لبيد بن ربيعة العامري
هو لبيد بن ربيعة بن مالك العامري من هوازن قيس قتل والده في السنوات الأولى من عمره فكفله عمامه وكان أبوه يلقب بربيعة المقترين لكرمه وسؤدده أمه بنت فاطمة الأنمارية أم الكملة وأخواله الربيع بن زياد وعمارة الوهاب
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس